تعد المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة العمود الفقري للكثير من دول العالم، حيث تعتمد الدول عليها في تسيير نظامها الاقتصادي، وتعزيز عمليات التنويع والاقتصادي التي تساعدها في تشغيل المواطنين من جهة، ورفد الأسواق المحلية بالمنتجات والخدمات الضرورية من جهة أخرى.
ومن ضمن هذه المشروعات التي لها دور كبير في تعزيز النشاط الاقتصادي هي مشاريع الصحة التي يحتاج إليها كل فرد في المجتمع منذ لحظة ولادته وحتى وفاته. لذا فان المشاريع الصحية الصغيرة تخدم بشكل خاص المرضى من ذوي الدخل المنخفض وذوي الدخل المتوسط، وهي اليوم تتواجد في الكثير من دول العالم سواء باستثمارات محلية أو الاستثمارات الأجنبية التي تتدفق على الدول بين الحين والآخر. ومع توافر التقنيات الطبية الحديثة والخدمات الصحية الأخرى، فان دعم تلك الشركات الصغيرة والمتوسطة في مجال الرعاية الصحية يعد أمرًا أساسيًا لتوفير الأنظمة الصحية وتجهيزها من أجل تمكين الجميع من الاستفادة منها وبأسعار تكون مقبولة ومتناولة من قبل الجميع.
وقد بدأت عدة دول في العالم ومنها بعض دول أمريكا اللاتينية الدخول في هذه المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغير والمتوسطة في المجال الصحي، حيث تُمكّن المرضى من الحصول على تلك الخدمات الضرورية، فيما يتمكّن اصحاب ومقدمو الرعاية الصحية الصغار والأطباء والمهنيون الصحيون من الوصول إلى مبتغاهم من خلال دعم استثمارات المؤسسات التمويلية لهم بهدف تعزيز النظام الصحي ودعم مرونة أكبر في السوق والتصدي للتحديات المستمرة للأمراض وأهمها جائحة الكوفيد 19.
من جانب آخر بدأت المؤسسات التمويلية الدولية من توسيع تمويلها لهذه الانشطة الصحية لمؤسسات الرعاية الصحية متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي لرأس المال العامل وشراء المعدات الطبية لها، وذلك عبر تقديم قروض اجتماعية بهدف تعبئة الاستثمار الخاص لسد فجوات إمدادات الرعاية الصحية التي سببتها جائحة كوفيد بتلك الدول، الأمر الذي يُقلل من حجم المسؤولية على المؤسسات الصحية الحكومية التي عجزت بعضها في دول كبيرة من مواجهة تبعات هذا الوباء. وهذه الخدمات تتمثل في توفير الخبرات وحلول الائتمان للمستشفيات ولمشغلي الرعاية الصحية ومراكز الرعاية الصحية وصناعة المعدات الطبية والأدوية ومراكز التشخيص وغيرها، الأمر الذي يعمل على تحفيز تطوير الخدمات من خلال زيادة توافر المعدات الطبية، وفي تحديث وتوسيع تغطية خدمات الرعاية الصحية في تلك الدول، في الوقت الذي نرى فيه هناك ضعط على أنظمة الرعاية الصحية الحكومية. فعلى سبيل المثال تتمثل إحدى الأولويات الإستراتيجية لمؤسسة التمويل الدولية في البرازيل في دعم الوصول إلى رعاية صحية عالية الجودة وبأسعار معقولة نظرًا للوباء العالمي، فيما يكون دور القطاع الخاص من خلال تلك المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مفتاحًا لسد الفجوة ودعم خدمات الرعاية الصحية. ويرى المسؤولون في تلك الدولة بأن قروض مؤسسة التمويل الدولية يكون لها تأثير محفز، حيث يعمل على توسيع نطاق الوصول إلى التكنولوجيا الطبية وتعميق النظام البيئي للرعاية الصحية المحلية للمؤسسات المقترضة.
إن مثل هذه القروض الاجتماعية تعمل على تعزيز التنمية في الدول النامية، بجانب تأثيرها على خلق الاسواق وفرص العمل لمواطنيها، بالاضافة إلى إنهاء الفقر المدقع بها وتعزيز الرخاء المشترك وتنمية الاقتصادات المحلية واستدامة تلك المشاريع.