تتوقع المنظمات الاقتصادية الدولية أن تشهد المنطقة نمواً خلال الفترة القادمة في إطار التحسن في أسعار النفط والبيئة الاقتصادية في العالم، الأمر الذي يساعد في تنفيذ بعض الخطط طويلة الأجل. فعدد من الحكومات تعمل على تنفيذ هذه الخطط الطويلة من أجل تحقيق التنويع الاقتصادي والتحديث. ففي شهر أكتوبر من العام الماضي توقع تقرير لصندوق النقد الدولي بأن تشهد منطقة الشرق الأوسط عموماً نمواً بنسبة 2.7 %. وبعد فترة من الانكماش الاقتصادي في الشرق الأوسط بسبب تداعيات Covid-19، شهدت المنطقة انتعاشًا اقتصاديًا إيجابيًا في عام 2021.
وفي شهر ديسمبر الماضي توقع الصندوق بأن تشهد دول مجلس التعاون الخليجي نموا متبايناً بحيث تصل نسبة النمو 3.5 % في البحرين، تليها قطر وعمان بنسبة 3 ٪، والإمارات العربية المتحدة بنسبة 2.7 ٪، ثم المملكة العربية السعودية بنحو 2.4 ٪ وأخيرا دولة الكويت بنسبة 2 %. والعامل الرئيسي في هذا الأمر هو تحسن وارتفاع أسعار النفط العالمية خلال الأشهر الماضية.
فهذه الأسعار شهدت زيادة بنسبة 50 % منذ بداية 2021 لترتفع إلى مستويات أعلى وتبلغ في بعض الفترات أكثر من 85 دولاراً للبرميل، إلا أن تفشي المتحوّر الجديد أوميكرون إدى إلى تراجع الطلب على النفط ليغلق سعر البرميل عند 77 دولاراً للبرميل في نهاية عام 2021. وهذه الأسعار ساعدت دول المنطقة على تحقيق مزيد من الإيرادات في الوقت الذي اتخذت فيه الإجراءت في ترشيد الإنفاق والتوازن المالي والعمل على تنفيذ بعض المشروعات المؤجلة. ووفقاً لتقرير أكسفورد بيزنس جروب فإن أربع دول خليجية فرضت ضريبة القيمة المضافة، كان آخرها سلطنة عمان بنسبة 5 % في الوقت الذي سبقتها كل من السعودية والإمارات والبحرين بفرض نسب تزيد على 5 %. وبقيت كل من دولتي الكويت وقطر خارج هذه الضريبة حتى اليوم. وهذه الضريبة ساعدت الدول الخليجية في تخفيف الضغط المالي، بحيث من المتوقع أن تحقق عُمان حوالي 400 مليون ريال عماني (أي أكثر من مليار دولار) سنويًا من هذه الضريبة وبما يعادل 1.5 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وفي نفس هذا الإطار أعلنت البحرين عن عزمها مضاعفة معدل ضريبة القيمة المضافة لتصل إلى 10 ٪ خلال هذا العام، فيما سبق للسعودية بأن رفعت هذه الضريبة إلى 15 ٪ عام 2020.
إن الجائحة التي تمر بالعالم أثرت على بعض الإستراتيجيات التي وضعتها دول المنطقة، وهذا ما حدث لدى بعض الدول الأخرى المعتمدة على النفط كمصدر رئيسي للدخل، وبالتالي فإن ذلك يؤدي إلى إطالة أمد أهداف الميزان المالي لتلك الدول. إلا أنه في حال تحسن أسعار النفط واستمرارها فإن ذلك يعزّز من خريطة التعافي الاقتصادي للمنطقة، ويحقق الأداء المطلوب خلال الأعوام المقبلة.
في الوقت نفسه تعمل دول المنطقة على إجراء الإصلاحات لجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر، وتحفيز الاستثمارات الأجنبية وتعزيز القدرة التنافسية لها، بجانب طرح العديد من المبادرات من أجل الإسراع ومواصلة الجهود في عملية التنويع، الأمر الذي يساعد على تحقيق ما خططته في إستراتيجيتها الوطنية للاستثمار من خلال تعديل القوانين والسماح للأجانب بالعمل في المجالات الفنية بجانب العمل على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية في آن واحد.