Image Not Found

تحرير المرأة قضية جدلية (25-28) العولمة والقانون الدولي والنظرية الاجتماعية (1-4)

Views: 13

صادق حسن اللواتي – الموقع الشخصي

تحرير المرأة قضية جدلية (25) العولمة والقانون الدولي والنظرية الاجتماعية (1)

كان الكلام فيما مضى عن حقوق المرأة ، و كيف تعاطى الخطاب الديني و الفقه المذهبي معها ، و قد رأينا أن هناك 3 أنواع من الخطابات : الخطاب الفقهي المذهبي ، الخطاب القانوني ، الخطاب الإلهي (القرآن الكريم) و كانت المرأة هي محور حديثنا من خلال هذه الخطابات الثلاثة، باعتبار أن بحثنا هو حول تحرير المرأة ، و الأصوات التي تطالب بفك قيود المرأة التي وضعها الرجل عليها ، و تمكينها في ممارسة حقوقها كعنصر ثان من عناصر التنمية بعد الرجل.

لأنه بدون وقوف المرأة إلى جانب الرجل لا قيمة للتنمية ، من هنا يتضح لنا أن الثنائية الذكر و الأنثى هل هو واحد أم لا ؟ قد يقول قائل لا فرق بين الذكر و الأنثى حتى من الناحية البيولوجية و التكوينية فلا توجد هناك اختلافات جنسية إذن ، لماذا طرحت هذه الأفكار ؟

الجواب : بسبب التراث التقليدي الذي قدم للناس ، أن المرأة ناقصة العقل ، و لكي يثبت العلم أن المراة قادرة في إدارة الأزمات و هي ليست ناقصة العقل ، ظهر لنا علم النفس ليختبر درجة ذكاء المرأة بحيث لا يكون هناك انحياز للرجل.

السؤال : النص المقدس القرآني يقول إن الله خلق الذكر و الأنثى مختلفين بيولوجيا ، افترضوا أن العلم قال لا فرق بينهما من نصدق النص المقدس القرآني أم العلم ؟ مؤكد النص المقدس القرآني ، و لكن إذا جاء في النص المقدس أن الأرض مسطحة و العلم قال إنها كروية من نصدق هنا ؟

هنا سيكون الجواب من يعتقد بظاهر النص كالإخباريين أن لله يد و جسم فإنه سيتمسك أن الأرض مسطحة ، و لكن هناك فكر آخر قال أن العلم أثبت كروية الأرض ، و النص المقدس القرآني لم يعارض ما توصل إليه العلم

ومع ظهور الفكر الآخر تدفقت الحياة في مفاهيم كثيرة عند الإنسان ، و انعكس ذلك على أنماط الحياة و المواجهات الثقافية عبر الوسائل الإعلامية المتعددة ، و تشكلت لديه أدبيات مختلفة ، و غيرت مجرى تفكير الإنسان ، و هذه التغييرات أثرت في المجال الاقتصادي و المجال السياسي و المجال الثقافي و المجال الفكري و المجال الاجتماعي ، بل في كل مناحي الحياة ، فأصبح للعلم دور كبير في صقل ذهنية هذا الإنسان من أجل إيجاد اتحاد في الفكر و الرؤى و هذا الذي سمي بالعولمة .

قبل الدخول إلى صلب الموضوع نسأل : ما هو الموضوع الذي نريد أن نتحدث عنه عندما نريد الحديث عن العولمة ؟ قال (جاغديش باجواتي) الكاتب الهندي الإمريكي الجنسية في إحدى مقالاته في مجلة اقتصادية حول العولمة (هل نحن في حاجة إلى المزيد من الحديث و التّنظير و الكتابة و التّأليف حول سيرورة وماهيّة العولمة ؟ )

سأوضح لكم المعنى : التاجر الذي يعمل في السمسرة العقارية هل يستطيع التنبؤ بارتفاع أسعار العقارات في السوق المحلي فضلا عن السوق العالمي أم لا ؟ الجواب كلا لماذا ؟ لأنه يفتقد إلى تحديد العامل الزمني للطلب ، لهذا لا يستطيع التنبؤ في ارتفاع أو انخفاض الأسعار في سوق العقار. من الذي يستطيع تحديد العامل الزمني في سوق العقار ، السوق المحلي أم السوق العالمي ؟

السوق العالمي بلا أدنى شك كيف ؟ من السوق المحلي ماذا تريد أن تعرف عن العقار؟ جغرافية الأرض و عدد سكان تلك المنطقة ، عندها ستقرر الخطوة التالية البيع أو الشراء العقار ، فإذا كانت نسبة البطالة عالية هل ستجد من يشتري منك العقار ؟ مؤكد لا ، و لكن إذا ارتفعت نسبة السيولة المالية في السوق كالذي حدث إبان ارتفاع أسعار النفط عالميا ، زاد الطلب على العقار زادت معها حركة الاستثمار فارتفعت أسعار العقار و تحرك السوق في جميع جوانبه .

فأنت تتأثر في كل حركتك الاقتصادية بحركة العالم في هذا المجال أو غيره ، و لمعرفة حجم الأسواق العالمية و نسبة السيولة فيها لأجل استقطاب الاستثمارات الأجنبية في تنفيذ مشاريع صناعية و خدمية فأنت بحاجة وسيلة التواصل مع هذه الأسواق ، إذا لم تحصل على وسيلة التواصل ماذا سيحدث ؟ ركود تام في سوق العقار ، و سترجع إلى حقبة ما قبل اكتشاف النفط و ستعيش في بيئة تفشت الأمية و البطالة و الفقر و الأمراض الفكرية و الصحية و و و عدد ماتشاء من السلبيات التي ستعيق تقدمك بسبب انعدام التواصل مع العالم .

نظرة سريعة على موقع التاجر في سوق العقار هل تدرب على تحليل السوق أم لا ؟ هل أعطيت له حصص في كيفية فهم سوق العقار أم لا ؟ هل طبعت كتب في فهم سوق العقار كي تكون مرجعا له أم لا ؟ جميعها الجواب كلا ، فأنت عامل مؤثر في السوق في هذه الحالة أم لا ؟

الجواب كلا لماذا ؟ لأنك لا تملك مقومات النهوض بالسوق ، و جعله يتحرك نحو الإزدهار، هذا مقصد التجارة أم لا ؟ نعم إذا فهمنا معادلة عدد الجهات المؤثرة في سوق العقار مثل البطالة ، نقص في السيولة ، نقص في المشاريع ، نقص في وسائل الاتصال نستطيع فهم نظرية العولمة .

السؤال الذي يطرح نفسه على بساط البحث لماذا ظهرت نظرية العولمة في أوروبا و لم تظهر في أي مكان آخر من العالم ؟ قبل الإجابة عليه تعالوا معي لنتعرف على ماهية العولمة . جاء في كتاب –النظرية السيولوجية المعاصرة – د طاهر الزيباري – ص 484 )

إن نشأة العولمة و جذورها تعود إلى مشروع مارشال الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية كان على ثلاثة مراحل : المرحلة الأولى في ظهور العولمة ، و الذي نتج عنه ظهور اتفاقية (بريتون وودز) و التي تأسس بموجبها صندوق النقد و البنك الدوليين لتحقيق الاستقرار المالي إضافة إلى اتفاقية التعرفة و التجارة العامة عام 1947م و التي سميت لاحقا اتفاقية الجات

المرحلة الثانية بدأت في الخمسينيات من القرن العشرين حيث تزايدت التكتلات الاقتصادية و المناطق الحرة و الاتحادات الجمركية وتحرير حركة التجارة العالمية . المرحلة الثالثة بانهيار الإتحاد السوفيتي السابق و تحول بعض جمهورياته إلى اقتصاد السوق ، و شهدت هذه المرحلة إنشاء منظمة التجارة العالمية عام 1995م حيث وصل عدد الدول المنظمة إليها 137 دولة في عام 2001 م

جاء في مجلة شؤون عربية العدد 166 –عام 2001 م ص 115 للكاتب فلاح كاظم – المحنة ، العرب و العولمة قال إن نشاة العولمة يرجع إلى أصل المصطلح في الفكر الفلسفي الألماني الذي توجه هيجل بمقولته حول الدولة العالمية المنسجمة ، التي تنعدم فيها التناقضات الأيدلوجية و تطبيق حقوق الإنسان كأسمى قيمة للدولة العالمية الإنسانية

نكمل بحثنا في الحلقة (26) إن شاء الله تعالى …… إلى اللقاء

تحرير المرأة قضية جدلية (26) العولمة والقانون الدولي والنظرية الاجتماعية (2)

جاء في مجلة التسامح العدد 25 – مارس 2020 – نحو التصور الحضاري الشامل للمسألة المصطلحية – الشاهد بوشيخي أنه قال (المصطلح عنوان المفهوم ، و المفهوم أساس الرؤية و الرؤية نظارة الإبصار التي تريك الأشياء كما هي )

المركز الديموقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية و السياسية و الاقتصادية مقرها برلين – ألمانيا أصدرت كتابا بعنوان – منهجية البحث العلمي و تقنياته في العلوم الاجتماعية – مجموعة مؤلفين – جاء في ص 30 (المفهوم هو تلك الفكرة التي تتكون في ذهن الشخص نتيجة ما اكتسبه من خبرات متتالية فيما يتعلق بأمر ما أو تجربة من التجارب يخوضها بنفسه)

ما زلنا في الحديث عن ماهية العولمة ، ما هو مفهوم العولمة ؟ ركزوا معي على الجواب رجاء ، نحن وقفنا على نشأة العولمة و كيف نشأت ، و لكن كلمة عولمة أصبحت على كل لسان و بمختلف الفئات و الكل يدلو بدلوه و يراها ضمن زاويته

كما ذهب إليه الدكتور مولود زايد في كتابه – العولمة و التماسك الاجتماعي في الوطن العربي – فهو في ص 14 يقول أيضا ( إن البعض أطلق عليه الظاهرة الكونية و البعض أعدها طفرة معلوماتية التي أثرت على كل مناحي الحياة و أرجعها إلى 5 قرون مضت عام 1492م عندما وصل كولومبس إلى أمريكا ،

و البعض يرى أن العولمة مفروضا من الأعلى يأخذ أشكالا متعدد لخطط و برامج إصلاح هيكلي اقتصادي كتلك التي تفرضها المؤسسات الإقراضية الدولية (صندوق النقد الدولي ، البنك الدولي) و يكون الهدف الأول هو اندماج كل مجتمع من المجتمعات في السوق العالمية . و إن هذا الوضع يفرض نفسه على بلدان الجنوب و الشمال و الشرق

و إن هذه الإرادة التوحيدية ذات الطابع السياسي ترتكز على مبدأ التحررية الذي يسرفون في تصويره في السوق ، و يستخدم في الأدبيات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية كأداة لتحليل و وصف عمليات التغير الحاصلة في مجالات مختلفة )

من هنا نستنتج أن مفهوم العولمة يمكن اختصاره في ثلاثة نقاط الدولة – الوطن – المواطن بمعنى لا وجود لدول متعددة بل هناك دولة واحدة ، ولا وجود لأوطان متعددة بل وطن واحد ، ولا وجود لمواطنة متعددة الثقافات بل مواطن واحد ، ثقافة واحدة في دولة واحدة و في وطن واحد ، و هو ما أطلق عليه القرية الكونية

فبداية العولمة كانت من الاقتصاد ثم انتشرت إلى باقي المجالات المختلفة الاجتماعية و الثقافية و الفكرية و السياسية حتى على مستوى كيف تلبس و كيف تأكل بالملعقة أو بغيرها .

دعوني أسالكم هذا السؤال : نحن عرفنا فيما سبق أن العولمة تريد أن توحد العالم في دولة واحدة و وطن واحد ليكون الجميع مواطن لهذه الدولة الواحدة فقط . هل مفهوم الدولة الواحدة موجود في الفكر الإسلامي أم لا ؟ أنت تريد أن تعيش مع جار سعودي و تونسي و فلسطيني و يوناني و بريطاني و عماني و صيني و روسي دون وجود أية عوائق جمركية بينك و بينهم أو حدود لهذه الدولة أو التلك ، عن ماذا ستبحث لإزلة هذه العوائق ؟ ستبحث عن مفهوم الدولة عند هذه الجنسيات.

السؤال هذه الجنسيات لها عقيدة أم ليس لها ؟ مؤكد لها عقائد و تستمد عقيدتها من تراثها الديني ما هي عقائدهم ؟ المسيحية تعتقد برجوع عيسى المسيح و سيحكم العالم ، اليهودية تنتظر ملك اليهود و سيحكم العالم ، المسلمون ينتظرون المهدي و سيحكم العالم ، الهندوس ينتظرون أن تصل البشرية إلى الصفاء الروحي ليحل فيها روح كريشنا حينها ستعم السعادة على كل الأرض

السؤال ما هي الحدود الجغرافية لكل هذه الأديان لبناء دولة واحدة تضم كل البشر ؟ لا حدود لها الجميع يتحدث عن الحكومة العالمية و لا يستثني أحدا بمعنى لم نجد أن الفكر الهندوسي قال سألغي المسلمين من الدولة و لا المسلمين قالوا إنهم سيلغون المسيحين و لا اليهود قالوا إننا سنلغي الهندوس

الجميع متفق حسب الفكر السياسي لديه أن الدولة العالمية التي يريدون إقامتها لا هي دولة عرقية و لا مذهبية و لا طائفية و لا عنصرية و العامل المشترك بينهم أنهم جميعا ينطلقون لبناء هذه الدولة ضمن الفكر العقائدي لديهم ، من هنا نستدل أن تعريف العولمة هو : (جعل الشيء على مستوى عالمي) ، كما ذهب إليه (دكتور شمسي واقف زاده في كتابه العولمة و تهافتها الثقافية ص 2) .

السؤال هل كل هذه العقائد المسيحية و اليهودية و الإسلام متفقة في مبتنياتها الأخلاقية و العقائدية بمعنى منسجمة مع بعضها البعض أم لا ؟ الجواب غير منسجمة ، فإذا قلنا إن الإسلام لا ينسجم مع المسيحية و لا مع اليهودية فهل الإسلام متخلف ؟ أم المسيحية لا تنسجم مع اليهودية و الإسلام فهل المسيحية متخلفة ؟ أو اليهودية غير منسجمة مع الإسلام و المسيحية فهل اليهودية متخلفة أيضا ؟ الجواب : لا ذا ولا ذي ولا ذية

السؤال ما هي عقيدة العولمة ؟ من خلال ما تقدم إن العولمة لا عقيدة لها و لا دين لها و لا دولة لها و لا وطن لها و إنها تكررت مع كل عهد مرت به الإنسانية مثلا هتلر كان يسعى للعولمة بالطريقة العرقية خاصة ، و ستالين جاء بطريقة جديدة للعولمة عبر العلوم الإلهية ، و الإسلاميون سعوا للعولمة من خلال المذاهب و الأحزاب الإسلامية

و اليوم تأتي العولمة لتجمع بين القدرة و القوة و الرغبة و المناخ الملائم لتجعل أتباعها من أنفسهم يحتذى بهم لتكوين نظام قادر على النفاذ إلى المنظومات التراثية و الثقافية و القيمية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و ماذا تسمى هذه المنظومة العولمة ؟ لا الدولة الحديثة ضمن الرؤية الكونية لنظرية العولمة في بناء الدولة العالمية

السؤال ما هي الأدوات التي تستند عليها نظرية العولمة ؟ نحن قلنا سابقا في مثال التاجر في السمسرة العقارية إذا لم تكن عنده وسيلة الاتصال مع الأسواق الخارجية فإن تجارته ستصاب بالركود و هذه الوسيلة في عصرنا الحاضر ما هي ؟ هو نظام الإنترنت هذه الثورة المعلوماتية و وسيلة الاتصال مع العالم مسحت كل الفواصل بين البشر ، سابقا إذا قررت مخاطبة تاجر في بلد ما ماذا كنت تفعل ؟

تستأجر غرفة في السفينة و تسافر بحرا يأخذ منك 15 يوم أقل أو اكثر، المهم كنت تقطع مسافات لتصل إلى هدفك أما الآن لا تحتاج سوى لوحة المفاتيح وتضغط على زر و تخاطب زميلك التاجر عبر شاشة صغيرة في بلد آخر بل تستطيع مشاهدته أيضا فالقضية اختلفت كليا .

نكمل بحثنا في الحلقة (27) إن شاء الله تعالى…. الى اللقاء

تحرير المراة قضية جدلية (27) العولمة والقانون الدولي والنظرية الاجتماعية (3)

واقعا رأينا أن كلمة العولمة انتشرت انتشارا واسعا في الوسائل الإعلامية كما هي في الرأي العام ، مما يعني أن العولمة تلعب أدوارا مختلفة حقيقية لا نقاش فيها و هذه الأدوار، ارتبطت بالاقتصاد إلا أنها تخطت وتغلغلت إلى كل المجالات في إبراز علاقة العولمة مع المجتمعات المتصارعة و المتباينة.

و هذا يجعلنا ننظر إلى هذه العلاقة من جوانب مختلفة مثلا علاقة الشعب العربي مع الشعب الأمريكي ، و علاقة الشعب الصيني مع الشعب الروسي و علاقة الشعب العربي مع نظيره العربي ، و هذا يعني أن هذه العلاقات لا يمكن أن تتم بدون وجود عناصر مهمة اهتمت العولمة في طرحها في ربط علاقة الشعوب مع بعضها البعض ما هي هذه العناصر ؟

ركزوا معي على الجواب العنصر الأول سيادة الخطاب الاقتصادي الثاني : العمل على خلق الشعور لدى أفراد المجتمعات أن هناك مصدر واحد للقرار الثالث إعادة تعريف وظيفة الدولة الاجتماعية و الاقتصادية . أنا سأركز هنا على العنصر الثالث .

ما معنى وظيفة الدولة ؟ الجواب : إن الدولة ذات سيادة تملك الصلاحيات للحفاظ على الأمن الداخلي و الخارجي و وضع دساتير و سن القوانين التي تنظم العلاقة بين الدولة و المواطنين إلى جانب ذلك إنشاء جهاز تنفيذي لتطبيق هذه القوانين.

لا شك أن قيام الدولة هو تحقيق للأمن و الخير و الرفاهية ، و المسلمون بشتى مذاهبهم المختلفة سعو إلى التوفيق بين مهام توفير الحاجات ، و هذا لن يتأتي إلا بوجود السلطة في الحفاظ على حريات الأفراد و هو ما سميناه سابقا بالتوازن بين الحرية و السلطة . السؤال السلطة من الذي يحددها ؟ إذا سألنا هذا السؤال للمسلمين ، قد يقول البعض إن آية 124 من سورة البقرة (إني جاعلك للناس إماما ) حددت السلطة و هي الإمامة

و البعض قد يقول إن آية 38 من سورة الشورى (و أمرهم شورى بينهم ) حددت السلطة و هي الشورى ، بالله عليك آية واحدة تكفي لبيان إقامة نظام عالمي و أنت عندما أريد الدخول الى الحمام تقول لي الإسلام يقول ادخل برجلك اليسرى و أخرج برجلك اليمنى ، لماذا قالوا تقديم اليمنى و اليسرى عند دخول و الخروج من الحمام ؟

ملك الموت هل عنده صداقة مع أحد ؟ الجواب كلا ، فالشخص الذي سيدخل الحمام برجله اليمنى و قبضت روحه حينها أين سيقع ؟ خارج الحمام ، ولكن إذا قدم اليسرى عند الدخول و قبضت روحه سيقع داخل الحمام ، و قس على ذلك عند خروجه من الحمام إذا قدم اليسرى سيقع داخل الحمام ، واذا قدم اليمنى سيقع خارج الحمام ، قل لي دخول الحمام أهم أم نظام الحكم أكثر أهمية. .

لا بأس العولمة تسألك الإمام تحت أي بند من القانون يتم تعينه ؟ بالقوة أم بالانتخاب ، و هل الحكم فردي أم اشتراكي ؟ لأنك إذا قلت حكم فردي ، فإن الأنظمة الفردية الآن في العالم أفكارها إما ليبرالية أو رأسمالية ، فما هو مصدر هذا الحكم الفردي ؟

مصدرها ديني، القرآن و السنة الشريفة ، ممتاز ، أعطونا وظائف الدولة ، ستقول الآن أكثر من 50 دولة إسلامية تطبق فيها أحكام إسلامية . السؤال : هذه الأحكام موحدة أم أحكام مذهبية ، أعطني ما عند كل مذهب من وظائف للدولة الإسلامية

مثلا هل هذه الدولة أو تلك وقعت على نظام عدم تمييز بين المرأة في الحقوق و الواجبات أم لا ؟ الجواب نعم على أي حكم قانوني وقعت عليها القانون الدولي أم القانون المحلي ؟ القانون الدولي إذن الإمامة هي نظرية في نظر العولمة ، يمكن تطبيقها و يمكن عدم تطبيقها .

لأنها في هذه الحالة دخلت في خانة الحكم الاشتراكي و إن كان لا يرقى إلى مستوى الدولة الاشتراكية ، و لكنك وضعت المصلحة العامة و لا تعرف أن الذي وضع صيغة هذا القانون صاحب نظام علماني أو اشتراكي ، و هذه الأنظمة تنسجم مع بيئتك أم لا ؟ و هل هذا القانون متفق مع منظومتك الدينية أم لا ؟ مثلا دولة العراق تحفظت على المادة 19 فمن قانون سيداو في عدم التمييز و باقي المواد اتفقت عليها .

و الشورى تحت أي بند قانوني يتم انعقادها بالأكثرية أم بالأقلية ؟ و هل يدخل في الانتخاب المسيحي و اليهودي أيضا أم إنه مختص بالمسلمين فقط ؟ إذن الشورى في نظر العولمة أيضا هي نظرية قابلة للتطبيق و غير قابلة للتطبيق .

من هنا نسنتنتج أن دور الدول الإسلامية ينحصر في نطاق ضيق بل تعدى ذلك ليواكب مستلزمات نظرية العولمة ، و السبب لا توجد منظومة شمولية لنظام سياسي و اقتصادي و اجتماعي عند المسلمين لأنك عندما تتحدث عن الدول الإسلامية القائمة الآن فأنت تتحددث عن أنظمة إسلامية مختلفة الشرائع بحسب مذهب كل دولة .

لهذا جاءت العولمة و قالت لك أنا سأضع منظومة متكاملة و تكون أنت ضمن دولة قومية و إن كانت تتعارض مع بعض مستلزماتي و لكن عليك أن تكون جزءا من هذه المنظومة تقبل أم لا تقبل ؟ قد تقول أقبل بسبب انعدام فكر سياسي لدي ، و قد تقول لا أقبل بسبب وجود مقومات لوضع فكر سياسي خاص بي

فالجهة التي قالت ستقبل السؤال : أي نظام ستتبع علماني أم اشتراكي ؟ إذا قلت علماني ما هو مصدرها ؟ هل مصدرها فرنسا أم بريطانيا أم إيطاليا أم تركيا هذه كلها دول علمانية فعليك تطبيق إحدى هذه التجارب عندك

و الذين قالوا لا نقبل ما هو مصدرهم سيقولون مصدرنا الدولة الإسلامية التي أقامها النبي الخاتم (ص) في عهده ، كانت دولة لها جيش و علاقات خارجية و شعب و نظام اقتصادي و سياسي و اجتماعي السؤال هذه الدولة كانت دولة الوحي أم دولة بشرية ؟

الوحي ، جيد جدا ، إذن لماذا قال القرآن الكريم في سورة التوبة آية 43 (عفا الله عنك لما أذنت لهم) لو كانت دولة الوحي لماذا يأذن النبي الخاتم (ص) لهم ؟ لأنه الدولة ليست دولة الوحي بل تجربة بشرية و هذه التجربة بدواعي السلطة غيرت مسارها بعد وفاة النبي الخاتم (ص )

نكمل بحثنا في الحلقة (28) إن شاء الله تعالى …إلى اللقاء

تحرير المراة قضية جدلية (28) العولمة والقانون الدولي والنظرية الاجتماعية (4)

بعد أن حددنا طبيعة تعريف العولمة و النظرة السياسية و التي انحسرت بها فكرة الدولة القومية مقابل هيمنة العولمة و انتشارها بمقتضي كون السياسي أصبح مرهونا بالاقتصادي و جزءا منه . دعونا نسلط بعض الأضواء على ركائز العولمة الثلاث الدولة – الوطن – المواطن

السؤال : هل الإسلام نادى بإقامة دولة إسلامية كمصطلح سياسي أم لا ؟ ركزوا معي على الجواب رجاء لأن السؤال المطروح قد يجيبه القارئ نعم الإسلام نادى بإقامة دولة إسلامية و الدليل كما في الفكر الإسلامي أن الرسول الخاتم (ص) عين علي بن أبي طالب خليفة على المسلمين ، أو أن الخليفة ليس بشرط تنصيبه بالتعين و إنما يمكن أن يكون بالشورى ، الآن بصرف النظر بالتعين أم بالشورى المهم الخلافة = الدولة ، و من يجلس على كرسي الحكم هو الخليفة = رئيس دولة ، جيد جدا.

السؤال : الآن في القرن 21 ميلادي الحاكم في الدول الإسلامية ماذا يطلق عليه خليفة المسلمين أم لا ؟ الجواب كلا . ماذا يطلق عليه إذن ؟ السلطان ، الأمير ، الرئيس ، الملك ، لماذا ؟ ما هو الفرق بين الحاكم الإسلامي في القرن 21 الميلادي و بين الحاكم في القرن الثاني الهجري هذا خليفة و ذاك خليفة ، هذا رئيس دولة و ذاك كان رئيس دولة ، هذا سلطان وذاك سلطان ، هذا أمير وذاك أمير ، ما هو الفرق بينهم ؟

الجواب الفرق بينهم التسمية فقط ، كيف ؟ الدولة تعني تداول السلطة ، و قد أخذت هذه الكلمة من الآية 140 من سورة آل عمران (و تلك الأيام نداولها بين الناس) ذهب بعض المفسيرين كابن خلدون أن الدولة تعني تداول السلطات . و دليل آخر آية 26 من سورة ص ( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ) فكل من حكم بالعدل فهو خليفة الله .

يقول دكتور أحمد الريسوني ، رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين ، في مقابلة له مع قناة الجزيرة الفضائية ( إن المسلمين يمكن أن يُسمّوا حاكمهم خليفة أو أميرا أو سلطانا ، إذ لا مشاحة و لا تضييق في الألفاظ ، فجوهر الخلافة هو الحكم بالحق ، و السعي إلى استعادة ألفاظ و أشكال معينة للحكم مجرد مضيعة للوقت) و مصداقا لكلام الدكتور أحمد إن هذه التسمية لها مداليل كثيرة منها مثلا :

أي نظام حكم يراد منه شكل الحكومة و هيكليتها و صلاحيات الحاكم و الحقوق و الواجبات ، و طريقة تولية الحاكم و الحكومة و طريقة محاسبتها ، و إنهاء ولايتها ، و هذه تفصلها دساتير و قوانين تتغير بتغير الزمان و المكان .

السؤال هل يوجد في الإسلام نظام حكم بهذا المعنى أم لا يوجد ؟ لا يوجد ، ما هو الموجود ؟ أسس و مبادئ عامة يلتزم بها الحاكم و الفرد العادي ، و المسلمون جربوا حكومات كثيرة تعاقبت فيها من الإسلام الشيء الكثير ، و فيها من المخالفات للإسلام الشيء الكثير.

الآن أنت انظر مسألة الانتخابات الغرب بنى دولته الحديثة ضمن أطر العولمة أن الشخص الذي يعتلي كرسي الرئاسة لا يهم ما هي ديانته مسلم يهودي مسيحي بوذي هندوسي المهم هو الكفاءة لشغل هذا المنصب فإذا كان كفؤ خلاص يعطى له منصب رئاسة الدولة

أنت لن تقبل بذلك لأن مبتنياتك العقائدية ترفض أن يحكمك غير بني عقيدتك ، و لكنك في نفس الوقت ترغب في تطبيق النموذج الغربي ، فأنت بهذا الوضع هل نجحت أم فشلت ؟ مؤكد فشلت لماذا ؟

لأنه لا توجد عندك منظومة نظام الحكم ، بينما في المقابل كل أدوات المنظومة بيد من ؟ بيد نظام العولمة ، بيد الدولة الحديثة ، و من أجل إقامة الجسور مع نظام العولمة ماذا يقول البعض ؟ علينا أن نقيم علاقة الانفتاح الثقافي مع هذا النظام ، و هكذا نتكيف مع ثقافتهم .

السؤال كيف قام الإسلام ؟ بمال خديجة و سيف علي . قل لي هذه الثقافة تنسجم مع النص الإلهي (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) أو مع قول علي بن أبي طالب (لا سالمن ما سلمت أمور المسلمين) ؟ مؤكد لا تنسجم ، فالذين يستعلمون عبارات أيدلوجية بماذا تحيل عباراتهم ؟ إلى الفضاء الفكري المنكمش على ذاته سواء هذا الانكماش كان مذهبيا أو دينيا سمه ما تشاء المهم يعبر عن منهجه الفكري لا ترابط مع الآخرين

بينما العولمة في الطرف الآخر تريد ربط الناس اقتصاديا و سياسيا و ثقافيا ، و إذا قلت لها أنك تريد إقامة دولة بالسيف ماذا ستصنع ؟ ستذهب إلى الأمم المتحدة لاستخراج قرار حرب ضدك و وضعك تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، فأنت في نظرها شخص يريد حوار الحضارات أم صدام الحضارات ؟

مؤكد صدام الحضارات و لكن لو قلت لها أن الإسلام قام على السلام و المحبة و التعاون المتبادل بين الشعوب فأنت في نظرها تريد الحوار فلست عدوا لها

و قس على ذلك عندما يتم طرح الفكرة المهدوية أو الدولة المهدوية ، عندما يقوم بعض الخطباء الروزخونيون التقليديون الجهلة و يقولون : إن المهدي سيقطع 70 ألف رأس عند ظهوره ، و تنشر الملصقات لشخصية المهدي الافتراضية ، تحمل السيف و يركب حصانه ، ماذا ستقول لك العولمة ؟

أنا جئت لتوحيد البشرية ، و تقدمت في الصناعات التقنية ، و متقدم تكنولوجيا ، أستطيع التنبؤ بقدوم حجر من كوكب يبعد عني 20 مليون سنة ، و أستطيع أن أحدد متى سيصل إلى الأرض ، ثم تريد مني أن اقبل بالمهدي هذه صفاته حاكما على البشر ، ماذا قال السيناتور الأمريكي، شريط فيديو منتشر على شبكة اليوتيوبية تحت عنوان – الغرب يتحدث عن المهدي – ماذا قال : (سوف يدمر كل من يقاومه ،سوف يغزوا عدة دول) ستقول لك العولمة : إذا كان كذلك فتوقع مني الدمار إذا خالفتني.

الآن ماذا يفعلون بجمهورية إيران الإسلامية هل أزالوا عنها العقوبات ؟ أبدا علما أن هذا الخطاب الديني السياسي ليس ضمن المنهجية السياسية لإيران ، و إن كان الحاكم شيعي المذهب ، و لكن الثقافة المنتشرة هل هي ثقافة مذهبية أم ثقافة عالمية ؟ ثقافة مذهبية

و لكن إذا جئت و قلت إن المهدي هو رحمة للعالمين كجده علي بن أبي طالب كما جاء على لسان الولي الفقيه السيد علي الخامنئي لكوفي عنان أمين عام للأمم المتحدة الذي زار إيران في 22-8-2012 (إن عليا هو رمزالسلام و العدالة الإنسانية ) ، عندها ماذا ستفعل العولمة ؟

ستعلق عهد علي لمالك الأشتر في الحكم على جدرانها ، وهذا الذي حصل في 12-2-2016 اعتمدت الأمم المتحدة هذا العهد و اعتبرته وثيقة حقوقية لنظام الحكم ، و حثت العالم على تدريسه في جامعاتها ، و زار وفد الملتقى الدولي للسلام مرقد علي بن أبي طالب في النجف الأشرف في 15-8-2018م .

تغيرت صورة الخليفة الراشد علي بن أبي طالب في نظر العالم أم لم تتغير ؟ نعم تغيرت ، و هذا عز للفكرالإسلامي المحمدي الأصيل ، فالعولمة هنا هل هي ضدك أم معك ؟ معك بلا أدنى شك .

نكمل بحثنا في الحلقة (29) إن شاء الله تعالى …… الى اللقاء