Image Not Found

الشتاء وقضايا الطاقة

حيدر اللواتي – لوسيل

الحكومات الخليجية يهمها كثيرا أن تتحسن أسعار النفط العالمية نظراً للخسائر التي لحقت باقتصاداتها المعتمدة على الإيرادات النفيطة، بسبب تراجع الأسعار منذ منتصف عام 2014 وحتى اليوم، مع بطئها في التنويع الاقتصادي وتأثر اقتصاداتها بسبب التأثيرات السلبية التي تتركها جائحة كوفيد 19 على الأعمال التجارية والوضع الاقتصادي منذ أكثرمن عام مضى.

موجة البرد الشديدة الحالية في أمريكا وبعض دول العالم تساهم في رفع أسعار النفط العالمية، في الوقت الذي لا يمكن لمشاريع الطاقة الخضراء أن تقدّم البديل المطلوب في مثل هذه الظروف المناخية السيئة. فالمسؤولون في بعض الولايات الأمريكيه، على سبيل المثال، يحذرون من حدوث كوارث بسبب هذا الطقس البارد التاريخي الذي يترك ملايين الناس من دون تدفئة نتيجة لانقطاع إمدادات الطاقة عن محطات المعالجة. فهذه الموجة تعمل على تعطيل الكثير من إمدادات مياه الشرب بالصنابير لملايين الأشخاص والأسر الأمريكية، في الوقت الذي يفتقد فيه الناس نصف طاقة توليد الكهرباء في تلك الولايات المتضررة بسبب تجمد آبار النفط وخطوط الغاز الطبيعي وتوربينات الرياح، فيما تتم المعالجة الحالية عبر تشغيل بعض محطات الطاقة النووية وتلك التي تعمل بالفحم.

فهذه الظروف المناخية تؤثر على الكثير من الأعمال التجارية اليومية في الدول الباردة بسبب إغلاق المحلات ومتاجر التجزئة التي يعتاد الناس الشراء منها، وتترك بذلك تأثيرات سلبية على قطاع الشحن البري والجوي وغيره من القطاعات الاقتصادية الأخرى. وجميع تلك العوامل تدفع بأسعار النفط العالمية نحو الارتفاع، الأمر الذي يدفع المتعاملين في شؤون عمليات النفط بشراء المزيد من الكميات في ظل مخاوف من أن يؤدي الطقس البارد إلى تعطل إنتاج المزيد من المؤسسات النفطية في أمريكا، وإغلاق الشركات العاملة في مجالات النفط والتكرير النفطي لأيام قادمة، في الوقت الذي توجهت فيه بعض الولايات الأمريكية باصدار قرارات بحظر تصدير كميات الغاز الطبيعي لحين تفعيل مشاريع إمدادات الكهرباء بصورة فعالة.

إن ارتفاع أسعار النفط العالمية في الآونة الأخيرة تعزى أيضا إلى شح الإمدادات والتخفيضات الكبيرة في عملية الإنتاج التي تقوم بها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجون آخرون يتحالفون مع هذه المنظمة، الأمر الذي يقلل من عمليات الإنتاج للفترات المقبلة، بالإضافة إلى تقيد الكثير من الدول في تقديم اللقاحات لشعوبها لمكافحة جائحة كورونا، الأمر الذي يساعد على تعزيز النمو الاقتصادي وتشغيل المؤسسات التجارية المتوقفة في المجالات السياحية والفندقية، وفي حركة السياح والناس.

فالعواصف الشتوية اليوم والبرودة القارسة تترك ملايين الناس بدون كهرباء، فيما لا يمكن لمشاريع الطاقة المتجددة من الرياح والشمس تقديم الكمية الكافية من الطاقة، فهي تعتبر ضعيفة في مثل هذه الظروف السيئة، الأمر الذي يتطلب توجيه الكثير من الاستثمارات الضخمة في مثل هذه المشاريع لكي تلبي حاجة الجماهير في السنوات المقبلة وفي مثل هذه الظروف الاستثنائية.

إن تغير المناخ يحتاج إلى توفير البدائل في مثل هذه الحالات والظروف سواء في أشهر الشتاء أو الصيف أيضا. فالموجات الحارة يمكن أن تسبب هي الأخرى كوارث للبشرية كما تعمل الموجات الباردة، والكل يجب أن يكون مستعدا لتحمل مشاكل الطقس وتأسيس المشاريع التي يمكن أن تحد من هذه الظروف مستقبلاً.