جاءت صناعة الصيرفة الإسلامية بعُمان في وقت متأخر مقارنة مع عدد من الدول الخليجية والآسيوية والأوروبية التي سبقتها في فتح البنوك الإسلامية. واليوم هناك بنكان إسلاميان في عُمان، بالإضافة إلى بنوك إسلامية أخرى تتبع البنوك التقليدية وبرؤوس أموال مستقلة. وقد أسرعت البنوك التقليدية في تأسيس بنوك إسلامية لتغطية احتياجات الأفراد والعملاء، ومن أجل الحصول على الحصة مع الأنشطة المصرفية في البلاد. إلا أن البنوك الإسلامية تواجه اليوم منافسة كبيرة من نطيراتها البنوك التقليدية، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع في قيمة أسهمها في التداول اليومي ببورصة مسقط، حيث يباع السهم أحيانا بأقل من قيمته الاسمية منذ أن أنشئ أول بنك إسلامي في عام 2015. فهذه البنوك بحاجة إلى تطوير أنشطتها وبرامجها لتساير المستجدات التي تشهدها الساحة المحلية والإقليمية والدولية في الأعمال التجارية في البلاد.
إن تاريخ الصيرفة الإسلامية في عُمان يعود إلى بداية القرن الحالي، حيث مضى عليها عقد واحد منذ صدور أول مرسوم سلطاني صدر في عام 2012 والذي بموجبه تم إعفاء البنوك والنوافذ الإسلامية من أي نوع من الرسوم المفروضة على التعاملات المتصلة بالعقارات والأصول المنقولة. ويرى الخبراء أن نشاط الصيرفة الإسلامية في البلاد ما زال في مرحلة النمو التدريجي، في الوقت الذي تتهيأ فيه المصارف الإسلامية بطرح مزيد من المنتجات والخدمات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية لزيادة ثقة العملاء والمتعاملين معها. كما تعمل البنوك الإسلامية على تقديم عدة أدوات للمنتجات المبتكرة وخدمات أخرى لجذب المزيد من المستثمرين والعملاء، الأمر الذي سوف يساعد الصيرفة الإسلامية في البلاد لتأخذ مكانتها مستقبلاً. فعمان اليوم تعتبر اليوم واحدة من أسرع الدول نمواً في هذه الخدمات بين سائر دول مجلس التعاون. ويرى المهتمون بالمصارف الإسلامية بأن مستقبلها في عُمان يبشر بالخير نتيجة نجاحها في رفع الحصة السوقية لها بين البنوك الأخرى، وإنماء أصولها وتنويع مصادر الكفاءات والعاملين بها، بالإضافة إلى نجاحها في جذب المدخرين والمستثمرين من الشباب. وهذه الأعمال بلا شك تؤدي إلى إيجاد علاقات وثيقة بين قطاعات الصيرفة والتمويل الإسلامي ومختلف القطاعات الاقتصادية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع استمرار المسؤولين في هذا القطاع في حل الإشكالات والتحديات التي تواجه هذه المصارف. وهناك اليوم عدة مؤسسات تعمل على تعزيز دور الصيرفة الإسلامية وتعزيز الوعي بأهمية هذه المصارف ومساهمتها في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى تفعيل دور الحوكمة الشرعية وتعزيز أجهزتها بالتقنيات الحديثة في هذا الشأن.
ومن هذا المنطلق نظم بنك نزوى الإسلامي مؤخرا حلقة عمل حول «تسوية النزاعات المصرفية الإسلامية بالصلح والتحكيم» وبمشاركة جهات قضائية، وحكومية ومصرفية مختلفة، بالإضافة إلى أصحاب الفضيلة القضاة، وموظفي لجان التوفيق والمصالحة، وقطاع المحاماة، حيث تم التركيز على كيفية إسهام البنوك الإسلامية في إيجاد عقود نموذجية موحدة للتمويل الإسلامي، والحد من اختلافات الممارسات بين البنوك في مثل هذه الأعمال، الأمر الذي سيؤدي إلى إيجاد مزيد من التنسيق بين البنوك الإسلامية في البلاد. فمثل هذه الأنشطة والحلقات يبرز النشاط المصرفي الإسلامي، ويعمل على تزويد المشاركين بالمعارف الضرورية عن أسس التحكيم وفق الفقه والقانون بجانب معرفتهم بآليات تسويات النزاعات المصرفية وغيرها.