عُمان: استطلاع – نورة العبرية
أصبحت المواهب التي يمتلكها الأطفال هي المحرك والمولد الرئيسي لقياس ميول الطفل أو اتجاهه مستقبلا، وفي مقابل ذلك، تجد العديد من أولياء الأمور يصرون على توجيه الطفل إلى ما يرغبون هم فيه وما يتمنونه، والسؤال الذي يطرح نفسه دائما: هل من الأفضل أن نوجه الطفل إلى عالمه بحرية ونقوم نحن بتنمية مواهبه، أم نتركه بمفرده حتى يفعّل شخصيته ويكتشف قدراته ومجالات الإبداع لديه بصورة فردية وعفوية في المستقبل.
وتتنوع مواهب الأطفال بين الإلقاء والشعر، والتصوير الفوتوغرافي، ورسم الشخصيات، والتأليف والمواهب الرياضية، إلى جانب العديد من الاهتمامات الأخرى، وقد تساعد البيئة المحيطة الطفل على اكتشاف المواهب المدفونة التي تميّزه عن غيره، حيث يمكن الانتباه لها في وقت مبكر من عمر الطفل لنساعده على تنميتها ودعمها بشكل أفضل.
وفي هذه المساحة استطلعت “عمان” آراء أولياء أمور للتعرُّف عن الدور الذي يقومون به في كشف وتنمية ودعم مواهب أطفالهم وبنائها البناء الأمثل خصوصا أن المواهب متغيّرة مع تغيّر الزمن وتطوّر ميول الطفل، فموهبة الرسم والموسيقى واللغة صارت مألوفة ومنتشرة بين الأطفال، كما يمكن أن تتعلق موهبة الأطفال بأمور لا تخطر ببال الوالدين، مثل التكنولوجيا التي نجتهد في إبعادهم عنها، فمن المرونة ترك العنان للصغير كي يجرب ويبحث ويفشل ويجد الحلول.
تقول ناهد بنت سعيد المجرفية: إن للأهل دورا مهما في اكتشاف موهبة طفلهم وذلك من خلال فهم شخصيته وميوله لمعرفة هواياته وتنميتها لتصبح موهبة بارزة لديه، وإعطاء الطفل المساحة الكافية ليعيش على فطرته السليمة ويلامس ويكتشف كل شيء بنفسه ويتعرَّف عليه حتى تظهر الشخصية الحقيقية للطفل، وأيضا محاولة إبعاد كل المؤثرات التي من الممكن أن تؤثر على استيعابه وفهمه وإبداعه، وإحضار ألعاب الذكاء من عمر مبكر للطفل والتي باتت متوفرة بشكل كبير وقد تكون مفيدة لتنمية المهارات الكامنة التي تكون غير مرئية للوالدين وتساعده على التركيز والتفكير.
كلمات محبطة
وترى ليلى بنت سعيد الهنائية: إن هناك عدة طرق يستطيع الأهل من خلالها تنمية مواهب أطفالهم منها تحمّل أخطاء الطفل المتكررة وعدم قول كلمات محبطة له لتعزيز ثقته بنفسه والعمل على تقوية شخصيته وعدم إحباطها في حال فشله، والإجابة على كل ما يدور في باله وعدم تجاهل الأسئلة المستمرة حول أبسط الأشياء الصادرة من الطفل، لأنّ هذه الأسئلة قد تكون بمثابة الخطوة الأولى لاكتشاف موهبة الطفل، فمن خلالها يستطلع الطفل العالم الذي يعيش فيه، ومحاولة احتوائه وعدم إحباط روح الاستكشاف في نفوس أطفالنا بخوفنا الزائد عليهم، ويحق أن نترك لهم متسعا من الحرية حتى يكتشفوا العالم من حولهم ويهتدوا إلى ما سيُبدعون فيه يوما ما.
تعزيز الموهبة
ولتعزيز موهبة الطفل وتوجيهها بالاتجاه الصحيح تعتقد سمية بنت ناصر الريامية أنه يمكن من خلال إطلاق الألقاب المناسبة لموهبة الطفل والتي تميّزه عن غيره كأن يقول الوالد لطفله محمد الطبيب أو محمد العبقري والمكتشف، وتسهم في إبقائها في عقله وتحمّسه لبذل المزيد من الجهد، ويجب توفير الدعم لموهبة الطفل من خلال الاستفادة من خبرات المختصين والموهوبين في كل المجالات، ومن خلال مطالعة الكتب والتحصيل العلمي وإشراكه في دورات في مجال الموهبة وتحفيزه على الإطلاع على نماذج ناجحة برزت بسبب مواهبهم.
وتضيف الريامية قائلة: إن اللعب وقضاء أوقات مسلية يسهمان في اكتشاف مواهب الأطفال، وذلك من خلال تقييم قدراتهم العقلية في مجالات مختلفة مثل التواصل، وحل المشكلات، والقيادة، والطلاقة الفكرية، والابتكار، والتمثيل، وقياس المهارات العقلية، ويعكس اللعب -وخاصة مع الأطفال من عمره- مهارات الطفل ونموه المعرفي وتطوره في الأداء والتميز.
المشاركة في الحديث
وذكرت بدرية بنت حمد الحاتمية: إن النقاش بين الوالدين ومشاركة الأطفال فيه صحي جدا لدماغهم بحيث يساعدهم على تحفيز التفكير بسرعة ويطور لديه الذكاء اللفظي، وقد لاحظت هذا الأمر على ابنتها منذ سن صغيرة وبدأت تظهر عليها مهارات كتابية ومصطلحات لفظية جديدة واستغلت هذه الموهبة بكتابة الروايات والمشاركة في المسابقات المدرسية المختلفة وحصلت على مراكز متقدمة بسبب موهبتها، وأيضا يجب أن نتقبل الطفل كما هو ولا نقارنه بغيره فهذا من شأنه أن يضعف ثقته بقدراته الشخصية.
ويقول حسن بن سمير اللواتي إن ابنته نور كانت منذ صغرها تحب أداء حركات مختلفة وكبرت معها هذه الموهبة وأصبحت الآن تمارس الباليه بمهارة عالية، وتشارك في العديد من المسابقات المحلية والدولية، وبدعم منا استطاعت أن تطوّر أداءها وتمارسها بانتظام ومع مدربين متخصصين لتنتقل لمستوى أفضل في الأعوام القادمة، وأيضا أختها جنى التي تمتلك موهبة صناعة الكعك بأشكال وأنواع مختلفة ولاقت إقبالا كبيرا من الزبائن، وتشجيعا مني لها قمت بفتح قناة في اليوتيوب لتشارك الجميع يومياتها في صناعة الكعك ولتضيف على موهبتها المزيد من التقدم والتطور.
الاحتفاء بإنتاجه
وعن وسائل التعزيز والتشجيع لتنمية موهبة الطفل قال راشد بن حمد السيابي: إن مشاركة الطفل والاحتفاء بما ينتجه من موهبته الخاصة يساعد على تعزيز ثقته بنفسه، ومن الأمور التي بمقدور الأهل أن يوفروها لطفلهم وعرض إبداعاته هو تخصيص مكان معيّن في البيت أو ركن باسمه أو تخصيص مكتبة خاصة لأعماله وإنتاجه، وإقامة معرض لإبداعاته يأتي إليه الأقرباء والأصدقاء في المنزل، ومثل هذه الأشياء البسيطة تقدم دافعا معنويا له وهو الدافع الذي يُحسّن من طريقة تفكيره ويبرز نقاط قوته.
وتقول كوثر بنت مسعود اليحيائية – أخصائية اجتماعية: إن غالبية الأطفال الموهوبين في مختلف المجالات جاءوا من بيئة أسرية صحية اهتمت بشكل كامل بإبراز مواطن القوة لدى أطفالهم، فالمدارس باتت تضج بالطلبة الموهوبين بمختلف الأعمار والقدرات، وينعكس هذا الأمر إيجابا على الطفل وعلى مجتمعه بإضافة اكتشاف أو اختراع مستقبلا أو أن يمثلوا سلطنة عمان في المسابقات الدولية.