في شهر نوفمبر من العام الماضي دشنت الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي النافذة الالكترونية (تكامل) المتعلقة بالشكاوي والاستفسارات والاقتراحات للسوق الخليجية المشتركة. وموضوع السوق الخليجية ليس بجديد على كل مواطن خليجي، حيث كان من المفترض أن يشهد الكثير من التطورات الايجابية، وأن يمنح الكثير من فرص العمل لأبناء دول المجلس في الاعمال التجارية والاستثمارية، إلا أن الكثير من التجار مرّوا بتحديات عديدة في هذا الشأن، خاصة في أوقات بروز مشاكل سياسية واقتصادية بين الدول الست.
فلم تمر تجربتنا الخليجية بصورة ناجحة مثلما حصل بين دول الاتحاد الأوروبي الذي سهلّت حكوماتها الكثير من الاجراءات لتصل السلع والبضائع بصورة تدريجية دون أية معوقات، أو تبقى الشاحنات لساعات بل لأيام على جمارك الحدود بسبب بعض الاخطاء غير المقصودة، الأمر الذي أدى إلى اتلاف الكثير من السلع والمنتجات دون أن تستفيد منها الحكومات الخليجية والتجار والاقتصادات المحلية في المرحلة السابقة. إلا أن المرحلة المقبلة يجب أن تتميز بتعاون أكبر في وجود هذه النافذة التي سوف تحل الكثير من القضايا في العمل الخليجي المشترك. فقيام الامانة العامة بتدشينها يعنى حل المشكلات والمعضلات في عمليات الاستيراد والتصدير بين دول المجلس، ولكن في جميع الاحوال تبقى مسألة التعاون وتقديم التسهيلات للتجار العابرين ببضائعهم أمراً مهماً من أجل تحقيق وتوحيد التكامل الاقتصادي بين دول المجلس.
لقد أعلن عن قيام السوق الخليجية المشتركة في شهر ديسمبرمن عام 2007 بالدوحة في ختام الدورة الثامنة والعشرين للمجلس الأعلى، واستندت حركة السوق الخليجية المشتركة على مبادىء النظام الأساسي لمجلس التعاون، ونصوص الإتفاقية الإقتصادية الخليجية وقرارات المجلس الأعلى الصادرة بشأن هذا السوق الخليجي. ولاستمرار عمل هذه السوق العديد من المنافع والفوائد الايجابية على الصعيدين السياسي والإقتصادي، باعتبار ان الهدف الرئيس من ذلك هو ضمان انسياب السلع بين دول المجلس، وتعزيز التعاون بين المؤسسات الخاصة العاملة في التجارة والصناعة والخدمات، الأمر الذي يعزّز من التنافسية فيما بينها، ويقلل من انتظار المستهلك في الحصول على السلع والبضائع التي يحتاج إليها في الوقت المناسب، وخاصة في مثل هذه الظروف التي تؤدي إلى تراجع عمليات الاستيراد لبعض السلع الهامة بسبب الحرب الدائرة في اوكرانيا. فتوفير المواد تساهم في تحقيق الاستقرار السياسي في المنطقة، وبالتالي تدفع عجلة التعاون بين الدول في الكثير من المجالات الأخرى بجانب تحقيق الأهداف والغايات التي نص عليها النظام الأساسي لمجلس التعاون.
إن الأزمات التي مرّت بدول المجلس خلال المرحلة السابقة، وما نمّر ببعضها اليوم يتطلب تعزيز التعاون فيما بينها بصورة أكبر لتحقيق مزيد من التنسيق والتكامل والترابط في مختلف المجالات، وأن يكون العمل السياسي والاقتصادي مستمراً دون أن يعكّر صفوه بعض الشعارات والتصريحات التي تأتي من هنا وهناك. فالشعوب الخليجية كغيرها من الشعوب الأخرى لها تطلعات وآمال أكبر في تحقيق المواطَنة الخليجية بحيث يتكمن من الانتقال والعمل في بيئة تتسم بالمساواة في المعاملة في التنقل والإقامة والعمل والاستثمار والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية وكل ما يهم الفرد الخليجي. وأن يكون معاملة مواطني دول المجلس الطبيعيون والاعتباريون متساوية ودون تفريق أو تمييز في كافة المجالات الاقتصادية.