Image Not Found

تحرير المرأة قضية جدلية (36-43) الديموقراطية – الليبرالية – الجندر(1-8)

Views: 13

صادق حسن اللواتي – الموقع الشخصي

تحرير المرأة قضية جدلية (36) الديموقراطية – الليبرالية – الجندر(1)

أنا أعتقد أن مفردة الديموقراطية يتم تداولها بشكل كبير و واسع بين الناس في العالم ، حيث غدت هذه المفردة و السؤال عنها أكثر إلحاحا عند الشعوب في الوصول إلى حقوقها المدنية ، و أن أكثر معنى تداولا هو أنها تعني حكم الشعب ، نحن في بحثنا هذا لن ندخل في تطبيقات الديموقراطية في عالم السياسة لنحدد شرعية هذا النظام أو ذاك

لأنني أعرف أن دور التنظير المجرد في تنمية العقل و خاصة في ازمنة ملتهبة كما هو الحال في زماننا هذا ، سيكون نوعا من البذخ الفكري و كأنك تعيش في وسط مدينة برائحة البارود ، لهذا سيكون حديثي عن الديموقراطية حديث عن التغيير ، عن الإصلاح الاقتصادي ، و الإصلاح الثقافي ، و الإصلاح الفكري ، و الخطاب التنويري .

و عندما أقول الخطاب التنويري لا يتبادر إلى ذهن أحدكم أنه خطاب مضاد للإيمان أو إلغاء للعقيدة الدينية لا أبدا ، بل هو تعمق في فلسفة الأخلاق في النظام الديموقراطي في قضية المرأة ، و إن كانت الديموقراطية ناقشت مواضيع كثيرة ، إلا أنها ليست محل بحثي هنا ، نحن نناقش في ملف واحد و قضية واحدة فقط و هي قضية المرأة . ركزوا معي رجاء

تصور أنك تريد إقامة علاقة مع مواطن أمريكي أو اسباني أو أي إنسان غربي قابلته في مطعم مثلا ، هذه العلاقة التي تريد بنائها على أي قاعدة ستبنيها ؟ الجواب الطبيعي على قاعدة أخلاقية الإنسان أخ للإنسان ، جيد جدا.

السؤال : إذا سألك هذا الشخص لماذا تريد أن تقيم معي علاقة صداقة ، لماذا ؟ ماذا سيكون جوابك ؟ الجواب البديهي ، لكي استفيد منك و تستفيد مني ، بمعنى تبادل ثقافي و فكري ، إلى هذا الحد ممتاز ، لكن إذا رفض طلبك في إقامة علاقة تبادل ثقافي معك ماذا سيحدث لكما ؟ الإحساس بالوحشة أليس كذلك لأن الإنسان اجتماعي بطبعه.

و مع هذا الإحساس بالوحدة و الوحشة ، انقطعت الروابط الإنسانية عن بعضها البعض ، و هذا الإحساس يؤدى إلى نتائج سلبية ، كإصابة الفرد بأمراض نفسية و بالتالي زيادة في حالات الانتحار، و هذا ملاحظ في المجتمعات الإنسانية ، ذكر تقرير صادر من منظمة الصحة العالمية بتاريخ 17-6-2021 ، أنه ينتحر كل عام أكثر من 700 ألف شخص في العالم.

و أهم أسباب الانتحار إما مشاكل مالية أو أسرية أو نقص في الأجور تقول الأستاذة سميرة محمد عبدالعلي اللواتية – أخصائية العلاجات النفسية في سلطنة عمان (الانسحاب من المواقف و غياب الاستماع و التبلد العقلي و القلق و الفزع إذا أستمر عليها 3 إلى 6 أشهر تولد الاكتئاب و تتصارع فيه الأفكار الانتحارية )

إذن الآثار الاجتماعية أدت بالفرد إلى حالة الخوف لما هو قادم في قابل الأيام فتعامل مع الآخرين بالوحشية ، كردة فعل بسبب الإحساس بالوحشة ، فهذا الشخص الذي امتنع عن إقامة علاقة التبادل الثقافي، قد يكون يعيش حالة خوف و قد يكون يخاف على مصالحه الشخصية ،

جاء علماء الاجتماع و بحثوا هذه الحالات و أحد أكبر فلاسفة العصر الذين بحثوا فيها هو كانط الذي بنى فلسفته الأخلاقية ضمن أسئلة أربعة ، و التي وجهت نظريته عجلة التطور في أوروبا و التي نعيشها نحن و العالم معا إلى الآن

أنا أعرف قد تستغرب من قولي هذا أنه كيف لمجتمع إسلامي يعيش على نظرية فيلسوف غربي سأبين لك ذلك لا تستعجل دعنا نشق الطريق معا ، ما هي هذه الأسئلة التي سأل كانط نفسه ؟ الأسئلة هي : ماذا أستطيع أن أعرف ؟ ماذا يجب أن أفعل ؟ ماذا يمكن أن آمل ؟ ما هو الإنسان ؟

السؤال : هذا الإنسان الذي تريد إقامة علاقة معه كيف كانت نظرتك إليه أولا ؟ هل كإنسان مثلك أم هو آلة تود الاستفادة منها أي منهم ؟ إذا قلت نظرتي كانت له كآلة أود الاستفادة منها فنظرتك إليه نظرة غير أخلاقية يعتبرها كانط نظرة وسيلة لأجلك لا لذاته إذن ماذا تفعل ؟

هو أن تنظر إلى الإنسان نظرة لذاته له منافقه هو له مصالحه أيضا ، لا أن تنظر إليه نظرة آلة أو وسيلة ، من هنا أصبح لدينا فعل أخلاقي و فعل غير أخلاقي ،و بعدان بعد نظري و بعد عملي ، البعد النظري : أن يؤمن الشخص بأن العمل الذي يقوم به مقتنع فيه عقلا حتى لو لم يطلب منه لقام به لأجل الآخرين لأنه مقتنع بعمله الذي يقوم به تجاه الآخرين

أما البعد العملي هو عدم وجود فرض خارجي عليه بل هو بإرادته يقوم بهذا العمل مائة بالمئة فإذا وجد هذان البعدان فإن الفعل أخلاقي و إذا فقد أحدهما فالفعل غير أخلاقي يقول كانت (افعل الفعل بحيث يمكن لمسلمة سلوكك ان تصبح مبدأ تشريع عام )

إلى أين انتهى بنا كانط بنظريته هذه ؟ جاء سياسيون و طبقوا هذه النظرية كيف ؟ قالوا طالما الفعل إذا كان بإرادة الشخص نفسه دون وجود فرض خارجي فهل يمكن أن يأتي شخص و يحكم هذا الشخص دون قناعة منه ؟ قالوا لا يمكن لأنه مخالف للقاعدة الأخلاقية فإن هذا الحكم سيكون استبداديا و بالقوة و دون إرادته فكان أول مولود لهذه النظرية الأخلاقية عند كانط (الديموقراطية)

الآن إذا جاء نبي من أنبياء الله و قال لك أنا نبي مرسل إليكم من قبل الله فمن أين مصدره ؟ الجواب من الله

السؤال هذا فرض من الله على الناس أم لابد من قبول الناس به ؟ مؤكد لا بد من قبول الناس به كنبي من أنبياء الله ،والدليل جاء في سورة الحديد آية 25 (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات و أنزلنا معهم الكتاب ليقوم الناس باقسط)

دون اعتراف الناس به كنبي فلا قيمة لنبوءته، هذا كلام من ؟ كلام الله ، فأول مبدأ سمها ما شئت ديموقراطية أو حرية الاختيار؟ طبقه الله ، و من نادى به ؟ كانط بعد 14 قرن تولدت منظومة ديموقراطية على قاعدة أخلاقية لإدارة شئون العباد .

قد يقول قائل هناك حديث نبوي شريف حب لأخيك ما تحب لنفسك فهي قاعدة أخلاقية و مبدأ ديموقراطي أيضا و هذا دليل أيضا أن النبي الخاتم أرسى قواعد حرية الاختيار فلماذا نأخذ نظرية كانط ؟ الجواب لسبيين نأخذ نظرية كانط .

الأول : أنت لم تتوسع في القاعدة النبوية الشريفة في أبعادها النظرية والعملية ، ثانيا : هذه القاعدة بقيت في طي الكتاب ، لم تطرح كمنظومة معرفية يستند عليها الباحثين والمفكرين في بناء النظريات الاجتماعية على المستوى الدولي فضلا على المستوى المحلي مثلما هي نظرية كانط انتشرت في فرنسا أولا ومن ثم طبقتها دول العالم .

نكمل بحثنا في الحلقة (37) ان شاء الله تعالى …. الى اللقاء

تحرير المرأة قضية جدلية (37) الديموقراطية –الليبرالية – الجندر (2)

كان حديثي فيما سبق عن الفلسفة الأخلاقية عند كانط في بناء المنظومة الاجتماعية لتحديد فعل الإنسان هل هو أخلاقي أم لا ؟ و في هذا جاء السياسيون و طبقوا نظريته على اختيار الحاكم ظهر منها مولود جديد بإسم النظرية الديموقراطية ملخصها الشعوب هي مصدر السلطات ، و لم يتوقف الأمر عند ولادة جديدة فقط ، بل تعدى ذلك إلى معرفة هل سيترك الحاكم أفراد المجتمع يعملون بمقتضى قناعاتهم و حرياتهم أم لا ؟ إذا كان الجواب بلا فإن الحاكم مستبد و هذا خلاف ما جاء في النظرية الأخلاقية عند كانط

و لكن إذا كان العكس بحيث الكل يعمل حسب قناعاته و حريته ماذا سيحدث حينئذ ؟ سنخلق الفوضى في المجتمع ، و إذا قلت لهذا الفرد أو ذاك أنت اعمل ما تريده ضمن ذاتك فأنت حر و لكن إذا جئت إلى خارج هذا الإطار فيجب أن يكون عندك قانون يحكم هذا السلوك ، لأن هناك في الطرف آخر قد لا يقبل منك هذا الفعل ، من هنا ولد لنا مولود ثان من نظرية كانط و هو منشور حقوق الإنسان ملخصه ،

أنت حر بما تقتنع به لنفسك ، فضع لنفسك قانون كما تريد و اعمل به لا تقييد لحريتك ، هنا يأتي هذا السؤال هذه القناعات الفردية موجودة عند الآخرين أيضا و تختلف من شخص لآخر فماذا نفعل هل نقيد الحريات ؟ هل نضع حدود للمسؤوليات ؟ بمعنى هذا المنشور لحقوق الإنسان أم هو منشور تكاليف الإنسان أي منهم ؟

الآن أنت انظر إلى النظرة الدينية عندما تريد أن تتحدث عن تطبيق أحكام الفقيه هل تتحدث بلغة تكاليف الإنسان أم بلغة حقوق الإنسان ؟ الجواب بلغة تكاليف الإنسان لماذا ؟ لأن الرؤية جاءت من الأعلى و حقوق الإنسان جاءت من الناس و النظرية الديموقراطية هي حكم الناس حكم الشعب.

و الرؤية القرآنية هل صرحت بأن أي حكم مرجعه في القبول أو الرفض إلى الناس أم لا ؟ أكيد صرحت بأن مرجعه إلى الناس و هذه دلالة أنه لا يحق لإنسان أن يسيطر على أخيه الإنسان اقتصاديا و ثقافيا و فكريا و سياسيا و دينيا و اجتماعيا ، جاء في تفسير آية 22 من سورة الغاشية (لست عليهم بمصيطر ) عند السيد الطبطبائي جزء 20 ص 275 (أنت بمذكر بغير إكراه) ، و في تفسير الطبري ( لست بجبار تحملهم على ما تريد) ، لهذا الفكر الحداثي و قد تحدثنا عنه في أبحاث سابقة يقول إن أصول الحداثة لا تنسجم مع الأصول الدينية.

أنت اطلب من أحد المهتمين في العرفان أو التصوف أو الفقه أو الفلسفة ، أن يغمض عينيه ثم يخبرك هل يرى للنظرية الديموقراطية مكانة عنده في الفكر الذي يحمله سواء الفكر العرفاني أو الصوفي أو الفقهي أو الفلسفي أم لا ؟

فإذا حصلت منه على جواب أنه يمنح أبناءه و زوجته ضمن الفكر الذي يحمله حرية التعبير و احترام إنسانيتهم و السعي نحو تحصيل حقوقهم الاقتصادية و التعليمية و الاجتماعية و الصحية فاعلم أنه ينهج المنهج الأخلاقي في أفعاله مع الآخرين ، أما إذا نقص أي جانب من جوانب هذه الحقوق فهو غير أخلاقي في تعامله مع الآخرين و لا تعني له الديموقراطية أي شيء.

لأن الديموقراطية هي أن تمنح الآخرين كل حقوقهم و تحترم إنسانيتهم في التعبير، و انتقاد أي منظومة كانت قد يقول قائل حتى الفقيه ، نقول نعم حتى الفقيه و منظومتة التعليمية ، و في المقابل احترام القوانين و الفتاوى طالما هي في الصالح العام ، ليرتقي الأفراد إلى مصاف التنافس مع الشعوب الأخرى.

لأنك بذلك تنطلق بهويتك الثقافية من المصدر الذي تستقي منه وجودك الحقيقي مع الآخرين و بهذا سيكون لك احتكاك مع أفكار و حضارات متنوعة و ثقافات مختلفة و لكل من هذه الثقافات و الحضارات أسئلتها الخاصة بها في التعامل مع الآخرين فالأطروحات الفكرية يجب أن تكون ضمن خصوصية معينة هل هي كونية شاملة ! أم لا هي ذات نزعة مذهبية و طائفية و قومية

فالفرد في ظل الديموقراطية ينبغي أن يجد الحماية لأشخاصهم و ممتلكاتهم و حقوقهم ، بل أكثر من ذلك يجب أن يمنحوا فرصا متساوية لممارسة حياتهم و أعمالهم ، حقوقا متساوية في المشاركة ذكرا كان أو انثى ، و كل ذلك في ظل القوانين التي تحكم هذه الحقوق .

السؤال بمقتضى النظرية الديموقراطية من الذي سيحدد حقوق المرأة ؟ ركزوا معي رجاء ، في سابقة قمت بعمل دراسة حول حقوق المرأة ، فسافرت إلى بعض المناطق التي تعيش فيها المرأة من جنسيات متعدة و بنمط حياة تختلف عن بعضها البعض و أخذت ثلاثة عينات من النساء المرأة الفقيرة ، و المرأة المتوسطة الثراء ، و المرأة الغنية ، وعددهن الكلي 25 إمراة ، و من كل الجنسيات المتواجدة في سلطنة عمان ، واشترطت عليهن أن يكون جوابهن لأسئلتي حسب بيئتهن ومجتمعهن ومسكنهن الأصلي .

أعتقد كل المجتمعات الإنسانية نجد فيها هذه الشرائح الثلاثة من النساء أليس كذلك هل لديكم رأي آخر ؟ أعتقد ستتفقون معي على هذا التقسيم الاجتماعي للمرأة ، لأني وجدت أنه لم يصلنا من تاريخ المرأة في العصور التي مضت بعد العصر النبوي الشريف شيئا يتيح لنا البحث في شؤونها بحيث نحدد مكانتها في ذاك المجتمع ، كل ما وصل إلينا عن المرأة في الحضارة اليونانية قبل الثورة الصناعية أو النهضة الأوروبية التي ورثنا منها النظرية الديموقراطية و التي أثرت بشكل كبير على حياتنا و بسؤال المرأة الفقيرة عن دورها الاجتماعي

كان الجواب أنها مقيدة في اختيار حكم ذاتي لها ، و أن لا يكون لها دين غير دين زوجها و أن تغرس في أبنائها و بناتها بذور دين زوجها حتى لو كان هذا الدين و هذه العقيدة و هذه المفاهيم و هذه الممارسات زائفة ومحرفة ، و إلا فإنها تكون قد قصرت في أداء واجباتها و لو لم يشرع الله السجود له عزوجل لكان سجود المرأة لزوجها من أقدس الواجبات.

و أكيد خضوعها لزوجها يخلصها من الخطايا و تحصل على صك الغفران و النجاة من نار جهنم وعليها أن تقتدي بالسيدة فاطمة بنت النبي الخاتم (ص) هذا في حالة السلم ، أما في حالة مقارعة الظلم ، فإن قدوتها السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب لأنها وقفت في وجه طاغية زمانها و ما أن تنتهي هذه المواجهة ترجع السيدة فاطمة إلى واجهة القدوة للمرأة .

أنت انظر قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران ، الشعارات المرفوعة لتخرج المرأة الى الشارع لا يهم المرأة فقيرة أو غير فقيرة المهم تخرج إلى الشارع ضد الشاه ماذا كانت هذه الشعارات ؟ يا يزيد كد كيدك ، فوالله لا تمحو ذكرنا ، هذه أقوال زينب بن علي في مجلس يزيد ، و عندما انتصرت الثورة لم يعد لزينب بنت علي أي ذكر في الحياة العامة.

لماذا نخجل هذه المشاهدة تتكرر في الانتخابات البرلمانية ، المرشح يتقدم إلى هذه المرأة الفقيرة ليشتري صوتها ب 300 دولار مع علمه أن هذا فعل غير أخلاقي في تغيير إرادة الناخبين واستغلال ضعف المراة الفقيرة ، وهذا الفعل لا يمت إلى المفهوم الديموقراطي بصلة ، و مع علم المرشح أن صندوق الاقتراع انبنى على مظاهر خادعة ، و لكنه يطرق هذا الباب بحجة دفاع عن حقوق المرأة وخدمة المجتمع

وما أن تنجلي غبرة الانتخابات يكون هذا المرشح قد نسي برنامجه الانتخابي وعنوان بيت هذه المرأة الفقيرة التي أصبحت غير قادرة أن تحكم على الأشياء بنفسها حكما ذاتيا بسبب وضعها الاقتصادي .

نكمل بحثنا في الحلقة (38) ان شاء الله تعالى …. الى اللقاء

تحرير المرأة قضية جدلية (38) الديموقراطية –الليبرالية –الجندر (3)

كان الكلام فيما مضى عن الدور الاجتماعي للمرأة الفقيرة فهي لا تملك الحكم الذاتي لها لأنها مقيدة و خاضعة لزوجها أو لأبيها ، فلا تستطيع إبداء الرأي في أي موضوع كان صحيحا أو غير صحيح عليها أن تسير على دين زوجها أو أبيها ، فأصبح لزاما عليها التقيد ضمن هذا النظام الذي يحث المرأة على التزام بما توحي به شريعة الآداب و مراعاة مكارم الأخلاق ، مع العلم أن الشريعة بها أحكام لصالح المرأة

و لكن هؤلاء كرهوا أن يكون للمرأة مشاركة في جميع لبنات الرجل ، و هذا أمر عجيب و لا تفسير له عندي غير أنهم لا يستطيعون التمييز بين مفهوم الإفراط و التفريط ، و أحيانا إنك تتعجب كيف بمجتمع إنساني تحدث فيه هذه الانتكاسات بأن تحمل المرأة الفقيرة نظرة إلى الرجل بأنهم عائلوهن و موجهوهن و كفلائهن و أوصيائهن ،

علما أن الرجل لا يستطيع أن يحمى الحقوق الاقتصادية للمرأة الفقيرة مثلا هل توجد منظومة مصرفية إذا تقدمت المرأة الفقيرة للاقتراض من أجل إنشاء عمل خاص بها بدون ضمان ؟ الجواب لا توجد ، لأن كل الأنظمة المصرفية تريد ضمان مقابل القرض من خلال رهن ملكيتهم الخاصة ، و من ناحية أخرى لا يوجد مصرف للفقراء ، هناك في بنغلاديش مصرف يسمى بنك غرامين أسسه الدكتور محمد يونس أستاذ الاقتصاد البنغلاديشي ، و كلمة غرامين مشتقة من غرام أي قرية فهو مصرف القرية

يقدم قروض صغيرة إلى الفقراء دون اشترط الضمانات المالية و لكن هذا ليس ما أود البوح به لكم ، و إنما هناك قصة وراء معاناة المرأة الفقيرة اقتصاديا ؟ كانت هناك فتاة في عمر 22 عاما تعمل 7 أيام في قريتها الصغيرة في بنغلاديش و تعيش في فقر مدقع و تصنع مساند و كراسي للجلوس من قصب البامبو ثم تبيعها للشخص المانح للقرض لها ،

كان يأخذ منها فائدة 10 % سنويا بالكاد كانت هذه الفتاة تغطي التكاليف التي تدفعها لشراء الخشب و لكن الدخل كان يذهب في جيب هذا التاجر المانح للقرض و ما تحصل عليه من أجر منه ضئيل جدا . الآن أنت تصور فتاة تملك المهارات و تعمل بكد و اجتهاد و تنتج أثاثا جميلا من البامبو و تصل نسبة الثروة من المبيعات 3000 % سنويا و لكنها تحصل على دخل ضئيل ماذا تقول لهذه العملية ؟ أليس هذا استغلال للمرأة ؟

بدون أدنى شك هو استغلال للمرأة ، و قس على ذلك في الأنشطة الاجتماعية ماذا كان جواب المرأة متوسطة الثراء عندما سألتها ما هي المعوقات التي تواجهينها في أدوارك الاجتماعية ؟ قالت (إذا طرقت باب الاستشارية في الغرب أيا كانت هذه المستشارة سواء في الطب أو العلاجات النفسية أو الاقتصادية عليك أن تدفع لها قيمة أتعاب هذه الاستشارة .

و لكن إذا جئت إلى مجتمعاتنا هذه الاستشارات الخاصة الأغلب لا يدفعون ثمن أتعاب هذه الاستشارة بل يطلبون مني تقديم خدمات مجانية ، و أنا أملك المهارات العديد و التي أمارسها في التنمية الفكرية في مجال تخصصي و هم يعرفون ذلك ، و أحيانا يسرقون أفكاري و ينسبوها إليهم ، و أحيانا أواجه المضايقات من مشيخة القبيلة أو من شيخ المنطقة إذا لم أتعاون معهم)

و استنادا على ذلك فإن من حق المرأة التمتع بحقوقها الاجتماعية و الاقتصادية فقيرة كانت أم غير فقيرة فإنه من الظلم أن تمنع المرأة بالقانون طورا و بالشرائع طورا آخر و بالأعراف القبلية طورا ثالثا و على هذا يكون أيضا من حق المرأة التعلم على نفس الطريقة و المنهج الذي يتعلم به الرجل

و هذا كان سؤالي للمرأة الغنية هل استطعت الوصول إلى التحصيل العلمي كإمراة أم لا ؟ كان الجواب (أنني كإمراة غنية حصلت على حقي في التعلم ، تعلمت إلى مرحلة بكالوريوس ، و لي مشاركات مجتمعية ، و لا ينكر أحد أن النساء في المجتمع من الطبقة العليا هن أحق من غيرهن من حيث الكفاءة و القدرة المالية في المشاركة المجتمعية و وضع قرار مصيري لأي نشاط اجتماعي في أيديهن و لكني أحس أن هذا عمل غير صحيح و إجحاف حقيقي و انتهاك صارخ لحقوق المرأة بشكل عام).

واقعا نحن ننسى أن المرأة لن تظل دائما إلى الأبد عالة على الرجل ، و حديث المرأة الغنية معي خير دليل على ذلك ، لأن تطور الأنظمة الاجتماعية و خروج الإنسان من ظلمات الهيمنة الذكورية إلى نور المدنية كفيل بأن يجعل للمرأة في النظام المدني منزلة مستقلة و إفساح مجال و أفق واسع ليشغلن مراكز ممتازة في عالم الاقتصاد و الاجتماع و الثقافة و السياسة أيضا

فإذن التراث الذي يتحدث عن أن مفاتن المرأة سبب أن تتربى ضمن هذا الاحساس البيولوجي و تغذية روح التواكل في نفسيتها لتظل طفلة في مواهبها و إن اكتمل نمائها البدني حتى لا تثور على الرجل كان سببه ضعف اقتصادي وضيق نطاق المرأة بالعادات و التقاليد الموروثة ، و إلا فلماذا يتم استدعاء امراة تملك مواهب في تخصص ما و تستفيد القبيلة و يستفيد المجتمع منها بأخذ استشارتها في تخصصها دون دفع أتعاب هذه الاستشارة ،

هذا مخالف للنظرية الأخلاقية ، فهو فعل غير أخلاقي بحيث تصبح الفضائل و الرذائل وقفا على جنس واحد ، بينما الفضيلة أو الرذيلة لا تكون وقفا على جنس دون جنس كان تقول الجبن بالنسبة للرجل رذيلة و لكن بالنسبة للمرأة فضيلة ، واقعا أثار هذه الاتجاهات في المجتمعات تجاه المرأة مقززة ، لان تفكير الرجل حرمان المرأة من حقوقها الاجتماعية و الاقتصادية و الفكرية قائم على عجز المرأة و بأنها أقل ذكاء من الرجل .

أنت انظر إلى اللجان التي تنشأ على مستوى المجتمعات المختلفة إن عقلية المرأة الغنية من الطبقة العليا ترجح عقلية الرجل دائما ، لماذا ؟ لأن الرجل هو أكثر اتصالا بالدنيا و إذا جئت إلى المرأة الفقيرة و التي تحصل على 120 ريال أو 1200 درهم أو 400 جنيه ، هي بلا شك و لا ريب أكثر اتصالا من الرجل بالدنيا و لكنها أقل دخلا من الرجل ، فإذا صحت هذه الرؤية فهل يحق لنا نبذ النساء و حرمانهن من حقوقهن الاقتصادية و الاجتماعية و المشاركة المجتمعية ؟

الجواب كلا لماذا ؟ لأنهن يملكن مؤهلات دنيوية أكثر اتساعا من الرجل ، و هذا يتطلب منا الفراسة في انتقاء الكفاءات العليا و بتالي نستطيع أن نحكم على الشخص حكما صحيحا ، فنجد المرأة في بعض الاعتبارات أمهر و أذكى من الرجل خاصة إذا كانوا من طبقة اجتماعية واحدة ، و اللباقة النسوية أمر مجمع عليه عند علماء النفس في استشفاف بعض الصفات الخلقية في الأفراد.

نكمل بحثنا في الحلقة (39) ان شاء الله تعالى….. الى اللقاء

تحرير المراة قضية جدلية (39) الديموقراطية – الليبرالية – الجندر (4)

الديموقراطية الدينية و الديموقراطية الاجتماعية تختلف من حيث المساواة والحرية ، الأولى مقيدة والثانية مطلقة ، وهذا التعارض راجع إلى ضرورة إيثار أحد المبدأين بوصف الحرية النسبية والآخر بوصف الحرية المطلقة .

في الحالة الأولى تحدد حرية الفرد بحرية غيره من الأفراد و بالتالي تكون المساواة في توزيع الحرية هي أيضا ستكون مقيدة بنفس المستوى بين الأفراد بعضهم بالبعض الآخر ، وفي الحالة الثانية تتاح الحرية المطلقة ولكن تنتقص من حرية غيرهم ، فلا تعود المساواة ولا يوجد أحرار ، وسيكون هناك من يتمتع بالمزايا ومن لا يتمتع بها .

وبسبب هذا التفاوت بين البشر، جعل الناس تبحث عن الديموقراطية في الدين خاصة بعد الفشل الاجتماعي للفكر التقليدي الديني في القيام بواجباته الدينية المنصوص عليها في النصوص المقدسة ، وللوصول إلى معالجة حكيمة لهذا التفاوت بين البشر يتطلب منا فهما دقيقا لما يدور داخل الدين ، و أقصد هنا داخل الدين الإسلامي .

حيث انقسمت المجتمعات إلى تيارات متعددة : تيار تقليدي وتيار إصلاحي وتيار أصولي وتيار علماني وتيار حداثوي وتيار المحافظين ، وفي الواقع أن كل هذه التيارات لا تعترف بالديموقراطية ولا تعترف بالتعددية

علما أن التعددية بأشكالها تشكل عنصرا أساسيا من عناصر الديموقراطية ، كما الأنظمة الدينية والتي تسمى بالأنظمة الثيوقراطية لا تساعد المجتمعات المدنية باعتبارها تجمعات تطوعية حرة لن تملأ المجال العام وتحقق المصالح العامة ماديا ومعنويا ، وذلك في إطار الالتزام بالقيم وروح التسامح والاحترام الفكري والقبول بالتعددية والاختلاف .

وهذا يؤكد لنا أن الوضع الداخلي للدين دقيق جدا ، وذلك بسبب تصارع الرؤى من أجل الهيمنة الروحية والاجتماعية ، و لا ننسى أن لهذا الصراع تكاليف باهظة و تداعيات اقتصادية واجتماعية وثقافية فضلا عن التداعيات السياسية ، ولكي نفهم هذ الصراع وسبل التعايش معه لابد من معرفة لغة كل من هذه التيارات لحل القضايا الاجتماعية وخاصة قضية المرأة

فالأصوليون يغلفون حقوق المرأة بشكل معسول أن الإسلام مثلا كرم المرأة بينما نجد هذا التكريم في قوامة الرجل على النساء عند الأصوليين النصيين يستخدمون نص الآية 34 من سورة النساء (الرجال قوامون على الناس) في نشر العنف إذ أن غايتهم اكتساب قوة دينية ثم الفرض الصارم للإسلام طبقا لتفسيرهم

بينما الأصوليون المتطرفون يبيحون لأنفسهم حريات واسعة وكبيرة سواء عمدا أو جهلا منهم بصحيح الإسلام ، وهم يميلون إلى الاعتماد على الذات والانتقائية في معرفتهم للإسلام كالذي رأيناه في الفتاوى المتطرفة حول المرأة إذا خرجت المرأة من بيت زوجها بدون أذنه تلعنها كم من الملائكة 70 ألف أو 80 ألف ملك ، وإذا خالفت مرجع ديني في فتاواه كأنها خالفت الله في عرشه

أما التقليديون فهم ينقسمون إلى قسمين (تقليدي محافظ وتقليدي إصلاحي) ، والفرق بينهما كبير ، التقليدي المحافظ يميل إلى تطبيق ظاهر النص ويطالب بتشيجع هذا التطبيق ولو بشكل ميسر هؤلاء لا يريدون التغيير بل يحاربونه بشتى الطرق لأنهم يعتبرون هذا التغيير إزعاجا لراحتهم لهذا يغلب عليهم حسن الارتباط مع الخطاب السلمي أيا كان هذا الخطاب لا يهم من العدو أو من الصديق المهم راحتهم هي الأهم

أما التقليديون الإصلاحيون فإنهم يرون وجوب تقديم الإسلام التنازلات في التطبيق الحرفي لتعاليمه حتى يظل خطابه جذابا على مدى العصور وهم أكثر استعداد لتفسير النصوص القرآنية حسب آرائهم وأهوائهم بغية حث الناس على تقديم التنازلات بشكل أو بآخر وتقبل التغيير للحفاظ على روح النص المقدس

أما الحداثويين فإنهم أكثر تقديرا للفكر الديني من التقليديين والأصوليين ، فهم يسعون دائما للأحداث تغييرات جوهرية في الفهم والتطبيق وذلك بتقليص المساحة الضارة التي شكلتها الأعراف والتقاليد فتداخلت مع الفكر الديني عبر القرون وهم يؤمنون بتاريخية الدين ، و أن التطبيقات التي حصلت زمن الأنبياء وخاصة في زمن النبي الخاتم (ص) كانت تناسب ذلك العصر ولم تعد صالحة الآن . أما العلمانيون فهم يرون الدين أمر شخصي يجب فصله عن السياسة و أن التحدي الأكبر هو منع تعدي الواحد على الآخر

هنا ينبغي أن ندرك أن هذا السجال الديني المعاصر يعد من القضايا المتعلقة بنمط الحياة التي تسعى فيه الأطياف المتنافسة للانتصار حسب تصوراتها من أجل ترسيخ سيطرتها على العقيدة ، و كأنها أرض متنازع عليها بين الورثة وهذا خلاف المبدأ الديموقراطي القائم على أساس المشاركة الجماهيرية

هنا تظهر لنا حقيقة التنافس الايديولوجي الديني والاجتماعي والسياسي ، ونقصد بنمط الحياة بحيث يمكن الاعتماد عليها في تحديد هوية الفرد ، كما تصلح كمؤشر على الأطياف التي تختلف أو تتفق معها في التفكر مثلا العلمانيون لا يشغلون أنفسهم بالدين فالمعتدلين منهم يريدون أن تكون هناك حرية في ممارسة الشعائر الدينية وحصر هذه الممارسات بوصف أمرا شخصيا ، بعكس العلمانيين المتطرفين فإنهم يعادون الدين كالشيوعية التي اعتبرت الدين أفيون الشعوب

بينما في الأطياف الأخرى كالتقليديين المحافظين فإنهم يسترشدون بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة واجتهادات العلماء حتى لو كانت هذه الاجتهادات لا تتوافق مع التطور الزمني والعلمي فإنهم يقبلون بها بصورة أو بأخرى

في حين يستخدم التقليديون الإصلاحيون نفس المصادر ولكن الاجتهاد يحاكي التطور الزمني كنظرية ولاية الفقيه وسلطة الفقيه في إلغاء بعض الأحكام الاجتهادية التي تتعارض مع الحداثة والفكر الإسلامي المحمدي الأصيل .

وفي طرف آخر من هذه الأطياف المنافسة بين الأصولية والحداثوية في المجتمع الإسلامي في مسألة التغيير فكلا الفريقين يؤمنان بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ولكنهما يستهدون حسب رؤيتهم في ما يجب أن يكون عليه المجتمع الإسلامي مثلا حرية تعليم المرأة في الطيف الأصولي لا يريد للمرأة أن تتعلم أكثر من الرجل الذي له حرية أكبر في التحصيل العلمي ، يخالفه فيه الفكر الحداثي على ضرورة تقدم المرأة في التحصيل العلمي في كل المجالات العلمية مساواة مع الرجل

نخلص من كل التجارب مع هذه التيارات ، أن هذه الانقسامات العلنية يستهلكها قضايا القيم ونمط الحياة وفي بعض الحالات تكون هذه الميزة كصراع ديني تشغل مساحة ضخمة في الفروقات التي تبدو تافهة للباحث وللمراقب ، ولكنها بالنسبة لهذه التيارات تعتبر مسالة الولاء أو البراءة أو النصر أو الهزيمة

فمن السهل التعرف على التيار الأصولي فطبقا لهم فإن إعطاء السلطة للمرأة في تقليد مناصب عليا استنادا على المبادئ الديموقراطية خطيئة لا تغتفر ، علما أن هذا ليس صداما ثقافيا أو حضاريا لأن الإسلام لم يعاد أحدا انتقاما لكبريائه بل الهدف الأول والأخير له هو إقامة صرح الإسلام المحمدي الأصيل

وعلى نحو مشابة فإن تطبيقات قوانين الدستورية ضمن الأحكام الشرعية لا يمكن أن يكون بحال من الأحوال نظاما جمهوريا قائما على الرؤية الديموقراطية التي تعتبر في عيون التيارات الأصولية أو التقليدية المتطرفة كفرا

لأن المشرع هو الله والخليفة هو الذي يملك حق تقرير قواعد استخلاص القوانين ، وهذا خلاف النظرية الديموقراطية فلا يجوز أن نطلق على نظام إسلامي أنه نظام جمهوري ، أو التحدث عن الجمهورية الإسلامية ، فمصطلح الجمهوري شيئ ومصطلح الإسلامي شيئ أخر بينهما خط ممتد يختلف عن الآخر من حيث الحرية والمساواة مثلا في تعدد الزوجات بشكل مطلق الذي تستند عليها التيارات التقليدية المحافظة و الأصولية المتطرفة أن الآية 3 من سورة النساء (فانحكوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) هي أصل في تعدد الزوجات المطلقة وهي ليست كذلك .

نقف هنا لنكمل بحثنا في الحلقة (40) ان شاء الله تعالى….. الى اللقاء.

تحرير المراة قضية جدلية (40) الديموقراطية – الليبرالية – الجندر (5)

نشر مركز مالكوم كير كارينغي في 13 – يونيو – 2016م مقالة بعنوان (الإسلام والديموقراطية متى يقرر الفاعلون الدينيون دعم عملية التحول الديموقراطي) – بقلم : جورج فهمي يقول (على عكس الكثير من الدراسات التي تهتم بدراسة النصوص الدينية وعلاقاتها بالديمقراطية، فإن مواقف الفاعلين الدينيين من الديمقراطية لا تحكمها فقط النصوص الدينية، بل مصالح الفاعلين الدينيين والاستراتيجيات التي يتبعونها لتحقيقها)

هذا الخطاب جديد في الفضاء الديني لأنه يستهدف التحقق من قابلية التعامل مع العقبات التي أعاقت تقدم الفكر الديني ونقصد به فكر الإسلام المحمدي الأصيل في التحول إلى الديموقراطية . ماذا يعني تحول إلى الديموقراطية ؟ كما بينا سابقا أن الديموقراطية ليست فرضا سياسيا و إنما هي تنفيذ للوعود التي قطعها الدين على نفسه

فلو جئنا إلى النصوص القرآنية نجد أن القرآن الكريم قطع وعودا للذكر والأنثى معا دون تمييز بين الجنسين ، فالمساواة والحرية على نسق واحد ، على مستوى واحد لا فضل لأحدهم على الآخر ، فكما للرجل واجبات كذلك له حقوق ، أيضا للمراة واجبات و لها حقوق ، و لبلورة هذه الحقوق

يأتي دور الجمهور أو المجتمع في تحقيق هذا الوعد دون تعارض في تهميش دور أي واحد منهما ودون التخلي عن استقلاليتهما أو التسليم للمجتمع ضمن خيارات زعماء الدين ، و إن أبرز ما يميز تحول الدين إلى الديموقراطية هو الالتزام التام بارادة المواطنين أو الجمهور أو الشعب ، والاحترام المطلق لحقوق الإنسان ، حيث يتوقف هذا التحول على نفوذ قيمها في كل جزء من أجزاء الحياة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الفكرية

لنوضح المعنى تعدد الزوجات في الدين الإسلامي الذي يعتبر من أكثر القضايا الفقهية جدلا في الساحة الإسلامية ليس فقط بين الباحثين والحقوقيين بل أيضا بين الفقهاء أنفسهم ، فمنهم من يرى أنها مستحبة مطلقا ، ومنهم من يرى أنها تختص بالنساء اليتامى حسب سياق الآية 3 من سورة النساء ، ومنهم من يرى عدم انسجامها مع العصر ويجب تعطيل هذه الممارسة ، ومنهم من يرى أن تعدد الزوجات مقيدة بشرط العدل و هو غير قابل لتحقيقه على أرض الواقع الآن.

والفكر الحداثي يعتبرها آخر جيوب الثقافة البائدة التي تنتهك فيه حقوق المرأة و يتم تحقيرها ، و الفكر الديموقراطي يعتبر تعدد الزوجات فكرة غير مقننة يعطي السلطة للذكر في الهيمنة على المرأة دون مسوغ قانوني . السؤال هل الآية 3 من سورة النساء والتي استند عليها الفقهاء على جواز تعدد الزوجات كانت مطلقة أم لا ؟ ركزوا معي على الجواب رجاء ،

أنت عندما تريد أن تعرف دليل على تعدد الزوجات في الإسلام فمن ستسأل ؟ الجواب الفقيه ، جيد جدا وإذا سألت الفقيه ما هو دليلك على تعدد الزوجات ؟ سيقرأ هذه الآية 3 من سورة النساء (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) إذن هذه الآية إجمالا هي الدليل الوحيد في جواز تعدد الزوجات

تعالوا معي لنفكك هذه الآية حسب قواعد فهم النص المقدس ، جاء في كتاب إعراب القرآن الكريم لمحي الدين درويش جزء 2 ص 153 : و إن الواو استئنافية ، إن شرطية و خفتم فعل ماضي، ، وجوابه فانكحوا، فانكحوا الفاء رابطة للجواب وانكحوا فعل أمر والواو فاعل

السؤال : إذا كان المحذوف من الشرط هو النكاح فهل هناك تلازم بين أموال اليتامى وبين تعدد الزوجات أم لا كأن تقول إذا لم تقدروا أيها الرجال أن تقسطوا في أموال اليتامى اذهبوا وتزوجوا مثنى وثلاث ورباع من النساء ، هل يوجد بينهم تلازم أم لا يوجد ؟ لا يوجد فإذن لا يوجد حكم مطلق في تعدد الزوجات لأن لفظة اليتامى تشمل الذكر والأنثى ، وليس النساء فقط

هنا نقطة أود الإشارة إليها وهي ، هل سياق الآية حجة أم ليس بحجة ؟ الجواب نعم حجة ، ممتاز الآية تتحدث عن أموال اليتامى وعن النكاح فكلا الموضوعين يخصان اليتامى من ذكر وأنثى لأنهما حقيقة واحدة والقرآن الكريم عالج معضلة اجتماعية في هذه الآية لا علاقة لها بتعدد الزوجات ما هي هذه المعضلة ؟

قل لي خلال 60 سنة مضت كم من الحروب التي عاشتها البشرية 3 أو 4 كم منها ؟ 3 حروب خاضتها إسرائيل في غزة ، الحرب العراقية الإيرانية استمرت 8 سنوات ، حرب الخليج الثانية ، معركة أفغانستان استمرت 20 سنة ، حرب غزو إسرائيل للبنان عام 1982م ،، حرب تحرير لبنان ، حرب تموز – لبنان ، حرب اليمن ، حرب داعش ، حرب جنوب أفريقيا و أنغولا ، ناهيك عن الحروب الأهلية هنا وهناك ، ماذا كانت نتائج هذه الحروب ؟

عائلات ليس لها معيل ولديها أبناء وبنات ، هل هي مشكلة في أموال الأيتام هنا أم الأرامل أيضا ؟ انظر إلى الإحصائيات الأخيرة من الأمم المتحدة 258 مليون أرملة و165 مليون يتيم في العالم هذه الأرقام مخيفة أليس كذلك إذا لم يتم الحفاظ على عوائل الشهداء ، ماذا سيحدث ؟

سينفجر المجتمع وتنهار المنظومة الاجتماعية لهذا حرص الكتاب المقدس على إعطاء هذه العوائل الأهمية القصوى لأن هذه الأسرة التي استشهد فيها الأب أو الإبن أو الأخ هل ستكون مستعدة لتقديم شهداء آخرين إذا وقعت حرب أخرى إذا لم يعطوا أي اهتمام ؟

الجواب كلا لهذا تجد الحكومات تعطي لأسر الشهداء اهتماما كبيرا وتضعهم في الرتبة الأولى في الأولوية في تقديم الخدمات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتعليمية و الأمنية لهم ، الآن قل هل القرآن الكريم بسياق الآية 3 من سورة النساء جاء لبيان أهمية حفظ هذه العوائل ضمن المنظومة الاجتماعية أم جاء لبيان إشباع الغرائز الجنسية للرجل ليقول له إذهب وتزوج مثنى وثلاث ورباع ؟

الجواب طبعا لحفظ عوائل الشهداء ضمن المنظومة الاجتماعية ، و لأجل تطبيق المبدأ الديموقراطي ماذا فعلت المجتمعات الإسلامية ؟ الأصوليون قبلوا بتعدد الزوجات حتى أساؤوا استخدامه كما حصل في أفغانستان زواج الأطفال كنتيجة متلازمة لتعدد الزوجات ،

والتقليديون الإصلاحيون الذين يعيشون في بلاد الغرب يتنصلون من ممارسة تعدد الزوجات لأنهم إذا مارسوها بحاجة إلى توضيح حقوق المراة من هذا التعدد دينيا للفكر الحداثي ، ومن أجل مواكبة الفكر الحداثي و ممارسة تعدد الزوجات أنشئت مواقع الإلكترونية للزواج و التعارف (اعثر على شريكة حياتك)

من هنا نفهم أن الديموقراطية الدينية في العالم الإسلامي في قضية المرأة بحاجة إلى البناء الفكري وتطوير مفهوم الشراكة الاجتماعية تجنبا لأي تداعيات غير مقصودة.

نكمل بحثنا في الحلقة (41) ان شاء الله تعالى… الى اللقاء.

تحرير المراة قضية جدلية (41) الديموقراطية – الليبرالية – الجندر (6)

نحن حاولنا منذ البداية و بقدر المستطاع الحديث عن النظرية الديموقراطية في إطارها الشمولي وليس في الجانب السياسي في المشاركة السياسية من خلال انتخابات نزيهة أو تداول السلطات ، وذلك بقناعة شخصية أن رأي الشعب هو الأهم في كل ما يحصل للإنسان في حياته اليومية ، ولو أراد هذا الإنسان الانتقال من نظام إلى نظام آخر يجب أن يحكم هذا الانتقال التوافق في القواعد والإجراءات التي تنظم علاقات الأفراد مع بعضهم البعض ، لنوضح المعنى

هناك سبع مذاهب في الإسلام اليس كذلك وهي الحنفي ، الشافعي ، الشيعي ، الحنبلي ، الإباضي ، الزيدي ، المالكي ، هل يوجد في هذه المذاهب نظام الانتقال من مذهب إلى آخر ، بمعنى إذا أراد الفرد الشيعي الانتقال إلى المذهب المالكي أو العكس هل يوجد نظام منصوص عليه في القرآن الكريم لكيفية الانتقال من مذهب إلى آخر لأن الجميع يستقي معارفه الدينية من القرآن الكريم ؟ الجواب كلا لماذا ؟

لأن مسالة الانتقال تعني أولا :- انهيار المنظومة القديمة ثانيا :- إيجاد منظومة أكثر فاعلية من القديم ثالثا :-ترسيخ مبادئ جديدة عما كانت عليها في السابق ، هذه المراحل الثلاثة هي سبب الانتكاسات في المجتمعات الإسلامية كيف ؟ هل الأحكام الشرعية للمرأة في الفكر الشيعي هي نفسها في الفكر الحنفي ؟ الجواب كلا علما أن مصدر هذه الأحكام ، واحد وهو القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.

فإذا جاءت نظرية اجتماعية جديدة كالتي نحن بصددها النظرية الديموقراطية هل نقوم بدراسة قضية المرأة من حيث الفرع أو الأصل ؟ الجواب الأصل بمعنى نحن لا ننظر إلى التطبيق الديمقراطي في المذهب الشيعي منفصلا عن المذهب الإباضي لأن الأصل هو الفكر الإسلامي وليس الفكر المذهبي المستنبط من الفكر الإسلامي الأصيل هناك فرق بين المفهومين والدليل

هناك اجتهادات فقهية في المذاهب الإسلامية تمنع المرأة من الوصول إلى منصب القضاء ، هناك فتاوى تقيد المرأة في الميراث ، تقلد المرأة في المناصب العليا أو نظام توزيع الميراث يجب أن ننظر إليهما من المنظار الشمولي ضمن النص المقدس ، هل القرآن الكريم يسمح للمرأة أن تتقلد مناصب عليا خلاف الفتاوى أم لا ؟ وهل توزيع الميراث في القرآن الكريم مساو بين الرجل والمرأة خلاف الفتاوى أم لا ؟

هي نفس المعادلة في الجوانب الأخرى سواء اجتماعيا أو سياسيا مثلا لو أردنا التحدث عن الحكومة المهدوية الموعودة هل سننظر إليها مذهبيا أم سننظر إليها من خلال الحركات المهدوية المختلفة في العالم ، أم سننظر إليها من خلال النص المقدس ؟

الجواب سننظر إليها من خلال النص المقدس لأنك تتحدث عن النظام السياسي عالميا ، والمرأة تعاملنا معها كحقيقة واحدة للإنسان ، المرأة كما هي في المذهب الشيعي هي نفسها في المذهب الزيدي وباقي المذاهب الإسلامية لا تتجزأ.

نعم يمكن دراسة النظرية الديموقراطية في المذاهب الإسلامية من حيث التطبيقات فقط ، هل هذه التطبيقات تتوافق مع النص المقدس أم لا ؟ مثلا إذا أخذنا التجربة الإيرانية نجد الإمام الخميني قام بإجراء بعض التعديلات في نظام الحكم الإسلامي في إيران هل استطاع التوفيق في حقوق المرأة بين أساس ديني والمفاهيم الديموقراطية أم لا ؟

واقعا حدثت طفرة كبيرة في تغيير قوانين الزواج والطلاق ولكن بقي التمييز ضد المرأة باقيا في ممارسة المرأة دورها الديني في تحديد المرجعية الدينية ضمن المفاهيم الديموقراطية و أبرزها المشاركة الفاعلة في اختيار المرجعية الدينية أو السلطة الدينية

فبقي اختيار المرجع محصورا بين الرجال تماما إذا أردت أن تختار شيخ القبيلة في المنظومة القبيلة إما أن تختار ابن شيخ القبيلة أو أهل الحل والعقد يختارون من يجدونه مناسبا حسب معايرهم لا حسب معايير ديموقراطية فضلا عن رغبة الجمهور عامة في هذا الاختيار لأن أهل الحل والعقد لا يعتبرون أفراد القبيلة مصدرا لإختيار هذا الشيخ أو ذاك

وكذا الحال في نظرية السلطة الدينية يقول دكتور توفيق سيف عنها في كتابه حدود الديموقراطية الدينية ص 349 (لا تعتبر الشعب وعاء للسلطة ومصدرا لها … ولكن بعد الثورة الإسلامية تعرضت تلك النظرية لمراجعة شاملة … ومازالت المراجعة مستمرة)

أما من حيث المصالحة بين الدين والديموقراطية يقول (نحتاج إلى تعديل في الرؤية الدينية وتعديل مواز في مبادئ الديموقراطية) ويعتقد الدكتور (أن هذا التعديل ضروري للتوصل إلى نموذج حكم يلبي في وقت واحد المعايير الأساسية للديموقراطية والقيم الدينية)

أما من حيث الحقوق الدينية للمراة فإن تجربة إندونيسيا الدولة المسلمة قد فشلت في التحول الديموقراطي في عهد الرئيس سوهارتو حيث منعت المرأة المسلمة من لبس الحجاب وهو قرار مخالف للمفاهيم الإسلامية والديموقراطية معا

بينما في عهد الرئيس جوكو ويدودو، تقول الناشطة الاجتماعية في حقوق المرأة تونجال براويستي نشرتها صحيفة اندينتدت البريطانية بتاريخ 5 –فبراير-2021م ( إن الفتيات في الضواحي أجبرن على لبس الحجاب ويتم معاقبتهن إن خالفن هذا القرار) وتقول الصحيفة أن القرار طبق على غير المسلمات في لبس الحجاب الأمر الذي أدى إلى مغادرة الفتيات المسيحيات المدارس الحكومية

إذن الإرادة الديموقراطية تتوقف على الوعي بضروريتها ومدى تأصيلها في الفكر والثقافة وحين لا تكون الديموقراطية ضرورية بذاتها ، تكفي تأجيلها أو إقصائها من دائرة الاهتمامات المؤسسات الدينية او الاجتماعية في تأسيس هذا الوعي

و من الجدير بالذكر أن الأمور التي ساهمت في جعل الديموقراطية غير مؤسسة في الوعي الجماهيري بل نجد تشويه لسمعتها بسبب ما تعرضت له من التجارب السيئة من جانب المؤسسة الدينية أو السلطة الدينية في إطلاق فتاوى غير منطقية وغير مقبولة نصا و عقلا و تحقيقا على أرض الواقع ، فضلا عن العيوب التي ظهرت في النظام البرلماني

إذن الديموقراطية ليست قضية سياسية وحسب بل قضية اندماج بين مختلف التنوعات المجتمعية وهي أيضا قضية تاريخية لأنها هي وحدها التي توفر الشروط الضرورية لحل القضايا الاجتماعية والدينية والقدرة على قولبة عملية التحول إلى الديموقراطية .

والتعبير من أجل التأكيد على الديموقراطية ضرورة تاريخية لأننا لا نجد بديلا عنها في التفاعل مع الآخرين في ضمان حقوق الإنسان وحرية ممارسة هذه الحقوق..

نكمل بحثنا في الحلقة (42) ان شاء الله تعالى… الى اللقاء

تحرير المراة قضية جدلية (42) الديموقراطية – الليبرالية – الجندر (7)

لا يوجد شعب من شعوب العالم لا يتوق إلى تأسيس نظام ديموقراطي سواء على المستوى الديني أو الاجتماعي أو الفكري أو الاقتصادي أو السياسي ، لأنهم يرون فيه ضمان لحقوقهم الإنسانية ، والتحديات التي تواجه الشعوب هي أن كثيرا من الأنظمة الاجتماعية كالديموقراطية والليبرالية هي غربية المنشأ ، وأحيانا تنسب هذه الأنظمة للدين والعقيدة ، علما أن معظم مصطلحات هذه الأنظمة ليس لها جذور في اللغة والثقافة العربية ،

وهذا هو سبب استعارة هذه المصطلحات من الغرب ، وبرغم الجهود الفكرية التي تبذل في الإصلاح ، إلا أن المفاهيم ما زالت مبهمة في التعبيرعن احترام حقوق الإنسان ، ولا ننسى أن الفرد وبسبب تغيير نظرته إلى المجتمع يمكن إيجاد أنظمة فكرية متنوعة ، كما رأينا أن مفهوم الديموقراطية ليس محصورا على السياسة فقط بل يمكن تطبيقه على سائر مناحي الحياة.

وبالنظر إلى النظرية الديموقراطية نجد أنها شهدت تحولات متنوعة أيضا من حيث إيجاد منظومة دفاعية للفكر ، أو إيجاد النخب الفكرية المختلفة ، أو إيجاد منظومة أخلاقية متكاملة ، أو إيجاد منظومة توافقية مع الفكر الليبرالي . فعلى صعيد المنظومة الدفاعية ما المقصود بها ؟ ركزوا معي رجاء

هو أن يكون للفرد القدرة على حماية الفكر ، وتحصيل المنافع ، والمشاركة الحرة بصورة خصوصية مثلا إذا رجعنا إلى سيرة الصحابي علي بن أبي طالب نجد أنه عندما بايعه الشعب إن صح التعبير حاكما عليهم ، نكث الصحابيان طلحة بن عبيدالله و زبير بن العوام بيعتهما له ، فبلغ عليا فقال أبعدهما الله ، فأعطاهم حقهم الخصوصي في ذلك فلم يهدر دما .

ولو جئنا إلى حقوق المرأة هل لها خصوصية في ممارسة حياتها أسوة بالرجل أم لا ؟ الآن أنت انظر الى أحكام المرأة في الكتب الفقهية ، مثلا إذا تزينت المرأة وخرجت من البيت ،الفقيه يقول لا يجوز خروج المرأة بزينتها أمام الرجال ، هل يحق لها أن تدافع عن خصوصيتها أم لا يحق لها ما قولكم ؟ أنا أعرف الجواب غالبا سيكون أن لا تخرج المرأة بزينتها لأنها تنشر الفساد بذلك

السؤال : الرجل إذا خرج بزينته ينشر الفساد أم لا ينشر ما قولكم ؟ الزينة جمال في ذاتها سواء للمرأة أو للرجل واحد لا تتجزا أليس كذلك بالنتيجة من حق المرأة الدفاع عن خصوصيتها . السؤال هل يمكن للمرأة أن تطالب بإلغاء هذا الحكم الشرعي أم لا تستطيع ؟ بكل سرور تستطيع ، وقس ذلك على كل الأحكام التي لا تتوافق مع مفهوم المساواة والحرية للمرأة سواء في الميراث أو الولاية أو النفقة أو إبرام العقود أو العمل

من هنا كان الحرص أن يحصل كل فرد في المجتمع على حصته من المشاركة المجتمعية وهذه المشاركة هي التي تبني العلاقة بين الفرد وباقي المؤسسات الاجتماعية بالتساوي قال تعالى في سورة البقرة آية 228 (ولهن مثل الذي عليهم بالمعروف) يقول المفسرون (أي لهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن فليؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف)

السؤال هل يوجد تمييز بين الرجل والمرأة في القرآن الكريم أم لا ؟ الجواب كلا ، إذن كتاب الله أخذ بعين الاعتبار ظروف تكامل الفرد من الناحية الأخلاقية بأن يؤدي كل من الرجل والمرأة حق الآخر ، و أن لا يكون هناك إقصاء للمرأة من الرجل أو أي تميز يعيق المرأة من الحصول على حقها.

فالقرآن الكريم تحدث عن النظرية الديموقراطية المتكاملة أم لا ؟ الجواب نعم وألف نعم . الآن قل كم من الأحكام الشرعية تميز بين الرجل والمرأة ؟ في البيت هناك أحكام تميز الرجل عن المرأة ، في الميراث أحكام تميز الرجل عن المرأة ، في العقود والولاية في الطلاق أحكام تميز الرجل عن المرأة و في ، وفي ، وفي كثيرة هي الأحكام التي تميز بين المرأة والرجل أليس كذلك .

ولكن النص القرآني يقول لا تمييز بينهما ، فحقوقهم متساوية ، أنت انظر إذا صار خلاف اجتماعي بين الزوج والزوجة ، و أرادت المرأة إلغاء عقد الزواج ماذا كان يفعل الزوج قبل إلغاء ولايته في الطلاق ؟ يحلف بالله لاجعلها معلقة حتى يبيض شعرها ، قل هذا مخالف للنص القرآني من سورة البقرة آية 231 (امسكوهن بالمعروف أو سرحوهن بالمعروف) أم لا ؟ الجواب بلا أدنى شك مخالف

هذا النموذج الذي نراه كثيرا في أغلب المجتمعات الإسلامية هل مبني على أسس أخلاقية التي غفل عنها أصحاب العلم أم لا ؟ الجواب كلا ، فأنت هل تستطيع أن تقول أن هذا المجتمع يسير على نظام متكامل في الديموقراطية ؟ لا تستطيع ، لأن إمكان ارتقاء المجتمع والتحول إلى الديموقراطية يفتقد إلى المراتب الأخلاقية في الرقي والمساواة ، والحال الإنسان يجب أن يتحرك على جميع المستويات الاجتماعية و الأخلاقية من أجل تفعيل القدرات وإرشادها.

فتقييد المرأة وتميزها في الحقوق هدر لطاقات المرأة ، لأنها في نهاية المطاف إنسانة كائن له القابليات والقوة ، وهذه القابليات يجب أن لا تبقى رهين الرجل ، لأن المجتمع الذي يبحث عن كيفية ارتقاء فهو مجتمع جيد يفسح المجال للمرأة على أساس أنها فاعلة ولها حقوق ويرغِب المرأة للاستفادة من حقوقها وطاقاتها و هذه هي الديموقراطية المتكاملة.

التي تساعدك في إيجاد النخب الفكرية وهذا النموذج يكون محل التعادل بين العرض والطلب وخاصة في سوق العمالة الوطنية ، وإن كان هذا النموذج بدوره يواجه مطبات وخللا من الرجل . واقعا استغرب لماذا تخاف المجتمعات الإسلامية من الديموقراطية. .

الديموقراطية ليست بدعة غربية ، أو مذهبا مستوردا من الغرب ، فهي آلة قانونية تعصم المجتمع من الوقوع في دائرة الاستبداد الفكري و الاجتماعي و الثقافي و الاقتصادي و السياسي فهي مثل الكأس تشرب فيه الماء وتشرب فيه الخمر ، الكأس وجد للشرب أنت استخدمت الكأس خطأ ما ذنب الكأس.

فإذا كانت الشريعة تمنح للفرد ذكرا كان أو أنثى حق الملكية الشخصية ، إلغاء التمييز ضد المرأة ، الحث على إيجاد منظومة اجتماعية متكاملة ، فالديموقراطية سأعتبرها روح الشريعة الإسلامية ، إذن أين الخلل في عدم قبول النظرية الديموقراطية ؟ أنا سأقول لكم أين هو هذا الخلل ركز معي رجاء

اولا :- تكفير المعارضين إذا خالفت الفقيه فأنت خالفت إمام زمانك ، مباشرة ستصلك برقية مكتوب فيها أنت ضال مضل وملعون ومكانك في قعر جهنم هذا إذا أنت عارضته ، أما إذا هو عارضك فما يتصوره هو يجب الأخذ به ، لأنه قطع مسافات طويلة في الدراسات الدينية وفي الخطابة المنبرية ، وهو يخطب قرابة 15 سنة أو أكثر فهو علامة وحجة الإسلام ودكتور عدد العناوين كما تشاء هذا ثانيا ،

ثالثا :- تبرير المعطيات رابعا :-هدم العقل بنشر الخرافات و الأساطير والفتاوى التي لا يقبل بها العقل. خامسا :- إلغاء حرية الأفراد في إتخاذ قرار ذاتي لهم ، و إجبار الناس على قبول آرائهم وقراراتهم وفتاواهم ، ولو قلنا أن الدين لا يسمح بإجبار الناس على الالتزام الديني حتى لو انحرفوا ، فمقتضى العقل والدين والعدل عدم إجبارهم على شيء لأن النتائج ستكون عكسية ، وتجربة الخليفة علي بن ابي طالب مع الصحابيان طلحة وزبير خير دليل على ذلك ، وهو ما نسمية الديموقراطية الليبرالية سنتحدث عنها في الحلقة (43) إن شاء الله تعالى إلى اللقاء..

تحرير المرأة قضية جدلية (43) الديموقراطية – الليبرالية – الجندر (8)

إذا يتذكر القارئ الكريم إننا تحدثنا عن الليبرالية بشيء من الاختصار في بحثنا حول الحداثة وجدلية المرجعية ، وهو أن الليبرالية في الفكر السياسي تعني كيفية حكم الحاكم للشعب ، هذا في الجانب السياسي ، نحن سنذهب أبعد من هذا الجانب لنرى تطبيقات الفكر الليبرالي في قضية المرأة في جميع جوانب الحياة لأن النواة الأساسية للنظرية الليبرالية تعتمد على حرية الفرد.

وعندما أقول حرية الفرد أعني أن هذا المنظور يجب أن يخضع للدراسة التأويلية كما يذهب إليه بعض الباحثين في علم الاجتماع الليبرالي ، لنوضح المعنى لكم ، أنت عندما تسمع من فرد ما قولا إنه حر فيما يفعله ولكنك لا تسأله هو حر في ماذا ! !

لأننا هنا أمام سؤالين مهمين الأول الحرية من أي شيء ؟ أو ممن ؟ ثانيا الحرية من أجل ماذا ؟ ومن أجل من ؟ أنت إذا سألت المهتمين بعلم الفلسفة أن ارتباط الإنسان في ماذا يكون من حيث الوجود ؟ سيكون جوابهم أن حقيقة وجود الإنسان متعلق بربط الواقع به ، وهو ما يسمونه بالعالم الواقعي وليس بعالم الأوهام والنفس الأمارة بالسوء ، إذن نحن لا نتحدث هنا عن الحرية المطلقة نهائيا.

فعندما يقول شخص ما إنه حر فيما يفعله ، فإننا إزاء شعار و هو أنه يجب أن نعلم أن هذه الحرية تكون من أي شيء ؟ وما هي النتائج المطلوبة من هذه الحرية ؟ وهذا الشخص الذي يطالب بالتحرر مستند على أي فكر بمعنى هو تحت إمرة من ؟

وهل هذا التحرر يخرج الشخص من فكر بالٍ ومتعفن إلى فكر أكثر انفتاحا وتطورا وتحديثا ! بحيث تبقى كرامته ومنظومته الأخلاقية أم لا ! سيقع مرة أخرى في عبودية الأوهام و الأساطير ولكن بشكل آخر ، بشكل مغاير عما كان عليه في السابق . إذا كان كذلك السؤال لماذا ظهرت النظرية الليبرالية كمولود جديد في عالم الإنسان ؟ ماذا تريد هذه النظرية منه ؟ ركزوا معي رجاء على الجواب

نحن نعرف أن هناك حركات اليمانية في العالم كثيرة إذا تصفحت محرك جوجل ستجد أكثر من 10 حركات اليمانية ، وكلها تدعوا إلى اليماني الموعود ، أحد أقطاب حكومة المهدي المنتظر العالمية المرتقبة إذا طرحنا هذا السؤال على زعماء هذه الحركات ، ماذا تريد ؟ الجواب أنا اليماني الموعود وأنا صاحب الولاية الإلهية فمن أعرض عني دخل نار جهنم وإن صلى وصام جيد جدا

ماذا سنفعل معه حسب النظرية الليبرالية القائمة على حرية الفرد ؟ الجواب سنقوم بما قام به الولي الفقيه السيد الخامنئي علما انه لا يعيش أحد من زعماء هذه الحركات في إيران ولكن لهم اتباع ، فسمح لهم بفتح المساجد ، سمح لهم بفتح المكتبات لبيع الكتب ، سمح لهم بفتح الحسينيات ، أعطاهم حق الجنسية الإيرانية حسب الدستور الإيراني ، أعطاهم، وأعطاهم ، عدد ما تشاء من عطايا الولي الفقيه لهم

هل قال لهم أنتم ضالون ومضلون ؟ أبدا ، هل طالب الشعب الإيراني بطرد هم ؟ أبدا ، هل منع حقوقهم المدنية سواء كانوا مواطنين أم لا؟ أبدا.

إذن الملاك هو الفعل الأخلاقي في النظرية الليبرالية وهو أن يقتنع الناس بملء حريتهم وإرادتهم ، في هذه الحالة هل تستطيع أن تشرع قوانين خلاف حريتهم أم لا ؟ لأنك تريد أن يكون التشريع أخلاقيا والحكم أخلاقي وبدون هذين الركنين سندخل في دائرة الاستبداد الفكري.

فالجواب لسؤالنا ماذا تريد الليبرالية من الانسان هو أن يكون متجددا في فكره لا يبقى على الفكر القديم لأن الزمن يتطور ، ان ينشئ لنفسه قواعد فكرية أخلاقية تواجه بها الناس ، أن ينشئ منظومات اقتصادية واجتماعية وفكرية وسياسية ودينية ضمن قناعة الناس دون إكراه لتبني فكره أو أطروحته

لهذا أنا أستغرب من بعض خطباء المنبرية كالسيد منير الخباز عندما قال بتاريخ 14-محرم -1443هجري قمري إن الليبرالية في الحركات النسوية تدعو إلى التماثل ولكن الإسلام يدعو إلى التكامل بمعنى ان الخطاب الديني افضل من الخطاب الليبرالي ، ممتاز – تعالوا معي لنتعرف على هذين المفهومين التماثل والتكامل بين الجنسين الذكر والأنثى

طبعا السيد منير الخباز لم يشرح معنى هذين المفهومين للناس بشكل أكثر علميا ، بل قال التماثل هو ما للذكر هو ما للأنثى في الفكر الليبرالي ، والتكامل مفهوم إسلامي يعني أن يكون للرجل دور و للمرأة دور حسب فطرتها ، نسأل السيد الخباز وما هي فطرة المرأة ؟ قال أن تحترم زوجها و أن تعامل زوجها المعاملة الحسنة . أ ما هي فطرة الرجل ؟ السكوت كالعادة اللغة الذكورية – عموما دعونا نكمل الطريق

السؤال ماذا يعني التماثل ؟ التماثل مصطلح يستخدمه علماء الرياضيات وهو دال من البنية الرياضية إلى بنية من نفس النوع بمعنى أن الإنسان له يدان وعينان، أي أن نصفه الأيمن يماثل نصفه الأيسر اتضح معنى التماثل لكم ؟ الجواب نعم ، ممتاز

الآن نسأل عندما نريد أن نعرف عن الصورة المماثلة في الإسلام عن الذكر والأنثى هي نفسها في المذاهب الإسلامية أم لا ؟ الجواب : الصورة التي نقلها لنا القرآن الكريم حول النمط التماثلي في الحقوق والواجبات عن الذكر والأنثى هي مساوية ، بينما هذه الصورة اختلفت حسب فقه كل مذهب إسلامي وحسب كل مدرسة فقهية ، المرأة في القرآن تحصل على الميراث مساوي للرجل

بينما الفقيه فهم أن للمرأة نصف حصة الرجل من الميراث ، الآن قل لي قل هل الفكر الديني يماثل في العطاء مع الفكر الليبرالي أم لا ؟ الجواب نعم السؤال : هل يتفق السيد الخباز معنا أم لا ؟ الجواب السيد الخبار في حواره يوم 13-محرم -1443م اي قبل تصريحه السابق قال للسائل أن ( الفكر الديني أقرب إلى النظرية الليبرالية) هذا يعني انه متفق معنا ، ولكنه غير رائه هذا كما رأينا بين ليلة وضحاها

أما من حيث التكامل فإن التكامل يعني أن هناك انسجام في التناسق الداخلي في شخصية الإنسان السؤال ما هي صورة المرأة في التراث المذهبي الإسلامي شيعيا كان أم سنيا ؟ هي ناقصة عقل ولتبرير ما جاء في ذم النساء في نهج البلاغة

قال السيد الخباز مبررا ذم المراة في نهج البلاغة بتاريخ 4-9-2020م تحت عنوان تعليق منير الخباز على روايات ذم المرأة في نهج البلاغة على الشبكة اليوتيوبية : أن هذا النقص جاء على لسان خاتم النبيين (ص) و ان الإمام علي وصف المرأة بناقصة العقل لأن جملة من الناس انقاد للنساء في زمنه ،

علما أن الفتاوى في تمييز المرأة عن الرجل كثيرة في كتب الأحكام الشرعية استنادا على هذه الروايات تصف المرأة بنقصان العقل .السؤال المرأة ناقصة العقل ينسجم مع مفهوم التكامل للإنسان كما ذهب إليه السيد الخباز أم لا ؟ الجواب لا ينسجم .

إذن الفكر الإسلامي المحمدي الأصيل لا يتقاطع مع الليبرالية في الحقوق والواجبات للمراة ، بينما اللغة المذهبية لا تتفق أصلا لا مع الفكر الإسلامي المحمدي الأصيل حول المرأة ولا مع الفكر الليبرالي.

نكمل بحثنا في الحلقة (44) ان شاء الله تعالى … الى اللقاء .