العالم يهدر سنويا ملايين الاطنان من الغذاء في الوقت الذي ترتفع فيه اسعار الغذاء في العالم، وكذلك مصروفات النقل. فإجمالي قيمة الخسائر الناتجة عن الهدر يصل سنويا إلى 1.1 تريليون دولار وفق بيانات منظمة الامم المتحدة للاغذية والزارعة (فاو) حيث تتوزع بواقع 400 مليار دولار وبنسبة 14% من الهدر ما بين المزارع وسوق الجملة، بينما يهدر نحو 17% ما بين بائع التجزئة والمستهلك بقيمة 700 مليار دولار.
وهذا الهدر اليومي يؤثر في نهاية المطاف على أسعار المواد الغذائية التي شهدت مؤخراً زيادة في قيمتها خاصة ما بعد الجائحة، حيث تشير مؤشرات التضخم في الكثير من دول العالم إلى الارتفاع. وتقول مؤسسة “اكسفورد بيزنس جروب” إن أسعار المواد الغذائية العالمية ارتفعت إلى أعلى مستوياتها خلال السنوات العشر الماضية وفق بيانات الأمم المتحدة، في الوقت الذي يتراجع فيه مخزون الحبوب، الأمر الذي سيؤثر بشكل مباشر على الأسواق الناشئة.
فمنذ بدايات عام 2020 مع تفشي الجائحة، زاد إنتاج المحاصيل وكذلك حركة التجارة الدولية، إلا أنه في أعقاب تراجع الوباء وبدء الاعمال التجارية، فان أسعار الغذاء تتزايد إلى أعلى مستوياتها، وهذا يؤثر بشكل مباشر على العديد من الأسواق. فقد بلغ متوسط مؤشر أسعار الغذاء العالمي للأمم المتحدة 130 نقطة في شهر سبتمبر الماضي، وهو ما يمثل ارتفاعًا بنسبة 1.2٪ شهريًا و 32.8٪ على أساس سنوي. فالارتفاع واضح في أسعار القمح التي سجلت زيادة بنسبة 40٪ على أساس سنوي، حيث يعتمد عليها الانسان والحيوان في غذائه. كما ارتفعت أسعار الذرة بنسبة 38٪ بسبب تراجع انتاجها في أمريكا اللاتيينية في الوقت الحالي. وهذه المنتجات من الحبوب مثل القمح والذرة والشعير والأرز وغيرها يعتمد عليها مليارات من الاشخاص في العالم بسبب احتوائها على الكثير من السعرات الحرارية والبروتينات. وبالتالي فإن ارتفاع اسعارها سوف تفاقم من المشكلات وتضعف سياسات الأمن الغذائي. وتشير تقارير الامم المتحدة إلى أن 272 مليون شخص يعانون من انعدام الامن الغذائي الحاد في 79 دولة في عام 2020 مقارنة مع 149 مليون شخص في عام 2019.
ومع نمو التجارة العالمية بعد الجائحة فإن منظمة التجارة الدولية تتوقع أن يسجل العام الحالي 2021 نموًا بنسبة 10.8٪ في حجم تجارة البضائع بسبب انتقال العالم من حالة الطوارئ إلى إعادة الإعمار البطيئة لمعالجة ما خلفه الوباء في الكثير من جوانب الحياة. فالطلب الدولي القوي على الواردات من الاغذية كبير، والزيادات المحلية في إنتاج الدول لبعض السلع المهمة للعيش غير كافية لتعويض الاضطراب الأوسع والاستهلاك المطلوب.
وتعد منطقتنا الخليجية ودول عربية وأفريقية من أكبر الدول المستوردة للأغذية في العالم، وتتعرض إلى فترات جفاف، الأمر الذي يؤثر على المضي قدما في المشاريع الزراعية وتطوير القدرات الإنتاجية المحلية، وبالتالي يؤثر ذلك على تحقيق سياسات الأمن الغذائي. كما ان اقتصاداتها تعتمد على اسعار النفط التي تتذبذب بين فترة وأخرى، الأمر الذي يتطلب منها التوجه نحو التصنيع لإنتاج مختلف أنواع الاغذية التي تحتاج إليها وتوفير الكميات اللازمة منها لتحقيق الأمن الغذائي من خلال اعتمادها على الوسائل والتقنيات الحديثة في مجال الزراعة والانتاج والتصنيع.