إنِّه الحادي عشر من يناير، اليوم الذي سجّل حضوره في ذاكرة سلطنة عُمان المُعاصرة بحيث إن عواصف النسيان العاتية لن تتمكن من جعله نسياً منسياً في ذاكرة العمانيين بأجيالهم كافة.
ففي هذا اليوم المجيد تجددت نهضة عُمان بارتقاء جلالة السُّلطان هيثم بن طارق سُدّة الحكم، ليقود دفة الوطن في الاتجاه الذي خطَّه سلفه الراحل السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه. فإن السلطان الراحل نهض بمسؤولية استنهاض الشعب العماني في وطن يحمل على أكتافه إرثاً حضارياً يغور في عمق التاريخ لآلاف السنين، واستنقذه من سني التخلف إلى أزمنة التحضر، من خلال عمل مُضنٍ قيض له القدر نيفا وخمسين عاماً فقط، أضحت فيها سلطنة عمان إحدى دول العالم الناهضة من رقدة التاريخ فتميزت وانفردت بسمات حضارية متطورة وباتت تلك الميزات نهجاً لا ينفصل عن كينونتها، ففي الداخل ارتفع مبدأ المواطنة عاليا فصهر في بوتقته التنوع العرقي والقبلي للناس فباتوا على تنوع الأعراق وتعدد القبائل واختلاف المذاهب وكأنهم نسيج واحد.
وفي الخارج، سطع نهج الدعوة إلى السلام والعمل على ترسيخه في هذه المعمورة، والنأي التام عن التدخل في شؤون الآخرين والوقوع في حقول الحروب أو خلق الأزمات السياسية.
وها هو ذا فارس عمان الأول في عهده تتجدد النهضة ويعد المواطن على المضي على النهج ذاته، ويعاهده على العمل المضني لأجل راحته وتحسين أنماط حياته على مختلف الأصعدة.
ففي لقائه مع شيوخ وأعيان ولايات محافظة جنوب الشرقية بحصن الشموخ العامر بولاية منح، أكد جلالته بأن عُمان ماضية في تنفيذ خططها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، رغم التحديات.
وهذا التصريح في طيه عزم وإرادة صارمة للتغلب على التحديات والعمل على خدمة المواطن، وربما يكون من المناسب أن نتذكر جيداً أن الأولويات التي أودعها المواطن العماني في رؤية “عُمان 2040” والتي تتعلق بتطوير حياته على النهج الذي ينشده الجيل القادم، النهج الذي يلامس أحلامه وأمنياته، كان جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد -حفظه الله ورعاه – قد دقق في كل تفاصيلها واعتمدها بتوقيعه، وثيقة لا مناص من جعل الجهود كلها تتكاتف وتتضافر لأجل تحقيقها.
وقد أدرك المواطن العماني جيدا أن هذا الأمر يتطلب جهدا استثنائيا وزمنا لا بأس به حتى تتبلور معالم الحركة التغييرية التي ينتظرها، فخلال العامين الأولين من قيادة جلالته لسفينة الوطن، كانت تعصف بالوطن أزمة اقتصادية لم تكن بالهينة بتاتا، أضف إلى هذا وقوع العالم في قبضة كوفيد-19 الذي جعل مضاعفات الأزمة الاقتصادية في أوجها.
ويعلم المواطن العماني أن المرحلة تتطلب صبرًا يختلف عمّا مضى من أنماطه، وتكاتفاً يداً بيدٍ مع قيادته الفطنة لطبيعة الأزمة ومرحليتها هو سِرُّ النجاة والخروج من عنق الزجاجة.
اليوم، السلطنة بصدد إطلاق أيدي المحافظات بعشرين مليون ريال لأجل تحقيق وتنفيذ خطط تنموية شاملة، لن يتعب المواطن بموجبها في البحث عن مشفى له خارج مُحافظته، أو البحث عن مدرسة أرقى لأطفاله في مسقط ربما، فقد صرّح جلالته بأن خطط استكمال المشاريع كالمستشفيات قائمة، وهناك خطط لبناء مدارس جديدة وإصلاح ما يمكن إصلاحه من المدارس القديمة، والأمر يتجاوز المبنى إلى نمط الدراسة نفسها التي غدا تطويرها من اهتمامات جلالته، لذا لن نلبث طويلًا مع هذا التأخر في مرتبتنا التعليمية بين دول العالم في التعليم.
لقد صدر توجيه سامٍ بتذليل الصعوبات كافة التي تحول دون تحقيق أهداف التنمية الشاملة، والمتوقع الآن أن نشهد حراكا لتنفيذ هذه التوجيهات السامية.
كما كان للثالث والعشرين من يوليو طعمه الخاص به، حيث تأهبت عمان للنهوض من رقدتها وتسنم موقعها الريادي على خارطة العالم، فإن للحادي عشر من يناير مذاقه الخاص به، حيث تأهبت عُمان للمضي قدماً في خط تجديد نهضتها والعمل على تحقيق رؤاها بما يضمن للمسيرة السلامة والأمن والاستقرار، فلن ينسى العماني ولن يتسنى له نسيان الحادي عشر من يناير إطلاقًا، سيذكره به النشيد الوطني، ورفرفة العلم، ووقوف الأجيال العمانية الصاعدة مؤدية تحية تعهد واستمرار على نهج المضي خلف قيادتها يدًا بيدٍ نحو عهد متجدد وتنمية مُستدامة.
ولعل أفضل خاتمة لهذا المقال هي ما تفضل بقوله جلالته: “الحكومة وُجِدت لخدمة المواطن وبالتالي سواء الوزير أو الوكيل أو أي مسؤول، وجوده في ذلك المكتب لتحقيق الغاية الأسمى وهي خدمة المواطن”.