Image Not Found

المغرد صحفي استقصائي!!

د. طاهرة اللواتية – عُمان
عضوة مجلس الشورى

نرى ازدياد الحسابات على تويتر وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، كل صباح هناك حراك إعلامي على هذه الوسائل يدل على الاهتمام بالقضايا المحلية المتصلة بحياة الناس وهمومهم اليومية. تغلبت وسائل التواصل الاجتماعي على وسائل الإعلام الرسمية بسرعة تناول القضايا وتنوع الطرح، وتنوع الآراء والأفكار والحلول، وأصبح الفرد مؤسسة إعلامية لوحده، ضابطًا إيقاعه بنفسه وبالقضايا التي تشغله، وتشكل جزءًا من همومه اليومية.

وبرزت ظاهرة مشاهير التواصل الاجتماعي، وأخذوا على عاتقهم جزءًا من مسؤولية إثارة القضايا المتصلة بهموم الناس والمجتمع.

لكن على التوازي هناك آفة تتهدد وسائل التواصل الاجتماعي، وهي تغييب الوعي الحقيقي حول أي موضوع أو قضية تطرح، وللذباب الإلكتروني دور كبير في هذا التغييب والتشويش لتكوين وعي مزيف غير حقيقي حول قضية ما، مرة بالإفراط ومرة بالتفريط، وفي الحالتين قد تغرق القضية في دوامات تجاذب الإفراط والتفريط، ونفقد خيوط الحقيقة، ونغرق في بحر التيه واللاجدوى والتيئيس.

إن الذباب الإلكتروني من أي مصدر كان فله دور خطير جدًا إذا لم نتسلح بالوعي الكافي للتفريق بين الغث والسمين، بين الحقيقي والمزيف، بين الصادق وغير الصادق، بين ما يصب في مصلحة الوطن وقضاياه الكبرى كمحاربة الفساد أو عدم إعانة فاسد، أو بحث حلول لمشاكل المجتمع الاقتصادية والاجتماعية، أو مناقشة الهموم العامة التي تثقل كاهل الوطن والمواطن.

بسبب الذباب الإلكتروني وعدم الإلمام الكافي ببعض القضايا قد يقع مغرد ما في فخ تحول الأمر إلى غير اتجاهه الحقيقي، فخ تحول البوصلة إلى هوامش الخطر التي لا تسمن ولا تغني بل تضر.

إن الفرد بعد أن أصبح لوحده مؤسسة إعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن واجبه أن يكون صحفيًا استقصائيًا يتعب ويبحث عن حقيقة القضية وأبعادها ليكتب وينافح عما يؤمن به، فما أسوأ من مغرد يتقاذفه الذباب يمينًا وشمالًا في لجة عميقة مظلمة، بينما هو غير قادر على رؤية الشاطئ، غير قادر على التمييز ويظن انه يميز ! فهو بذلك يخدم أجندات خفية وملتوية دون أن يدري.

إن الكلمة الواعية والرأي الواعي كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين، بالحوار الواعي تجد القضايا والإشكاليات المطروحة حلولا جذرية وواقعية، وتنحل المشاكل الكبرى، والهموم المعقدة للمجتمع والوطن.

إن معركة الوعي هي معركة كل مغرد يريد خدمة قضاياه وقضايا المجتمع والناس، فالتغريد بحاجة إلى أن يتحول المغرد إلى صحفي استقصائي كي تكون تغريداته جزءًا من الحل وليس جزءًا من المشكلة.