إننا في عمان نفتخر بأننا شفافون بخصوص الأرقام ونشرها، وهو أمر نعتز به، أن الأرقام الخام عندما تنشر قد لا يستطاع تحليلها من البعض، لذا تأتي قيمة الأرقام بربط المتغيرات مع بعضها، والوصول إلى النتائج التي تساعد على فهم أفضل لكل القضايا، وما فتئت أقول إن الأرقام هي الطريق إلى اليقين الحقيقي لاتخاذ القرارات المهمة لسلامة الوطن واقتصاده وتعليمه وصحته.
إن السلطنة ماتزال الأولى خليجيا في التحويلات المالية إلى الخارج نسبة إلى عدد الوافدين. إن عملية حسابية بسيطة لتحويلات القوى العاملة غير الماهرة، والتي تشكل غالبية الوافدين، فإن تحويلاتهم لا تتعدى سقف الملياري ريال سنويا إذا كان معدل الراتب 100 ريال لحوالي 2 مليون عامل وافد، والتحويل شهريا لـ 80 ريالا، لكن المحول يكاد يلامس 4 مليارات ريال في العام، وهذا يقود إلى الاستنتاج أن القوى العاملة غير الماهرة، وإن كانت تشكل أغلب الوافدين لكنها لا تصل إلى المبلغ المحول سنويا. الأمر الذي يحتاج إلى وقفة جادة ومهمة من الجهات المعنية حول تصنيفات التحويلات، ومن يحول، وكم يحول حفاظا على الأمن المالي والاقتصادي للبلاد.
ورد في تقرير جاهزية المستقبل والصادر في السلطنة بعض الأرقام التي تثير الفزع تحت عنوان مؤشرات قياس الجاهزية لمستقبل الإنتاج لسلطنة عمان لعام ٢٠١٨، ففي بند الهجرة والمهاجرين تحت مؤشر القوى العاملة المستقبلية تحتل السلطنة الترتيب رقم 1 من 100، نعم الترتيب الأول عالميا، وتبلغ القيمة 229.4 من 10، ترتيب صادم بلاشك من حيث استيراد القوى العاملة الوافدة ! ولايزال البعض ينادي
بزيادة نسب الوافدين في البلاد لتكون نسبة المواطنين الثلث لتنشيط الاقتصاد ! ولا يزال البعض ينادي ويعمل للمباعدة بين الولادات للعمانيين ! ولارتباط القوى العاملة الحالية والمستقبلية بجودة التعليم العالي، وكونها تعد المواطن لسوق العمل، فمن خلال مداخلتي مع معالي وزيرة التعليم العالي في مجلس الشورى؛ ذكرت لها أن وزارة التعليم العالي أجرت دراسة حول كفاءة الهيئات الأكاديمية في جامعات وكليات التعليم العالي والتي 91% منها وافدة، وتطغى عليها الجنسية الهندية بنسبة 45%، فتبين من الدراسة أن مؤشرات الأداء للهيئة الأكاديمية لم تكن جيدة جدا أو ممتازة، بل كان بعضها سيئا جدا.
إن تقرير جاهزية المستقبل الذي أشرت إليه يورد أن السلطنة في المركز 62 من 100 في جودة التعليم في الجامعات والكليات، وقيمتها 1 فقط من 10. والسؤال: هل من قيمة مضافة للوافد الآسيوي بعد كل تحويلاته المالية السنوية إلى الخارج، وبعد عدم جودة قطاع التعليم العالي الذي يشغل في هيئاته الأكاديمية حوالي نسبة النصف ؟ وهل يجب أن نعتمد عليه في إعداد القوى العاملة الوطنية الحالية والمستقبلية في جامعاتنا وكلياتنا بينما قطاعات العمل والصحة ترفض تشغليها لعدم الكفاءة ؟ وتستورد المزيد من القوى العاملة من الجنسية نفسها ؟ وألا يقودنا ذلك إلى استنتاج خطير ؟