بالرغم من أن جائحة كوفيد 19 أدت إلى حدوث خسائر عديدة للعالم في مختلف القطاعات الاقتصادية منذ بداية العام الماضي 2020 وحتى اليوم، إلا أن قيمة التحويلات المالية للعمالة الأجنبية إلى مختلف دول العالم ظلت مرتفعة مقارنة بقيمة الخسائر الناجمة عن تعطيل الأعمال التجارية وتسريح العمالة، وما نجم عن ذلك من خسائر عديدة للمؤسسات والشركات في العالم، خاصة تلك التي تعمل في مجالات السياحة والضيافة والطيران وغيرها.
البيانات الصادرة عن مجموعة البنك الدولي أشارت في تقريرها الجديد لعام 2020 إلى أن قيمة تدفقات التحويلات المالية إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل سجلت في العام الماضي نحو 540 مليار دولار أمريكي بانخفاض قدره 1.6% مقارنة بعام 2019 حيث تم خلاله تسجيل نحو 548 مليار دولار امريكي. وهذا يعني بأن معظم العاملين في العالم تمكنوا من تحويل إدخاراتهم ومنافعهم المادية الشهرية إلى دولهم في هذه الجائحة دون أية مشاكل وصعوبات تذكر، خاصة وأن الاجراءات التي اتبعتها البنوك المركزية أثناء الجائحة سهلت عملية نقل الأموال من حسابات مصرفية إلى أخرى، بجانب إنشاء طرق حديثة في تحويل الأموال وبأسعار مخفضة في تلك الفترة مقارنة بما هو معتاد في بقية الايام. وهذا ربما ساعد الكثير من الاجانب في التحويلات المالية التي انخفضت قليلا في عام 2020 عن المستوى الذي تم تسجيله في الأزمة المالية التي عصفت بالعالم عام 2009. وفي هذا الصدد، تتوقع مجموعة البنك الدولي حدوث بعض الانتعاش في النمو العالمي خلال العام الحالي 2021، الأمر الذي سيؤدي حتما إلى زيادة قيمة التحويلات المالية للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بنسبة تصل إلى 2.6% وبمجموع 553 مليار دولار خلال العام الحالي، وبنسبة 2.2% في العام المقبل 2022 لتصل قيمتها إلى 565 مليار دولار.
وكما هو معروف فان التحويلات المالية من دول مجلس التعاون الخليجي إلى الخارج كبيرة نظر لوجود ملايين العمال الأجانب الذي يعملون في مختلف القطاعات والمنشآت الاقتصادية النفطية وغير النفطية، في الوقت الذي تتميز فيه دول المجلس بأن تكلفة إرسال الأموال إلى العالم بسيطة وتتم عبر المؤسسات المالية، وتصل نسبتها حوالي 3%، فيما تتباين تكلفة إرسال الاموال خارج نطاق دول المجلس قليلا.
ونظراً إلى احتياجات الدول النامية إلى هذه التحويلات السنوية لدعم وضمان إقامة مشاريعها الاقتصادية والاجتماعية، فان تكلفة الإرسال في كثير من دول العالم مناسبة وتتماشى مع أهداف التنمية المستدامة التي اقرتها المنظمات الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة الراعية للقضايا والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشعوب، وحرصها على عدم رفع تكلفة توصيل التحويلات المالية إلى الدول الفقيرة والنامية لتتمكن هي الأخرى من تأسيس المشاريع التي تهم حياة الأفراد الاجتماعية في مجالات التعليم والصحة والمياه النظيفة وغيرها التي تدخل مع متطلبات الحياة الاجتماعية وحقوق الانسان بصورة عامة.
لقد كشفت مجموعة البنك الدولي بأن نجاح تدفق هذه التحويلات تعزى إلى عدة أسباب منها تمكّن دول العالم من مواجهة كافة التحديات الاقتصادية الناتجة عن تفشي جائحة فيروس كورونا من جهة، بالرغم من تراجع مستوى أسعار النفط العالمية، وإلى وسائل التقنيات الحديثة التي أدخلت في عملية التحويل اليومي في هذا الجانب المالي الهام.