يشاهد الجميع الصراعات الدائرة حول العالم، واستخدام أحد الأطراف سلاح العقوبات الاقتصادية والمالية ضد الطرف الآخر كورقة ضغط عليه، ليرد الآخر بمصادرة استثمارات الطرف الأول وهكذا في عجلة لا تتوقف، إنه عالم يتخلى عن القيم وجميع الاتفاقات التجارية الموقعة سواء كانت فردية أم جماعية أو حتى الموقعة عبر مؤسسات دولية مالية.. أليس كذلك؟
فإذا استثمرتم أموال أوطانكم بالخارج وليس في داخل وطنكم فإنه في وقت الخلافات مع تلك الدول فإنها ستصادر أو سيتم ابتزازكم عليها. وقتها لا العقود الموقعة بين الطرفين ولا حتى الاتفاقيات الثنائيه والمنظمات الدولية ستحمي هذه الاستثمارات من المصادرة، وحينها حتى لا يمكنكم استرداد حقوق وطنكم، وهذا يعني بلغة أخرى إضعاف أو تقليل مساحة حجم السيادة الوطنية عندكم !
إن جغرافيا الأوطان العربية رحبة واسعة فيمكنكم استثمار تلك الأموال فيها وتحقيق عائد جيد ومرضٍ، وتبقى تلك الاستثمارات بأمان ومصونة من العبث ومن المصادرة، وحققتم لأوطانكم ومجتمعكم عطاءً ليس له حدود من التطور والتقدم، وبالإضافة إلى تطوير موارد مالية حيوية جديدة داخلية لأوطانكم وهذا ما أعتقده أنه في غاية الأهمية الإستراتيجية العليا لأوطانكم.
أليس من الغريب والمتناقض أن يتم تغيير القوانين وجعلها ملائمة لتوفير مناخ استثماري أفضل وتتم دعوة المستثمرين الأجانب للاستثمار (وهذا منطق سديد)، ولكن بالجهة المقابلة ترسلون أموال صناديق الوطن للخارج لتبحثوا لها عن فرص استثمارية واعدة قد تكون محاطة بعوامل ذات مخاطر عالية كعدم القدرة على مراقبة أدائها بدقة، ألا يدعو هذا لإعادة التفكير في هذا النهج؟!
ولا شك أنَّ إنشاء البنية التحتية والمشاريع الإستراتيجية كسكة القطارات تربط المحافظات ببعضها البعض والدول المجاورة، إلى جانب تطوير مصادر توليد الطاقة وتحلية المياه وربطها فعليا بدول الجوار ليتم تبادل الخدمات والمنافع والقدرات، كل هذه مشاريع حتماً ستوفر وظائف جديدة.
لتبقى الأموال العربية في الدول العربية وأن نستثمرها خير استثمار من أجل نهضة هذا الوطن العربي الكبير.