تراجع الاستثمار الاجنبي المباشرFDI في العالم خلال العام الماضي نتيجة لعدة أسباب منها الاضطرابات العالمية، وعدم اليقين الاقتصادي الذي تسبب فيه جائحة كوفيد 19، بالاضافة إلى حدوث تغييرات في قوانين الاستثمار في بعض الدول. هذه القضايا ربما تدفع الشركات ورجال الأعمال على حد سواء لأن يصحبوا أكثر ترددًا في الاستثمار من أي وقت مضى.
وإذا نظرنا إلى معظم الدول العربية نجد أن الاستثمارات الاجنبية المباشرة فيها شكلت نسبة ضئيلة بسبب المشكلات السياسية والاقتصادية والبطالة والبيروقراطية والفساد وغيرها من المشكلات الاخرى التي تعاني منها التي تؤدي إلى هروب الاستثمارات إلى دول أخرى. فالمستثمر الحقيقي ينظر اليوم بعين بصيرة إلى قضايا تأمن له العدالة والحزم تجاه مكافحة الفساد، وبأن تتميز الدول بقوانين مرنة غير معقدة، وتعامل المواطنين والأجانب سوية عند قيامهم بالاستثمارات فيها.
وكما هو معروف فإن الاستثمار الأجنبي المباشر هو ببساطة عبارة عن استثمار مالي خارجي تقوم به شركة أو مؤسسة أو فرد من بلد إلى آخر من خلال امتلاكه لشركة أو حصة فيها بنسبة معينة وفق قوانين الدول.
ووفق بيانات مؤسسة “موني ترانسفير” فإن الدول التي حظيت بأكبر استثمار أجنبي مباشر في عام 2020 كانت الصين التي احتلت الأولى في التدفقات من خلال حصولها على 212.5 مليار دولار بنسبة زيادة قدرها 14٪ عن عام 2019، فيما جاءت الولايات المتحدة الامريكية الثانية بالنسبة لمعظم تدفقات بواقع 177.1 مليار دولار وبانخفاض 37% عن عام 2019. أما الهند فقد حظيت باستثمارات قدرها 64.4 مليار دولار أمريكي عام 2020 لتحتل المرتبة الثالثة بين أكبر المتلقين، تلتها دول أخرى في اوروبا وآسيا وامريكا اللاتينية وكندا التي تراوحت الاستثمارات الاجنبية فيها بين 26 مليار دولار وأقل. أما أكبر زيادة في الاستثمارات الاجنبية المباشرة عام 2020 فقد كانت من نصيب لوكسمبورغ التي ارتفعت إلى 62 مليار دولار بنسبة زيادة قدرها 319% مقارنة بعام 2019، والتي تعتبر أيضا ثاني أغنى دولة في العالم من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. أما أكبر انخفاض في تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر فكان من نصيب فنلندا بحيث تراجعت النسبة فيها بواقع 81% لتصل قيمتها 2.6 مليارعام 2020 مقابل 13.5 مليار دولار عام 2019. كما خسرت روسيا أيضا نسبة 70% من تدفقات الاستثمار الاجنبي عام 2020 لتصل إلى 9.7 مليار دولار مقابل 32.1 مليار في عام 2019.
وهناك اليوم العديد من المزايا التي تدفع الاستثمارات الاجنبية في العالم منها قدرة تلك الدول نحو تحقيق لتنويع الاقتصادي بالاضافة إلى الحوافز الضريبية، وزيادة فرص العمل، وتلك التي تتميز بقلة تكاليف العمالة ولديها تفضيلات التعرفة. وتركز معظم هذه المزايا على خفض التكاليف وتقليل المخاطر للمؤسسات، بينما تعم الفوائد للدول المضيفة في مختلف الجوانب الاقتصادية في الغالب. ومقابل ذلك هناك عيوب في حال إدخال الشركات الكبيرة إلى أسواق دول جديدة منها إزاحة وتهجير الشركات المحلية التي لا تتمكن من مواجهة الشركات العملاقة، وخروج تدفقات الارباح من البلد المضيف وعدم استثمارها في الداخل، الأمر الذي يتطلب وجود تشريعات محددة لتعظيم المزايا وتقليل عيوب هذه الممارسات في العالم.