Image Not Found

تحرير المرأة قضية جدلية (44-52) الديموقراطية – الليبرالية – الجندر (9-17)

صادق حسن اللواتي – الموقع الشخصي

تحرير المراة قضية جدلية (44) الديموقراطية – الليبرالية – الجندر (9)

قد يتبادر إلى ذهن أحدكم أن الليبرالية مبدأ حرية الفرد والنزعة الفردية تهمل مصالح المجتمع ، لأنك عندما تفسح المجال للحرية الفردية فبدون أدنى شك ستطغى الفردانية على الآخرين وحريات الآخرين فبتالي سندخل مرة أخرى دون أن نشعر في دائرة الاستبداد و أنانية الفرد و سيطرة الغني على الفقير وسيادة القوي على الضعيف ، وهذا غير صحيح.

حيث أن الفكر الليبرالي كما سيأتينا خلال البحث ، يحمي حقوق الأفراد الأساسية ، فهو يوفر مظلة الحماية للفقير ، تكسر كل قوة تريد أن تفرض أطروحتها على الناس بالقوة ، وهكذا لا يمكن لليبرالية أن تتجاهل علاقة الفرد بالمجتمع فمثلا هل يمكن أن نغلف القيم الأخلاقية بفكرة اللادينية من أجل توطين مفهوم الليبرالي ؟

الجواب كلا لماذا لا طالما هناك حرية للفرد ؟ لأن المفهوم المشاع عن الليبرالية أنها مطلقة وهذا غير صحيح ، التسامح الذي نجده في الليبرالية لها شروط وقواعد أساسية ينتفي التسامح بغيابها وهذه القاعدة ضعوها نصب أعينكم

تقول باربارا باسمونيك في كتابها مفارقات التسامح ص 206 (التسامح الإيجابي يتمثل في تفهم المرء واحترامه لاختلاف الآراء و أنماط السلوك ، والتسامح السلبي فيتمثل في اللامبالاة تجاه التباين في أنماط السلوك و الآراء

ومن هذا المنطلق سنطرح قضية حرية المرأة ، ومفهوم تحرر المرأة في الفكر الليبرالي ، وكما بينا أن الليبرالية لها أطروحتها الخاصة بين منظريها وما يطرأ من الاختلافات بينهم في الأمور الفرعية ، إلا أن الليبرالية لها قيم ومبادئ أساسية والتي تمثل الفكر الليبرالي ، وقبل الدخول في معرفة هذه المبادئ نحدد ما هو الفرق بين الحرية والتحرر ؟

تقول حورية يونس الخطيب في كتابها الإسلام ومفهوم الحرية ص 16 عن مفهوم الحرية في الإسلام (قدرة الإنسان على اختيار أفعاله بحيث يملك أفعاله و إرادته وهو قادر على فعل أمر ما أو عدم فعله) أما الحرية في النظام الليبرالي فهي (أن يكون الإنسان حرا ) ، إذن الحرية سواء في النظام الليبرالي أو الإسلام لا يختلف من حيث المفهوم.

أما التحرر في النظام الليبرالي هو الانقلاب على كل فكر منحرف ، و إسلاميا هو منح الفرد حقوقه كاملة ذكرا كان أو أنثى. السؤال لماذا إذا جاء الحديث عن الليبرالية خاصة في قضية المرأة تتوجه الأنظار مباشرة إلى الفكر الإسلامي وكأن هذا الفكر دخيل عليه ؟

الجواب واقعا من الأخطاء الشائعة التي قد لا ينتبه لها الكثير منا ، هي أن ليبرالية المرأة أو حرية المرأة أو تحرر المرأة لا يتعلق بدين معين أو فكر معين لا أبدا ، وإنما هو مسألة الاندماج يحتاج إلى الطرفين كي يتحقق الفعل بالأغلبية مع تقبل للأقلية بمعنى

أنت أسأل أي فرد ما هو المقدار الذي يستطيع تحمله من تحرر المرأة أو حرية للمرأة لتكون جنبا إلى جنب الرجل في كل مناحي الحياة ؟ الجواب الطبيعي سيكون ما قرره الدين لها أليس كذلك ، الدين قرر القوامة للرجل فإذن القوامة للرجل لا يحق للمرأة و لا تستطيع الخروج منه ،

الميراث تأخذ المرأة نصف حصة الرجل عليها أن تقبل به ، لا يحق تولي مناصب عليا كالقضاء لا يحق ، ولا يحق ، قائمة طويلة تحاصر المرأة ، وعلى هذا الأساس سعى البعض في التأثير على القرارات السياسية كالذي نجده في دولة الكويت في قضية المرأة من البدون فإذا تزوجت من غير الكويتي تحظر القوانين المحلية منح الجنسية للمرأة أو نقل جنسيتها إلى أطفالها

في وقت ترفع الشعارات في أكثر من بلد أن المراة تتلقى الاهتمام الكامل من الرعاية لدعم دورها في المجتممع ، هذا يعطينا دلالة واضحة أن عملية اندماج المرأة في المجتمع لم تصل إلى مستوى فهم لمعنى لحرية أو لمعنى تحرر المرأة لماذا ؟

لأنه لم يتم تحديد عن أي حرية نتحدث أو عن أي تحرر نتحدث ؟ هل نتحدث عن خروج المرأة شبه عارية لأنها حرة في أفعالها ؟ أبدا أو هل نتحدث عن فكر منحرف ونتسامح معه إيجابيا ؟ ابدا أو هل نتحدث عن إطلاق العنان للمرأة كانت أو للرجل ليفعل ما يريد في المجتمع ؟ أبدا هذه اللامبالاة ، الفكر الليبرالي برئ من هكذا منهج.

من قال لهؤلاء أن الليبرالية لا قيم لها ؟ ومن قال لهؤلاء أن الليبرالية قائمة على هدم الأخلاق أنا اقول هذا لأن هناك الكثير ممن يوجه النقد إلى الليبرالية من منطلق ديني وليس من منطلق مناقشة الفكر في قبال فكر آخر ، صحيح أن السياسيين طبقوا الليبرالية في الاقتصاد والسياسة لغاية في نفس يعقوب ولكن هذا ليس الفكر الليبرالي الحقيقي لنوضح المعنى لكم

أولا تحرر المرأة وفكرة تحرر المرأة له تاريخ طويل فمثلا عندما قبل النبي الخاتم (ص) بيعة المرأة هل قبلها لأنه (ص) يريد كسب أصوات على أحقية نبؤته ؟ لا أبدا بل أرسل رسالة غير مباشرة لمجتمعه (ص) أن مشاركة المرأة في الحياة في بناء المجتمعات مهم جدا فحررها من تلك القيود التي وضعها الرجل آنذاك عليها ثانيا هذه المشاركة عن ماذا أفصحت ؟

عن ضرورة تأثير المرأة في المجتمع وهذا التأثير يكون ضمن حقوقها بمعنى حق المشاركة السياسية ، حق التعليم ، حق العمل ، حق الشهادة ، حق اختيار شريك حياتها ، حق الطلاق ، حق الوصاية على الأطفال ، حق الولاية ، من هنا بدأت الليبرالية تشق طريقها إلى تحرير المرأة من قيودها إذا طبقها الغرب وأنت تخلفت عن فهم ما في تراثك من الفكر الليبرالي ، هذا خطأك أنت لا خطا الغرب

الآن قل الإسلام بقوانينه وتشريعاته وتطبيقاته في قضية المرأة كما رأينا في عهد النبي الخاتم (ص) أعطى للمرأة الهوية الإسلامية وبجدية تامة كما أعطاها القرآن الكريم ، ومن حقوق حرمها المجتمع الذكوري منها لهذا يجب أن تضع علامة الاستفهام عندما تسمع أن الفكر الليبرالي معاد للفكر الإسلامي فهو بسبب اصطدامه مع مصالح الرجل ، وكشف القناع الذي يتحرك به بين الناس في لباس الواعظين

والحال الليبرالية تقوم على مجموعة من القيم والمبادئ التي تشكل المفهوم الكلي للفكر الليبرالي منها : جاء في كتاب (الليبرالية ايدلوجيا مراوغة أفسدها رأس المال – هبة رؤوف عزت) اولا: المركزية الفردية ، ثانيا : الحرية ، ثالثا : العقل ، رابعا : المساواة ، خامسا : التسامح ، سادسا : الإنسانية .

نكمل بحثنا في الحلقة (45) ان شاء الله تعالى.. الى اللقاء

تحرير المراة قضية جدلية (45) الديموقراطية – الليبرالية – الجندر (10)

قلنا فيما مضى أن الليبرالية تقوم على مجموعة من المبادئ والقيم والتي تشكل المفهوم الكلي للفكر الليبرالي منها أولا : المركزية الفردية ، ماذا تعني المركزية الفردية ؟ الجواب ركزوا معي رجاء صدر كتاب اقتصادنا للشهيد السيد محمد باقر الصدر في هذا الكتاب مقارنة بين الملكية الفردية في النظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي وبين النظام الإسلامي.

النظام الاقتصادي الرأسمالي يركز على المركزية الفردية في التملك ، كأن يقول الفرد هذا مالي وأنا حر فيه ، فيختار لنفسه الزوجة التي يرديها ، والعمل الذي يناسبه ، إذن هو حر في كل شيء ، حتى لو ملئت مخازنه قمحا وأراد أن يرميه في البحر فهو حر، كان هناك فقير بحاجة إلى هذا القمح أم لا الجواب لا يهم نفس المعادلة مالي وأنا حر فيه ، ولكنه إذا فقد هذا الملك سيتألم لأن الإنسان عنده غريزة حب التملك

بينما في الاشتراكية الدولة هي من تملك كل شيء ، الفرد لا يملك شيئا واحدا كل شئ ملك للدولة حتى المركبة التي تقودها لا تستطيع بيعها لأنك لا تملكها، وفي النظام الإسلامي الفرد يستطيع التملك والدولة أيضا تستطيع التملك

ما أود الإشارة إليه هو أن في كل هذه الأنظمة المحور الأساسي هو الإنسان ، والقرآن الكريم كتاب هداية للناس وكل الشرائع المذكورة فيه في مجمل المعاراف الدينية ، هل هي للفرد أم للمجتمع ؟ يعنى هل كتاب الله عزوجل أعطى الأصالة للفردانية كي يفهم حقوق المجتمع أم أنه أعطى الحقوق للمجتمع كي يحافظ على حقوق الأفراد أي منهم ؟

إذا يتذكر القارئ الكريم أننا تحدثنا عن العدالة الاجتماعية وقلنا أن كل ما يعارض العدالة الاجتماعية نضرب به عرض الحائط ، الإسلام أعطى للفرد حقه ولكن ليس مطلق الحرية في استخدام هذا الحق ليفعل ما يريد ، ولا أعطى للمجتمع حق مطلق والحرية المطلقة ليفعل بالفرد ما يشاء ، وعلى هذا الأساس لا يوجد هناك احتكار فكري ولا ثقافي ولا اجتماعي ولا ديني ، كأن يأتي فقيه ويصدر فتوى مخالفة للعدالة الاجتماعية ، فهي فتوى نابعة من الرؤية الفردية وليس ضمن العدالة الاجتماعية فلا نأخذ بها .

مثلا هل المرأة من حقها أن تلبس ما تريد أم لا ؟ الجواب أحد الأطراف سيقول من حقها أن تخرج عارية و الطرف الآخر سيقول لا هذه المناظر تفسد أخلاقي ، في حالة التزاحم ماذا نفعل نقدم حق الفرد أم حق المجتمع أي منهم ؟ المفهوم الليبرالي لا تفوه على تحجيم المجتمع والدولة وتمكن الفردانية سلطانا و إحلال الفرد محل المجتمع والدولة.

فالحرية في المعتقد الليبرالي هي رفع القيود والحواجز عن الأفراد في التفاعل الاجتماعي و عدم التزاحم في ميدان الحقوق المدنية للأفراد ، وهذا لا يعني أن الأحكام الصادرة في حريات الأفراد حصر عليهم بل لأن الدولة تضع التشريعات لنفسها ككيان مجموع اجتماعي (شعب ) لا كيان أفراد مثلا هل تستطيع التيارات المتطرفة الدينية نشر فكرها في فرنسا ؟ أبدا لا تستطيع لأن الدولة وضعت تشريعات من أجل ماذا ؟ من أجل الحفاظ على حقوق الأفراد في عدم الانجرار وراء الفكر المنحرف

الآن قل لي كم هي التيارات الفكرية المنحرفة في العالم الإسلامي ؟ كثيرة أليس كذلك من المسؤول في وضع حد لهذه التيارات الفكرية المنحرفة من التغلغل في المجتمعات الإسلامية ! هل المؤسسات الدينية هي المسؤولة أم لا الحوزات العلمية هي المسؤولة من بالضبط ؟

هي مسؤولية الحوزات العلمية والمؤوسسات الدينية في الوقوف أمام هذه التيارات المنحرفة ، نحن لا نلوم الفقهاء عن اعتقادهم واعتزازاهم بما يعتقدون ، ولكن اللوم هو عدم الاهتمام بالخصوصية الفردية فكريا وثقافيا واجتماعيا.

المبدأ الثاني الذي يقوم عليه الفكر الليبرالي الحرية ، واقعا تعد الحرية في القضايا الإنسانية وخاصة في قضية المرأة انطلاقة لنهضة الدول ، وهو مفهوم متعدد الأبعاد ، تقول الأديبة الفلسطينية و عضو المجلس الاستشاري للديوان نجمة خليل نجيب في مقالتها ، أزمة الحرية الفكرية في المجتمع العربي المعاصر ، أن (وعي المفكرين العرب المعاصرين ما للحرية من مكانة محورية بين مجموعة القيم التي تحدد الفاعلية التاريخية والحضارية للأمم وساء تغيبها عن مجتمعاتهم)

فالحرية ما لها من القيمة العليا في أن الفرد لا يمكن أن يحقق مصالحه وتنمية قدراته ما لم يتم تحقيق الحرية باعتبارها حق طبيعي ملازم للوجود الإنساني ، هذه القيمة مع اتفاق الليبراليه عليها ، إلا أن دلالاتها له بعدان بعد سلبي وبعد إيجابي ، البعد السلبي هو إعطاء الحرية المطلقة للفرد يفعل ما يشاء مما يعني الاستقلالية التامة

السؤال عندما نجد الروايات التي تتحدث عن نقصان عقل المرأة هل تحد من حرية المرأة في المشاركة المجتمعية أم لا ؟ الجواب نعم دون أدنى شك ، إذن الروايات ضد حقوق المرأة أليس كذلك ماذا نفعل بها ؟ الآن بعيدا عن سندها متواتر أم غير متواتر المهم المحتوى يتفق مع المنهج الرباني أم لا ؟ الجواب لا يتفق فإذا قال الغرب أنا أعطي للمرأة حقها في التصرف أنت ماذا ستقول إزائها ؟

الغرب كذاب لا توجد عندهم حقوق للمرأة ، هم يركزون فقط على جسد المرأة ، فيعتنون بالجسد لا بعقل المرأة ، ممتاز ، تعال معي إلى القرآن الكريم في سورة الأحزاب آية35 (والحافظين فروجهم والحافظات) سورة النور آية 31 (وقل للمؤمنات يغضضن أبصارهن ويحفظن فروجهن) الآيات تتحدث عن جسد المرأة أم عن عقل المرأة ؟ أنا كطالب في علم القرآن والحديث أعلم ان تفسير فروجهن تأويلها الابتعاد عن الحرام

ولكن الثقافة العامة عن المرأة ما هي ؟ جاء في كتاب العرب والمرأة خليل عبدالكريم ص 15 (إن القواميس والمعاجم وضعت تحت باصرتنا المقاييس التي استقر عليه الذوق العربي ثقافة العربي فهمه لهذه القضية ليعبر بها جمال بدن… يقول .ان كل ما أهمه هو الجسد الأنثوي)

أنت انظر عندما يجلس الرجال في مجلس ما و يتحدثون عن المرأة هل يتحدثون عن عقلها أو ثقافتها أم جمال بدن المرأة الجواب عن جسدها. لماذا ؟ لأنهم لا يرون فيها غير هذا الجسد ، إذن إذا كان الاعتناء بجسد المرأة يمكن أن نتحدث عن حريتها أم لا يمكن ؟ لا قيمة للتحدث عن حريتها ، لأنك لا تعتبر أن لها وجود إنساني ، وحريتها قيدت بالروايات و الأعراف الاجتماعية .

الآن قل من سيتحمل تبعات هذا الاتجاه السلبي في تقييد حرية المرأة وإلغاء قدراتها العقلية في الوقوف أمام تحديات العصر ، لأن جوهر الثقة بالنفس التعبير الحر والرأي الحر فمن حق المرأة أن تبدي رأئها في هذه الروايات ، فإذا قالت المرأة يجب وضع حدود للرجل في استغلال النصوص الروائية لصالحه فيجب احترام هذا الرأي ، لأن حيوية المجتمع متمثلة في قدرته على مسايرة التقدم ، فإذا كانت كلمة الحرية هي الطريق الوحيد لكشف الحقيقة ، فإن الحقيقة تتأخر بقدر ما نضع عليها من القيود والزاوجر بالنتيجة إن الاتجاه السلبي في الحرية يمزق المجتمعات البشرية.

والاتجاه الثاني في الحرية هو الاتجاه الإيجابي ، و هو أن يكون الإنسان سيد نفسه ، قادرا على تنمية مواهبه وقدراته العقلية والوصول إلى الإنجاز ، فالمرأة في المجتمع الليبرالي ذات اتجاه إيجابي تستطيع تحقيق أكبر قدر ممكن من أهدافها المشروعة و تستطيع أن تطلب من الدولة التدخل في حماية حقوقها.

نكمل بحثنا في الحلقة (46) غن شاء الله تعالى… الى اللقاء

تحرير المرأة قضية جدلية (46) الديموقراطية – الليبرالية – الجندر (11)

قلنا فيما سبق أن الحرية لها بعدان بعد سلبي وبعد إيجابي ، وكلمة الحرية تكشف لنا الحقيقة ، و إبراز الحقيقة التي يتوقف عليها عنوان ارتقاء الأمم كما يقول رشيد رضا في مجلة المنار العدد 2 ص 113 -117 ويراد بالحرية هنا (أن يقول الإنسان ما تدله عليه حرية الفكر أي أن يصرح بما يعتقده بلا تدجيل ولا مداجاة ولا تمويه فلا يقول شيئا ويعتقد خلافه) .

والحرية الفكرية ترتبط بعامل الوعي والمعرفة ، فالإنسان في أكثر أعماله ليس ابن غريزته بل هو ابن بيئته ، يقول شبل شميل في مجموعة شميل جزء 1 ص 6 (فالإنسان يجب أن لا يكون عبدا ذليلا لا يملك أدنى حرية في القول والفكر والعمل تجاه القضايا المألوفة من واقع ،وعادات، وتقاليد)

وقد حدد روي ماكريدس ثلاث مستويات للحرية : الأول الحرية الفردية وهي الحرية التي تضمن حماية الأفراد من الإجراءات التعسفية في تطبيق القانون ومن الفتاوى التي تنتهك حرمة هويتهم الشخصية وهذه الحرية أيضا تشمل حرية التفكير والكلام .

الدولة تستطيع حماية الأفراد من الإجراءات التعسفية في تطبيق القانون ، ولكن هل يوجد قانون يحمي الأفراد من الفتاوى التي تنتهك حرمة الهوية الشخصية ؟ الجواب كلا ، قد يقول قائل فتاوى الفقهاء كلها ظنية غير ملزمة على الناس فلماذا نطلب الحماية منها ! السؤال: كيف نقوم بموائمة المناسبة بين استقلال الفرد والسيطرة الاجتماعية ؟

مثلا جاء في كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء للشيخ جعفر كاشف الغطاء جزء 4 ص 135 (يجوز (أي للمجتهد) جبر مانعي الحقوق (ويقصد به الزكاة والخمس وجميع حقوق الفقراء) جبر مانعي الحقوق و مع الامتناع يتوصل إلى أخذها بإعانة ظالم أو بمعونة الجند لأنه الأصل عدم التسليم لغير المجتهد) واقعا أنا أستغرب من بعض الأقلام الإسلامية لماذا تستشكل على حروب الردة في عهد الخليفة أبو بكر ،ولا تكتب ما في التراث الفقهي من الفتاوى اللا الشرعية في المذاهب الاسلامية .

عموما قل لي هذا التراث الفقهي اللا الشرعي الذي يورث الرعب في الأفراد ذكرا كان أو أنثى من سيقف أمامه ؟ إذا كانت المرأة العاملة لا تريد دفع الخمس لأنها تعرف أن المهدي المنتظر أباح لها هذا الحق تتصرف فيه كيفما تشاء في عصر الغيبة ، ثم يأتي فقيه ويطلب باستخدام القوة الجبرية معها في دفع الخمس ، أليس هذا انتهاك لحرمة هويتها الشخصية ؟

الآن أنا لا أريد التحدث عن الفقه السياسي في المذاهب الإسلامية لأنه ليس محل بحثي ، ولكن الشاهد ان حرية الفرد تتعلق بقواعد السلوك التي تفرضها البشرية على بعضها البعض ، فإذا وجد موضوع لا يعتقد فيها ضرورة إعطاء الأسباب من شخص واحد إلى الآخرين ، اعتاد الناس على الاعتقاد به مثل أن كل الفقهاء لهم ولاية على الناس ويجب السماع لهم ، فإن هذا الاعتقاد نابع من مصالح الطبقات الاجتماعية و شعورها بالاستعلاء الطبقي

هذا من جانب ، ومن جانب آخر ، إذا نظرنا إلى المرأة من حيث التربية الأسرية ، فإذا كانت هذه التربية هي تربية ذهنية فإن المرأة ستكون مثل الرجل ، قادرة على فهم العمل ، وقادرة على تحمل الصعاب ، بل ستكون قادرة على فعل ما يفعله الرجال ، وهذا يكسر الحواجز والقيود عن المرأة ، فإذا جاء بعض الخطباء كالمعتاد الذين صموا آذاننا أن على المرأة أن تأخذ السيدة فاطمة قدوة لها ، ولكنهم هل يقولون لهن أن التربية التي تلقتها السيدة فاطمة ما هي ؟ هل هي تربية عاطفية مجردة أم تربية ذهنية ؟

فلو كانت التربية التي تلقتها السيدة فاطمة تربية عاطفية مجردة لما وصلت إلى مرتبة سيدة نساء العالمين ، ولكنها تلقت التربية الذهنية فوصلت إلى مقامات عليا يشع نورها في محفل الأنبياء ، وأصبحت قادرة على مواجهة تحديات عصرها وبكل جدارة.

لا أحد ينكر أن الناس يجب تعليمهم وتدريبهم ليعرفوا ويستفيدوا من التجارب الإنسانية ، ولكن الامتياز والوضع الطبيعي أن يستخدم تلك التجارب ويفسرها بطريقته الخاصة ، ليكتشف الجوانب المخفية في تلك التجربة ، وهذا من حق الفرد الذي يمتلك الحرية في المطالبة به.

ولكن من غير المعقول أن نصنع الظروف و التقاليد على حساب شخصية لا تعيش معنا ، لأن ذلك يمنع حق الاختيار لدى الأنثى سواء في اختيار التعليم الذي تريده ، أو طبيعة الحياة التي ترغب بها دون المساس بحريات الآخرين في التعبير عن العيش الكريم.

المستوى الثاني الحرية المدنية ، ماذا تعني الحرية المدنية ؟ اختصارا إن الحرية المدنية تعني إتاحة الفرصة للأفراد في ممارسة أنشطتهم التي تضمن حقوقهم في إبداء الرأي دون تدخل من أية جهة كانت ، وهذا المنطق موجود في القوانين الدولية ، حرية التعبير مكفولة للجميع ، ولكن هل يحق للمرأة مناقشة القوانين التي تخص حياتها أم لا إذا كانت حرية التعبير مكفولة ؟ الجواب نعم

وإذا سألنا الفقيه هل يوجد عندك فتوى في جواز مناقشة الفتاوى الصادرة منك أم لا ! لأن القانون كفل حرية التعبير هل الفقه أيضا كفل هذا الحق أم لا ؟ كنص الفتوى لا توجد في جواز مناقشة الفتاوى مع الفقيه ولكن الرد سيكون اجمالا أن هذه الفتاوى هي مما حصل عليها إجماع فقهاء المسلمين ، علما أن السيد الخوئي في مصباح الأصول الجزء 2 يقول (ومما ذكرناه في المقام أنه لا مستند لحجية الإجماع أصلا لا منقولا ولا محصلا وأن الإجماع لا يكون حجة )

والمقصد في حجيّة الإجماع، هو الكشف عن قول المعصوم، لترتيب الأثر الشّرعي عليه. ولعلّ مصطلح الإجماع بحرفيّته، لم يعرفه قدماء الشّيعة المعاصرون للأئمَّة (ع) ولكن من جاء بعدهم، كالشيخ المفيد والطوسي استعملوا مصطلح الإجماع..

موقع إسلام ويب الالكتروني 7-1-2008 م الفتوى بين القبول والرفض نشر سؤال سائل (سؤالي حول الفتاوى هل يجوز مناقشتها فالكثير من الناس وأنا لا أستثني نفسي، قد أسمع أو أقرأ فتوى فأجد نفسي لا أقتنع بها. فما العمل جزاكم الله خيرا عنا)

الجواب (فإن كانت مناقشة هذه الفتاوى تتم من قبل بعض طلبة العلم، وعلى هدى وبصيرة، ولغرض صحيح، وفي حدود الأدب مع أهل العلم، فلا حرج وأما إن وقع هذا الفعل ممن لا علم لهم فلا يجوز) رقم الفتوى 29139

إذن هناك بون شاسع بين القانون والفقه في الحرية المدنية للأفراد ، وهذا يجعلنا نقول وبكل ثقة تامة إن الحوزات العلمية غلقت باب التفكير الحر والمناقشة الحرة لماذا ؟ لأن الأصل ليس القرآن الكريم الذي حرص على ضمان الحرية المدنية للمرأة ، بل الإجماع الذي لا دليل على حجيته

فإذا كان الإجماع ليس بحجة فالمسائل التي يقول فيها الفقيه عن المرأة أنها احتياط وجوبي أيضا لا دليل عنده ، إذن غايته هو إيقاع المكلف في إحراج . السؤال : هل تستطيع المرأة أن تحصل على حقوقها المدنية وحريتها المدنية في ظل هذه المنهجية الفقيهة ؟ أبدا لن تستطيع ، قد يقول القائل لماذا نقحم الفقه في قضية المرأة ؟

ياسيدي أولا : الفقه هو اللاعب الأساسي في مصير الأفراد في بعض المجتمعات الإسلامية ، ثانيا : أنا إنما أذكر هذه الأمور لأبين لكم أن النظريات الاجتماعية في قضية المرأة و إخراجها من القيود التي حاصرتها لم تظهر جزافا ، وإنما بسبب الجمود الفكري في مؤسساتنا الدينية التي وضعت الحواجز أمام حقوق المرأة دون مبرر ، وقد وجدنا كم من الفتاوى التي ذكرناها سابقا تميز الرجل عن المرأة.

نكمل بحثنا في الحلقة (47) ان شاء الله تعالى … الى اللقاء

تحرير المراة قضية جدلية (47) الديموقراطية – الليبرالية – الجندر (12)

المستوى الثالث للحرية في الفكر الليبرالية : الحرية الاجتماعية و تعني إعطاء المرأة حرية الحركة داخل المجتمع ، بغض النظر عن مكانتها الاجتماعية ومعتقدتها ، حيث أن لكل فرد حق في إحراز مكانة في المجتمع حسب إمكانياته ، هذا المستوى لا أعتقد سيقبله الرجل للمرأة أتدرون لماذا ؟ لأن الاعتراف بالمرأة من حيث الرغبة في إحراز مكانة في المجتمع غير مسموح عنده ، أما من حيث تحديد الحدود فيمكن الحديث فيه.

ما هي هذه الحدود عند الرجل ؟ أن لا تكون لها ولاية في إدارة الشؤون الاجتماعية ، بمعنى أن لا يكون لها حضور مستقل اجتماعيا ، والسبب ؟ أنها قد تكون شخصية انفعالية فلا يمكن إيعاز ملفات مواضيع اجتماعية لها لحلها حسب رأيها . ممتاز

و إذا كان الرجل انفعاليا يستطيع حل هذه المواضيع الاجتماعية أم لا ؟ ، بلا شك إن خصائص هذا المزاج يمكن أن تكون داخل حدود معينة يعيق نجاح بعض الوظائف الاجتماعية ، ولكن التجارب أثبتت أن الأشخاص الأكثر انفعالا هم أكثر إنجازا للعمل من الآخرين ، وأكثر إبداعا في العمل من غيرهم ، ولهم الشعور بالواجب عندما يكون هذا الانفعال قد تم تدريبه.

مثلا خذ النساء الخليجيات كن أكثر السيدات تأثيرا في الأعمال التجارية عام 2016 م ، تقرير نشرته قناة سي أن أن الفضائية على صفحتها الالكترونية بتاريخ 6-1-2016م وهن على سبيل المثال وليس الحصر السيدة رجاء عيسى القرق ، رائدة أعمال في المجال الطبي ، لديها مؤسسة غير ربحية في الإمارات تقول (الأشخاص الذين يريدون أن يكونوا قادة الغد يجب عليهم المثابرة) انتبه هذا منطق إمراة وليس رجل ، جيد جدا ،

السيدة مها الغنيم ، نائبة الرئيس والمديرة التنفيذية لمجموعة بيت الاستثمار العالمي الكويتي تقول (هناك الكثير من النساء اللواتي يشعرن أن موضوع المال ثقيل، ولا يشعرن بالشغف تجاهه، والأمر ذاته بالنسبة للرياضيات والعلوم. نحن بحاجة إلى مساعدة المرأة على تخطي الخوف المرتبط بالأرقام، والذي سببه التعليم)

وأنت في بعض المجتمعات إذا صرفت المرأة الحقوق الشرعية كالخمس لأجل تنمية قدراتها المهنية ولم تدفع للفقيه ، لأنها تعلم أنه مباح لها من إمامها المعصوم ، ماذا سيحصل ؟ سيصعد الخطيب المنبر وينادي الخمس الخمس ، ماذا يقول السيد مرتضى الكشميري عن الخمس

(إنكم عندما تعطون الخمس للمرجع فأنتم لا تمنون عليه بل هو يمن عليكم لأنه خلصكم من عبء المسؤولية الشرعية) راجع شريط مرئي على شبكة اليوتيوبية تحت عنوان مرتضى الكشميري صهر السيستاني (تدفعون الخمس وأنتم الممتنين) ، بالله عليك المرأة ستحصل على حريتها الاجتماعية بهكذا المنطق ؟ أبدا والسبب ؟ قالت لكم السيدة مها الغنيم سببه التعليم

إذن من الشواهد وجدنا أننا إذا ما قارناهن بالرجال سنجد أنهن يستطعن القيام بنفس الأمور مع بعض التنوع في جانب من جوانب التفوق ، غير أنهن يقمن بنفس الإتقان إذا ما تم تدريبهن وتثقيفهن في تصحيح بعض النواقص العارضة لأمزجتهن بدل من تضخيمها

قل لي إذا طلبت منك عاملة المنزل أن تسمح لها بإعطاء دروس في اللغة الإنجليزية لمن يرغب لأنها تتقن هذه اللغة وقواعدها شريطة دون المساس بوظيفتها الأصلية عندك هل ستسمح لها أم لا ؟ هذه إمرأة لديها قدرات مهنية ، الظروف المعيشية أجبرتها مغاردة موطنها لأجل لقمة العيش لأبنائها ، هل ستسمح لها في تنويع الدخل والذي يساعدها على تلبية احتياجاتها المنزلية أم لا ، ما هو جوابك ؟

إذا كان الجواب بنعم فأنت لا تستعبد المرأة و أعطيتها حريتها الاجتماعية حتى لو كانت مسيحية الديانة لا يهم المهم حصلت على حقها الاجتماعي ، وإذا كان الجوب لا ، فلا تتذمر من الجهات التي ستتحرك لصالح هذه المرأة في الدفاع عن حقها الإنساني في العمل الإضافي كمعلمة لأنك قيدت حريتها الاجتماعية

إذا جئت إلى سوق العمل في جلب الأيدي العاملة من الخارج ستجد أن هناك بعض الشروط تضعها العاملة على صاحب العمل بإعطائها إجازة يوم كامل أسبوعيا أليس كذلك ، هل من حقك أن تمنعها من هذا الاستحقاق الاجتماعي ؟ أبدا حتى لو لم ينص عليه القانون لماذا ؟ لأنه حق من حقوق الإنسان الاجتماعية

لن أطيل في شرح المستوى الثالث للمبدأ الثاني الحرية ، دعونا ننتقل إلى المبدأ الثالث من مبادئ الليبرالية وهو التسامح . أعتقد أغلبكم سمع بكلمة التسامح ، وبمفردة التسامح ، فكلما ظهر نزاع فكري بين الأطراف المتحاوره تظهر كلمة التسامح لإيجاد التوازن في الحوار مع الآخر أو حتى في قواعد الاستنباط الفقهية كقاعدة التسامح في أدلة السنن ، ماذا تعني التسامح ؟

بتاريخ 16-11-1995م صدرت وثيقة إعلان مبادئ التسامح عن اليونسكو التي نصت على ،أرجوا أن تركزوا على المبادئ

أولا : إن التسامح يعني الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا ولأشكال التعبير وللصفات الإنسانية لدينا. ويتعزز هذا التسامح بالمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد. وأنه الوئام في سياق الاختلاف، وهو ليس واجبا أخلاقيا فحسب، وإنما هو واجب سياسي وقانوني أيضا، والتسامح، هو الفضيلة التي تيسر قيام السلام، يسهم في إحلال ثقافة السلام محل ثقافة الحرب،

ثانيا :إن التسامح لا يعني المساواة أو التنازل أو التساهل بل التسامح هو قبل كل شيء اتخاذ موقف إيجابي فيه إقرار بحق الآخرين في التمتع بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية المعترف بها عالميا. ولا يجوز بأي حال الاحتجاج بالتسامح لتبرير المساس بهذه القيم الأساسية. والتسامح ممارسة ينبغي أن يأخذ بها الأفراد والجماعات والدول

.ثالثا: إن التسامح مسؤولية تشكل عماد حقوق الإنسان والتعددية (بما في ذلك التعددية الثقافية) والديمقراطية وحكم القانون. وهو ينطوي على نبذ الدوغماتية والاستبدادية ويثبت المعايير التي تنص عليها الصكوك الدولية الخاصة بحقوق الإنسان

.رابعا: ولا تتعارض ممارسة التسامح مع احترام حقوق الإنسان، ولذلك فهي لا تعني تقبل الظلم الاجتماعي أو تخلي المرء عن معتقداته أو التهاون بشأنها. بل تعني أن المرء حر في التمسك بمعتقداته وأنه يقبل أن يتمسك الآخرون بمعتقداتهم. والتسامح يعني الإقرار بأن البشر المختلفين بطبعهم في مظهرهم وأوضاعهم ولغاتهم وسلوكهم وقيمهم، لهم الحق في العيس بسلام وفي أن يطابق مظهرهم مخبرهم، وهي تعني أيضا أن آراء الفرد لا ينبغي أن تفرض علي الغير

.نكمل بحثنا في الحلقة (48) ان شاء الله تعالى ….. الى اللقاء

تحرير المراة قضية جدلية (48) الديموقراطية – الليبرالية – الجندر (13)

أنت عندما تسأل أي شخص ما تعني لك كلمة التسامح ؟ الجواب : أن يكون الفرد قادرا على مسامحة الآخرين على تقصيرهم وهذا العجز دليل على أنه لا يمكن التوقع من الناس أن يكونوا مثاليين وهذا الأمر يعني أنك لست مثاليا ، ممتاز. السؤال إذا قلنا للمرأة أن الحكم الذي صدر من الفقيه الاستعانة بالظالم باستخدام القوة الجبرية ضدك إذا لم تدفعي الخمس له هل ستسامحينه أم لا ؟

أو أن نقول للمرأة أن الفقيه غير مساره بدل الاستعانة بالظالم في استخدام القوة الجبرية في تحصيل الخمس منك غيره إلى الخلود في نار جهنم لأنك خالفتي أوامره وكما قال السيد مرتضى الكشميري أنه أي الفقيه يمن عليك لأنه خلصك من العبء الشرعي فهل تسامحينه أم لا ؟ أو أن الفقيه ألغى ولايتك على تدبير شؤونك وقد أقره الله عزوجل لك من فوق سبع سموات العلى فهل أنت تسامحين الفقيه أم لا ؟ الاجابات عليها صعبة أليس كذلك

السؤال إن مستوى العلاقات بين المرأة والرجل هل هي علاقة تقرير وضع المجتمع أم لا هي علاقة كمالية جانبية ؟ لأننا نعرف أن كل العلائق بين الناس التي تنظمها الفتاوى الإيجابية التي تحترم المرأة ككيان إنساني مستقل ، والقوانين التي تنظم هذه العلائق على قاعدة المساواة إنما ، تقوم على أساس مبادئ عدم نشر الكراهية بين الناس ، واستبدالها بالتسامح أليس كذلك

فإذن الجواب سيكون هي علاقة تقرير وضع المجتمع وأعتقد هذا الذي دفع الشيخ محمد بن راشد – حاكم إمارة دبي لاستحداث وزارة التسامح والتعايش عام 2017 م وتم تعيين السيدة لبنى بنت خالد القاسمى أول وزيرة للتسامح والتعايش .

لذلك اي نهوض لا يمكن ان تغفل شان العلاقات الاجتماعية فهي أرضية الانطلاق ومحفز للتقدم والانتاج وهذا ما نصت عليه وثيقة التسامح من منظمة اليونيسكو التي طرحناها في الحلقة الماضية من أربعة بنود والغريب في الأمر أن هذه البنود تحدثت بها السيدة فاطمة بنت النبي الخاتم (ص) ، لتوضح مدى أهمية مفهوم التسامح في حفظ حقوق الإنسان في الفكر المحمدي الإسلامي الأصيل منذ أول يوم من بدء الدعوة الإسلامية ، تعالو معي لنقارن بين بيان السيدة فاطمة وما نصت عليه وثيقة منظمة اليونسكو حول التسامح

أولا: نصت وثيقة اليونسكو إن التسامح يعني الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا ولأشكال التعبير وللصفات الإنسانية لدينا. وقالت السيدة فاطمة أن الله انقذكم بمحمد (ص) ، من ماذا ؟ قالت (كنتم موطئ الاقدام) لا احترام لكم ولا تقدير لجهودكم ولا القبول لما تحملون من فكر وثقافة ، حتى جاء الفكر الإسلامي المحمدي الأصيل و جعلكم محترمين بين العالمين ويحسب لكم ألف حساب .

ثانيا: نصت وثيقة اليونسكو إن التسامح مسؤولية تشكل عماد حقوق الإنسان والتعددية (بما في ذلك التعددية الثقافية) ، قالت السيدة فاطمة ان الله أنقذكم بمحمد(ص) ، من ماذا ؟ قالت (كنتم تخافون أن يتخطفكم الناس من كل جانب) ، هل كان لهويتكم الحق في إثبات إنسانيتكم ؟ أبدا ، هل كان هناك من يدافع عن حقوقكم ؟ أبدا ، كان الغني يستعبد الفقير ، فلا حقوق للفقراء ولا قانون يعاقب الغني ، حتى جاء الفكر الإسلامي المحمدي الأصيل فأثبت لكم هذه الحقوق ، فالمرأة أعطيت حق مقاضاة المعتدي دون خوف ، والفقير يستطيع أن يعبر عن حقوقه ويطالب بها وبصوت عال.

ثالثا نصت وثيقة اليونسكو أن التسامح لا يعني المساواة أو التنازل أو التساهل بل التسامح هو قبل كل شيء إتخاذ موقف إيجابي فيه إقرار بحق الآخرين في التمتع بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية المعترف بها عالميا . وقالت السيدة فاطمة لقد أنقذكم الله بمحمد (ص) ، من ماذا ؟

قالت (كنتم نهزة الطامع) ، كنتم تأكلون ولكن كان يأتي من يأخذ منكم تلك اللقمة من أيديكم من أجل تقديم التنازلات لهم ، حتى جاء الفكر الإسلامي المحمدي الأصيل فانقذكم الله من هذا الوضع المهين ، فإنقلبتم من حالة سيئة ومهينة إلى حالة عز وكرامة.

رابعا : نصت وثيقة اليونسكو، ولا تتعارض ممارسة التسامح مع احترام حقوق الإنسان، ولذلك فهي لا تعني تقبل الظلم الاجتماعي أو تخلي المرء عن معتقداته أو التهاون بشأنها ، قالت السيدة فاطمة ان الله أنقذكم بمحمد (ص) ، من ماذا ؟

قالت (كنتم أذلة خاسئين) ، منبوذون ، يمارس الظلم في حقكم ، لا يقبلكم أحد ، الروم والفرس كانوا يعتبرونكم عبيدا لهم وإن كنتم في ثوب شيوخ و رؤساء القبائل ، حتى جاء الفكر الإسلامي المحمدي الأصيل فانقلبتم بعمة الله أسيادا تنافسون الحضارات الإنسانية الأخرى في الاقتصاد والاجتماع والسياسة والثقافة والفكر والفلسفة .

السؤال : إذا كان بيان السيدة فاطمة في أسبقية الإسلام من حيث هو نسق حضاري للحضارة الغربية في الوصول إلى القيم الإنسانية كالتسامح مثلا في تحرير المرأة ، إذن لماذا نجد التميز ضد المرأة في المجتمعات الإسلامية أين الخلل ؟

أنا سأقول لكم أين الخلل عندما تتحول دعوة إلغاء التمييز ضد المرأة إلى طاعة المرأة للرجل كمحور للدعوة ويعجز الرجل التصدي لها يلجأ الرجل حينها ممارسة سطوته على المرأة فتزول البهجة من الأسرة والمجتمع.

واقعا أنا حضرت دورة تدريبية في الطاقة نظمها مركز الكوثر للعلاجات النفسية في سلطنة عمان ، لصاحبه الأستاذة سميرة محمد عبدالعلي اللواتية قال الأستاذ المحاضر وقد دونت أقواله في دفتر (الطاقة هي البهجة فإذا استهلكت هذه الطاقة فلن تحس بالبهجة أما حين تحسن استغلالها فهذا يعني أن حياتك ستمتلئ بالبهجة)

من هنا نستنتج أن التسامح أكثر من مجرد قول بالقبول بالآخر لنملأ حياتنا بالبهجة ، إنه اعتراف بالحق في التباين وما قالته السيدة فاطمة إن قبول الحق هو من حقوق الإنسان وعدم اكراههم ، هي مقومات المجتمع المدني الحديث ، و أثبتتها وثيقة التسامح منظمة اليونسكو في حماية حقوق المرأة ، و الإبلاغ عن حوادث التمييز والكراهية ضد المرأة وعليه نؤكد ما يلي :-

أولا : إن عدم وجود مجتمع يعترف بالتعددية لا وجود للتسامح فيه لأنه ينكر الآخر ومظاهر التمييز ضد المرأة في لغة الفقيه خير دليل على الإنكار لحقوق المرأة .

ثانيا : بناء مجتمع مدني حديث يسود فيه التسامح يجب أن يقوم على احترام الفكر دون تدخل قواعد ملزمة تحول دون حقه في ممارسة الاختلاف ، فلا مكان للعبارات (هذا ليس من اختصاصك والبعامية أنت موشغلك) لا يا سيدي عليك أن تجيب على كل سؤال يطرح فقيها كنت أو خطيب منبر أو معلما أو مسؤولا

.ثالثا : التسامح بوصفه قيمة اجتماعية و ثقافية وأخلاقية يجب إيجاد منظومة تنظم حقوق الناس وتحمل آراء الآخرين وممارساتهم فلا مكان للعبارات أنت ملعون وضال ومضل

فإن شرط قيام التسامح في الليبرالية هو عدم فعل شيء إزاء القيم والرؤى والسلوك المختلف يفي المجتمع طبعا أنا لا أتحدث عن الليبرالية السياسية التي تذهب بعيدا عن الأخلاق العامة وتؤسس الفراداية للمنفعة شخصية لا أبدا ، لأن مفهوم التسامح يزودنا بأساس أخلاقي ندافع به عن حرية الفكر وحرية الاعتقاد وحرية الضمير في صياغة الحقوق والفتاوى والقوانين للناس

وإن كان هناك من يقف في وجه استقلالية المرأة باعتبار أن الاستقلالية ليست جزءا من المنظومة القيمية ، ولكن هناك أفراد وجماعات ومؤسسات تعترف بالقيمة الاستقلالية كجزء من المنظومة القيمية والتي تمكن المرأة في العيش في بهجة بما يمليه عليه الضمير، فإن التسامح في النظرية الليبرالية الشاملة تفتح المجال للتقارب مع جميع التيارات الفكرية دون إقصاء أحد واحترام الآخر .

نكمل بحثنا في الحلقة (49) ان شاء الله تعالى …. الى اللقاء.

تحرير المرأة قضية جدلية (49) الديموقراطية – الليبرالية – الجندر (14)

في سنة 1856 م خرجت آلاف النساء في مظاهرة احتجاجية في نيويورك بسبب الظروف اللإنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها ، هذه المظاهرات آتت أوكلها في دفع المسؤولين لمناقشة قضية المرأة و إدراج هذا الملف ضمن أولويات الحكومة الإمريكية آنذاك.

جيرمي بينثام الفيلسوف البريطاني أدان بشدة عام 1781م الممارسات الشنيعة ضد المرأة وقال (إن وضع المرأة في وضع أدنى من الناحية القانونية) ، وفي سنة 1790 م دافع ماركيز دي كوندروسيه عن حقوق المرأة وطالب بإلغاء العبودية والمساواة بين الجنسين .

قائمة مطولة من المفكرين والفلاسفة الغربيين أدركوا أن المرأة تعاني من العبودية في ظل قوانين المارشال والكنسية معا قبل ظهور الحركات النسوية الأمر الذي جعل الاهتمام بتحرير المرأة من هذه القوانين أمرا ضروريا لصلاح المجتمع.

وبدون المرأة لا يوجد هناك اختراع قوامية الرجل ، فالأفضلية في البعد الاجتماعي هي للمرأة لا من حيث الحقوق والوجبات فهي متساوية مع الرجل ، وإنما من حيث صلاح وفساد الفرد والأسرة والمجتمع ، ومثل هذه الأبحاث لن تجدها في المؤسسات الدينية ، لأن تركيزها على الطلاق والزواج والميراث دون النظر إلى عامل يتغير وعالم يتطور.

فكلما تطور المجتمع تطور علم من العلوم الإنسانية كعلم الاجتماع ، وكلما تطور علم الاجتماع في أي جزء من أجزاء المجتمع ، تطورت معه المصطلحات الجديدة ، فظهر لنا مولود جديد يحمل في تركيبته اللغوية مفهوم عدم التمييز والتهميش القائمة على الجنسين.

وهذا العلم يعتبر أكثر العلوم اتساقا مع حقوق المرأة ، فهو علم لا يناقش الاختلافات البيولوجية بين المرأة والرجل ولا أدوارهما الاجتماعية ، بل يناقش من حيث متطلبات العصر للمرأة والرجل على حد سواء فتعزز النوع الاجتماعي وهو ما يسمى بعلم الجندر.

وقبل الدخول الى علم الجندر أو علم الهوية الشخصية وهو علم نوع الذكر ونوع الأنثى ، إذن نحن أمام قضية واسعة جدا ، وهذا البحث يعتبر من أهم البحوث الأساسية في نهضة أي أمة من الأمم ، لأن صلاح المجتمع من صلاح المرأة ، وبدون المرأة لا يوجد هناك كيان اسمه الأسرة ، وبدون المرأة لا توجد هناك منظومة اجتماعية أصلا.

لأننا إذا أردنا أن ننظر إلى المنظومات المعرفية في العلوم الاجتماعية والإنسانية والدينية عن علم الجندر مثلا في القرآن الكريم ، ماذا يقول عن مساوئ المرأة ؟ ما هي الصفات المذمومة التي ناقشها كتاب الله عزوجل عن المرأة ؟ وهل هذه الصفات تكوينية أم لا ؟ فإذا كانت تكوينية هل يمكن أن يطرأ عليها تغيير أم لا ؟ لأنه إذا لم تتغير هذه الصفات المذمومة ، فهل يحق لنا إلقاء اللوم على المرأة لأن فطرتها هي هي لا تتغير .

لكن إذا قلنا لا هذه الصفات المذمومة ليست تكوينية ، بل هي صفات عرضية مثل العادات والتقاليد الاجتماعية تتغير بتغير الزمان والمكان وتأثير التربية الأسرية ، هنا نستطيع السؤال هذه الصفات من يحدد هل هي ذاتية أو متغيرة ؟ وهل هناك علم يستطيع تحديد هذه الصفات أم لا ؟

واستنادا على هذه الأسئلة قامت دراسات وخرجت لنا بعلم الجندر الذي يقول إن الذكر يولد ذكرا ولكنه أحيانا لا يعيش الذكورة والأنثى تولد أنثى ولكنها أحيانا لا تعيش كالأنثى ، وهذا لا يعني أن الذكر لا يعيش الذكورة لأنه يعاني من عاهة بيولوجية أو خلل في الجينات لا أبدا ، وإنما الثقافة المجتمعية أورثت له تلك الأوضاع التي جعلت منه يتفوق على حساب الأنثى ويعكس فيها رغباته كرجل في التمييز عن المرأة.

أما الأنثى أيضا لا يعني أنها لا تعيش كالأنثى بسبب عاهة بيولوجية أو خلل في الجينات لا أبدا ، ولكنها لم تعش كالأنثى لأنها بقيت خاضعة لهيمنة الرجل ، فلا هي أخذت جرأة أمها ولا صراحة أمها بحيث جعل الرجل أنوثتها غير أنوثة أمها المستقلة ذاتيا ، فبقيت تحت سيطرة الرجل طوال حياتها وهذا يدل على أن الأدوار التي لعبها الرجل مع المرأة ليست متساوية وهذا الذي غير مفهوم الأنوثة عند المرأة.

وانطلاقا من هذا الاختلاف فإن البحث هنا ليس عن أنوثة المرأة أو البنت ولا عن ذكورة الرجل أو الابن بل هو عن تشكيل السلطة بين الجنسين ، قد يقول قائل الجندر والجندرية تهتم بالجنس وليس بالسلطة لأن كل المظاهر تتجه نحو الجنسوية ؟

الجواب دعونا لا نستعجل بالحكم مسبقا على علم الجندر لأنني حتى الآن لم أتحدث عن تعريف الجندر، ولا عن خصائص الجندر، ولا عن تطبيقات الجندر ، وإنما كل ما وودت توضيحه لكم هو إلى أين اتجهت الدراسات الحقيقية حول الجندر ، أنت تريد أن تحورها الى الجنسوسية حورها ، أنت تريد أن تسيس الجنس سيسها ولكن تكون بدعا من الرسل

ولكن انتبه لا تخلط الأوراق وتقول أن علم الجندر علم جاء لهدم العلائات والمجتمعات و إفشاء الرذيلة فيه مثلما قلتَ أن الليبرالية لا تهتم بالمجتمع وأفرادها بل اهتمامها بالمنفعة الشخصية وقد رأينا عكس ما اقول حيث وجدنا أن الليبرالية والديموقراطية مفيدة للبشر مثلما سنجد أن علم الجندر خلال البحث أن له فوائد اجتماعية وغيرها .

فعندما أقول الجندر والاختلاف في تفسير مفهومه يأخذنا إلى تشكيل سلطة في ماذا ؟ في السلطة المعرفية ، سلطة الثقافة ، سلطة الجماعة ، سلطة النظام إذن كلمة واحدة الجندر كم هي حصيلة نتائجها ؟ أربعة (المعرفة ، الثاقفة ، الجماعة ، النظام ) الآن قل لي إذا أردنا تحليل النسق والبنى التفاعلية في هذه المحصلات الأربع كيف نفهم المرأة ؟ أو كيف ستفهم المرأة نفسها (الأنا) في علاقاتها مع الآخرين ؟

اعتبر ميشال فوكو الفيلسوف الفرنسي في أحد أعماله أن الاختلاف بين الجنسين والاختلاف العمري يمثلان أهم أنواع الاختلاف نظرا لارتباطهما الوثيق بواقع الحياة اليومية وتأثيرهما في نسيج العلاقات التبادلية ، ماذا يعني ذلك ؟

الجواب إن الاختلاف الديني والمذهبي واللوني والجنسي وغيرها من صور الاختلاف ليست ظواهر معزولة عن بعضها البعض بل هي وليدة ثقافة وايدلوجية ضمن سياق تاريخي واجتماعي ، ولأجل الوصول إلى هذه الاختلافات كان لا بد من تفكيك البنية الثقافية لمعرفة الاختلافات لأنها تمثل قاعدة بنيت عليها الثقافات التلك ، لأن كل مجتمع حريص على تنظيم مجموعة من المبادئ التي تنظم العلاقات الاجتماعية وهو جوهر تأسيس الفوارق بين الجنسين .

نكمل بحثنا في الحلقة (50) ان شاء الله تعالى…… الى اللقاء

تحرير المرأة قضية جدلية (50) الديموقراطية – الليبرالية – الجندر (15)

لن نكون مخطئين إذا قلنا أن ظهور علم الجندر كان في الغرب بسبب مشاركة المرأة في المظاهرات الاحتجاجية في الدفاع عن حقوقهن في العمل ، وظهور مفهوم الاختلاف ، وهذه الطريقة لاقت استحسان الجميع لأنك عندما تطرح مفهوم الاختلاف في إطار رؤية أكبر في طريق تشكيل ثقافة الفرد وبناء هويته الشخصية فإن ذلك يعكس النموذج المرغوب في دراسة ظاهرة الاختلاف .

فالناظر في الدراسات المهتمة في الاختلاف بين الجنسين يلاحظ أن هناك انقباض أو انحصار في عالمها الخاص ، وانغلاقها على ذاتها ، وقد اهتم الفلاسفة في الغرب بدراسات مختلفة مستندة على مفهوم الاختلاف كشفت لنا النقاب عن مدى علاقة مفهوم الاختلاف مع المفاهيم الأخرى

وقد ازدهر مفهوم الاختلاف في الغرب في ميادين اجتماعية ساهمت على تطوير العلوم الاجتماعية ، بينما اهتم العرب والمسلمون بدراسة الاختلافات المذهبية والاختلافات الدينية في حين ظلت ضروب أخرى من الاختلافات مهمشة وهذا يعود سببه إلى طمس الأحداث التاريخية التي تخص المرأة ومشاركتها اليومية سأعطيك مثل بسيط من محاضرة ألقاها

السيد منير الخباز وهو خطيب شيعي سعودي الجنسية في محاضرة له في الليلة الثانية من محرم الحرام عام 1443 هجري قمرى تحت عنوان الحركة النسوية والجندر رؤية نقدية قال ( تغزو العالم الإسلامي والدول الشرق أوسطية تيارات مثل تيار جندر والحركة النسوية وتفرض هذه التيارات على المجتمع الإسلامي آثارا خطيرة جدا لهذا يحتاج تسليط الضوء عليها بنحو دقيق)

سنأتي إلى تفكيك ما صرح به السيد الخباز في محاضرته عن الحركة النسوية والجندر لاحقا لأبين لكم كيف يفكر العقل الديني في المواضيع العلمية فيركز على جانب ويهمل الجوانب الأخرى فلا تصل الصورة الحقيقية إلى الناس ، لأنه قائم على غير منهج مدروس يعود بالنفع على الحاضرين والمسلمين أجمع .ما يهمني هنا قوله أن هناك غزو ثقافي من تيارات مثل تيار الجندر والحركة النسوية وهي خطيرة على المجتمع واعترهما ظاهرة من الظواهر.

علم الجندر ولد من رحم الحركات النسوية في الستينات كما أسلفنا وليس ظاهرة بل هو علم وقديم وليس حديث ، وأول ذكر لمصطلح الجندر كان عام 1994 م في مؤتمر للسكان في القاهرة حيث تكرر 51 مرة في المؤتمر ، وفي المؤتمر الرابع العالمي للمرأة في الصين عام 1995م ، تكرر هذا المصطلح مرة أخرى 245 مرة ، والذي بموجبه ظهرت اتفاقية سيدوا و التي وقعت عليها الدول العربية والإسلامية .

والسيد الخباز أهمل الحديث في علم الجندر و قام بعملية الدمج مع الحركة النسوية واعتبرهما ظاهرة ، ونحن نعرف ان تعريف الظاهرة هو ما يمكن ملاحظته في الواقع الاجتماعي لا للخروج بقانون معين ، اما العلم فيقصد به دراسة العالم المادي من خلال التجارب والمشاهدات والملاحظات للخروج بصيغة قانونية معينة أو مبدأ معين .

نقول لا ياسيد لا ، الحركة النسوية شيئ يمكن اعتبارها ظاهرة لأنها خرجت من رحم علم الجندر وقد تختفي إذا وصل المجتمع الى وعي حقيقي في معرفة حقيقة علم الجندر ، و العلم لا يختفي بإختفاء الظواهر الاجتماعية .

أما الجندر شيئ أخر فهو علم من العلوم الاجتماعية و ليست ظاهرة والسبب ؟ أن الجندر كان عامل من العوامل المنتجة لمعرفة اللامساواة وتفكيك بنيته المعرفية في الاختلاف بين الجنسين ليس من خلال الاختلاف البيولوجي بينهما أو فوارق بيولوجية لا أبدا ، بل لإنتاج ممارسة ثقافية اقتصادية سياسية كيف ؟ ركزوا معي على الجواب

تقول هانريتا مور عالمة الإنسان البريطانية في كتابها الدستور الثقافي للجندر ص 15 -21( الدراسات الجندرية جاءت تلبية لحاجة موجودة بالفعل في الأوساط الأنجلوسكسونية منذ أواخر قرن الستينات) وهذا يعني إعادة النظر في أسس التنشئة الاجتماعية وتوزيع الأدوار ونظام التماثلات بين الجنسين

أنت اسأل أي خطيب منبر قضى سنوات عديدة في الدراسات الدينية هل عندك دراسات جندرية عن الرجل أو الذكر بحيث تكون دراسات تحليلية ونفسية و اجتماعية ما هو جوابه يا ترى ؟ الإسلام وضع الرجل في موقعه الذي يجب أن يكون فيه في الأسرة والمجتمع وحدد له واجباته وحقوقه مع المرأة

بالله عليك بهذه العبارات تريد بها مواجهة فقهاء علم الاجتماع ومفكريها في الأمم المتحدة في تحديد هوية الجندر الذكورية ، ترى ماذا تعتقدون سيكون ردة فعلهم ؟ مباشرة دون أدنى تردد : نحن لا نأوي الحمقى تحت قبة الأمم المتحدة ، بالعامية اطلع بره . من هنا أصبح ضروريا إعادة النظر في مفهوم الاختلاف بين الذكر والأنثى وتفكيك هوية كل منهم

هناك نقطة مهمة أود الإشارة إليها وهي كم عدد سكان العالم من النساء ؟ وكم عدد سكان العالم من الرجال ؟ إجمالا عدد سكان العالم 7.8 مليار نسمة من النساء 3.36 مليار نسمة ومن الرجل 3.8 مليار نسمة ، الفارق بسيط وإذا قمت بتوزيع النساء حسب كل دولة ستجد أن دول الخليجية و دول الشرق الأوسط نسبة الذكور فيها أعلى من النساء القارة الأمريكية نسبة النساء فيها أكثر من الرجل ، كذلك في القارة الآسيوية نسبة النساء أكثر من الرجل

السؤال إذا قام أحد بعمل دراسة عن واقع المرأة في المتجمع الذكوري ماذا سيجد ؟ الهمينة الذكورية والمرأة تنوح ليل نهار مطالبة بحقوقها هل هناك من مجيب لها ؟ أبدا بينما في البلدان ذات حضور نسوي أكثر من الرجل ، ماذا ستجد إذا قمت بدراسة عن واقع الرجل في هذه المجتمعات ؟

هناك خلل في الموقع الذكوري اجتماعيا وثقافيا فإذا أردنا تفكيك بنية الذكورية المهيمنة على تحليل الهوية الجندرية وعلاقتها بكل المؤسسات التي تبارك العنف وغير العنف ، سنجد أن الدراسة الجندرية كشفت النقاب عن التصورات والمفاهيم المتداولة بشان الرجولة في بعض المجتمعات و التي تؤدي إلى سلوك عنيف ومتهور لدى الذكور .

في دراسة قامت بها الهيئة اليسوعية في أستراليا إن عددا كبيرا من الذكور يتأثرون بأحكام المجتمع فيعتقدون أن الرجل مطالب منه أن يكون صلبا وقويا وذا سطوة على النساء. اعتمدت الدراسة على 1000 شاب تترواح أعمارهم بين 18 إلى 30 سنة كانت النتائج على النحو التالي :-

47 بالمئة يرى أن على الرجل أن يظهر بمظهر القوة حتى لو كان منكسرا ، 32 بالمئه يعتقدون أن الرجل الذي يقضى أوقاتا طويلة أمام المرآة للاهتمام بمظهره و أناقته لا يتصف بالرجولة ، 21 بالمئة يرون أن الشخص الذي يقضي ساعات ليشكو همومه ويتقاسم ضعفه لا يستحق أن يتصف بالرجولة

الآن اخبروني و بأمانة تحديد الهوية الجندرية في الدراسات كانت حول الأدوار التي يجب أن يلعبها الذكر أم حول الجنس ؟ الجواب حول الأدوار التي يجب أن يلعبها الذكر في المجتمع ، إذن الغاية من علم الجندر هو تعريف أوجه الاختلافات في السلوك البشري ذكرا كان أم أنثى .

لأن المجتمعات الحديثة لا تقوم على الدعائم التي بنيت عليها المجتمعات القديمة ولا توجد هناك حدود لتفكير مماثل بين الجنسين مثلا هل عقلية الرجل العراقي هي نفسها عقلية الرجل اللبناني ؟ أم هل عقلية الرجل الخليجي في توظيف السلطة هي نفس عقلية الرجل الآسيوي ؟ الجواب كلا

لأن تطورات حدثت فعلا في البنية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية يقول أحد الباحثين إن مفهوم الرجولة في معناها الأبوي التقليدي السلطوي قليل جدا ، بينما غالبية أفراد المجتمع يعتقدون أن السلطة الذكورية يجب أن يكون لها سيادة داخل المجتمع وهكذا تصدع النموذج الذكوري فقد أصبح الفرد بحاجة إلى هوية جندرية جديدة وتأسيس كيان جندري جديد

وعلى هذا الأساس نجد هناك معاهد خاصة للدرسات الرجولية في أقسام علم الاجتماع وعلم السياسة والأدب واللغة وقد أسهمت هذه الدراسات في تطوير النظريات الاجتماعية والنفسية والخروج بالعلاجات للأمراض النفسية .

وهذا هو اختصاص علم الجندر يدخل في تشكيل واقع الرجل والأنثى في علم النفس وعلم الاجتماع بل في كل العلوم والمعارف الدينية وغيرها . الآن اتضحت لكم الصورة عن واقع علم الجندر ؟ أعتقد لن يختلف معي أحد في الجواب بنعم أليس كذلك ، ممتاز

نكمل بحثنا في الحلقة (51) ان شاء الله تعالى…. إلى اللقاء.

تحرير المرأة قضية جدلية (51) الديموقراطية – الليبرالية – الجندر (16)

بعد المقدمة التي قدمتها في الحلقتين السابقتين ، نأتي هنا إلى صلب البحث حول مفهوم علم الجندر والمصطلحات التي تداخلت في تكوين البنية العلمية لهذا العلم . الجندر كلمة استخدمت في الستينيات من القرن العشرين الميلادي .

جاء تعريف صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة (يونيفيم ) أن الجندر نوع اجتماعي له (الأدوار المحددة اجتماعياً لكل من الذكر والأنثى، وهذه الأدوار التي تحتسب بالتعليم تتغير بمرور الزمن وتتباين تبايناً شاسعاً داخل الثقافة الواحدة ومن ثقافة إلى أخرى). ( المصدر: مفاهيم ومصطلحات النوع الاجتماعي، ص4، صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، المكتب الإقليمي للدول العربية، ط4، 2001م)

ويشير هذا المصطلح إلى الأدوات والمسؤوليات التي يحددها المجتمع للمرأة والرجل على حد سواء ، وهذا يعني الصورة التي ينظر لهما المجتمع كنساء ورجال، والأسلوب الذي يتوقعه في تفكيرهم وتصرفاتهم ويرجع ذلك إلى أسلوب تنظيم المجتمع، وليس إلى الاختلافات البيولوجية ( الجنسية ) بين الرجل والمرأة

إذن كلمة الجندر تدرس الواقع الثقافي للمرأة والرجل ، و هذا الواقع تم تحديده منهما بمعنى أن المرأة هي التي حددت ثقافتها ، والرجل هو الذي حدد ثقافته ، لتبسيط المعنى أنت عندما تدخل إلى أي مجتممع إسلامي تجده مقسم إلى مجموعة من التيارات الفكرية والمذاهب الإسلامية

فإذا سألت المسلم الشيعي أو المسلمة الشيعية من تقلد من المراجع ال 90 مرجعا عندكم ؟ الجواب أنا أقلد السيد علي السيستاني وأخوك من يقلد ؟ هو يقلد الشيخ بشير النجفي ، وأبوك من يقلد ؟ أبي يقلد الشيخ الحمودي العاملي ، وإذا سألت المسلم السني أو المسلمة السنية المذهب من تقلد ؟ الجواب أنا آخذ أحكام ديني من مفتي الدولة أو آخذ أحكام ديني من نائب المفتي وهلم جرا . إذن كل واحد منهم حدد لنفسه مرجعا دينيا يأخذ أحكام دينه منه ، فالإنسان هو الذي حدد ثقافته الدينية وليس غيره

وهذا التحديد لم يتدخل الجنس والجنوسية فيه ، باعتبار أن الجندر وعلم الجندر لا علاقة له بالجوانب البيولوجية عند المرأة أو الرجل ، لهذا أنا استغرب عندما نسمع أو نقرأ أن الجندر محاولة لهدم الفوارق الجنسية بين الذكر والأنثى متناسين نقطة مهمة جدا وهي أن اللغة التي تستخدم في التعريفات والمصطلحات وضعت هذه المفاهيم ضمن التأويلات اللغوية والنحوية

كما قال ناصر حامد أبو زيد قراءة في خطاب المرأة ص 30 نقلا عن هيدغر أنه قال ذات مرة (أنّ اللغة تكون قد سبقتنا دومًا إلى ما نعتزم التفكير فيه، ولا سيّما إذا كان مشكلًا ليس فقط يتعلّق في نواته العميقة بهويّة أنفسنا، بل على الخصوص بذلك الجزء المسكوت عنه من الإشارة عندنا إلى (الإنسان بعامة بقولنا: «هو» وليس هي)

وهنا نطرح هذا السؤال : هل يمكن تحرير اللغة من السمة الذكورية أم لا ؟ مثلا أنت اسأل أحد النحويين ما هو تعريف الذكر ؟ سيجيب خلاف الأنثى لماذا ؟ يقول فتحي المسكيني في دراسته حول المرأة والنساء في ضوء دراسات الجندر

(أن لسان العرب لا يثبت من المعاني المحايدة في تعريف الجنسين سوى مجرد التناسب وهو هذا الذكر خلاف الأنثى أما بقية التعريف تحمل أحكام أخلاقية وهذه الأحكام تكون مربكة في التذكير و التأنيث تهدد بتدمير هوية الإنسان وخاصة المرأة مثلا يقال يوم مذكر والطريق مذكر والسيف أنيث الذي يقطع وإذا قلت أنيث من الرجال يعني المخنث بل يقال للموات الذي هو خلاف الحيوان الإناث

وهذا لا يعني أن تتشبه النساء بالرجال فالعرب تلعن الذكرة والمتذكرة لأن الذكورة شأن خاص للذكر يمنع المرأة المزاحمة أو الطمع فيه ، ليس من باب عداوة للمرأة ، بل إن العرب خصصوا لكل جنس مزايا من نوعه لا يخرج عنها)

الآن تعال معي إلى كلمة الجندر وهي كلمة إنجليزية وتعني النوع الإنساني وليس الجنس ولكنك كيف ترجمتها أن الجندر تعني الجنس لهذا تجد في الوثائق عندما يريدون تحديد هويتك هناك خانة مكتوب الجنس : ذكر أو أنثى ، بينما كلمة الجنس في اللغة العربية تعني كما جاء في موسوعة ويكبيديا (أن الجنس يختص بطرق الكائنات الحية للتكاثر. في الإنسان يتم التكاثر باندماج بويضة المرأة مع الحيوان المنوي للرجل فتشكل اللاقحة)

السؤال اختلف تعريف الجنس بين اللغة العربية والإنجليزية أم لا ؟ الجواب نعم الجنس باللغة العربية تعني الجماع وباللغة الإنجليزية تعني النوع الاجتماعي و هذا يدل أن فلسفة الجندر تنكر الفروق البيولوجية في تحديد أدوار الرجال والنساء أو أي تأثير على سلوك أي منهما بما يتلاءم مع الاتجاهات والمهارات والخصائص التي يعتبرها المجتمع ملائمة لجنسه

مثلا رياضة رفع الأثقال النساء يمارسن هذه الرياضة دون الالتفات إلى تركيبتها البيولوجية ، وكذلك ممارسة الرجل تجارة بيع الملابس النسائية المجتمع لم ينكر لا على المرأة لماذا تمارس رياضة رفع الأثقال ولا على الرجل لماذا يمارس تجارة بيع الملابس النسائية لأن الأدوار الذكورية و الأنثوية تختلف حسب الثقافة ويترتب على ذلك الاختلاف في فاعلية الذات سواء للذكر أو الأنثى

وهذا الذي أكد عليه التراث الإسلامي قال الإمام علي بن موسى الرضا كما جاء في ميزان الحكمة جزء 8 ص 228 رقم 14442 (إن للقلوب إقبالا وإدبارا ونشاطا وفتورا فإذا أقبلت بصرت وفهمت وإذا أدبرت كلت وملت فخذوها عند إقبالها ونشاطها واتركوها عند إدبارها وفتورها)

السؤال : علي بن موسى الرضا حدد النوع الاجتماعي في فاعلية الذات أم لا ؟ لم يحدد وهذا يعني أن فاعلية الذات تعمل على كشف طبيعة البشر وتزودنا بالمعرفة النظرية والعملية حول أهمية ما نعتقده السؤال يمكن أن نقول إن التراث الإسلامي سبق الغرب في تحديد أدوار الإنسان المعروف بالجندر في فاعلية الذات أم لا يمكن ؟

بضرس قاطع نقول نعم ، وهذا ما نسميه بثقافة الترويح يقول علي بن أبي طالب : إن لكل عضو في البدن استراحة ، من هنا نستطيع معرفة من هو أكثر فاعلية من الآخر الذكر أكثر فاعلية أم الأنثى وهذا ما يسمى أدوار للنوع الاجتماعي – الجندر

نكمل بحثنا في الحلقة (52) إن شاء الله تعالى….. الى اللقاء

تحرير المرأة قضية جدلية (52) الديموقراطية – الليبرالية – الجندر (17)

قلنا فيما سبق أن الذكر هو الذي يحدد لنفسه مسار ثقافته ، والأنثى هي التي تحدد لنفسها مسار ثقافتها ولا علاقة للجنس الجانب البيولوجي في تحديد هذه المسارات الثقافية في علم الجندر ، لو جئت وقلت إن المرأة لا يمكن أن يكون لها دور سوى في بيتها و خدمة زوجها كما ذهب إلية السيد الخباز في محاضرته فيكون هذا التأسيس هدفه عزل المرأة عن المجتمع و تقييدها

أنت انظر ما وجد الرجل رذيلة إلا ونسبها إلى المرأة ، ولا توجد صفات غير أخلاقية إلا ونسبها إلى المرأة ، وخير دليل على ذلك أن المرأة صارت أقوى من الشيطان فهو ضعيف ولكن المرأة كيدها عظيم ، فهي حطمت صورة آدم الرجل الذي خلقه الله على صورته ، فمن سيحدد لها مسارها الثقافي في هذه الحالة سوى الرجل

السؤال هل تستطيع المرأة هنا أن تلعب دورا جندريا في مناهضة الطائفية في بلدها مثلا أم لا تستطيع ؟ لا تستطيع ، والحال أن النبي الخاتم (ص) طلب من المرأة أن تدخل المعترك السياسي فبايعته وقلنا أن هذه البيعة كانت رسالة للجميع عن دور المرأة في المجتمع و يجب أن يكون لها تأثير فيه .

ولكن ضمن المنظومة الروائية التي يتحرك فيها فهم الرجل ، تشكل وعي لا شعوري ، أن المرأة إذا أردت أن تعيش معها تريدها لعقلها أم تريدها لجهتها المعنوية ام لا تريد ؟ لأي شيء تريدها إذن ؟ فقط للجسد والجنس ، من هنا جاءت الروايات و ركزت على الجنس و تشكل دور المرأة في عقل الرجل جندريا أن المرأة للجنس فقط ، لهذا أرادوا أن يعزلوها داخل البيت كيف ؟ ركزوا معي رجاء على الجواب

إن الله خلق الذكر مفطورا للمرأة ، ولا يتحقق السكن إلا بالأنثى ، إذن الرجل يتحرك ضمن أصلين هما الفطرة تجذبه إلى المرأة ، و بالاقتراب منها يحصل على السكون والراحة فيتزوجها ، بالنتيجة الرجل يستفيد من المرأة في بعدها الجسدي أليس كذلك ، وهذا الذي يؤمن به الرجل ، لهذا عندما جاء العلماء وضعوا أيديهم على ماذا ؟ على ملذات الجنة وهذا الذي تسمعه على المنابر

مثلا السيد منير الخباز في محاضرة له القاها في مسجد الرسول الأعظم في سلطنة عمان ليلة 27 من صفر عام 1439 هجري قمري بعنوان : هل ينسجم تركيز القرآن على الحور العين مع التطور الثقافي (إن الرجل الذي يجذبه إلى الجنة حور العين) وهل تعتقد أن هذه الثقافة الجنسية جاءت من الفراغ ؟ أبدا

أنتم ارجعوا إلى تفاسير المسلمين ، تفسير القمي جزء 2 ص 216 ، آية 55 من سورة يس (إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون) يقول مشغولين بالجنس عن ابن جارود عن علي بن إبراهيم (في افتضاض العذارى فاكهون) قال يفاكهون النساء ويلاعبوهن

وهو الذي ذهب إليه القرطبي في تفسيره جز15 ص43 عن عبدالله بن مسعود قال شغلهم في افتضاض العذارى ، وهذا ما ذهب إليه صاحب تفسير البرهان في تفسير القرآن ،السيد هاشم البحراني جزء 4 ص 579 رقم الرواية 8936 عن أبي عبدالله (ع) (شغلوا في افتضاض العذارى)

والشاعر أبو العتاهية يقول : أعمالنا تعلى وتخفض شأننا وحسابنا بالحق يوم الغاشية ، حور ، و أنهار، قصور عالية ، وجهنم تصلى ونار حامية . الآن قل الرجل في الجنة مشغول بالنظر إلى وجه الله و الأنهار والنعيم الذي فيه أم مشغول بالجنس ؟ لا أحتاج أن استدل أكثر .

ولكن يمكننا الاستنتاج أن مفهوم الجنس مقابل مفهوم الجندر أدى إلى تقابلات أخرى في طبيعة الثقافة المتقابلة ، السيكلوجي مقابل المجتمعي ، المادة مقابل الثقافة ، الجندر مقابل الجنس ، وهنا نستطيع إماطة اللثام عن فعل الثقافة الذكورية الفردية وتأثيرها على النسق الاجتماعي

فنحن إزاء جسد تمت صياغته حسب الرؤية الفردية فلدينا جسد مهيمن وجسد مهيمن عليه ، وجسد مقدس وجسد مدنس ، وجسد فاعل وجسد مفعول به ، وجسد سوي وجسد شاذ ، وجسد فوقي وجسد دوني . بالله عليك هل هذه هي ثقافة ورسالة الأنبياء حول المرأة ؟ أبدا .

هذه الثقافة تجنح لصناعة فروق ثقافية وطبقية بحيث تجعل منها المستويات التي تميز بها النساء عن الرجل ، لتتحول إلى خاصية دونية حين مقارنتها مع الرجل ، وتظل هذه المقارنه تتحكم في صيغ الاستقبال الثقافي ، لأنه تم إزاحة المرأة من المنظومة الثقافية فالمرأة ذاتها غائبة وليس لها وجود لغوي ولا عقلي ولا اجتماعي ، فماذا حدث للمنظومة الجندرية عند المرأة ؟

أصبحت المعايير الجندرية مقيدة ، في ظل هذه الظروف هل الحقوق متساوية مع الرجل ؟ أبدا ، إذن سنذهب إلى جبهة جديدة لنتحدث بلغة تحرير المرأة أو الوعي النسوي الجديد الذي ظهر خلال حركات التضامن النسائي وأشكال جديدة الذي كشف عن العوائق الجندرية في جميع أنحاء المجتمع

السؤال هل الحركات النسوية تدعو إلى إلغاء دور المرأة في بناء الأسرة كالأمومة مثلا كما ذهب إليه السيد الخباز أم لا ؟ أم ، هل الحركات النسوية تريد قلب الموازين المجتمعية لصالح المرأة ؟ وهل هذه الحركات تمس الدين الإسلامي أم لا ! بحيث أصبح خطرها كبير على الفرد والجماعة ؟

ركزوا معي أيها الأعزاء على الاجابات ، واقعا الحركة النسوية ليست وليدة يوم وليلة أول حركة نسوية ظهرت في العالم في فرنسا على يد ماري ولستنوكرافت عام 1792م وكتبت كتابا وهو أول كتاب فكري نسوي في العالم بماذا نادت ماري للدفاع عن حقوق المرأة ؟

أولا : نادت أن تحظى المرأة بالتعليم وضرورة الاهتمام بتعليم المرأة ثانيا : أن تربي المرأة أبنائها كشريكة مع زوجها وليست تابعة له ، ثالثا : التعامل مع المرأة باعتبارها عامل منتج للمجتمع وليس دمية حسب تعبيرها رابعا : أن يتم التعامل مع المرأة بنفس مستوى التعامل مع الرجل خامسا : احترام الحقوق الإنسانية للمرأة وليس كشيء مادي يمكن امتلاكه أو بيعه من خلال مؤسسة الزواج

وجدير بالذكر أن مصطلح النسويات التي يطلق على الناشطات وعملن على الدفاع عن حقوق المرأة كان قبل إنشاء الحركة النسوية التي أخذت الطابع السياسي والاجتماعي والثقافي فيما بعد و تعتبر كريستين دي بيزان في القرن الرابع عشر الميلادي أول إمرأة تدين الانتهاكات الجنسية وتقصد بها بين المرأة والرجل وكتبت على العلاقة بين الأجناس حسبما جاء في موسوعة ويكبيديا

وفي القرن 17 ظهرت نساء أخريات يدافعن عن حقوق المرأة مثل خوانا ايليس التي دافعت عن حق تعليم المرأة و أن العادات والتقاليد الاجتماعية هي حقائق اجتماعية خلفها المجتمع وليست حقائق طبيعية ، ثم في عصر التنوير ظهرت في الحقل السياسة والصناعة وغيرها من الحقول مع وجود التحديات من الرجل

وفي سنة 1963 م ظهرت أول حركة نسوية في البحرين حيث تأسست جمعية فتاة البحرين ومنها انطلقت إلى الكويت حسبما جاء في جريدة الخليج أون لاين بتاريخ 8-2-2020م

نكمل بحثنا في الحلقة (53) ان شاء الله تعالى …. الى اللقاء