Image Not Found

مجلة فلك النور – العدد الثالث

Visits: 15

محتوى العدد (3) – صفر 1440هـ الموافق أكتوبر 2018م

1- العدالة الاجتماعية.
2- باب النجاة.
3- العدالة الاجتماعية.

لوحة للتأمل ..

1- أهمية العدلة.
2- منبع العدالة.
3- تربية العدالة.

الاحتياج الذاتي وعلاقته بالعدالة
صور العدالة
يحصر البعض “مفهوم العدالة” و”تطبيقاتها” في حيز العدالة الاجتماعية، ونقصد بـ”الاجتماعية” مصاديقها الضيقة كمجتمع القرية، والواسعة كالمجتمع المدني الذي يُتعارف عليه اليوم.
إلا أن “علم النور” يرى أن أفق “العدالة” أوسع بكثير عما عليه ذلك التعريف، كما أنه شامل لما في الإنسان من حالات وقوى، وسوف نتعرف على هذه الحقيقة من خلال هذا العدد.

العدالة الاجتماعية
القروية والدولية
تتنوع الأنشطة الإنسانية في المجتمع الذي يعيشه الإنسان، وتختلف فيه الآراء، وتتباين فيه المواقف، وتتعدد فيه الرؤى، وتكثر فيه المدارس والمناهج، وبالمقابل .. يجد البعض نفسه في حيرة من أمره، فأي منها صحيح، لقد بات لا يفكر في الأصح منها، بل نجده بسبب الاختلافات بين هذه المدارس والتي تصل إلى حد التناقض يصل إلى البحث عن الصحيح لا أقل، وهذا الأمر دفعه إلى عوالم حيرة التقييم والتثمين، والتمييز!!.

ومن الطبيعي أن يؤثر هذا في كثير من القرارات والأفكار التي يريد الوصول إليها وتبنيها، ويترك هذا أثره على السلوك والتطبيق.
إننا حقاً نعيش مجموعة من الأزمات، وأهم هذه الأزمات تعود وبشكل محدد إلى معرفة ما / من “يحقق العدالة” الاجتماعية؟!، فهل هذه المدرسة أم تلك؟!!.
إن الحاجة إلى العدالة الاجتماعية ملحة جداً، وهي تشكل كل جوانب الحياة من الأسرية والعائلية وغيرها من تصانيف الحياة الإنسانية.

إن العدالة الاجتماعية تدور مدار “حقوق الأفراد” وتبحث عن قانون يتمكن من إعطاء كل ذي حق حقه، وهي غير مختصة بالجانب المادي فقط، بل وتشكل الجوانب المعنوية من الحياة الاجتماعية، فهل يمكن الحصول على “النزاهة المطلقة” في القانون، وبل حتى في المنفذ له.

وبالتأمل في مناشئ البحث عن العدالة الاجتماعية وسبل تحقيقها سنجدها ترجع إلى أمر واحد لا ثاني له، وهو: “تحقق العدالة على مستوى الذات”، فمهما حاولت البشرية لتحقق العدالة الاجتماعية ما لم تحققها على مستوى الذات فسترجع إلى المربع الأول.

العدالة الإنسانية
التجاوز النوعي والزمكاني
إن العدالة الإنسانية جزء أساسي في المنظومة البشرية كلها، فهي تتجاوز النوع البشري مثلما تتجاوز زماناً محدداً ومكاناً محدداً، وهي تختص بالحالة الإنسانية، وهي بدورها تظلل بمفرداتها وصبغتها “العدالة الاجتماعية”، وتسبغ عليها بما فيها من الأبعاد الإنسانية التي يبحث عنها كل إنسان على وجه الأرض.
إن الحديث عن العدالة الإنسانية متقدم رتبة على الحديث عن العدالة الاجتماعية، وكما يلحظ بينهما التقدم والتأخر الرتبي، فإنه يلحظ أيضاً البعد النظري والبعد العملي التطبيقي، فيكشف هذا عن ذاك، ويتبين من العدالة الاجتماعية مستوى حضور العدالة الإنسانية في الانسان “بمفرده وبمجموعه”، ومستوى انسجامه وترابطه معها.

للتأمل ..

[tie_full_img][/tie_full_img]

تلخص لك هذه اللوحة الكثير من المسائل العلمية والفكرية والوجدانية .. إنها توقفك على الحقيقة الغائبة عن ساحة صناعة التنمية البشرية، وهي:

أهمية العدالة

لا يختلف اثنان أن “للعدالة” وتحقيقها أهمية بالغة في الحياة الإنسانية وكذا في عالم الطبيعة، إلا أن الإشكالية تقع في “تحديد معالمها، وكيفية العمل بها، ومواضع وضعها، ووقت تفعيلها.
وهناك إشكالية أخرى لا تقل أهمية وخطورة عن السابقة، وهي: تغليف “الظلم” بصفة “العدالة”، فهذا يعني أن هناك خللاً على مستوى المفهوم والمنهج، الأمر الذي يكشف عن وجود خلل نفسي وعقلي في ذات هذا المغلف والمُحوِّر.

منبع العدالة:

إن “العدالة” مطلب وجودي، ويطلبه كل موجود في هذا الكون، وهو ليس من مختصات البشر، بل يشكل كل موجود، فالعدالة يطلبها الحيوان، والجماد، والهواء، والماء … إلخ، ومركز ومنبع ومصدر هذه العدالة ليس إلا “ذات الإنسان”، فمن هنا تنبع العدالة وتصدر، فما لم تتحقق في هذه الذات العدالة فلن تتحقق في العالم الخارجي للإنسان.
فمن يريد أن يحقق العدالة في مؤسساته فعليه أولاً وبالذات أن يعمل على تحقيق العدالة في نفس وذات موظفيه، وأن يبدأ في نفسه أولا.

تربية العدالة:

وأول محل يزرع فيه هذا المفهوم هو “الطفولة”، فإن للتربية دوراً أساسياً لزرع هذه الفضيلة في النفس، حتى إذا كبر الطفل وصار في موقع المسؤولية كان صدور العدالة منه أمراً سهلاً.
وتغفل المؤسسات التربوية في العالم عن ترسيخ الفضائل في النفوس، لأن أصبحت الأولولية عندها في صناعة ذهنبات ذكية غافلة أن الذهنيات الذكية قد تصبح سلبية، وإذا أصبح الأمر كذلك فاي بناء معماري تقدمي وحضاري سوف يبقى سالماً؟!!.
إن الأساس هو “الأخلاق” في تقدم الأمم ورقيها، وهي تنشأ بتحقيق العدالة في النفس، وبعدها تظهر الفضائل الجميلة من الإنسان.

الاحتياج الذاتي والعدالة:

قد عرفنا معنى الاحتياج الذاتي في العدد (1)، وبينا بأنه ناشئ من “صميم التركيبة الوجودية للإنسان”، ولهذا لا يمكن الغفلة أو التغافل عن هذا المبدأ الوجودي من أصل، فالحاجة إليه ملحة جداً، لأن هذه التركيبة الوجودية التي خُلق عليها الإنسان هي من يفرض علينا كيفية التعامل مع سائر الموجودات التي حولنا.
ويدفعنا هذا في عالم المفاهيم أن نضع كل مفهوم إزاء المعنى المناسب والمتناسب مع الذات واحتياجها، وهذا يعني أن العمل سوف يكون باعتماد “العدالة” في الرصد والتوصيف، بقطع النظر عمن وضع اللفظ، وكيف وضع، وهل أخذ في الوضع العلاقة بين اللفظ والمعنى، وكيف، فإن النتيجة هي ما تهمنا حالياً.
وكما ان العدالة تتطلب في الرابطة بين اللفظ والمعنى فإنها تتطلب أيضاً في عالم التطبيقات في العالم الخارجي، إذ لا بد من التناسب بين محل تفعيل العدالة وبين ما عليه ذات الموجود من طبيعة خاصة بلحاظ استقلاليته من جهة، وبلحاظ اندماجه بمن حوله من جهة أخرى.
وهذا هو الأساس في تحقيق العدالة بأقسامها الأربع: النفسانية، الإنسانية، الطبيعية، الاجتماعية، وما يتفرع منها من أقسام أخرى من قبيل العدالة الاقتصادية، والتربوية.
إن عدم أخذ مبدأ “الاحتياج الذاتي” في كافة العمليات الفكرية أو السلوكية بكل أنواعها ومستوياتها يوجب الإخلال في المنظومة الحقوقية، وهذا يعني أنه يوجب الطعن فيها بمنظور “العدالة”، ولازمه حدوث خلل في المسيرة البشرية برمتها، فمهما حاولت من الرقي والتقدم والتطور فسيظل هناك شيء ما يخيم عليها بظلاله السوداء، وسيقض مضجعها، ولا سبيل لرفعه إلا العمل على تلبية “الاحتياج الذاتي” ببعديه الفردي الاستقلالي، والمجموعي الاندماجي المركب.

مجلة فلك النور العدد 3