عُمان:استطلاع – غالية الذخرية
متابعون: بعضهم يؤثر بوعي وإيجابية وكثيرون منهم سطحيون يثيرون الشائعات
أصبح مشاهير التواصل الاجتماعي مصدر قلق يؤرق الكثير من أولياء الأمور في الجوانب المتعلقة بالتأثير السلبي على النشء، فضلا عن أنهم قد يشكلون بؤرة خطيرة لنشر البيانات المغلوطة عن قضايا تثير الرأي العام وقد تسبب البلبلة لدى المتلقين والمتابعين.
الكم الهائل من المتابعين لمشاهير التواصل الاجتماعي كفيل بإحداث نقلة في فكر ومفاهيم المجتمع والشباب من حيث نمط وأسلوب الحياة، ولا أحد ينكر أن المشاهير لهم آثار إيجابية سواء من الناحية التسويقية أو التوعوية، ولكن لأن المراهقين هم أكثر فئات المجتمع تأثرا بما يشاهدونه حولهم، فقد تكون هناك بعض الآثار السلبية المصاحبة كغرس بعض الأفكار والقيم غير المحببة التي تتسلل إليهم من خلال المحتوى الذي يعرضه المشاهير.
وللوقوف على بعض المخاطر جراء المتابعة المجتمعية لمشاهير التواصل الاجتماعي في مختلف المنصات التقنية المتمثلة في الفيس بوك والإنستجرام والسناب شات والتيك توك استطلعت “عمان” آراء عدد من المتابعين لمعرفة تحديات هذه الظاهرة وإلى أي مدى يمكن أن تعود بالإيجاب أو السلب على المجتمع العماني.
ابتداء، يرى سعيد بن حمد الخروصي أن ظهور مشاهير التواصل الاجتماعي أدى إلى تأثير كبير على حياة الأفراد في جميع المجتمعات سواء كان التأثير إيجابيا أو سلبيا، وقال: بما أنني من محبي متابعة مواقع التواصل الاجتماعي للانفتاح على العالم الخارجي والتعلم منه ومعرفة ما يحدث ويدور حول العالم من مستجدات وأحداث، وأن لا أكون منعزلا عن الآخرين؛ أحرص كل الحرص على اختيار الحسابات الموثوقة النافعة الماتعة للمشاهير، ومحتوى ما يقدمه هؤلاء المشاهير مهم جدًا بالنسبة لي ولأولادي فإن كان محتواهم به رسالة سامية هادفة نستفيد منها وتعلمنا ما نجهله فإن تأثيره سينعكس بشكل جيد وإيجابي علينا، وهو الغاية المطلوبة والنتيجة المحمودة، أما إذا كان محتواهم غير هادف ويتسبب في خراب ودمار ونشر الرذيلة فالنتيجة مفسدة لأخلاق النشء وهدم للفضيلة، وأضاف الخروصي أنه يقوم بتحديد الحسابات التي يتابعها أبناؤه، وهناك نماذج ليست حسنة لمتابعتهم، فالمعروف أن الأبناء في سن 10 سنوات وأعلى إذا أحب وانغمس في شخصية معينة أحب تقليدها في أدق تفاصيل حياتها من ملبس ومأكل وطريقة الكلام وبعض المصطلحات ولو من باب المزح، ويصبح شديد التعلق بنمط الحياة لمن يراه ويعده نموذجا يقتدى به، فلنفترض مشهورا واحدا فقط يتابعه أكثر من مليون شخص حول العالم وقام بنشر فكرة منحرفة أوعادة سيئة فكم من المراهقين المعجبين به سيتأثرون وكم من أسر ستتأثر ومجتمعات ستسقط إن تنازل أفرادها عن مبادئهم وقيمهم.
أفكار دخيلة
أبرار بنت طالب الضامرية ـ معلمة، ترى أن تسليط الضوء على هذه الفئة أثر سلبًا على الأبناء لاتخاذهم قدوة يقتدون بها في أمور حياتهم، فالمشاهير عبر تصوير يومياتهم ورحلاتهم وأنشطتهم قد يمررون أفكارا دخيلة ومفاهيم مغلوطة للناشئة من أبناء الوطن، كالصحة البدنية مثلا وأن السمنة لا ضرر منها، فنجد أبناءنا الصغار وإخواننا يتأثرون بأسلوب حياتهم حتى في النظام الغذائي، كغرس فكرة أن الشخص يجب عليه عدم حرمان نفسه من كل ما تشتهيه النفس من طعام متجاهلًا خطر السمنة والأعراض التي قد يخلفها هذا النظام، أيضًا من الناحية الشرائية واستهلاك الخدمات الكمالية والترفيهية، مما يسبب إرهاقا لميزانية الأسرة، فأصبح الأبناء أكثر تطلبًا بغض النظر عما إذا كان يتناسب مع مرحلة عمره أم لا، نظرًا لرغبتهم في الحصول على ما يوجد لدى المشاهير، وتتأثر شخصياتهم بتقليدهم في طريقة الملبس ونوعية الطعام والأماكن الترفيهية والسياحية التي يرتادونها، وهذا بدوره يزعزع شخصية المراهق ويجعل قناعاته مشوشة نتيجة الاختلاف في طريقة الحياة والوضع المادي، وقد يسبب في بعض الأحيان كرها وعدوانية للأهل إذا ما تم رفض رغباته الزائدة وغير المتوافقة مع ميزانية الأهل، ونجد المراهقين دائمًا ينجذبون بشكل كبير لأصحاب التأثير السلبي لما في تصويرهم من مغريات ومواكبة للعصر والموضة.
التأثير غير المحمود
سلطان بن عبدالله الشكيلي أبدى رأيه قائلًا: بالرغم من الفوائد الكثيرة في عالم التواصل الاجتماعي ومتابعة المشاهير والمؤثرين فيه سواء من المتخصصين أو الهواة، إلا أنه قد يكون سببا في ترويج ونشر سلوكيات سيئة بما يغير عادات المجتمعات والأسس والأخلاق الحميدة، وفي النهاية هم بشر معرضون للخطأ، ولاحظنا شابات يقلدن “الفاشينيستا” بشكل جريء جدًا، والمراهقون ينجرون خلف المشاهير ويبتعدون عن القيم التي تربوا عليها في مجتمعهم العماني، كتصوير كل شيء يحصل داخل المنزل أو في حياتهم الخاصة بدون أي خجل، حيث يقوم بعض المراهقين بلبس إكسسوارات وتسريح الشعر بطريقة عجيبة، وتقليد ثقافات غربية، ونحاول جاهدين السيطرة على ما يشاهده أطفالنا لأن شاشات الهواتف في أيديهم طوال الوقت.
تأثير غير صحي.
من جانبه قال عبدالرحيم بن محمود البلوشي: يحظى مشاهير التواصل الاجتماعي في هذه الفترة بقواعد جماهيرية كبيرة من المتابعين خصوصًا الشباب أو المراهقين الذين يحرصون على مشاهدة كل ما يبثّه هؤلاء المشاهير من مقاطع فيديو، أو ما يكتبونه على المنصات المختلفة، وأصبح البعض يطلق على هذه الفئة بـالمؤثرة أكثر من كونهم مجرد مشاهير، الأمر الذي تفسّره تجارة الإعلانات التي راجت مع هذه الفئة، وهناك تأثير إيجابي لفئة الشباب عندما تكون المادة المطروحة من قبل المشاهير متعلقة بحملات التبرع بالدم ومساعدة الآخرين في الخير، وهذا تأثير مطلوب كونه في مصلحة المجتمع والوطن، وفي المقابل هناك تأثير غير محمود واضح وكبير على المراهقين الذين باتوا يتابعون بالدقائق والثواني من أجل مقطع فيديو أو رسالة تبث من المشاهير، إذ يكمن مدى التأثير على حياتهم الاجتماعية في تغيير العادات والتقاليد التي يعرف بها المجتمع العماني، وأصبح من السهل تغيير هذه العادات بمجرد رسالة من هؤلاء المشاهير، فالمراهق في هذه المرحلة سريع التأثر بمن حوله، وللأسف بعض هؤلاء المشاهير لا يدركون هذه الخطورة، وجل ما يهمهم هو عرض مادة تجذب الشباب من أجل شهرتهم ثم زيادة قيمة إعلاناتهم ومتابعيهم.
دور الأسرة
وبينت رقية بنت يعقوب العبرية مدربة معتمدة في التحفيز الذاتي وتعديل السلوك أن المراهق بشكل عام عنده دافع فضول قوي وسريع ويتعلق بالمتابع تعلقا مخيفا، بالتالي ينظر المراهق إلى أهله على أنهم غير متحررين، وأنه محروم من الحرية وغيرها من الادعاءات والضغوطات المادية لهذا المراهق التي يلقيها على أكتاف أهله والسبب الرغبة في التسوق من مكان معين أو شراء الماركة المعينة التي روج لها المشهور.
أضافت العبرية أن دور الأسرة ليس في التشدد والضرب والتجسس وسحب الهواتف بالقوة مثل ما يظن الكثير بل على العكس هذا يفاقم المشكلة، ولكن لولي الأمر أن يكون واعيا بما يحدث ومدركا لمراحل التغير التي تحدث للأبناء من كل النواحي النفسية والفكرية، أيضا يجب أن يكون مطلعا باستمرار من خلال الدورات والقراءة والاستشارات على كيفيه التربية والتعامل مع الأبناء، ويجب مراعاة أن التربيةه ليست بالفطرة ولكل جيل زمانه وتغييراته، فلا يُعقل أن نربي أبناءنا على نفس النمط الذي تربينا عليه، وعلينا احتواء الأبناء بالحب والصراحة والدخول في عالمهم ومشاركة حياتهم ومشاورتهم، فهذا يغرس في نفوسهم الطمأنينة والراحة النفسية والشعور بالاكتفاء الذاتي بالحب من قبل الأسرة، أيضًا توجيه الأبناء بأسلوب ناصح غير مفضح.
الحوار الهادف
وقالت سميرة بنت محمد اللواتية استشارية نفسية اجتماعية: إن مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورا كبيرًا في حياتنا، ولكن التأثير الأكبر على المراهقين وذلك بتغير مسلك حياتهم ومحاولة تقليدهم في طريقة لبسهم وسلوكهم، وهذا قد يعرضهم إلى ردة فعل قوية من الأسرة والمجتمع، لعدم تقبلهم؛ مما يجعل المراهق يتمرد على أسرته ومجتمعه ويسلك سلوكًا قد يميل إلى العنف في بعض الأحيان نظراً لقناعته بصحة ما يقوم به، فيكتسب صفات عدائية، وأضافت اللواتية أن علاقة الوالدين مع أبناءهم يجب أن تتسم بالإيجابية وأن تحمل روح الصداقة والانفتاح، وإجراء الحوار الهادف لإيصال المفاهيم الصحيحة وتوجيه النصائح، فالحوار هو من أفضل الأساليب للوصول معهم إلى بر الأمان وتوضيح الطرق المثلى لهم لكيفية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لتعود عليهم بالفوائد وليس بالضرر، والابتعاد عن التعامل بالشدة والعنف معهم.
آراء المشاهير
محمد بن عبدالله البلوشي أحد مشاهير التواصل الاجتماعي.. قال: أصبح من السهل التأثير وتغيير بعض سلوكيات الشباب سواء نحو الإيجاب أو السلب من خلال المحتوى الذي يقدمه المشهور، فإذا كان المشهور تربويا ويجمع بين التربية والفكاهة في المواقف ينجذب له الشباب بشكل عام لمتابعته، فالمسابقات وتجارب الحياة الحقيقية وإدخال حس الفكاهة تزيد من رغبة المراهقين بشكل خاص لمتابعتك باستمرار، وهنا أحمل مسؤولية كبيرة لأقدم رسالة هادفة لهم عن طريق التحدث معهم بلغة وأسلوب ولهجة تتناسب مع أعمارهم وبعيدًا عن اللغة المقروءة من الكتب أو المقتبسة من الفلاسفة، وأيضًا تصوير علاقتي بوالدي وأخوتي وأصدقائي بطريقة أخلاقية وإيجابية ونقل رسائل هادفة غير مباشرة، ويجب على المشهور كونه مؤثرا أن يبتعد عن لغة العنف أو التنمر حتى إن كان من باب التسلية مع الأصدقاء لأنها تؤثر فعلا وقد تصبح عادة سيئة لدى البعض.