حسب دراسة مؤشرات التعليم العالي للهيئات الأكاديمية، والتي قامت بها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار؛ يتبين أن الهيئات الأكاديمية غير العمانية في التعليم الخاص ليست بتلك القوة، فمؤشراتها ليست جيدة جدا أو ممتازة، بل تتراوح بين الجيد والمتوسط والمنخفض، وتبين الدراسة أن هناك جنسية واحدة تشكل نسبة ٤٥% من تلك الهيئات وهي الجنسية الهندية. ومن جانب آخر هناك عدد من الجامعات والكليات الخاصة تحت الملاحظة الأكاديمية، وكذلك فإن النظام القضائي العماني لا يلاحق صاحب الشهادة المزورة إذا مر على شهادته ٣ سنوات حسب القانون، ولا يوجد بند قانوني لملاحقة أصحاب الشهادات الوهمية.
إن نسب العمانيين العاملين في التعليم العالي تتراوح في مكانها منذ العام الأكاديمي ٢٠٠٩ / ٢٠١٠ فقد كانت نسبتهم ٣٠%، وفي عام ٢٠١٠ / ٢٠١١ صارت ٢٨%، ثم في العام الذي يليه ٢٩%، ثم ٢٦%، ثم ٢٨%، ثم ٢٧%، ثم ٢٨%، ثم ٢٨%، ثم ٢٨%، وفي عام ٢٠١٨ / ٢٠١٩ أصبحت ٢٩%. فهناك انخفاض ومراوحة النسبة في مكانها عاما بعد عام رغم أننا نتكلم عن مدة زمنية قدرها عشر سنوات. فلم يحصل أي تحسن وكأن الأمر في غياهب النسيان، وكأننا لا نشتكي من تدني مستوى مخرجات التعليم العالي، فنحن متأخرون جدا في مؤشر جودة المخرجات الجامعية، وترتيبنا ٦٢ لعام ٢٠١٨، والقيمة فقط واحد من سبعة.
لذا اذا رغبنا في تحسين مؤشرات التعليم العالي وخاصة في الجانب البحثي وزيادة عدد الحائزين على شهادات الدكتوراه أو الاستاذية، فلا مناص من الإحلال السريع بخطط حثيثة. وهناك مجال للتفاؤل اذا توفرت الرغبة، فالكثير من شبابنا يتجهون إلى إكمال الدراسات العليا الماستر والدكتوراه بحماس كبير جدا.
لذا فإن المطلوب أن تلزم الجامعات والكليات باحتضان خريجيها المجيدين مدرسين لديها كخطوة أولى، ثم يتم ابتعاثهم لإكمال الدراسات العليا كي يرجعوا ليعملوا في هذه الكليات والجامعات، وهذا المنحى هو الذي تعمل به جامعات وكليات العالم المرموقة، فهي تحتضن مجيديها ومبدعيها من الطلبة، كي يتحولوا تحت عينها وتحت رعايتها إلى هيئات أكاديمية راقية جدا.
من جانب آخر فان استراتيجية التعليم ٢٠٤٠ قد حددت أن يتم تعمين الهيئات الأكاديمية بنسبة ٦٠% في عام ٢٠٤٠، ويبدو أنه رقم متواضع مع رغبة شبابنا الكبيرة للالتحاق بالدراسات العليا. إن العمل على سرعة إعادة فتح البرنامج الوطني للدراسات العليا، وتحديد حوالي نصف البعثات لابتعاث الشباب الذين سيتم إحلالهم في الكليات والجامعات هو أحد الحلول المهمة. وخاصة أن الوزارة خصصت ٥٠ بعثة في عام ٢٠١٩ لأجل هذا الاحلال، لكنها توقفت مع توقف البرنامج.
لا نقول بتعمين الهيئات الأكاديمية بنسبة ١٠٠% لكن آن الأوان أن يصل التعمين والإحلال الى ٧٥% بعد أكثر من خمسين عاما على النهضة الحديثة، وأن نحقق أهداف رؤية ٢٠٤٠ لاستثمار طاقات الشباب وإمكانياتهم ورغبتهم في العمل في سلك الهيئات الأكاديمية، وأن نحسن جودة مخرجات التعليم العالي.