Image Not Found

من يتحكم بالاقتصاد ؟!

د.طاهرة اللواتي – عُمان

في مقال لموقع أرقام بعنوان: «عندما تحكم الشركات العالم..كيف بددت الأطماع التجارية ثروات الشعوب على مدى قرون؟ يستشهد الكاتب بمقولات الأستاذ السابق بكلية الأعمال في جامعة هارفارد الكاتب والسياسي الأمريكي، «ديفيد كورتن»، الذي يؤمن بأن الشركات الكبرى لا تزال تحكم العالم كما في السابق، وكل ما في الأمر هو أنها بدلت أساليبها وأصبحت أكثر تحايلًا على القواعد، وكذلك أكثر نفوذًا.

ويرى «كورتن» أن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، كيانات أسهمت بشكل رئيسي في توسع الشركات متعددة الجنسيات، ويقول: إن البيئة الاقتصادية الجديدة في العصر الحالي أدت إلى نقل هائل للوظائف، ورؤوس الأموال واستنزاف الموارد الطبيعية لصالح الشركات المتعددة الجنسيات. ومع النمو غير المحدود لقوة الشركات العالمية، يتوقع «كورتن» ظهور ما أسماه بـ«استعمار الشركات»، الذي سيؤدي إلى فقدان سيادة الأوطان واستقلالية الاقتصادات والتدهور البيئي والاجتماعي.

ويكمل «كورتن» في كتابه «عندما تحكم الشركات العالم»: إن أجندة عمل هذه الشركات التي تستهدف غالبًا تعظيم الأرباح في المدى القصير، تضر بالصالح العام، خاصة مع عدم تحملها تكاليف بعض الممارسات التي تمس البيئة والمجتمع، وتصديرها للوظائف ورأس المال خارج البلاد.

يؤكد موقع أرقام أن«تحذيرات «كورتن» التي أشار إليها في كتابه الصادر قبل أكثر من 20 عامًا، تبدو مشابهة لمخاوف الاقتصادي الفرنسي «توماس بيكتي» من هيمنة المال على السلطة السياسية، كما يبدو أنها كانت صادقة وفقًا لتقارير صحفية حديثة كشفت أساليب الشركات الكبرى في ابتزاز الدول والعاملين لديها.

وفي مقال ورد في موقع سويس أنفو يقول ماورو برانزيني، العميد السابق لكلية الاقتصاد بجامعة سويسرا: «إن شركة كبرى متعددة الجنسيات بإمكانها أن تملك نفوذا يفوق نفوذ رئيس دولة صغيرة أو متوسطة». ويرى أن هذا التركيز في النفوذ له جوانبه الخطيرة، كتوجيه السياسيين في بلد ما لتحقيق مصالحها.

إن هذا النفوذ ليست بمنأى عنه أي دولة في العالم إذا آمنت بأنها يجب أن تسلم اقتصادها كله للشركات الخاصة، وهنا مكمن الخطورة والتحكم بمصير هذه الدولة، ومفاصلها الاقتصادية، وخدماتها الأساسية المهمة التي تقدمها لمواطنيها لبناء الوطن وتقدمه ورفاهيته. ونستطيع العودة إلى تجارب بعض الدول الغربية في هذا المجال مثل ألمانيا وإيطاليا ؛ لنكتشف أنها تراجعت بعد فشل تجاربها في مجال

خصخصة الخدمات الأساسية، وكيف أن الحكومات في الاتحاد الأوروبي عادت لتقود الاقتصاد وتوجه قاطرته عبر سياسات الاقتصاد الكلي، مع وجود الشركات باستثماراتها المختلفة، ووجود فاعل لنقابات واتحادات العمال، وضمن ممارسة الحوكمة عبر أسواق المال، وأخيرا ممارسة المراقبة الصارمة عبر البرلمانات.