فاطمة عبد الرضا اللواتية – الرؤية
“التحفيز هو فن جعل النَّاس يفعلون ما تُريد لأنهم يودّون فعله”. والإنسان هو كتلة من الأحاسيس والمشاعر والعواطف المسؤولة عن عمليات يقوم بها مثل: الضحك والبكاء، والكره، والحب، وغيرها، إضافة إلى العقل والدماغ الذي يُمَيَّز به عن غيره من الكائنات الحيَّة، والذي بإمكانه تطوير ذاته وإيجاد قيمته، وهذا لا يتم إلا من خلال مجموعة من المُقوِّمات والحوافز التي تعتبر العناصر الأساسية في نجاحه، ومن الركائز ذات الأهمية في منظومة المؤسسات.
حُظِيَّ موضوع الحوافز باهتمام بالغ في الآونة الأخيرة، وقامت عليه الكثير من الدراسات والأبحاث لأهميته، ولو نأتي إلى مفهوم “الحوافز” فهي: عبارة عن مؤثرات – ” مثيرات” – خارجية تعمل على تحريك الدوافع الداخلية “المثير الداخلي”، ويُوجّه سلوك الفرد إيجابيا نحو الإنجاز في العمل والإبداع في الأداء بقناعة من غير إكراه، ويُمكن اعتبارها من المتغيرات المستقلة على الأفراد من حيث أثرها؛ وكيف أنَّه بالتحفيز يتغير سلوكهم نحو المؤسسة وتكون إيجابية؟، وأجدها (ضرورية) ؛ لأنَّ الموظف يشعر ويحس بالعدالة من حيث المدخلات والمخرجات، فهو يبذل كثيراً من طاقة جسمه وجهده وفكره فيجب أن توازن مع الحوافز مثل: المكافآت، والأجور، والمركز، فإذا أحسَّ بالعدالة تزيد تلقائياً دافعيته للعمل.
وهو لا يُعد أجرا وإنما أوسع من الأجر، باعتباره من العوامل التي لها الدور في إيقاظ الحماس والدافعية والرغبة في العمل وتحقيق التفاعل الإيجابي بين العاملين والمنظَّمة وبمثابة تقدير من قِبَل المؤسسة للعامل على أدائه المُتميز والجهد الذي يبذله.
القيادات الحديثة الواعية والحكيمة تضع في عين الاعتبار موضوع “الحوافز”، وكيف يتم تقديمها سواء أكانت فردية أم جماعية؟، وتضع في منظورها نظام تطبيق حسب خطوات ومراحل مدروسة
الخطوة الأولى تسمى بالإعداد، يتم فيه دراسة أداء الأفراد والعاملين، وعن الحوافز كيف كانت سابقًا؟. وعن توقعات الأفراد، ثم مرحلة “إعداد الخطة” من حيث هدف “التحفيز” وما هو أداء العاملين (فرديا وجماعيا)؟ ثم مرحلة التهيئة من خلال اللقاءات، والشرح للعاملين عن أهمية الحوافز، وأخيراً مرحلة التنفيذ مع المُراقبة لمعرفة أثر الحوافز عليهم.
أهمية الحوافز تكمن في أنَّ الفرد (أيَّا كان مجاله) تجعله متحمِّسًا وتجذبه للعطاء وتوقظ فيه الحماس والدافعية، وتفجِّر الطاقات الكامنة لديه، وتُقلِّل مشاكل الغياب والكسل، وتزيد انتماءه للمؤسسة والالتزام باللوائح والأنظمة، ولا ننسى الرضا الوظيفي للعاملين وهذا له تأثير بالغ الأهمية على نفسية العاملين، وللأسف في مُجتمعنا الكثير من المنظمات لا تهتم بعامل الرضا الوظيفي لدى العاملين المهم هو رضا المؤسسة ومصلحتها.
والحوافز لها أنواع كثيرة ويختلف تصنيفها حسب الموضوع والتوزيع والأثر. ويمكن تصنيفها إلى نوعين أساسيين هما: “الحوافز المعنوية” و”الحوافز المادية”، وحوافز “كامنة” و “خارجية” . فالكامنة: تنبع من النشاطات التي يقوم بها الفرد، فإنجازه لعمله يعتبر مصدر سعادة له، أما الخارجية: فهي من المنظمات على شكل ترقيات والعلاوات، ونوع يسمى بالحوافز الوقائية لا يُؤدي إلى التحسين في الأداء وإنما يُحافظ عليه لكي يكون مقبولا مثل: العمل المريح والساعات المناسبة والتأمين الصحي(هذا النوع السائد والشائع لدى معظم العاملين في مجتمعنا ليس لديهم الطموح للتطوير).
ومن أمثلة الحوافز المادية (لقيمتها) إما أن تكون على شكل مكافآت نقدية، أو أجر إضافي نتيجة ساعات العمل الإضافية، وهناك منظمات تقوم بإعطاء حوافز من نسبة الأرباح، وتكون العلاقة طردية بين أرباح المؤسسة والنسبة التي تمنح للعاملين، ومن أمثلة الحوافز المادية الأخرى الزيادات السنوية حيث إنَّ كل مؤسسة تضع نسبة محددة للزيادة السنوية، ومنظمات تقوم بمنح راتب إضافي أو علاوات وهدايا مثل: العطور وغيرها في بعض المناسبات الوطنية والأعياد، أما بالنسبة للحوافز المعنوية وهي غير نقدية مثل: الاحترام والثناء والتشجيع عند الإنجاز في مُهمة، ولها المفعول والأثر السحري على العامل، ومن أمثلتها: شهادات التقدير، أو وضع صورة للموظف الذي أبدع وأنجز في بعض المجلات، ومن ضمن الحوافز المعنوية والتي لاقت استحساناً لدى بعض الشركات العالمية مشاركتهم في بعض الأمور الإدارية والقرارات أو التفويض لهم في بعض المهام.
وحوافز حسب الأثر والجاذبية على الفرد مثل: الحوافز الإيجابية، وهي كما ذكرنا “معنوية ومادية”، وأثرها تنمي روح الإبداع والتجديد لدى العامل، وبالمقابل حوافز ذات أثر سلبي تستخدم في حالة وقوع السلوكيات الخاطئة لدى الموظف مثل: الكسل في الأداء، الغياب، الإهمال، عدم التقيّد باللوائح وقواعد العمل، تستخدم لمنع تكرار وقوع السلوكيات الخاطئة ومن أمثلتها: الإنذار، الخصم من الرواتب، الحرمان من المكافآت وغيرها من الأمور)، ولكن الإدارة القيادية الواعية يجب عليها قبل استخدام الحوافز السلبية أن تقوم بالتوجيه والإرشاد؛ لأنه في بعض الأحيان تكون للحوافز السلبية أضرار تنعكس على إنتاجية المؤسسة مثل: الخوف، وغياب عنصر التعاون، والبعد عن تحمل المسؤولية خوفاً من الخطأ.
وتصنيف ثالث من حيث المستفيد وهي أن تكون فردية – مادية، معنوية، سلبية، إيجابية – وتقصد بتخصيص فرد للحصول على المكافآت نتيجة إنجازه وأدائه للمهمة المكلف بها.
ومن الآثار الإيجابية للتحفيز الفردي: زيادة التنافس، والزيادة في الإنتاج. ومن الآثار السلبية: حصول التوترات في العلاقات بين العاملين، ولكن الإدارة الواعية بحكمتها فإنِّه يكمن دورها في المراقبة والإشراف والتي بإمكانها تجنب حدوث المشاكل والتوترات، خاصة إذا منحت الحوافز بمعايير محددة وضعتها المؤسسة-، والنوع الآخر يكون على شكل جماعي، وهذا النوع مناسب للشركات التي تُؤدي عملها من خلال فرق العمل ويكون التنافس بين فرق العمل.