تتزايد اهتمامات العالم بمصادر التمويل لمشاريع الطاقة المتجددة التي تهتم ببيئة الإنسان وصحته وسلامته باعتباره هو هدف التنمية المستدامة. ومن هذا المنطلق بدأت الأسواق الناشئة في العالم بإحراز تقدّم في استخدام السندات الخضراء بعدما كانت الدول الأوروبية هي الرائدة في الترويج لهذه الأدوات ولمشاريع الطاقة المتجددة خلال السنوات الماضية.
ووفقا لتقرير مؤسسة “أكسفورد بيزنس جروب” فإن عدة دول عربية وإسلامية بدأت تدخل في هذه المجالات لتعزيز قطاعات الاقتصاد وتنميتها بالإضافة إلى المحافظة على البيئة. ومؤخراً حصلت شركة البحر الأحمر للتطوير، وهي مطوّر للمشروع السياحي السعودي على سندات خضراء بقيمة 14.1 مليار ريال سعودي (3.8 مليار دولار) من أربعة بنوك سعودية، مع تخصيص الأموال لبناء 16 فندقًا يعمل بالطاقة المتجددة في جميع أنحاء البلاد. كما تمكنت إندونيسيا من جمع صكوك سيادية (سندات إسلامية) بقيمة 3 مليارات دولار لمساعدتها في تمويل مشاريع التنمية المستدامة في إطار اهتمامها بالإمكانات الخضراء. وفي غضون السنتين المقبلتين، فإنه من المتوقع أن يقوم البنك المركزي العراقي بإصدار السندات الخضراء تصل قيمتها إلى أكثر من تريليون دولار في عام 2023 للدخول في هذه المجالات بجانب تنمية المشاريع الأخرى في القطاعات النفطية والغاز والمياه.
إن جميع هذه الخطوات والتطورات تعكس قدرة الدول على التوجه نحو استغلال إمكاناتها في الطاقة المتجددة إلى مستويات أعلى، الأمر الذي سيؤدي إلى ترويج وتسويق المزيد من مشاريع البيئة والإقبال على الأدوات المالية الرئيسية للتمويل الجديد، بحيث من المتوقع أن تصل قيمتها خلال السنة الحالية إلى 500 مليار دولار وفق بيان المؤسسة مقابل 270 مليار دولار في العام الماضي بنسبة زيادة قدرها 46 %.
إن العام الحالي يعتبر من الأعوام التي شهدت جهوداً كبيرة في عملية سرعة الانتقال في تأسيس مشاريع الطاقة المتجددة في العالم واستغلال مصادر الطاقة البديلة، فيما عززّت المؤسسات التمويلية جهودها في تعزيز تلك التوجهات أيضا. فالقارة الأوروبية لديها برامج عديدة حتى عام 2050 ليتم خلالها توزيع الأموال على الدول الأعضاء لدعمها وتوجيهها لاستخدامها في مشاريع الطاقة النظيفة للحدّ من الآثار السلبية التي تنجم عن مشاريع التي ينتج عنها الآثار السلبية للكربونات وخفض انبعاثاتها. كما أنها مستمرة في توسيع عدد من الأدوات المالية المبتكرة ومنها سندات الاستدامة التي هي عبارة عن مزيج من الروابط الخضراء والاجتماعية لإنشاء منصة مستدامة للحد من الآثار بسبب استمرار جائحة كورونا. فالسندات الزرقاء تشبه في وظيفتها السندات الخضراء باعتبارها أدوات دين يتم إصدارها لدعم الاستثمار في المبادرات الصديقة للبيئة والاقتصاد الأزرق. وقد نجحت عدة دول في العالم في تأسيس مشاريع سياحية من خلال الاعتماد على الطاقة المتجددة وحصلت على تمويل للتوسع في المناطق البحرية ومشاريع الأسماك وغيرها. كما أن هناك عدة دول تعمل على إطلاق مشاريع مقايضة الديون بالطبيعة كجزء من إستراتيجيتها لإعادة هيكلة سنداتها السيادية الوحيدة، خاصة في أمريكا اللاتينية ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، بسبب تأثر مشاريعها السياحية بصورة كبيرة نتيجة للتراجع في العمل السياحي وعدد السياح بسبب الجائحة. ويمكن لنا في المنطقة الاستفادة من تلك البرامج لتعزيز اتجاهاتنا نحو الطاقة المتجددة والاستفادة من البرامج التمويلية المتاحة في تأسيس هذه المشاريع.