خطة التوازن المالي بالإرادة والإدارة السامية بدأت تؤتي أكلها سريعا، فقد انخفض الدين العام للبلاد بمعدلات طيبة إلى الآن، وتم سداد بعض القروض قبل استحقاقها، وتم استبدال بعض القروض ذات الفوائد الكبيرة، مما كان له تأثير مباشر على ارتفاع التصنيف الائتماني لسلطنة عمان. وساهم عدد من الإجراءات في هذا التعافي المالي؛ كتخفيض الإنفاق العام وضبطه من حوالي 15 مليار ريال إلى حوالي 12 مليارا سنويا، وكذلك العمل بحساب الخزينة الموحد الذي يضبط حسابات الوحدات الحكومية وينظمها ويديرها بما يحقق الاستدامة المالية، وأيضا تمويل سلاسل
الإمداد لما يزيد عن مائة ألف ريال فورا عبر البنوك، بحيث لا تتضرر الشركات من فترة الانتظار الطويلة لتسديد فواتيرها المستحقة لدى الوحدات الحكومية، وبما يساعدها على انسيابية نشاطها الاقتصادي.
ظاهرا كان السبب المباشر لارتفاع مديونية البلاد انخفاض أسعار النفط لسنوات متتالية، لكن السبب الرئيسي هو الإخفاق في تحقيق الأهداف الاقتصادية لرؤية 2020. فلم يكن هناك تنويع اقتصادي بما يقلل الاعتماد على النفط، ولم تعمل الاستثمارات في القطاع الاقتصادي على زيادة العوائد الحكومية وزيادة المدخولات. بل أثر هذا الإخفاق على سوق العمل، فلم تستولد فرص العمل المرجوة خلال الرؤية، مما أوجد أزمة الباحثين عن عمل في 2011 وما بعده. ولأن الاجتماعي مرتبط بالاقتصادي، فإن قلة فرص العمل أثر على الأسر، فلم يتحسن وضعها مع تخرج أبنائها، بل أصبح الأبناء عالة على الأسر لسنوات عديدة قبل الحصول على فرصة عمل، ناهيك عن أن بعض فرص العمل لم تحسن الوضع الاقتصادي للأسر.
إننا الآن نراهن بقوة على نجاح رؤية 2040، وحسب المعطيات فإن خطة اقتصادية استثنائية مركزية للبلاد بالإرادة والإدارة والتوجيهات السامية على غرار خطة التوازن المالي، وتدمج ضمنها مسرعات رؤية 2040؛ ستعمل على تجاوز الإخفاقات والفجوات والتبعات المتراكمة عبر سنوات، وآثار كوفيد 19 الاقتصادية، وحتى يكون القطاع الاقتصادي جاهزا للعمل بمعطيات رؤية 2040، وحتى لا نحمل 2040 فوق طاقتها.
إن السنوات الصعبة لانخفاض أسعار النفط التي مرت بنا اضطرت لاتخاذ تدابير مالية صعبة مثل ضريبة القيمة المضافة، ورفع الدعم عن بعض الأساسيات، وإجراءات تقشفية أخرى لرفد خزينة البلاد، وأثر ذلك حسب الاقتصاديين على ضعف القوة الشرائية، وتراجع النشاط الاقتصادي للشركات، واستمرار إشكالية الباحثين عن عمل، وزيادة عدد المستحقين لمظلة الحماية الاجتماعية.
ومع استمرار التخوف من انخفاض أسعار النفط والغاز مرة أخرى قريبا؛ فإن هذه الخطة المركزية الاقتصادية الاستثنائية ستكثف وتسرع نشاطها خلال سنوات محدودة لإيجاد الاقتصاد المنوع القوي للبلاد؛ وهو الضمانة الحقيقية لمستقبل البلاد الاقتصادي، وتحقيق أهداف الرفاه الاجتماعي.