Image Not Found

تحرير المرأة قضية جدلية (1 – 7) المفهوم – الحضارات الإنسانية (1 – 7)

صادق حسن اللواتي – الموقع الشخصي

في 31 أكتوبر من عام 2000 م صدر قرار من الأمم المتحدة تحت رقم 1325 ينص على ضرورة مشاركة المرأة في صنع القرار في عمليات السلام و حماية حقوقها و صوتت جميع دول العالم على هذا القرار ،

واقعيا أنا أسعى في هذا البحث إلى بيان العلاقة بين الرجل و المرأة في محاولة الاجابة على بعض الأسئلة منها مثلا هذه الصورة السيئة الموجودة في التراث الديني عن المرأة من الذي رسمها ؟ و كيف وجدت لها أرضية خصبة لارتداء ثوب الدين ليتحول فيما بعد إلى فكرة مقدسة لا يمكن المساس بها؟

خذ مثلا من التراث اليوناني ما نقل إلينا عن أرسطو بأن (المرأة رجل غير كامل و قد تركتها الطبيعة في الدرك الأسفل من الخلقة و أن المراة للرجل كالعبد للسيد) هذا التراث الذي صاغة هذا الفيلسوف على نحو نظري مجرد هل كان أرقى من الفكر الديني الذي يقول (ولقد كرمنا بني آدم )

مع فارق وحيد أن الأفكار السيئة عن المرأة اكتست ثوبا دينيا كما سيأتينا

إن إسلام الفقيه طبق نفس فكرة أرسطو عن المراة ليتداخل فقه المرأة عند اليونان مع فقه المرأة في الأديان السماوية فالمفاهيم عن المرأة اختلفت بين الدين و بين الفكر و بين واقع المرأة

الآن أدخل إلى دور العبادة عند المسلمين أو المسيحين أو اليهود أو البوذيين أو الهندوس أو الزارادشت و اسأل كبير علمائهم هذا السؤال ما هو تعريف المرأة في القرآن أو الإنجيل أو التوراة أو تيرافادا أو أفسيتا أو البهاغاوات غيتا ؟

هذه الكتب المقدسة عند هذه الأديان سيكون جوابهم سؤالك سخيف ، لماذا سخيف ؟ لأن القرآن لم يعرف المرأة و إنما تحدث عن (الحيض و النفاس و قال الرجال قوامون على النساء) النصوص في العهد القديم –التوارة (تتحدث عن الخطيئة الأولى و بسبب المرأة كان خروج آدم من الجنة) و في العهد الجديد الإنجيل (عاقبها الرب بالعادة الشهرية و بالألام وقت الحمل و الولادة) ،

و في بهاغوات غيتا (اعتبرت المرأة وسادة للرجل يتكئ عليها لراحته) ، و في أفسيتا في الزرادشت (المرأة شر مطلق يجب أن يقع العقاب عليها يوم القيامة و ليس على الرجل) ، و في تيرافاد غوتاما بوذا (اعتبرها سبب انحطاط الجنس البشري)

أرجو من القارئ الكريم الاحتفاظ بهذه الأقوال في الكتب المقدسة عن المرأة لأنني سآتي إليها لاحقا ، نحن حتى الآن لم نخرج بتعريف دقيق عن المرأة من الكتب المقدسة أليس كذلك إذن أين نذهب للبحث عن تعريف المرأة؟

دعونا نذهب إلى اللغة سنجد أن اللغة تضع المرأة قبال الرجل ، فالإنسان صنفان الرجل و المراة ، هذه يطلق عليها أنثى وذاك يطلق عليه رجل ، هنا يرد عندي هذا السؤال : عندما نطلق على الرجل (بالرجل) هل لأنه يملك عضلات قوية أو لأن عقله أرجح عن غيره ؟ و عندما نطلق على الأنثى (بالانثى) هل لأنها تملك وجه حسن أو أنها تملك عواطف أكثر من غيرها ؟ هذا لن يوصلنا إلى مبتغانا

دعونا نذهب إلى علم النفس ماذا يقول عن تعريف المراة ؟ هذا علم جديد ظهر حديثا و سمي بعلم النفس المراة فهو يبحث عن استثمار سلوك المرأة اجتماعيا لإحداث تغييرات في حقل العمل هذا أيضا لن يوصلنا إلى ما نريده

دعونا نذهب إلى علم الاجتماع ماذا يقول عن تعريف المرأة ؟ هذا العلم يبحث عن مشاكل المراة في المجتمع ، الآن تاكدت أنني لو بقيت طوال اليوم أعدد لكم العلوم و أبحث فيها عن تعريف المرأة فلن أحصل على نص دقيق بل سأحصل على ماهية هذا العلم و ما يبحث فيه عن المرأة ، فكل علم يبحث جزءا معينا فيها و هذا دليل

أن الموضوع يتعلق بالعلم عن هذا الرجل أو عن هذه المرأة ، و ليس البحث في التمايز البيولوجي قد يقول قائل أن تعريف المراة من واضحات المسائل ، و لكن ما وجدناه في العلوم الإنسانية غير ذلك ليس بهذا الوضوح ، و لكنه بنحو إجمالي يمكنك التمييز ز اجتماعيا فهذا رجل و هذه إمراة ، هذا ذكر و هذه أنثى و حسب منطق أرسطو الإنسان حيوان ناطق

و عندما تأتي إلى الحيوان تقول جوهره ماذا ؟ جسم يتحرك بالارادة ، ناطق ام ليس بناطق ؟ تقول ليس بناطق ، إذن جوهره ليس مرتبط بالنطق و إنما بالجسم و إذا قلت أن المرأة ناقصة عقل ، فهل العقل مرتبط بالجسم أم بالروح ؟

إذا قلت بالجسم فهندسة الجينات يمكن أن تظهر المرأة أقوى من الرجل ، انظر إلى (آمنة حداد) أول إمراة عربية تنافس نساء الغرب في كمال الأجسام تستطيع إزالة الكتابة من على العملة المعدنية بإصبعها

إذن اتركوا هذه المسألة أن المراة ضعيفة ، لنفترض أن هذا ذكر و هذه أنثى ما هو الملاك أن تقول هذا ذكر و هذه أنثى ؟ ستقول الأحكام تحدد للذكر كما هي للأنثى فالملاك هو الحكم التشريعي هو الذي يميز بينهما .

السؤال : هذا التشريع إذا قمنا و بحثنا في الحضارات القديمة و الحديثة هل سنجد أنه اعترف بالمرأة كإمراة أم لم يعترف ؟

نكمل بحثنا في الحلقة (2) إن شاء الله تعالى… إلى اللقاء

-2-

توقفنا في الحلقة (1) عند هذا السؤال : التشريع الذي يميز بين الذكر و الأنثى في أحكامه إذا قمنا و بحثنا في الحضارات القديمة و الحديثة هل سنجد أنه اعترف بالمرأة كإمرأة أم لم يعترف؟

للإجابة على هذا السؤال نبدأ أولا بمكانة المرأة في الحضارة اليونانية :- أولا : جاء في كتاب (المرأة بين الجاهلية و الإسلام – محمد حامد ناصر –ص 2) (كان قدماء اليونان يبيعون النساء في الأسواق و يبيحون التعدد بغير حساب)

إذن الإثنيون من اليونان كانوا يعتبرون المرأة متاع تباع و تشترى و في نفس المصدر سقراط الفيلسوف اليوناني لم يكن يجد حرجا أن يقرض الرجل أصدقاءه زوجته، هل توقف الأمر فقط عند اليونانيين القدماء لا أبدا تعالوا معي إلى ما نشرته القناة العربية على صفحتها الإلكترونية بتاريخ 27 مايو 2019م

(ما بين أواخر القرن الثامن عشر و منتصف القرن التاسع عشر، عاشت إنجلترا على وقع ظاهرة فريدة من نوعها عرفت ببيع الزوجات، فخلال تلك الفترة كان من الطبيعي أن تفتح الصحيفة لتجد بها إعلانا تقدم به شخص ما لبيع زوجته بمزاد علني بأحد الأسواق وبحسب العديد من المصادر التاريخية، شهدت إنجلترا ما بين عامي 1780 و1850 أكثر من 300 مزاد لبيع الزوجات)

ثانيا : ملك فليوباتور منع المرأة من التصرف في المال إلا بإذن زوجها و صار كل شيء للرجل و لا يحق للمراة التملك حتى العقار انتبوا سيأتي خلال البحث لماذا منعت المرأة في الإسلام من الميراث في الأرض من أين جاء هذا الحكم من القرآن أم لا ؟

ثالثا : الطائفة الإسبرطية في اليونان كانوا يمنعون الرجل من تعدد الزوجات و لكنهم سمحوا للمراة بتعدد الأزواج و كان لها حق الميراث في المنقولات و غير المنقولات وكان أرسطو يعيب عليهم هذه الحرية التي أعطيت للمرأة

الآن عرفتم عندما تقرؤون أن أرسطو عندما سئل كيف أصبحت فيلسوفا قال بسبب جهل زوجتي و هو بنفسه كان يشجع حكام اليونان على إذلال المرأة فهو طبق قاعدة رمتني بدائها و انسلت و الغريب أن المهتمين بالفلسفة عندما تقرأ كتبهم ستجد أنهم اعتمدوا قواعد فلسفية لأرسطو لذا لا تتعجبوا إذا وجه اتهام للفلسفة الإسلامية أن ما لديكم هي فلسفة يونانية لا إبداع لكم فيها

مكانة المرأة عند الرومان : جاء في كتاب (المراة و حقوقها في الإسلام –مبشر الحسيني ص 10) (و لم تكن المرأة في الدولة الرومانية أحسن من غيرها في ظل الجاهلية، فقد كانت أقبح حالا و أكثر ذلة، لأن قدماء الرومان كانوا يعتقدون أن المرأة أداة الإغواء و وسيلة الخداع و إفساد قلوب الرجال.

واقعا أنت تتعجب من منطق الرجل أحيانا ، إذا تزينت المرأة فإنها تفسد قلوب الرجال و لكن إذا تزين الرجل لا يفسد قلوب النساء ،أنت هذا الذي تسمعه على المنابر أليس كذلك إذا تزينت المرأة تلعنها كم من الملائكة ؟ عدد ما تشاء ، و لكن إذا تزين الرجل فإن الملائكة تحمله على أجنحتها و كلما مر بواد سمع صوتا يناديه السلام عليك يا ولي الله

لذا كان الرومان ينظرون إليها نظرة احتقار، و يفرضون عليها عقوبات متنوعة، و من أغرب ما يروي التاريخ في ذلك: أن الرومان عقدوا مؤتمراً لبحث شؤون المرأة و انتهى إلى القرارات الآتية :

أن المرأة ليس لها نَفَس لذا فإنها لا تستطيع أن تنال الحياة في الآخرة ، على المرأة أن لا تأكل اللحم و لا تضحك ويجب عليها أن لا تتكلم لأن صوتها عورة و صوت الرجل ليس بعورة ، أن المرأة رجس من عمل الشيطان تستحق الذل و الهوان في المجتمع لأنها مخلوقة للمتعة ، على المرأة أن تقضي حياتها في طاعة الأصنام و خدمة الزوج بمعنى حسن التبعل و لكن العكس غير موجود لأنها ليست ندا للزوج

هذه الثقافة موجودة عندك في الإسلام أم لا ؟ نعم موجودة الفارق هو أن هذه القرارات جاءت من الحاكم الروماني بينما أنت فقد ألصقتها على ظهور الأنبياء و الصالحين خذ مثلا

ملا صدر ا في الأسفار الحكمة المتعالية المجلد 3 ص 136 يقول عن المرأة (و لكم فيها جمال حين تريحون و حين تسرحون) هذه العبارات تجدها في سورة النحل آية 6 ( ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون )

والفقيه الحكيم الفيلسوف السبزواري يقول في الحاشية إن المرأة كسيت بصورة الإنسان فالرجل يشمئز عن محبتهن و لكن يرغب نكاحهن بمعنى هي للمتعة إذن دخلت الثقافة الرومانية في تراثكم أم لا ؟ الجواب نعم وألف نعم

مكانة المرأة عند الفرس :- جاء في كتاب (المرأة بين الجاهلية و الإسلام – محمد حامد ناصر ص 1) (كانت المرأة في شريعة ” مزدك” مباحة كالمتاع حتى صار الرجل لا يعرف ولده، و الولد لا يعرف أباه، و حاول ” مزدك ” أن يفلسف مذهبه حيث يرى أن أكثر ما بين الناس من شحناء و سفك دماء سببه النساء و الأموال، فأحل النساء و الأموال، و جعل الناس شركة فيها كالماء و النار و الكلأ )

نكمل بحثنا في الحلقة (3) إن شاء الله تعالى … إلى اللقاء

-3-

مكانة المرأة عند الفراعنة المصريين : أعتقد لم تحظ المرأة مكانة في الحضارات القديمة مثلما حظيت بها في عصر الفراعنة و التي كانت تتمتع فيها بمكانة مرموقة على المستويين الشعبي و الرسمي فكان الزوج يدفع لها مهرا و كان يطيعها و كانت تمارس التجارة و تخرج إلى الأسواق

و تتدخل في تنظيم شؤون الدولة إلى جانب الحاكم فلا تجد صورة له إلا و إلى جانبه زوجته و عندما ظهرت آثار الحفريات و النقوش على الجدران وجدت صور لها و تماثيل أكثر من الرجل (المصدر المرأة بين الجاهلية و الإسلام – محمد حامد الناصر) .)

التشريع اليوناني لم يعترف بحقوق المرأة فهو يعتبرها مخلوقا تقل قيمته عن قيمة الرجل يقول أرسطو إن الطبيعة لم تكن مستعدة لتزود المرأة بأي استعداد عقلي لذلك وظيفتها اقتصرت على تدبير الشؤون المنزلية و تربية الطفال

و هذه النغمة نسمعها دائما عبر المنابر الروزخونية أن المرأة مكانها البيت و على المرأة أن تتخذ من السيدة فاطمة قدوة لها فهي تصدقت بثوب زواجها ليلة زفافها و نزل ثوب جديد من الجنة لها ، السؤال أين ذهب هذا الثوب الذي نزل من الجنة ؟ هل تصدقت به السيدة فاطمة بعد زواجها أم لا ؟

لن تحصل على الجواب منهم لماذا ؟ لأن الهدف من هذه القصة محاصرة المرأة في مجتمعاتهم اجتماعيا و ماليا كي تبقى فقيرة تتسول و لا يكون لها استقلال مالي في قبال الرجل ، فكان ضروريا فبركة قصة خيالية ، فجاؤوا لك بتلك القصة ،حتى التوقيت تم اختياره بإتقان

هذه الأصوات الروزخونية التي ملأت آذاننا صخبا عليها أن تعرف أن السيدة فاطمة تركت لنا تراثا غنيا أصبح مصدرا للباحثين في العلوم الإنسانية في عصرنا الحاضر ، فهي تتطلع إلى النساء المؤمنات ليحملن هذه الأمانة العلمية إلى الناس و ليكن قدوات لنساء عصرهن لتدخلهم معها تحت الكساء.

أما التشريعات في القانون الروماني فالمرأة كانت عندهم فاقدة للأهلية و هذا القانون يجيز للزوج بيع زوجته في سوق النخاسة و إذا مات تصبح المرأة ضمن التركة تدخل في الميراث يرثها من هو صاحب الحق

أما التشريعات في القانون الفارسي فإنه أباح أن يتزوج الرجل من ابنته و أخته و الجمع بين الأختين و تعدد الزوجات كان مباحا أقرته شريعة زرادشت أيضا و إذا ولدت بنت في بيت ما فإن الأب يعيطها لبيت آخر لتربيتها

إذن نحن استطعنا أن نحقق الهدف الأول لمعرفة موقف التشريعات في الحضارات القديمة من المرأة الآن تعالوا لنتعرف كيف نظرت الديانات السماوية إلى المرأة و كيف تعاملت معها و ماذا قال الأنبياء عنها باعتبار الكتب المقدسة هي المرجع الوحيد لهذا التاريخ .

لنر ماذا تقول التوراة عن المرأة ( و قال لها الرب سأضاعف آلامك و أحزانك مضاعفة كبيرة و ستلدين الأطفال بالآلام وحدها و ستكون حياتك خاضعة لمشيئة زوجك و سيظل زوجك حاكما عليك) هذه أول إشارة إلى حادثة الولادة فقد أدانت التوراة المرأة و قررت معاقبتها و الأنجيل لم يخرج عن التوراة راجع رسالة بولس إلى (تيوثاوس صحاح2 8-15)

تعالوا لنر ماذا يقول القرآن الكريم عن المرأة في سورة النساء آية (34) ( و اللائي تخافون نشوزهن فعظوهن و اهجروهن في المضاجع و اضربوهن فإن أطنعكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا)

من الواضح تحطمت جميع آمال المرأة و مستقبلها لماذا ؟ لأنه لا يوجد عند المرأة منافذ تستطيع الخروج بواسطتها من سلطة الرجل و هيمنته و أنا هنا لا أريد أن أتسبب في جرح مشاعر أهل الدين فلست بصدد التحقق من هذه النصوص في هذا البحث بقدر ما أهدف إليه و هو معرفة كيف بدأ مشروع محاصرة المرأة من الرجل و هذا الهدف قد تحقق

بقي لي تقرير قيمة الدراسات و النظريات التي طرحت حول المرأة و ما هو موقفها من الخطاب الديني هل هو ضد النص المقدس أم هو ضد تفسير النص المقدس ؟

نكمل بحثنا في الحلقة (4) إن شاء الله تعالى …. إلى اللقاء

-4-

تحدثت في الحلقة (3) أنني لن أحقق في الكتب المقدسة التي تحدثت عن مكانة المرأة في الأديان و لكن دعونا نتعرف على هذه الكتب المقدسة (التوراة و الإنجيل و القرآن الكريم) هل النصوص التي قرأناها حول مكانة المرأة فيها من منبع واحد أم من منابع مختلفة ؟ الحقيقة إنها نصوص من منبع واحد و لكن التشريعات اختلفت باختلاف الزمان لهذا اختلفت النصوص في التعامل مع المرأة ركزوا معي رجاء

أنت عندما تمر في الشارع و تلتقي بمسلم و تسأله السؤال الآتي: ما هو الدين عند الله ؟ سيجيب إن الدين عند الله الإسلام و هذه العبارات موجودة في سورة آل عمران آية 19 (إن الدين عند الله الإسلام) طالما كل الشرائع من منبع واحد فإننا سندخل في إشكالية تستأثر بها المرأة في النقاش فيها بمساحة كبيرة و واسعة كيف ؟

نحن عندما قرأنا النصوص حول المرأة في التوارة و الإنجيل و القرآن الكريم وجدناها مقسمة إلى ثلاثة أقسام ، قسم فتح المجال لسجال فكري يصل إلى مستوى دراسة النوايا كالقرآن الكريم و قسم خرج إلى الحالة الدونية لنكران هذا الإنسان المسمى (بالمرأة) كالتوارة ، و قسم أخذ طابعا أيدلوجيا يصل إلى مستوى المحاكمة كالإنجيل

و لعله يمكن القول أن نقطة البداية في معالجة قضية المرأة أولا كان نكران المرأة و نبذها من المجتمع و إلغاء هويتها ، لأن التوارة جاءت قبل الإنجيل و قبل القرآن الكريم ثم انتقل الدور إلى الإنجيل في قضية المرأة و أخذ طابعا إيدلوجيا يصل إلى محاكمتها ، ثم انتقل الدور إلى القرآن الكريم في قضية المرأة و تطور ليصل إلى ضرورة دراسة النوايا للمرأة

هنا نطرح هذا السؤال : هذا التطور في قضية المرأة في الكتب المقدسة يكمن سره في ماذا بالتحديد ؟ هل يكمن في التشريع أم في من فسر التشريع كالكاهن أو القسيس أو المرجع الديني ؟

إذا تتبعنا تطبيقات هذه النصوص نجد أن أولى الناس في تطبيقها هو النبي المرسل لأنك تريد الوصول إلى حقيقة هذا التطور فلو قلنا أن التوارة عالجت قضية المرأة في المجتمع اليهودي بنكرانها فهل نبي الله موسى كان ينبذ المرأة أم لا ؟

الجواب كلا لأن رابع إمراة دخلت في حياة نبي الله موسى هي زوجته بعد أمه و أخته كلثوم و آسيا بنت مزاحم زوجة فرعون ، و كانت السيدة صفورا زوجته عبر عنها القرآن بأنها جاءت إليه باستحياء و قالت له إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فهي كانت سر موسى كليم الله ، إذن النصوص التي قرأناها في التوراة عن المرأة هي نصوص بشرية وليست إلهية

ما هو وضع عيسى روح الله النبي هل شجع على إلغاء هوية المرأة ؟ الجواب كلا ، من الأقوال المأثورة المنقولة عنه هي ( الله المحبة من لا يعرف المحبة لا يصل إلى الله عز و جل و لا يعرفه حق معرفته) (طوبي للمتراحمين أولئك المرحومين يوم القيامة ، طوبي للمستحين من الناس أولئك من المقربين يوم القيامة) ( أنا هو نور العالم من يتبعني لا يمشي في الظلمة أبدا)

بالله عليكم هذه النصوص تنسجم مع النصوص التي عاقبت المرأة في الإنجيل و اعتبرتها نجسة طوال حياتها ؟ أبدا لا تنسجم . تعالوا لنر ما هو وضع النبي الخاتم (ص) مع المرأة من الأقوال المأثورة عنه ( المرأة ريحانة و ليست بقهرمانة) الآن قل المرأة النشاز يحق للزوج أن يضربها أم لا ؟ مؤكد لا إذن تفسير كلمة فاضربوهن في سورة النساء هو تفسير بشري و ليس وحياني

من هنا نقول و بكل ثقة أن المواقف التي تسوغ نفسها بالنصوص الدينية ترجع بالتأكيد إلى طبيعة القراءات المستخدمة لمقاربة هذه النصوص مع فهم الواقع الاجتماعي للرجل ، و ليس ثمة شك أن هذه القراءات هي ذات صبغة ظاهرية ، هنا نحن أمام إشكالية العقل في التعاطي مع قضية المرأة ، فهم لا يستطيعون السير في مسار تحرير المرأة إذا لم يسلكوا طريق تحرير العقل بما يتوافق مع القيم و المساواة و الحرية

مع هذا التطور الفكري في القضية النسوية وجدنا أنه يوجد هناك تجديد في هذا الفكر مثل الستر للمراة في عهد موسى ، و الأنسنة في التعامل مع المرأة في عهد نبي الله عيسى ، و التعامل الأخلاقي مع المرأة في عهد النبي الخاتم (ص) و هذا التجديد هل موجود عندك أو غير موجود ؟

مثلا هل نبي الله عيسى عندما جاء بشريعة طبق شريعة موسى في التعامل مع المرأة أم جدد فيها ؟ بالطبع لقد جدد فيها و كذا الحال مع النبي الخاتم (ص) لأن لكل زمان تساؤلاته الخاصة و عليك أن تجيب على كل سؤال ضمن بيئتك الثقافية ، و لكن إذا قلت أنك ستأتي بجواب من بيئة تبعد عنك قرن من الزمن فهل التجديد موجود عندك ؟ مؤكد غير موجود ،

جاء في سلسلة الأحاديث الصحيحة (للعلامة الألباني المجلد الثاني صفحة 148 إنّ الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها) و هذا دليل أن التجديد في الفكر الديني مهم و ضروري.

نكمل بحثنا في الحلقة (5) أن شاء الله تعالى …. إلى اللقاء

-5-

توقفنا في الحلقة (4) عند ضرورة تجديد في الفكر الديني ، لأننا لا يمكن الإعتماد على ما نقله لنا إنسان عاش قبل 5 أو 6 قرون يمكن ان يكون مطابقا في العصر الراهن الذي نعيشه نحن الأن

مثلا ما نقله لنا أبو قاسم الإسفرايني من كبار علماء أهل السنة في القرن 6 الهجري هل يمكن أن يكون مطابقا لقرن 21م ؟ أو ما نقله لنا إبن طاووس من كبار علماء الشيعة في القرن 7 الهجري هل يمكن أن يكون مطابقا لقرن 21م ؟ الجواب كلا لماذا ؟

لأنه قد يخطئ وقد يصيب وكذا الحال لكل العلماء الذين عاشوا فترة زمانهم فالأخطاء التي مرت عليها قرون ستكون جزءا من الدين وهذا سيشكل مانعا في فهم الدين فتصبح من المسلمات وهذه المسلمات من يتضرر بها ؟ أنا وأنت

إذن مواكبة تطور الزمن أمر لا مناص منه (السيد الطباطبائي في تفسير الميزان جزء 5 ص 352) يقول (إن الله لم يشرع شريعتين في زمن واحد قط بل هي اختلافات حسب مرور الزمان وارتقاء الإنسان في مدارج الاستعداد والتهيؤ) السؤال هذا التطور والحديث عنه يمكن تطبيق نظرية دارون في التطور أم لا يمكن ؟

قد يقبلها البعض منكم وقد يرفضها ، المهم نظرية التطور موجودة ام غير موجودة ؟ موجودة خذ ما تتناقله المنابر عند الشيعة الإمامية أن المهدي المنتظر عندما يظهر يضع يده على رؤؤس العباد فتكتمل عقولهم فيكون عقل الإنسان بمنزلة 40 عقلا ماذا يعني ذلك ؟

هل إن عقل الإنسان في ذلك الزمن سيكون عقله عن 40 عقلا لهذا الإنسان الذي يعيش في هذا العصر ؟ الجواب كلا وإنما يكون عقله قد تطور يوازي 40 عقلا للإنسان الذي يعيش في القرن 21 ، مثلا من منا لا يريد المزيد من المال كلنا نريد أليس كذلك ، نحتاجه أو لا نحتاجه سنقول ندخره لأجيالنا المهم رصيد بنكي يرتفع ، مؤمنا كان أو عابد أو زاهد أو غير مؤمن يريد المال للحاجة أو فوق الحاجة

أما في ذاك الزمن الوضع مختلف الشخص يأخذ بمقدار ما يحتاجه فقط لأنه العقل يفكر في تطوير المجتمع ، يجتهد لصنع شيئ جديد لهذا الإستعداد لقبول الرسالة الإلهية وشخص إلهي يكون علي يديه خاتمية تنفيذ إظهار الدين الإسلامي على الدين كله بحاجة إلى عقل متطور

أنت حتى الآن لا تستطيع ايجاد حل لهذه المسألة هل المرأة ترث زوجها في الأرض أم لا ترث ؟ هذه المراة التي بذلت كل حنانها وحبها وعاطفتها وضحت بوقتها ومالها في خدمة بيتها وزوجها قرابة 30 او 40 سنة عاشتها معه وهي غير مكلفة شرعا أن تقدم بعض تلك الخدمات له

وإذا بها ترى نفسها بعد وفاة زوجها بين سندان المععم ومطرقة أبنائها ، المعمم يسلبها ميراثها من الأرض بحجة حكم فقيه ثم يأتي إبنها ويقول لأمه و بكل شجاعة انت لا تستحقين ميراث من أبي من الأرض ، علما أن الولي الفقيه السيد الخامنئي عدل في فتوى حصة المرأة من أرض الزوج المتوفي بعدما كانت محرومة من ذلك في عام 2008 م وأقرته الهيئة القضائية الإيرانية ،

وكذلك المرحوم المرجع السيد محمد حسين فضل الله قال (المعروف المشهور بين فقهاء الإمامية عدم إرث الزوجة من العقار لكنه محل إشكال عندنا فلا يترك الاحتياط بالتصالح بين الزوجة وباقي الورثة في ذلك) (المصدر الموقع الرسمي له – إستفتاءات – بينات) ، فأرجع حصة المرأة من أرض الزوج المتوفي إلى التصالح بين الورثة جميعا ، وكذلك الأزهر الشريف يجيز للزوجة أن ترث زوجها في كل ما ترك المنقول وغير المنقول ، ولكن هناك بعض المرجعيات الدينية الإسلامية تحرم المرأة من حصتها من أرض الزوج المتوفي.

إذن خصوصية الإنسان هو ما يميزه عن باقي الكائنات الحية فهو بعقله وفكره فتعطيل العقل والفكر تعطيل لإنسانيته لهذا إذا عرضت عليك أية قضية تؤمن بها أو تعتقد بها عليك أن تضع أمامها علامات الإستفهام لتصل إلى حقيقة ما يقولونه وإذا لم ننهج هذا النهج فكتاب الله صريح هم كالإنعام بل أضل سبيلا

أطمئن إذا اخرجت هذه القوة إلى قوة الفكر والعقل فإنك ستصل إلى عتبة الفعل إلى عتبة التنفيذ إلى عتبة الإختلاف مع المشهور لا الخلاف هناك فرق بين الإختلاف وبين الخلاف لغويا نحن لا نخالف أحد بل نختلف مع الأخرين إذا لم يتفق العقل والفكر معهم

أنت قس على واقعك المعاصر هل هناك اتفاق في المذاهب الإسلامية ؟ لا . هل هناك اتفاق في مذهب واحد ؟ لا . هل هناك اتفاق في حكم اجتهادي واحد ؟ لا .

هذا اختلاف أم خلاف ؟ اختلاف لأنهم يفكرون ولكن الذي اختلف معهم أين يضعونه في أي خانة ، خانة العلماء أم خانة البهائم ؟

علما أنه تجمعهم كلمة التوحيد ولكن هذه الكلمة لها عدد أم ليس لها عدد ؟ إذهبوا وانظروا إلى الفتاوى التكفيرية الشخصية ستين بيان يخرج لهذا الشخص لا نحضر افراحه ولا نتعامل معه ولا ولا ولا ، وتنشط كل الوسائل التواصل الاجتماعي لإسقاطه لماذا ؟ لأنه اختلف معهم في نظرية معينة في العقيدة أو في فهم قواعد الأصول

هؤلاء يقرأؤن القرآن أم لا ؟ جاء في سورة هود آية 118 ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين) إذن الإختلاف رحمة إلهية وعلى هذا الأساس قامت الحضارات الإنسانية على الأرض وتطورت المجتمعات ووصلت إلى ما نحن عليه الأن في القرن 21 م

نكمل بحثنا في الحلقة (6) إن شاء الله تعالى ….. إلى اللقاء

-6-

عرفنا أن التجديد لا مناص منه في الفكر الديني و هو سنة إلهية ، و عندما نقول سنة إلهية فإننا نقصد تلك الحقيقة التي لا تأخذ صبغة التغيير بمعنى أن التوحيد لا يتغير بسبب وجود فكرة إله آخر غير الله عز و جل ، و النبوة لا تتغير بوجود شخص يدعي النبوة ، هذه الحقائق عندما تعبر الزمان و المكان تبقى كما هي لا تتغير

و هناك قسم ثان يسمى بالفكر الإنساني ، هذا الفكر يمكن أن يأخذ صيغة الفكر القديم أو الجديد حسب زمان و مكان يتواجد فيه الإنسان ، الآن نحن نناقش قضية المرأة هل يمكن أن تأخذ هذه القضية صفة القديم و الجديد ؟ الجواب نعم

لأنه تعاطي الرجل مع هذه القضية كان ضمن فكره هو و ليس ضمن ما هو مطلوب في الكتاب المقدس بمعنى أن الرجل عندما فسر النص المقدس فسره ضمن زمانه هو و مكانه هو و فكره فهذا الفكر يأخذ صفة القديم و الجديد

و متى ما كان الفكر الإنساني هو الدين و إن كان ما يتحدث به أو ينطق به جاء من عالم آخر لا يعتريه التغيير و التجديد و لكن الإنسان و فكره ليس كذلك فهو يقع في خضم التغييرات الزمانية و المكانية و يتأثر بها أيضا

الآن عندما يطرح عليك موظف التعداد السكاني هذا السؤال : كم عدد النساء في بيتك ؟ ستعد كم عدد خالاتك ؟ كم عدد عماتك ؟ كم عدد أخواتك ؟ كم عدد بناتك ؟ إضافة إلى أمك ثم تجيبه العدد كذا 8 أو 11 أيا كان العدد

السؤال هذه المرأة في بيتك بثقافتها و فكرها هل هي نسخ لمن كانت قبلها في الأسرة أم هي تغيرت ؟ فإذا قلت تغيرت فهذا يعني هناك تجديد في فكر المرأة ، هناك تجديد في صناعة الفكر عند المرأة ، هناك تجديد في بناء الأسرة ، هناك تطور ملحوظ في المجتمع ، أما إذا قلت لا ، فلا تجديد و لا تطور و لا تغيير بل سيكون الجهل و الحرمان سيدا الموقف ، فإذا أخطأت هذه المرأة عندك في الأسرة هل تستطيع أن تقول لها لتكن السيدة فاطمة قدوة لك ؟

برائي ليس من حقك أن تقول لها ذلك ، السيدة فاطمة هيأ لها أبوها (ص) الظروف الاجتماعية لتترقى فكريا و ثقافيا وروحيا فكانت كل يوم هي في شأن حتى حازت على لقب سيدة نساء العالمين هل تعتقد أن هذا اللقب حصلت عليه بلا ثمن ؟ لا أنت واهم إذا فكرت كذلك

فإذا أردت أن تكون المرأة عندك في البيت مقتدية بالسيدة فاطمة فهيأ لها الظروف لترتقي فكريا و ثقافيا وروحيا غير ذلك فإننا دخلنا في إشكالية في مسألة المرأة لابد أن نعترف أن هناك مشكلة في مسألة المراة ، و عندنا مشكلة مع الرجل لأنه لا يريد أن يتغير و عندنا تهديد حقيقي بإصابة المجتمع بشلل نصفي إذا لم تعالج هذه الإشكاليات

لهذا أنا استغرب من بعض الأصوات أن الإسلام أعطى للمرأة حقها ، لا أحد ينكر أن الإسلام جاء ليعطي للكل من الذكر و الأنثى حقه ، و هذا الحق لا يتغير و لكن الذي تغير هو تفسير هذا الحق و انحرافه عما هو المطلوب من النص المقدس في الدين الإسلامي تعالوا معي لنقوم بالمقارنة بين مكانة المرأة في الدين وبين مكانة المراة في المجتمع

أنا لن أبتعد كثيرا عن هذه الآية 34 من سورة النساء(الرجال قوامون على النساء) ظاهر الآية ما هو ؟ الرجال (الذكر) لهم قيمومة على النساء (المرأة) هذا المشهور عند المفسرين أليس كذلك السؤال: هل القرآن عندما ذكر مفردة (الرجال) يعني الذكر في قبال الأنثى أم لا؟

الجواب كلا نحن قلنا سابقا أن فهم النص المقدس بحاجة إلى 10 قواعد أحد هذه القواعد فهم معنى الكلمة لغة ، جاء في (جزء 23 من المعجم في فقه لغة القرآن صفحة 504) (فلان رجيل أي قوي على المشي و أنه لذو رجلة و إمرأة رجلة ، في صفحة 507 ، الرجيل القوي على المشي الصبور عليه)

اذن مفردة الرجل يطلق على الذكر و الأنثى خذ هذه الآية 4 من سورة الأحزاب (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) هنا الرجل يعني الذكر دون الأنثى إذا كان كذلك هل جعل الله للمرأة قلبا واحدا في جوفها أم قلبين

من هنا نستدل أن القراءة التي قدمها الذكر للنص المقدس هي قراءة ذكورية و الحال أن كتاب الله لم يفرق بين الذكر والأنثى أبدا فالإسلام أعطى للأنثى حقها بالمساواة مع الذكر و لكن هذا الحق سلبه الذكر منها فمشكلتنا مع من هل مع الذكر أم مع الأنثى ؟ مع الذكر دون أدنى شك

نكمل بحثنا في الحلقة (7) إن شاء الله تعالى…. إلى اللقاء

-7-

طبقا لما تقدم أن مشكلتنا حتى الآن ليست مع المرأة و إنما مع الرجل و هذه المشكلة وراءها حقيقة و هي أن قضية المرأة هل تتطابق مع تفكير الرجل في المجتمع أم لا ؟ دعوني أقرب لكم المعنى أنت عندما تدخل إلى أي مجتمع هل تجد هناك عدد معين من الذكور يعتقدون أن هناك واقع نسوي غير مقبول بين الواقع الموجود و يقصد به الواقع الاجتماعي أو العرف الاجتماعي للنساء و بين الأهداف المنشودة منها ؟

فإذا لم تجد أي واقع غير مقبول حول الواقع النسوي فهذا يعني أن هذا المجتمع يملك رؤية صادقة في معالجة قضايا النساء فلن نواجه معه أية إشكالية في قضية المرأة .

و لكن إذا كان العكس حاصل فهناك واقع غير مقبول عند عدد من الذكور عندها علينا أن نعترف بوجود إشكالية في قضية المرأة و يجب فتح ملف لمعالجة هذه الإشكاليات السؤال : من يجب أن نسأل عن هذه الإشكاليات هل نسأل المرأة أم الرجل ؟ مؤكد نسأل المرأة لماذا ؟

لأنها هي التي تستطيع قياس مكانتها خاصة النخب منهن بعدم قبول الواقع الذي يتم التعامل به معهن في حقوقهن و إذا سألت إحدى النخب منهن لماذا لا تقبلن بالواقع الذي أنتن فيه ؟

الجواب : 1-لا توجد هناك حقوق مساوية بينهن و بين الرجل ، 2-عدم وجود الفرص المتساوية بينهن و بين الرجل ، 3-عدم وجود المؤسسات المدنية التي تناقش همومهن . و في المقابل إذا عرضنا هذه الإشكاليات على الرجل هل سيقبل بها أم لا؟ الجواب لا و سيعتبرها أوهام و أنه لا يوجد هناك ظلم لحق بالمرأة و أن جميع حقوقها مصونة و لا داعي لإثارة مثل هذه المواضيع

هنا علينا أن نحدد الإشكاليات التي طرحتها المرأة في عدم قبول الواقع من أين جاءت هل بشكل مباشر وجها لوجه مع الرجل ؟ أم من خلال مؤسسات مدنية و غياب دور المرأة فيها ؟ أم أن التاريخ وضع قيود استبدادية أمام المرأة و هذه القيود تعتبر من التجارب الناجحة في إدارة المجتمع و لم تتبدل المسائل حتى الآن ؟

للإجابة على هذه الأسئلة دعونا نرجع للوراء لنرى كيف عاشت المرأة في التاريخ لنتعرف على هذه التجارب ، نحن عرفنا أن المرأة في الحضارات القديمة و خاصة في الحضارة الفرعونية كانت تتمتع بمميزات تفوق فيها على الرجل فهي كانت تمارس التجارة ، و لها تواجد سياسي ، و كانت تدير العسكر و الجيوش خاصة إذا كانت زوجة فرعون الحاكم إذن هذه أول تجربة إيجابية للمرأة في قبال الرجل .

أما المرأة في ظل دعوات الأنبياء فتكفينا تجربة بنت خاتم المرسلين (ص) السيدة فاطمة و الصحابية أسماء بنت يزيد الأشهلية المعروفة بأم عامر ، الأولى وصلت إلى مرتبة سيدة نساء العالمين و لها ثقلها العلمي في التاريخ الإسلامي و من رواة الحديث يذكر علماء الحديث عنها 280 حديثا صحيحا ،

و الثانية شاركت مع النبي الخاتم (ص) في المعارك ضد الباطل كمعركة اليرموك و كانت من الصحابيات اللواتي يرجع إليها الصحابة في معرفة أحاديث النبي الخاتم و تعتبر من رواة الحديث يذكر النسائي عنها 81 حديثا صحيحا إذن هذه التجربة الإيجابية الثانية للمرأة في الحضارة الإسلامية

أما في الحضارة الأوروبية المعاصرة فالمرأة تتقلد منصب القضاء ، و لها حضورها الروحي في المؤسسات الدينية كالأم تريزا ، و لها حضور سياسي في صنع القرار المصيري للبلد كالملكة إليزابيث ملكة إنجلترا ، و لها حضور علمي مثل ليفيا سايمون عالمة كيمياء

و لها حضور فني مثل سارة ميشيل جيلار حاملة الحزام الأسود في الكاراتية التي تستطيع صرع 20 رجلا في دقائق قليلة و لها مشاركة في أفلام حربية تقتحم خندق العدو و تحرر الأسرى ، هذه التجربة الإيجابية الثالثة للمرأة في هذه الحضارة

أعتقد حصلنا على الإجابة لشق ثالث من السؤال حيث أن التجارب التاريخية أثبتت أن للمرأة في الحضارات الإنسانية حضور فعلي في الميدان العلمي و العملي فهل يستيطع الرجل أن ينكر هذه الحقائق التي كانت سببا في تقدم المرأة و تطور فكرها و بذلك تقدمت هذه الحضارات ؟ الجواب لا يستطيع

الآن لو أردنا أن نبحث في الإشكالية التي طرحتها النخب النسوية بعدم قبولهن الواقع مع الرجل وجها بوجه لنأخذ مثالا في الإرث هل النبي الخاتم (ص) منع المرأة من الميراث في الأرض بعد وفاته أم لا ؟

الجواب انتقل النبي الخاتم (ص) للرفيق الأعلى و بقيت أمهات المؤمنين زوجاته في بيته لم يسلب الخليفة أبو بكر حقهن في الأرض و لا الخليفة عمر و لا الخليفة عثمان و لا الخليفة علي ، فإذا كان عند أحدكم قول بأن هؤلاء الخلفاء الراشدون منعوا أمهات المؤمنين من الميراث في الأرض فليتفضل به علينا تفضله على الفقراء

فإشكالية المرأة في عدم قبول الواقع مع الرجل وجها بوجه في محله أم لا ؟ مؤكد في محله لأن ظلما لحق بنصف المجتمع و لعله النصف الأفضل و نحن لا نريد إنكار حق المرأة على أي مستوى كان حتى على مستوى الميراث.

نكمل بحثنا في الحلقة (8) إن شاء الله تعالى … إلى اللقاء