Image Not Found

سؤال عقلاني عن ربحية الشركة

حيدر بن عبدالرضا اللواتي – الرؤية
[email protected]

في سؤال بسيط وعقلاني طرحه أحد الزملاء الصحفيين على الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات الحكومية المقفلة في جلسة خاصة حول ربحية هذه الشركة مُقابل الإنجازات التي تحققها تلك الشركة في عدة مجالات، كما تحدث عنها المسؤولون في تلك الشركة. فما كان من الشخص المسؤول إلا أن أجاب بصورة هستيرية على السائل، مُعاتبًا له بأننا في جلسة خاصة وأنَّ هذه المعلومات لا تُذاع في مثل هكذا مكان، وأن الشركة تعمل في سرية وتتجنب الحديث عن هذه القضايا وغيرها في جلسة غير رسمية… إلخ.

لقد كان ذلك موقفاً سلبياً في نظري في طريقة الإجابة للمسؤول؛ بل الكثير من الحاضرين ربما يتفقون معي في أسلوب الإجابة غير المريحة للسائل والضيوف، خاصة وأن أحد رجال الأعمال المعروفين في هذه الجلسات علّق على ذلك قائلاً: إن مثل هذا السؤال اعتيادي أن يطرح في الكثير من الجلسات، باعتبار أن الربحية هي المؤشر الذي يتحدث عن نجاح أي مؤسسة من فشلها. وهنا تذكرت صحفية عمانية جريئة تطرح في الدقيقة الواحدة عدة أسئلة محرجة للسائل، وقلتُ في نفسي الحمد لله أنها غابت عن الجلسة المذكورة، وإلا لكان هناك نقاش كبير في مثل هذه المسائل، وهذا ما يجب أن يحدث في مثل هذه الجلسات الراقية التي تهتم بالقضايا الوطينة، وتفتح مدارك الناس بما يحصل في المؤسسات الحكومية وشركات القطاع الخاص.

ما أريد طرحهُ هنا هو أننا في وسائل الإعلام نطرح مثل هذه الأسئلة في مختلف الجلسات، خاصة وأن جميع دراسات جدوى الشركات والمؤسسات يُذكر فيها مصطلح BreakEven أي “نقطة التعادل” وهي النقطة التي تتحدث عن “لا خسارة” و”لا ربح” للمؤسسة، فيما تنطلق بعدها المؤسسة أو الشركة في تحقيق الأرباح في السنة التالية. وربما مثل هذه الإجابة كانت كافية على السائل لمعرفة حقيقة الإنجازات التي تحققها الشركة، بأن يقول بأن دراسة الجدوى تشير بأنَّ الأرباح التي سوف نحققها ستكون في عام كذا أو كذا.

فإذا كانت هذه الشركات لديها الإدارات الناجحة وتستخدم أساليب الرقابة والتفتيش والحوكمة، وتفعّل قرارتها من أجل تحسين مواقفها في مختلف الظروف، فلماذا يضجر بعض المسؤولين عن الإجابة على تلك الأسئلة، أو أن تكون إجابتهم خشنة؟ خاصة وأن السائل هو أحد الشخصيات الصحفية الذي يتناول الكثير من القضايا والمشاكل التي تهم الشركات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص بصورة مستمرة، وأنه يهتم بمعرفة الكثير من الأمور التي تهم هذه المؤسسات وتطورها مستقبلاً.

هذا لا يعني أنني أتحامل على الرئيس التنفيذي لهذه الشركة، فأنا أعرف هذه الشخصية جيداً هو الآخر، وهو رجل جاد ومحبٌ لعمله ووطنه، ويحقق إنجازات في المؤسسات التي يديرها، ويبذلُ الكثير من الجهود لتحقيق المزيد من الإبداع والإنجاز في مثل هذه المؤسسات، خاصة ولديه باع وخبرات طويلة في الحديث في مثل هذه الجلسات التي تشرفتُ بحضورها خلال السنوات الثلاثة أو الأربعة الماضية. كما إنه مهتم دائمًا بالحديث عن التطورات التي يتم تحقيقها في والإنجارات التي تتحقق في مثل هذه الشركات والأعمال، وهي إنجازات حقيقية وليست وهمية على ورق، كما إنه من الذين يهتمون بسياسة “التعمين” في المؤسسات التي يديرها، ويوفّر الوسائل واللوازم للكوادر العاملة معه ليتمكن كل شخص من تحقيق إنجازه في العمل وزيادة الإنتاجية في المؤسسة.

كما إنني من خلال هذا الطرح أوكدُ أن الجميع يعملُ في السلطنة بكل إخلاص وجد ولكن بدون ضجيج، وأن الحديث عن التطورات والإنجازات يعني الكثير لمؤسسات الدولة، خاصة في مثل هذه الظروف التي نمر بها، وأن الأسئلة التي تُطرح على المسؤولين في الدولة تعني أننا سائرون في تحقيق التنويع الاقتصادي التي ننشد في جميع جلساتنا ومناقشاتنا وقراراتنا.

ومن هذا المنطلق، علينا اختيار الإجابات الشافية ليكون الناس على علم بما يحصل في المؤسسات، خاصة في الشركات الحكومية التي لم يستطع معظمها حتى اليوم تحقيق الأرباح بالرغم من المصاريف الكبيرة التي تصرفها على المشاريع.

وهنا اعتذر من الجميع بألا أكون قد بالغتُ في نقل هذه الصورة، فمثل هذه الأحاديث أصبحت ضرورية في حياتنا اليومية، وأن الإجابات الواضحة عليها تعطي دروسًا للأجيال المقبلة بأن عليها كشف الحقيقة مهما كان الأمر صعبًا.