Image Not Found

رؤية جديدة لمعالجة العجز المالي (1)

علي بن حبيب اللواتي – الرؤية

الجميع بات يعلم ما تعانيه الدولة من عدم القدرة على توفير الإيرادات الكافية لتمويل تكلفة موازنة عام 2021؛ حيث سجلت عجزا يقدر بـ2.5 مليار ريال ودينا عاما بـ17 مليار ريال عماني حسب ما نشر رسميا.

وعليه؛ قامت باتخاذ الكثير من الإجراءات المالية لرفد خزينة الدولة، فتم زيادة رسوم جميع الخدمات، وفرض أنواع متعددة من الضرائب بأسماء مختلفة، وفرض التقاعد الإجباري للموظفين على المجتمع، وغيرها من الإجراءات المؤلمة. وجميع ذلك هدفه ترشيد الإنفاق العام وتوفير إمدادات مالية جديده، إنه ببساطة ماكينة تدور لقرض ما يمكن قرضه من جيوب مكونات المجتمع، ومن دون التأكد من قدرة هذا المجتمع على الصمود، وأعتبر أنَّ هذه النظرة أحاديةَ التوجه لحل الأزمة.

وفي المقابل، هناك حلول عديدة أخرى لم يتم حتى التفكير فيها لتكون هي أيضا من ضمن الحلول المساهمة بفاعلية في رفد خزينة الدولة، إضافة إلى ما تحمله تلك الحلول في طياتها من مشاريع جديدة ستخدم الشعب والوطن.

وفي هذا المقال من سلسلة “عمان نهضة متجددة”، أُسلط الضوء عليها من عدة جوانب:

اولا: المباني الحكومية واستقطاب الجامعات العالمية الكبرى

الجامعات ذات السمعة العلمية المتميزة حلم كل طلاب العالم للدراسة فيها؛ لما ستوفره لهم من تعليم راقٍ رفيع وشهادة معترف بها عالميا، فتنفتح أمامهم أبواب العلوم الحديثة والمعرفة والتكنولوجيا والرؤى المبتكرة ؛ ومستقبلا الوظائف المرموقة. وتسعى الدول إلى استقطاب تلك الجامعات إلى أراضيها لتحتضنها ولتجعلها أحد منابر التعليم لأجيالها.

ومن هذه الزاوية، نرى أنَّ هناك مباني حكومية ضخمة أنيقة كالوزارات والمباني والقصور… وغيرها، مبانٍ راقية وشيدت وفق أعلى المواصفات الهندسية العالمية على مساحات واسعة. لنمد بصيرتنا ونسأل: إذا تم استثمار تلك المباني غير المستخدمة بكثافة لصالح الوطن والمجتمع، ألن تستفيد الحكومة من هذا الاستثمار بعوائد مالية ضخمة مستمرة؟

ولنفكر معا في بعض تلك المنافع باختصار: توفير المبالغ العالية لصيانة تلك المباني الضخمة يوميا وسنويا، وتوفير مبالغ عقود التنظيف اليومي الخيالية، وتوفير تكلفة فواتير استهلاك الكهرباء والماء، وتوفير تكلفة الطاقم الإداري المشرف على أعمال الصيانة والتنظيف والترتيب…إلخ.

إنَّ هذه المصروفات بلا شك ستتعدى مجرد بضعة ملايين الريالات والتي لا تنشر عادة التكلفة الفعلية ليطلع عليها المجتمع. كل ذلك فقط في جانب التوفير. وبلا شك أنَّ هناك جوانب أخرى مثل العوائد المالية، والدور الإقليمي، والبيئة العلمية الرفيعة، وفتح مجالات جديدة للأجيال العمانية.

وفيما يتعلق بالعوائد المالية، فإن هذه الجامعات المرموقة الدولية تطمح لأن تنشئ فرعا لها في إحدى الدول الخليجية لتنشر مظلتها التعليمية وتحقق العوائد المالية أيضا، ومن ثم سترى أنها فرص عظيمة إذا توفرت لها مبانٍ راقية لتقيم عليها فرعها الإقليمي بالخليج.

تلك المباني الفخمة ستعرض عليها للإيجار لمدة طويلة (50 سنة) بعقد تعود بالمنفعة المالية للدولة.

حينها ستكون عماننا الحبيبة مقرا إقليميا لجامعات راقية رفعية، هذا سيجذب الطلاب من الدول الخليجية للالتحاق بها، بدلًا من تحمل العناء والتغرب في الدول البعيدة، كون عماننا قريبة لدولهم فيسهل على الطلاب العودة بسهولة إلى ديارهم في الأعياد والمناسبات دون مشقة أو عناء أو ارتفاع للتكلفة. وهذا بلا شك سيحرك بقية القطاعات التجارية المطاعم والعقارية؛ حيث سيوفر مشترين ومستأجرين للشقق الفارغة.

وللعلم، وحسب احصاء نُشِر قبل أيام بأنه يتواجد فقط في مسقط أكثر من 7 آلاف شقة غير مستأجرة! فوجود هذه الجامعات الراقية في عمان بلا شك فرصة عظيمة للجامعات والكليات المحلية الوطنية لتبادل الخبرات والعلوم وتطوير الأبحاث العلمية المشتركة بينهم.

ومن ثم لن تضطر وزارة التعليم العالي لابتعاث طلاب لدراسة نفس التخصصات التي وفرتها تلك الفروع الإقليمية في الوطن، فتنخفض بذلك الاعتمادات المالية المخصصة في ميزانية الوزارة.

وتلك الجامعات الرفيعة ستوفر مجالات وتخصصات جديدة للأجيال العمانية، تخصصات لم تتمكن وزارات التعليم العالي ولا دول مجلس التعاون من توفيرها لأسباب كثيرة؛ منها أنَّها كدول منفردة لا توفر أعداد طلاب كافية لافتتاح هذه التخصصات لديها.

أما بوجودها في عُمان كرفع إقليمي لجامعات عالمية، فإنَّ مقاعدها ستحجز بشكل طبيعي من قبل جميع طلاب المحيط الإقليمي.

وعليه.. أدعو لتحويل عماننا الحبيبة إلى مركز إقليمي للتعليم التخصصي العالي.. والبقية في الجزء الثاني.