Image Not Found

الوباء بين الانفتاح والإغلاق

Visits: 10

حيدر اللواتي – لوسيل

بدأت الأصوات ترتفع من قبل بعض التجار والإعلاميين بضرورة السماح لمختلف المحلات التجارية بإعادة فتح الأبواب لساعات معينة من النهار، على أن يتحمل كل فرد مسؤولية الالتزام بالبعد الاجتماعي والوقاية الصحية من لبس الكمامات والقفازات وأثناء التعامل مع الآخر، في الوقت الذي نجد فيه أن القرارات الحكومية وخاصة في المنطقة الخليجية تعلن عن إغلاق المزيد من المدن والحارات والمحلات لمواجهة هذه الجائحة الخطيرة.

هذه الدعوة تأتي نتيجة للأضرار التي تلحق بالأعمال التجارية والعاملين في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي حتماً ستواجه مصير الإفلاس في حالة استمرار هذا الوباء لشهور أخرى. فالعالم لا ينكر اليوم بأن جائحة كورونا ستؤدي بالعالم إلى وقوعه في الركود الاقتصادي، في الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف من انتشار هذا الوباء بصورة أكبر، خاصة في الدول التي تشهد اليوم مئات المصابين والوفيات مقابل الذين يشفون من المرض.

ويجزم بعض الخبراء بأن الانكماش الاقتصادي قادم لا محالة منه، حيث سيفقد المزيد من الناس أعمالهم ووظائفهم خلال العام الحالي والعام المقبل، ويستمر لمدة أكبر مما يتوقعه البعض. واليوم فإن جميع الحكومات تشدد إجراءاتها لمواجهة هذا الوباء سواء في الأعمال التجارية وغيرها، فيما الكثير من العمال الفقراء لا يستطيعون اليوم الحصول على المبلغ اليومي الذي يمنح لهم مقابل الأعمال الحرة التي يقومون بها نتيجة للحظر. أما الحكومات فإنها تعمل على التقليل من الأعمال التجارية والمالية والمصرفية والاستهلاكية اليومية، الأمر الذي لا يعطي الفرصة الكافية لعودة الحياة التجارية إلى ما كانت عليه في الماضي، إلا بعد أن يتم التأكد بأن الوباء بدأ في الانحسار تدريجياً. فمعظم المؤسسات التعليمية والتجارية والمطارات والمراكز معطلة، عدا البعض التي تعمل في بيع المواد الغذائية والطبية.

إن هذه الأزمة تدفع الناس نحو تعليم مبادئ وأسس جديدة يجب اتباعها بعد عودة الحياة إلى طبيعتها، خاصة التفاعل البشري، بحيث على المؤسسات عندئذ اتباع أسلوب جديد في المؤسسات معتمد على أساس التباعد الاجتماعي، لكي يكون السمة الرئيسية في الحياة اليومية وتطبيقها في المدارس والكليات والجامعات وفي الطائرات والمطاعم والمؤسسات التجارية وحتى المنازل مع الغرباء، فمثل هذه الأساليب سوف تبعد اختناق الناس في تلك المؤسسات بصورة أو بأخرى.

هذه الأزمة – بلا شك – ومع استمرارها، تقلّل من حجم ثروات بعض الأغنياء التي كونوها من عرق الفقراء خلال العقود الماضية بأساليب العولمة وتزيد من خسائرهم، فيما اتبع البعض أساليب الاختلاس والرشاوى والتلاعب في المناقصات وغيرها من الأساليب الملتوية في الأعمال التجارية، وهم يبحثون اليوم عن قشة النجاة كالغريق لينقذ نفسه وهلاكه من أمواج البحر المتلاطمة.

إن عام 2020 سيكون عام الركود الاقتصادي لجميع الاقتصادات المتقدمة، كما ذكرت صحيفة ذا جارديان البريطانية قبل أيام. فأرقام البطالة تتزايد في العالم، والإنفاق يقلّ لدى الجميع، والسياحة والطيران والعقار في تراجع مستمر. وجميع الجهود منصبة على إيجاد لقاح لهذا الوباء، في الوقت الذي تعمل فيه حكومات العالم على الحفاظ على القدرة الإنتاجية للاقتصادات بأقصى درجاتها، وتوفير لقمة العيش لأبنائه، وتأمين الاحتياطات الغذائية لهم والحفاظ على مسارهم الصحي، والابتعاد عن فرض الضرائب والرسوم لإعادة دوران عجلة الاقتصاد بأقل الأثمان.