إن لغة الأرقام واضحة ومحددة وحاسمة، ومن الأرقام نلاحظ رسوب حوالي ١٩% من طلبة الصف الثاني عشر في دبلوم التعليم الثانوي كل عام، وهو رقم كبير إذا أضيف إلى عدد المتسربين أو المنقطعين عن الدراسة خلال المراحل الدراسية المختلفة. أرقام تتجمع كل عام وتصنع إشكالية كبيرة، فعملية التنمية البشرية وتطويرها عبر التأهيل والتدريب لا يمكن أن تستقيم وتؤتي أكلها ونحن نشهد هذه المغادرة الكبيرة لمقاعد الدراسة من قبل شبابنا ومراهقينا.
من ناحية ثانية هناك حوالي عشرة آلاف طالب متسرب ومنقطع من التعليم العالي كل عام، فلا يكملون دراساتهم سواء الدبلوم المتقدم أو البكالوريوس أو الليسانس، وهو رقم كبير أيضا بالمقارنة بعدد الذين يتجهون إلى استكمال الدراسة العليا، فإذا كان عدد الذين ينتسبون سنويا إلى قطاع التعليم العالي حوالي ٣٠ ألفا، فهذا يعني أن هناك حوالي نسبة الثلث تتسرب من التعليم العالي، ويعزيها البعض إلى نظام التعلم باللغة الإنجليزية في الكليات والجامعات، وهو ما يحتاج إلى دراسة وبحث للتأكد والتحقق.
إنها تحديات كبيرة تواجه وزارة التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، إنها تحديات لا يمكن أن تنتظر المعالجة لوقت طويل، فهناك يوميا انقطاع وتسرب، وهناك تراكم سنوي للأعداد.
إن سرعة وضع حلول قصيرة وطويلة المدى، وحلول تكتيكية واستراتيجية لمعالجة هذا الفاقد البشري أصبح مهما جدا، لأنه فاقد خطير على المستوى الوطني، ويؤثر بشدة على التنمية البشرية، ويؤدي إلى زيادة حالات الفقر والعوز وتوسع مظلة الحماية الاجتماعية. فما يزال التعليم المدرسي والتعليم العالي هو الضمانة الحقيقية لرفع المستوى المعيشي للمواطن والمجتمع، فصاحب الشهادة يستطيع العمل بشهادته في بلاده أو في أي مكان في العالم، عمل يرفع من مستواه المعيشي والاقتصادي ومن مستوى المجتمع والوطن.