Image Not Found

السياحة الداخلية إلى خصب بعد الجائحة

Visits: 26

حيدر بن عبدالرضا اللواتي – بزنيس لايف مي

[email protected]

يبدو أن العديد من الولايات العمانية سوف تمتنع عن استقبال السياح القادمين من الداخل والخارج خلال الأشهر المتبقية من السنة الحالية نتيجة لاستمرار تداعيات جائحة كورونا التي يتزايد أعداد المصابين بها في السلطنة يوماً بعد يوم، الأمر الذي لا يعطي أية فرصة للقطاع السياحي وبعض القطاعات الاخرى أن تتنفس بحرية في هذه الأجواء الموبوءة للمرض. وبالتالي ينتج عن ذلك تراكم المزيد من الخسائر على المؤسسات التجارية والسياحية والفندقية والطيران والضيافة وغيرها.

قبل انتشار فيروس كوفيد 19 كانت هناك آمالا كبيرة بأن يلعب القطاع السياحي دورًا كبيرًا في جذب السياحة العالمية، ويعزز من الايرادات وميزان المدفوعات، في ظل تأهيل القطاع اللوجستي بصورة حديثة عبر المطارات العمانية والموانيء البحرية بجانب الطرق البرية التي تربط السلطنة بدول مجلس التعاون الخليجي، ولكن جميع هذه الخطط تم تأجيلها نظرا لارتفاع أعداد المصابين بمرض كورونا، لتدخل الكثير من الولايات العمانية في دائرة المنع للسياحة مؤخراً. وقد كان هذا الموضوع مسألة نقاش بمجلس الخنجي عن بعد مؤخرا حول السياحة إلى السلطنة بشكل عام ومدينة خصب بشكل خاص بحضور عدد من المسؤولين من بينهم معالي السيد إبراهيم بن سعيد بن إبراهيم البوسعيدي وزير الدولة ومحافظ مسندم، بالاضافة إلى بعض المستثمرين والمهتمين في القطاع السياحي.

قائدة فريق مشروع زري خصب إيمان بنت صالح الصلتية تحدثت في الجلسة مشيرة إلى أهمية محافظة مسندم والممرات المائية التي تقع بها وأهمها مضيق هرمز الذي يتدفق عبره النفط الخليجي إلى العالم. فهذه المحافظة بالرغم من بعدها عن مسقط إلا أن الوصول إليها يمكن تحقيقه عبر البر والبحر والجو، فيما كانت مدينة خصب في مقدمة المدن العمانية في استقبال آلالاف السياح الاجانب سنويا عبر السفن السياحية العالمية. فالسياحة إلى محافظة مسندم كانت مستمرة على مختلف فترات السنة، حيث يأتون السياح للاستمتاع بالمناظر الخلابة وممارسة هواية صيد الاسماك والغوض بجانب زيارة اماكنها السياحية ومنها جزيرة “التلغراف” التي اشتهرت ببناء أول محطة كابل للاتصالات في الشرق الاوسط للربط بين الهند والعراق من خلال عملية تركيب كابل بحري امتد من جوادر إلى الجزيرة وذلك في عام 1864م، ويعتبر من المعالم السياحية التي تشتهر بها المحافظة، وتتمتع بتضاريس طبيعية وجبلية وجيولوجية. وقد كانت السياحة الداخلية إلى خصب نشطة هي الأخرى.

فخصب والمدن الأخرى حولها مأهولة بالسكان وتحتضن مياهها الكثير من الدلافين، فيما يتحدث أهلها مجموعة من اللهجات المختلطة، وتتمتع بوجود واحات خضراء خاصة في فصل الشتاء بجانب احتضانها لعدد من القلاع والحصون والعمارة، والفنون والصناعات الحرفية أهمها الجرز التي تشتهر بها المحافظة. ونظرا لأهمية تلك المناطق وتوجه بعض أهاليها إلى المشاريع السياحية، فقد نال بعض مؤسسات رواد الاعمال اهتماما من قبل شركة عمران من خلال مساهمتها في إطار المسؤولية الاجتماعية بدعم تلك المشاريع ومن بينها مشروع زري خصب الذي يعمل على ترويج السياحة إلى هذه الجزيرة من خلال استتقبال السياح، وتوفير بعض الاكلات الشعبية، وتقديم المنتجات المحلية لهم.

إن الاحصاءات السياحية لعدد القادمين إلى مدينة خصب الجزيرة وحركة السفن السياحية العالمية إلى مينائها توحي بأنها ستشهد حركة قوية بعد توقف الجائحة. فالارقام الواردة عن السنوات الاربعة الماضية تشير إلى أن عددا جيدا من السفن زارت خصب، وقد بلغ عددها في عام 2017 نحو 45 سفينة، وتراجع في عام 2018 إلى 37 سفينة مع زيادة أعداد المسافرين عليها، إلا أن عدد السفن عاد ليرتفع في عام 2019 ليصل إلى 70 سفينة، بالاضافة إلى 31 سفينة زارت الميناء في الأشهر الاولى من العام الحالي 2020 قبل تفشي الجائحة وتوقفها عن المجئ. أما عدد السواح الأجانب الذين قدموا عبر السفن السياحية فقد بلغ في عام 2017 نحو 88777 سائحا، وارتفع في عام 2018 إلى 82435 سائحا، واستمر في الارتفاع ليصل العدد إلى 138950 سائحا في عام 2019، ونتيجة لاستمرار الجائحة فان عددهم في الاشهر الماضية من العام الحالي بلغ 62535 سائحا.

ولكي تتزايد هذه الاعداد مستقبلاً فان معالي السيد إبراهيم البوسعيدي وزير الدولة ومحافظ مسندم يرى بضرورة وضع مسار مناسب للسائح الاجنبي قبل مجئيه ليقضي بعض الايام في البلاد، وتأسيس أسواق بالميناء لتنشيط عملية البيع والتبضع له من المنتجات العمانية خاصة الحرفيات، الأمر الذي سوف يساعد الاهالي ماديا للاستفادة من هذه المشاريع، فيما يقوم السائح بنقل تجاربه إلى اقرانه بعد رجوعه إلى بلده، بجانب نشر قصصه في وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، مؤكداً إن المحافظة تتمتع بتنوع قطاع الفنون والسياحة والفندقة والضيافة، والانشطة البحرية، وهذه تحتاج إلى مزيد من التطوير والانتاج والانفتاح والتسويق للجميع.

الجهات المعنية من جانبها مهتمة بتطوير كل ما يتعلق بهذه المحافظة، ودراسة احتياجات السكان والتجار سواء في القطاع السياحي أو التجاري وفق حديث المحافظ، وذلك بسبب طبيعة جغرافيتها واحتياجها إلى دعم قطاع اللوجستيات، والسياحة، فيما يتطلب من المؤسسات الخاصة تعزيز تواجدها، حيث هناك مساحة كبيرة للتطوير وإنشاء المشاريع سواء في التجارة أو السياحة أو غيرها من المشاريع ودراسة الأفكار والدراسات التي تم إعدادها والعمل على تسويقها لتنفيذها مستقبلاً.

لقد طرحت في الجلسة عدة آراء وأفكار حول تنشيط السياحة إلى سندم منها النظر في إقامة متحف بجزيرة التلغراف ليتمكن السائح من أخذ فكرة عامة عن السلطنة والمحافظة بشكل خاص، وكذلك باعادة النظر والسماح لاصحاب السفن الايرانية في الوصول والنزول إلى البر للاستفادة من الامكانات التجارية، وكذلك العمل في تطوير قطاع الثروة السمكية والحيوانية والزراعية. ويرى المهندس خميس الكيومي بضرورة تشجيع السياحة الداخلية سواء البحرية او الغوص او صعود الجبال بالمحافظة، مشيرا إلى أنه بعد الانتهاء من الجائحة، فان هذه السياحة يجب تعزيز دورها من خلال العبارات البحرية اليومية للاستمرارية ولدعم المشاريع التي تعتمد عليها المشاريع الصغيرة كمشروع زري خصب، بالاضافة إلى تشجيع إنشاء محلات تجارية داخل الميناء، لأن الوقت لدى السائح محدود وبالتالي يمكن له التبضع من تلك المحلات. واقترح البعض بأن تقوم السفن القادمة بعرض أفلام قصيرة عن السلطنة للسياح قبل وصولها إلى الموانئ العمانية بحيث يكون ذلك ضمن اشتراطات الشركات التي تسير رحلاتها البحرية إلى السلطنة، وكذلك ضرورة الاستفادة من الامكانات والخدمات التي توفرها المؤسسات والشركات العمانية للسياح وعدم السماح لشركات خارجية في تقديم تلك الخدمات. كما يرى البعض بأن محافظة مسندم يمكن أن تستفيد من السائح القادم إلى دبي للتوجه إلى هذه المحافظة على تأشيرة دولة الامارات العربية المتحدة لقضاء ليلة أو ليلتين نظرا لقرب المسافة بينهما جغرافياً، باعتبار ان المحافظة لها خصوصيتها الجغرافية، مشيرين إلى أن دبي مقبلة عام 2021 على الاكسبو العالمي، وأن مدينة خصب تتميز بالعديد من المزايا السياحية، ويمكن لها ان تزيد من القيمة المضافة في حالة تسهيل بعض القوانين للحركة السياحية أو تأسيس مشاريع تجارية للمواطنين بها. المحافظة تحتاج إيضا إلى خدمات الارشاد السياحي وتعزيز دور العبارات في تحريك السياحة، وضرورة تأهيل الكوادر العمانية في المجالات التي تحتاج إليها المؤسسات السياحية ومنها اللغات الاجنبية، وتعزيز دور إعادة التصدير من خصب لتعود إلى سابق عهدها، الأمر الذي يتطلب وضع سيناريو جديد للأنشطة التجارية والسياحية سواء من خلال (اسياد) أو عمران او القطاع اللوجستي بصفة عامة.