فاطمة عبدالرضا اللواتية – الرؤية
استكمالًا لما ذكرناه في المقال السابق، نؤكد أنَّه لكي تقوم المؤسسات بالتحفيز، لابد لها من التقيد بمعايير وأسس؛ منها: الأداء ويقصد به كمية العمل والجودة، أيضا معيار الجهد الذي يبذل لكنه أقل من معيار الأداء، والمهارة والإتقان في العمل والالتزام باللوائح وأنظمة المؤسسة، وعندما يتمُّ التحفيز يجب أن تكون الحوافز تتميز بخصائص وسمات؛ مثل:
– الملاءمة؛ بمعنى: الحوافز تتوقف حسب إنتاج العامل، أما الحوافز المتساوية فتفقد قيمتها.
– المشاركة: يُفضَّل مشاركة بعض الموظفين عند وضع نظام الحوافز (من الاتجاهات الحديثة).
– المرونة: نظام الحوافز يتَّصف بالثبات مع المرونة؛ حيث يمكن تطوير وتعديل بعض معاييره.
– البساطة والوضوح: أن يكون نظام الحوافز بسيطا وواضحا.
– التوقيت: تقديم الحوافز في أوقاتها المناسبة؛ أي بعد السلوك مباشرة حتى يكون تأثيره قويا.
ولا يتمُّ التحفيز إلا من خلال شروط تضعها الإدارة واضحة ومقننة وموضوعية، وتتميز بالعدالة والشفافية، ثم متابعة العاملين ومعرفة نقاط التميَّز. ومن الاتجاهات الحديثة في المؤسسات العالمية وجود لجنة للتحفيز بمشاركة بعض العاملين والمرؤوسين والإداريين حتى تزيد المصداقية والثقة لدى العاملين.
دور الحوافز لا يتوقَّف فقط على الشركات والمؤسسات، وإنما تأثيره فعَّال في الجوانب التعليمية خاصة في المدارس؛ حيث نجد أنَّ هناك تراجعا في مستوى التعليم في بعض المؤسسات التعليمية (المدارس)، وتزايد الإحباط لدى المتعلمين وعدم الرغبة في التعليم والتسرب من المدارس، يجب التفكير عن الطرق والبدائل التي تدفعهم وتشوِّقهم على التعلم، من خلال آليات التحفيز، التي تُسهم في إنجاب مبدعين ومتميزين للدور المستقبلي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولنا في ذلك نماذج كثيرة من وجود مدارس باستخدامها الطرق التربوية الحديثة وآليات التحفيز في إنجاب النخبة المبدعة، ونماذج من مدارس باستخدامها النقد الجارح والهدَّام وأسلوب التقليل من شأن الطالب في إنجازاتهم في القضاء وتحطيم روح الإبداع قبل ظهوره، وانعكس هذا على الطالب فأصبح لا يفكر ولا ينجز؛ خوفا من الفشل والرفض المستمر أصبحوا محطمين وفاشلين في الحياة.
وأخيرا.. نصيحتي لك أيُّها المُربِّي الفاضل -سواء كنت إداريا، أو معلما، أو مشرفا- ساهمِ في التحفيز، واجعل مهنتك مهنة إنجاب المبدعين والمتميزين وليس المحطمين، مهنتك أمانة وهي عظيمة لا ترتبط بالماديات وإنما بالإنسان وروحه وفكره، ومن هذه النصائح التي أوجهها لذاتي أولا وللآخرين من التربويين:
- قم بتوفير بيئة تعليمية آمنة للطلاب (عدم استخدام أساليب التخويف والتحطيم، وعواقب الرسوب، ونقص الدرجات، والشدة والتوبيخ المستمر (تحصل في بعض المدارس لدى بعض الإداريين والمشرفين المعلمين).
- حاورهم وناقشهم اجعلهم يثقون فيك ويصرحون بما لديهم.
- لا تكن مُحطّمًا بل محفِّزًا (من المعلمين الذين لا يعرفون سبيلا للتحطيم المعنوي، أنهم لا يصرحون للطالب مباشرة بأن إجابتك خاطئة، وإنما يحاولون التحفيز للطالب بعبارة: “اقتربت من الإجابة الصحيحة؛ حاول مرة أخرى”، وفي نماذج من المعلمين ونادرا جدا (قولهم هذه إجابة صحيحة لكن لسؤال آخر) هذا هو التحفيز الحقيقي الذي يبنى ولا يهدم.
- قم بمنحهم المسؤولية والحرية في بعض المواقف مثلا: اختيار الواجب المنزلي حتى يشعر بأهميته (ليس دائماً).
- اجعلهم يتوقعون ما هو المطلوب منهم حتى يكونوا متحمسين لإكمال المهام على أكمل وجه.
- قم بمنحهم مكافآت بسيطة أو كلمات ثناء ومدح.
- تعرَّف عليهم وعلى هواياتهم وما يحبونه وإنجازاهم، واذكرهم بأسمائهم، فذلك يمنحهم الثقة بالنفس.
وهناك أمور أخرى تلجأ إليه الهيئة التعليمية والإدارية في التحفيز، وهي متعارفة في معظم المؤسسات التعليمية؛ مثل: التكريم في الحفلات وفي الطابور المدرسي، ومن خلال لوحات الشرف، ووضع الصورة والمركز التي منح فيه، ويوجد اتجاه آخر لتحفيز الفئة (الأقل مستوى في التحصيل الدراسي) بوضع الصورة أو اسمه حتى لو كان تحسنا بسيطا، وقد نتجت من هذه الفكرة التحفيزية تغيير في مستويات الطلاب الأقل تحصيلا (طبقت في المدرسة التي أنتمى إليها).
الخلاصة.. كلٌّ منا يحتاج للتحفيز والتقدير؛ سواء في البيئة الأسرية، المؤسسة التعليمية أو منظمات العمل، هما أمران أساسيان للتطور وزيادة الدافعية التي تقود للإبداع والابتكار، واستخراج كل ما هو مكنون داخليا؛ ومن أجل إنجاح ذلك على الفرد أن يحرص تحفيز نفسه بنفسه أولا، ويحيط بأشخاص ذات روح إيجابية لدفعه للأفضل، ويبتعد عن الأشخاص الذين يحاولون التقليل من طموحه ويحطمون كل شيء جميل يسعى إليه.