الجائحة التي تمر بها الشعوب حاليا أوعت الكثير من الناس بضرورة الاهتمام بمسائل الرعاية الصحية، وإجراء الفحوصات الدورية لمعرفة مكامن الأمراض لدى الاشخاص. فالكثير ممن لقوا حتفهم في هذه الجائحة لهم سجلات أمراض عديدة، الأمر الذي ساعد فيروس كورونا القضاء عليهم، عكس الأشخاص الذين اعطوا اهتماما لقضاياهم الصحية من خلال الكشف الدوري لدى الاطباء والاستشاريين المختصين سواء في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية أو مستشفيات القطاع الخاص.
موضوع الصحة يأخذ اليوم بعداً كبيراً في سياسات الحكومات والجهات المعنية التي تحاول تسهيل مهام الناس فيما يتعلق بالفحوصات الطبية من خلال إصدار قوانين التأمين الصحي للجميع. وعُمان تعتبر واحدة من الدول التي تعطي اهتماما لهذه المسألة وتجري تعديلات على القوانين التي تتعلق بالتأمين الصحي وإعادة هيكلة القطاع الطبي بصورة عامة. ومؤخراً أصدرت الحكومة العمانية قراراً بتعديل قانوني شركات التأمين والتأمين التكافلي، بحيث يصبح هذا النشاط مستقلاً، مع إعطاء فرص أكبر لرجال الاعمال والمستثمرين للدخول في هذه الانشطة التي تهم جميع الناس. فمجال التأمين الصحي يعتبر اليوم أحد أبرز المجالات الطبية والخدمية في المجتمعات، فيما تجري عمان إصلاحات شاملة لهذا النظام من خلال إلزام جميع العاملين في المؤسسات والشركات من المواطنين والوافدين بالاضافة إلى الزوار بضرورة توفير التأمين الصحي لهم. وهذه الخطوة ستعمل على تطوير الخدمات الصحية وجودتها، وفي توفير الوقاية للجميع من التعرض للأمراض المفاجئة. كما ستعمل على استقطاب المزيد من الكفاءات والاستثمارات والتقنيات الحديثة التي تهم هذا القطاع الحيوي، وبحيث تصبح عمان لاحقا أحد المراكز الصحية في المنطقة الخليجية.
إن العمل على تطوير القطاع الطبي يأتي في إطار السياسة العمانية لتنويع مصادر الدخل من جهة، وتوفير فرص العلاج للجميع من خلال تطوير أنظمة التأمين الصحية، ودفعها نحو التنافسية من جهة أخرى، خاصة وأن القوانين تتطلب اليوم ضرورة العمل على تأمين الأفراد العاملين في القطاع الخاص. ويؤكد المسؤولون في الهيئة العامة لسوق المال بأن التعديلات الأخيرة التي جرت بقطاع التأمين الصحي ستعمل على تعزيز الجاهزية التنظيمية لمنظومة القطاع، واستجابته للأهمية المتزايدة له من حيث النمو الذي شهده هذا القطاع في السنوات الماضية. فالتعديلات الجديدة التي جاءت في هذا الصدد سوف تعمل على فصل التأمين الصحي ليكون نشاطا مستقلا عن بقية الأنشطة التأمينية الأخرى بعد أن كان يندرج تحت نشاط التأمين العام، الأمر الذي سيعمل على دعم كفاءة هذا النشاط، وسيمثل نقلة نوعية في تنظيم سوق التأمين في عمان بشكل عام.
إن الجهات المعنية في عمان حريصة على أن يعزز نشاط التأمين الصحي السوق العماني وينقلها إلى مرحلة جديدة من التنظيم ومستوى الجودة. فالقطاع الصحي ينمو بصورة كبيرة في البلاد من خلال المستشفيات الخاصة التي تم إنشاؤها خلال السنوات الماضية، فيما كان متنفساً لتشغيل العديد من الكوادر الطبية العمانية والأجنبية في هذا القطاع، مع العلم أن الاقساط التأمينية هي الأخرى شهدت زيادة كبيرة في مجال الرعاية الصحية، ما يجعلها تتصدر قطاعات التأمين الأخرى. ويتوقع المسؤولون أن يستقطب مجال التأمين الصحي استثمارات محلية وعالمية في هذا القطاع ويسهم في النمو الاقتصادي وفي توفير خدمات تأمينية وصحية ذات جودة عالية.
