يقول الدكتور محمد حسين أبو صالح: «إن مفهوم التخطيط الاستراتيجي للاقتصاد يقوم على بلورة وتحقيق المصالح الاستراتيجية الوطنية الاقتصادية للدولة في ظل التحديات على المستوى العالمي والإقليمي والمحلي، وامتلاك القوة الاستراتيجية الاقتصادية ….» لدينا استراتيجية صناعية وسياحية وصحية، وحتى استراتيجية للأسرة، ونعمل على استراتيجية للشباب، لكن الغريب أن نفتقد استراتيجية للاقتصاد في بلادنا، رغم أنها الأولى ونحن مقبلون على رؤية 2040 المهمة؛ أن تكون لدينا استراتيجية للاقتصاد، تحقق أهداف الرؤية الطموحة، وتلملم شتات البرامج الاستراتيجية في الخطط الخمسية 10، 11، 12، 13 ضمن العشرين عاما القادمة بنهاية رؤية 2040 حصلت إخفافات كبيرة في رؤية 2020، وخاصة على صعيد عدم نمو إيرادات الغاز والذي كان من المتوقع مع نهاية رؤية 2020 أن يساهم بـ10% في الناتج المحلي، وكذلك الإخفاق على صعيد تنويع الاقتصاد، وأهمها الإخفاق الكبير في تشغيل الشباب والباحثين عن عمل، لقد بلغت نسبة الباحثين عن عمل مع نهاية الرؤية 2020 (2.9) وهي نسبة عالية بكل المقاييس، وكذلك استمرار العجز في الميزان التجاري للبلاد.
عندما بحثت عن الاستراتيجية الاقتصادية لرؤية 2020 لم أجدها، فالخطط الخمسية وحدها لم تكن ناجعة وحدها لبلوغ أهداف رؤية 2020، فقد افتقد المايسترو الذي يضع الاستراتيجية، كي تبني الوزارات والجهات المعنية خططها الخمسية ضمن أهداف الاستراتيجية ومحاورها لتتكامل فيما بينها.
يقول د. محمد أبو صالح: يتناول مفهوم الاستراتيجية الاقتصادية المحاور الآتية: امتلاك القوة الاستراتيجية الاقتصادية، بلورة وتحقيق المصالح الاستراتيجية الوطنية الاقتصادية للدولة، الاستفادة المثالية من الموارد واستنباط وتنمية موارد جديدة، المحافظة على البيئة، امتلاك طاقة آمنة رخيصة، تحقيق الأمن الغذائي والمائي، الحصول والمحافظة على حصص استراتيجية في الأسواق العالمية، تنويع مصادر الدخل القومي، تحقيق قدر عالٍ من الدخل القومي للدولة مع عدالة توزيعه، توفير فرص العمل، وإفراز فلسفة تعمل على تأسيس شراكة دولية للدولة مع الأسرة والمصالح الدولية بأفضل شروط ممكنة، بناء القدرات التنافسية والمزايا النسبية العالمية، تحقيق الارتباط والتكامل والتناسق بين الأنشطة المتعلقة بالاقتصاد في الدولة؛ فقد أثبتت العديد من الدراسات أن أي دولة يمكن أن تشهد ممارسة أنشطة متناقضة متضاربة في كافة مستوياتها، بما في ذلك صدور السياسات والتشريعات غير الملائمة، واضطراب العلاقة بين صغار المنتجين وكبارهم… إلخ، فإذا أدركنا طموح الاستراتيجية الاقتصادية وهدفها في حشد قدرات الدولة، فإن تحقيق التكامل والتناسق والترابط بين الأنشطة يكون هو أحد أهم ما ترمي إليه الاستراتيجية بما يقود لتحقيق شراكة وطنية بدلا عن العداوة، وبما يقود لتحقيق التكامل والشراكة بين الجهاز التشريعي والسياسي والتنفيذي وأصحاب العمل.
وهناك محور آخر في الاستراتيجية الاقتصادية؛ وهو رفع مستوى الدخل للمواطنين والمنتجين، فإذا كانت محدودية الفترة الزمنية للتخطيط التقليدي ومحدودية التمويل المتاح، تفرض عليه بلورة أهداف محدودة غير طموحة لا تتعدى محاربة الفقر وتوفير حد مقبول من العيش، وتوفير خدمات محدودة للمواطنين، والركون إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي دون تطلع للأسواق العالمية.. إلخ، تجعله يسير من خلال خطط تنموية قصيرة أو متوسطة الأجل لا رابط استراتيجي يجمعها، ولا فلسفة تجعلها تتراكم عبر العقود الطويلة لتحقيق مصالح كبرى، فإن التخطيط الاستراتيجي على العكس تماماً يقوم على قيادة التغيير لتوفير وتهيئة الأوضاع المناسبة لتحقيق طموحات كبرى، وهو ما يقود لوضع استراتيجيات اقتصادية طموحة يتم تحقيقها عبر
سنوات طويلة، إلا أنها تتم في إطار رؤية تجعل كل أنشطة الدولة الاقتصادية تتم وتتكامل وتتناسق عبر السنوات الطويلة بما يفضي في نهاية المطاف إلى تحقيق المصالح الوطنية الطموحة، وعلى رأسها رفع مستوى الدخل القومي ومستوى دخل الأفراد. أما آخر محور في الاستراتيجية الاقتصادية فهو إدارة الموارد الطبيعية الاستراتيجية».
إن وجود الاستراتيجية الاقتصادية للبلاد؛ للمة شتات وتكامل البرامج الاقتصادية الواردة في الخطة الخمسية العاشرة أمر ضروري جدا
أن نحقق نجاحا كاملا لرؤية 2040 لقد شارك المجتمع في بناء برامج الرؤية، وأن موافاة مجلس الشورى والمجتمع بتقارير متابعة وتقييم من وزارة الاقتصاد ووحدة متابعة تنفيذ رؤية 2040 كل ستة أشهر استكمال لمبدأ المشاركة الذي وضعته رؤية 2040 ضمن أهدافها المهمة.