هل تنجح العملات الرقمية في التعاملات المالية والمصرفية مستقبلاً؟ سؤال يتم طرحه بين الفينة والأخرى من قبل بعض الناس والحكومات في العالم، في الوقت الذي تقوم فيه مواقع ومنصات عالمية بالترويج لهذه العملات مقابل المبالغ التي تحصل عليها من قبل المؤسسات التي تعني بعملية تسويقها في بعض الدول التي يمتلكون أصحابها إمكانات مالية كبيرة، أو هي معروفة أحيانا بالتعاملات في غسل الأموال.
البنوك المركزية في العالم لم تبد موافقتها على التعامل في هذه العملات المشفرة، إلا أن التقنيات الحديثة في عالم الاتصالات أدت إلى إحداث تطورات سريعة في عالم المال، أدت تحولات جديدة في أنظمة البنوك العالمية، الأمر الذي يؤدي إلى خلق مزيد من التحديات والمخاطر العالمية، ومنها التعامل مع النقود والعملات الرقمية.
جريدة فايننشال تايمز البريطانية تتوقع بأن تبدأ بعض البنوك المركزية أمام هذه المعضلة بإصدار العملات الرقمية لدولها، مؤكدة أنه أمر لا مفر منه، بالرغم من المصاعب التي يمكن أن تنشأ عن التداول بهذه العملات عند عمليات تحويل المدفوعات والودائع والقروض من القطاع المصرفي إلى شبكات غير خاضعة لها، الأمر الذي يمكن أن يقوض عمليات إشراف البنوك المركزية في مجال الرقابة والاشراف المالي في بعض التعاملات، وربما إلى عدم قدرتها على تأدية المهام المناطة بها على أكمل وجه.
وفي خضم الصراع في العملات الرقمية، أعلنت الحكومة الهندية مؤخراً أنها بصدد تعديل خطة قوانين ضريبة الدخل السنوية لديها لتشمل المكاسب الكبيرة التي يحققها البعض من التداول بهذه العملات المشفرة، موجهة نداءها للدول الغربية بضرورة التعاون في شأن ذلك، بحيث لا يتحكم البعض بأسعارها بصورة غير قانونية.
لقد ارتفعت قيمة العملات الرقمية خلال السنوات الماضية بصورة كبيرة، فبعدما كان سعرها مقتصراً على شراء صحن صغير للبيزا للعملة الواحدة، أصبح اليوم بإمكان الشخص أن يملك ببعض منها شراء مطعم راق لصناعة البيتزا. فأسعار العملة الرقمية “بيتكوين” قد تجاوزت حاجز 69 ألف دولار في الشهر الماضي بعد أن سجلت بعض الخسائر خلال الفترة الماضية.
مرشحة الرئاسة الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون حذرت مؤخراً في أحد المنتديات الاقتصادية بسنغافورة من التعامل بالعملات المشفرة، مؤكدة أن ذلك سيؤدي إلى إضعاف دول بأكملها في نهاية المطاف، وأنها سوف تقوّض العملات التقليدية بما فيها الدولار الأمريكي، مشيرة أن هناك مجموعات تعمل من أجل خلق مزيد من التحديات للدول والبنوك المركزية في العالم لزعزعة استقرارها، بحيث يبدأ ذلك من الدول الصغيرة وصولا إلى الدول الكبيرة. كما أن الصين من جانبها أعلنت عبر البنك المركزي الصيني أن التعامل عبر العملات الرقمية المشفرة يعتبر “غير قانوني”، وتعهدت باتخاذ إجراءات صارمة تشمل الحظر ضد أنشطة المتعاملين، فيما سيقوم البنك المركزي بحظر المؤسسات المالية وشركات المدفوعات والإنترنت والتجارة التي تسهل تداول العملات المشفرة بصورة غير قانونية.
وفي حال اتخاذ مثل هذه الخطوات التحذيرية لمكافحة التعامل بالعملات الرقمية فإن ذلك سوف يؤدي إلى تراجع الاقبال عليها، خاصة إذا تم متابعة الاشخاص الذين يتهربون من دفع الضرائب على هذه المعاملات غير القانونية، في الوقت الذي يعمل فيه النظام المالي الدولي على تطوير السياسات لتتماشى مع العصر الرقمي أيضا.