أشار تقرير الجاهزية لمستقبل الإنتاج عام ٢٠١٨ إلى أن من التحديات الرئيسية التي تواجه السلطنة تعزيز الجوانب المتعلقة برأس المال البشري ، وإن الأمر بحاجة إلى مواصلة رفع قدرات القوى العاملة الشابة والمتنامية بسرعة ، وأوصى التقرير بتوصيات مهمة في المجال لم تر النور . وكذلك عقدت ندوة التعليم وسوق العمل في العام ٢٠١٧ ، وخرجت الندوة بتوصيات مهمة جدا عن إنشاء المنظومة المتكاملة للمواءمة بين التعليم وسوق العمل ، إلا أنها لم تر النور ، فالأمر بحاجة إلى قرارات ملزمة تكون لها القوة الملزمة للجهات التربوية والتعليمية والعمل ، والتخطيط المشترك ، وثم تنفذ كل جهة مايتعلق بها .
فالتخطط في الجوانب الخدمية بشكل مشترك ومتكامل في مجال ما ، يحتاج كل المعلومات من جميع الجهات المعنية ، لتكون النظرة بانورامية واستراتيجية ، ولتكون الرؤية شاملة وعريضة . بقيت الوزارات والجهات المعنية بالتعليم والعمل تخطط كما ترى جزءا من الصورة ، وتصدر قراراتها وفقا لذلك ، فبقيت جزرا منفصلة عن بعضها البعض ، ولم تنشأ منظومة المواءمة ، ولم تتحسن نسبة التعمين أو الإحلال في سوق العمل الخاص ، بل لجأت الوحدات الحكومية نفسها إلى زيادة تشغيل الوافدين رغم قطعها شوطا كبيرا في مجال التعمين والإحلال سابقا ! مما سجل تراجعا كبيرا عن الأهداف الموضوعة لاستيعاب القوى العاملة الوطنية في رؤية ٢٠٢٠ . وكانت النتيجة مانشهده اليوم من زيادة عدد الباحثين عن عمل رغم التأهيل والتدريب والبعثات لأرقى الجامعات ، وقارب عدد الباحثين الى حوالي ١٤٠ ألف باحث عن عمل .
إن عدم بناء منظومة المواءمة بين التعليم وسوق العمل ، وعدم التخطيط المتكامل للمخرجات التعليمية ، وعدم بناء رؤية حالية ومستقبلية متكاملة ومشتركة للتعليم والبعثات والتعليم العالي والتشغيل ، سيبقي حتما سوق العمل سواء الحكومي أو الخاص بمعزل عن ذلك .
إنه دور مهم جدا ، فهل وزارة العمل قادرة أن تاخذ هذا الدور ؟ أم هل تستطيع وزارة التعليم العالي أخذ هذا الدور ؟ أتمنى ذلك ، وقد طالبت معالي وزيرة التعليم العالي بذلك لدى استضافتنا لها في مجلس الشورى .
من تجارب بعض الدول فإن هذا الدور يمكن أن تقوم به شخصية اعتبارية أعلى من الوزير ، فالوزير له صلاحياته في وزارته ، أما الوزارات الاخرى فهو لايستطيع إجبارها أو إلزامها ، إنما مجرد تبادل رأي وتشاور .
ومن تجارب بعض الدول تقوم بهذا الدور المهم زوجات الملوك والأمراء عبر المؤسسات التي تترأسها ، ولو سلم هذا الدور لمؤسسة عهد التي تترأسها السيدة الجليلة عهد ، فان مؤسسة عهد ستنجح من حيث تناول معطيات الصورة الكاملة ، واتخاذ القرارات ، وثم إلزام الوزارات والمؤسسات المعنية بالتخطيط المشترك ، ولتنفذ كل وزارة الجزء الذي يناط بها ، ولتظهر إلى الوجود منظومة المواءمة بين التعليم وسوق العمل ناضجة وقوية .