◄ نسعى لبناء نظام تأمين صحي إلزامي متكامل يتماشى مع ظروف السلطنة
◄ قطاع التأمين في السلطنة جاهز لتطبيق “النظام الإلزامي”
◄ 248.659 مليون ريال إجمالي رؤوس أموال شركات التأمين بالسلطنة
◄ تنويع المخاطر وندرة الكفاءات ونقص أعداد المستشفيات.. من أبرز تحديات تطبيق التأمين الصحي
الرؤية: 29 ابريل 2019
دعا خبير التأمينات مرتضى بن محمد جواد إبراهيم الجمالاني رئيس لجنة المال والتأمين بغرفة تجارة وصناعة عمان، إلى إنشاء “مكتب التأمين الصحي”؛ ليكون الجهة المخوَّلة بإدارة عملية تطبيق التأمين الصحي الإلزامي، مُقترحا أن يكون للمكتب إدارة تنفيذية ومجلس إدارة مستقليْن، وأنْ يقوم المكتب بدور تكميلي وتنظيمي وتشريعي وإرشادي وتنسيقي، وحل المنازعات بين المستشفيات وشركات التأمين والأطراف ذات العلاقة، والتنسيق مع مركز عمان للتحكيم التجاري.
وأكد الجمالاني -في حوار خاص مع “الرؤية”- أنَّ الوثيقة الموحدة للتأمين الصحي في السلطنة تُمثل الحد الأدنى من التغطية الصحية الأساسية التى ستُمنح لجميع المنتفعين ضمن مشروع “ضماني”، وتعنَى بتوفير الرعاية الصحية الأولية من خلال تقديم 3 خدمات رئيسية متمثلة في خدمات الترقيد والطوارئ ومعالجة الأمراض الأساسية التي تعيق العامل عن الإنتاجية، إضافة للأدوية الموصوفة من قبل الطبيب المرخص من وزارة الصحة. وأضاف الجمالاني أنه وبمقتضى بنود الوثيقة فإنَّ صاحب العمل هو الملزَم بدفع كلفة القسط التأميني، مع ترك الخيار له في حال رغبته بإشراك العامل بمساهمته في دفع تكاليف المعالجة في العيادات الخارجية، أما ما يخصُّ العلاج في العيادات الداخلية، فإنه يقدم مباشرة دون أن يدفع العامل أي مساهمة، وتشمل الوثيقة تقديم منافع نقل الجثمان إلى الموطن الأصلي للمتوفى. وإلى نص الحوار..
الرؤية – فايزة الكلبانية
** نودُّ تسليط الضوء على أهمية التأمين الصحي ودوره في توفير الرعاية الطبية وتنمية القطاع الصحي الخاص؟
يقول المثل “درهم الوقاية خير من قنطار علاج”، وكما نعلم فإنَّ رأس المال البشري أهم من رأس المال النقدي؛ لذا يتطلب من القطاعين الخاص والعام الاهتمام ومراعاة الأحوال الصحية للموارد البشرية العاملة، ومتابعتها أولا بأول لتفادي أي ضرر ينتج عن غياب الموظف عن العمل، ويتأثر بذلك الإنتاج وينعكس على الاقتصاد الوطني والمجتمع. والتأمين الصحي أو التأمين الطبي هو الشغل الشاغل للقطاعين الخاص والعام؛ حيث أصبح التأمين الصحي من أنواع التأمينات التى لا يمكن أن يستغني عنها الفرد أو الأسرة في ظل تزايد متوسط عمر الإنسان من 51 سنة في السبعيينات من القرن الماضي، إلى 76 إلى 77 سنة في العام 2015، إضافة لأمراض الشيخوخة وغيرها من الحوادث، وارتفاع تكاليف العلاج والاستشارات الطبية.
** التأمين الصحي اختصاص أكثر من جهة.. فما هي الأدوار المنوطة بكل جهة؟
بشكل عام، هناك أهمية كبيرة لقطاع التأمين الطبي أو الصحي، والقطاع الصحي وقطاع الخدمات، وتزايدت هذه الأهمية مع تنامي إسهامات هذه القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي، ولتحقيق التنويع في مصادر الدخل للسلطنة، وهذه القطاعات -التأمين والصحة والخدمات- توفر فرصا مجدية للاستثمار، لكن في الوقت ذاته يواجه الاستثمار فيها بعض التحديات التى يمكن تجاوزها بالتنسيق المباشر بين الجهات ذات العلاقة بتنظيم العمل والاستثمار في القطاعات. لذا؛ وخلال الفترة الماضية تم تشكيل فريق عمل التأمين الصحي برئاسة الهيئة العامة لسوق المال وأعضاء يمثلون وزارة الصحة ووزارة القوى العاملة وغرفة تجارة وصناعة عمان والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية والجمعية العمانية للتأمين. وبفضل الجهود المخلصة للعاملين في المشروع تم في 31 مارس 2019 إصدار نموذج الوثيقة الموحدة للتأمين الصحي من قبل الهيئة العامة لسوق المال، ونشر نموذج الوثيقة الموحدة في الجريدة الرسمية.
ومن خلال التنسيق والتعاون بين غرفة تجارة وصناعة عمان والهيئة العامة لسوق المال، تقوم الغرفة بتنظيم لقاءات تعريفية لاصحاب وصاحبات المال والأعمال حول مشروع التأمين الصحي الإلزامي في جميع أنحاء السلطنة.
** شهدت السلطنة خلال الأشهر الماضية عقد عدد من المؤتمرات والندوات المتعلقة بقطاع التأمين الصحي.. فما هي التوصيات التى خرجت من هذه اللقاءات؟
هذه الفعاليات تأتي ضمن جهود الهيئة العامة لسوق المال؛ لإنجاح مشروع التأمين الصحي الإلزامي في السلطنة، وتهيئته للتطبيق الفعلي؛ من خلال التنسيق مع أصحاب الخبرات والتجارب، ومن خلال المناقشات تبين أن هناك تحديات؛ أهمها: التحكم في أسعار أو أقساط التأمين الصحي ورسوم المستشفيات، وهذان عنصران يعتبران من العوامل التي قد تتيح للمستثمر احتكار الخدمة، من خلال امتلاك المستثمر نسبة عالية من الأسهم في رأس مال أكثر من شركة تأمين، بجانب امتلاك نسبة عالية من الأسهم في رأس مال أكثر من مستشفى؛ وبالتالي يتحكم في الأسعار والأرباح.
لكنَّ الندوات والمؤتمرات خرجتْ بتوصيات فنية وإدارية وقانونية ومالية؛ منها: إيجاد تشريعات وأنظمة للتأمين الصحي وتطبيق قواعد الحوكمة، ومشاركة مختلف الأطراف في مشروع التأمين الصحي، وإنشاء جهاز إداري مستقل للإشراف والرقابة على المستشفيات وشركات التأمين وشركات الخدمات، وتعزيز الربط الإلكتروني المشترك بين المستشفيات والصيدليات وشركات التأمين وإنشاء قاعدة البيانات، والحث على الاستثمار في القطاع الصحي واختيار عدد من شركات التأمين ما بين 5-7 شركات، تتوافر فيهم الشروط لممارسة نشاط التأمين الصحي، ويكون صافي احتفاظ أقساط التأمين الصحي لا يقل عن نسبة 40% من المحفظة، وأن تقوم وزارة الصحة بتوفير البيانات وتسهيل الإجراءات للمستثمرين في القطاع الخاص للمشاريع الصحية.
** وما هي الإجراءت المتبعة لتغطية مصاريف العلاج؟ وكيف يُطبق في السلطنة؟
كثيرٌ من الدول بدأت تطبيق نظام التأمين الصحي الإلزامي، وهناك قصص وتجارب كثيرة عن تطبيق النظام التأمين الصحي في مختلف انحاء العالم، ولا نستطيع القول إن هناك نظاما نموذجيا باستطاعتنا أن نطبقه هنا في السلطنة، وهذا ما قد تم إيضاحه من خلال المتحدثين في المؤتمر والندوة اللذين استضافتهما الهيئة العامة لسوق المال، وكذلك من خلال الزيارات الميدانية لبعض الدول الشقيقة والصديقة. لكن يمكن أن نستفيد من خبرات السابقين في هذا المجال، ونعمل على إعداد نظام تأمين صحي خاص للسلطنة.
وفي الوقت الحالي، فإن المُتَّبع في السلطنة أنَّ الوافد يدفع للعلاج في مستشفيات الحكومة والمستشفيات الخاصة حسب التعرفة، أما بالنسبة لجميع ضحايا حوادث المركبات والمشاة فتتحمل مصاريف علاج المصابين شركة تأمين السائق أو مالك المركبة المتسبب في الحادث، وسوف يشمل مشروع نظام التأمين الصحي الإلزامي حسب الوثيقة الموحدة للتأمين الصحي المواطنين، ويتحمل صاحب العمل أقساط التأمين السنوي. ويمكن للمواطنين كذلك العلاج في المستشفيات الحكومية للحالات غير المغطاة بالوثيقة الموحدة للتأمين الصحي.
ونحن كأعضاء في فريق عمل التأمين الصحي، نعمل على إيجاد نظام تأمين صحي إلزامي متكامل خاص بنا في السلطنة، ويفيد الغرض حسب الرؤية السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- المتجسِّدة في رؤية عمان 2040 في محور “الإنسان والمجتمع”.
** وهل شركات التأمين العاملة في السلطنة على استعداد لممارسة نشاط التأمين الصحي الإلزامي؟
قبل أن أجيب عن ذلك، يجب أولا أن نعرف التأمين أو الضمان على أنه آلية عمل أو وسيلة لتقليل التعرض لأخطار معينة أو أمراض معينة قد يصاب بها الإنسان؛ وذلك من خلال اتخاذ ترتيبات يتحمل بمقتضاها طرف آخر “شركة الضمان أو التأمين” عبءَ هذه التكاليف أو المصاريف، كلها أو جزء منها، مقابل القسط أو أقساط التأمين. وعلينا أن نتأكَّد أن “شركة التأمين” ستكون في وضع يُمكِّنها من الوفاء بالتزاماتها إذا ما تطلَّب الأمر. وفي رأيي فإنَّ شركات التأمين المحلية والقطاع الخاص جاهز لاستحداث التأمين الصحي في السلطنة.
** وما هي فرص وتحديات الاستثمار في قطاع التأمين؟
بعد إصدار نموذج الوثيقة الموحدة للتأمين الصحي، من المتوقع أن يتم تغطية نحو 2.1 مليون عامل (مواطنا ووافدا) في القطاع الخاص، إضافة للزائرين للسلطنة طبقا لقرار مجلس الوزراء الموقر رقم: 26/2017.
وإذا ما تحدثنا عن الفرص أيضًا، فنشير إلى أن إجمالي رؤوس أموال شركات التأمين العاملة في السلطنة في العام 2018 وصل إلى حوالي 248,659,391 ريالا عمانيا، كما ارتفع إجمالي أصول شركات التأمين في العام 2018 إلى 1,105,204,664 ريالا عمانيا بنسبة زيادة سنوية 5%. وبلغ إجمالي أقساط التأمين في السلطنة حتى نهاية العام الماضي 463,594,915 ريالا عمانيا، وبلغ مجموع أقساط التأمين الصحي في العام 2018 مبلغ 152,298,912 ريالا عمانيا مقابل 134.428,645 ريالا عمانيا في العام 2017 بنسبة زيادة 13.3%، وهذا المبلغ يمثل 37.7% من إجمالي أقساط التأمينات العامة في العام 2018، مقارنة مع 34.5% في العام 2017؛ وذلك بحسب إحصاءات الهيئة العامة لسوق المال.
أما التحديات، فتتمثل في ضرورة إيجاد التوازن في محفظة التأمين وتنويع المخاطر، وندرة الكفاءات الفنية والإدارية التى يمكنها أن تدير محفظة التأمين الصحي، والنقص في عدد المستشفيات الخاصة والمعدات والأطباء المتخصصين، وعدم وجود نظام تصنيف للمستشفيات.
** بصفتك خبيرَ تأمين، ومن خلال مطالعاتك لمختلف الأنظمة الصحية، ما هي توصياتك للمسؤولين وصناع القرار؟
لتجنُّب التضارب في الاختصاصات والازدواجية في العمل والمصالح والأدوار، ولمصلحة جميع الأطراف ذات العلاقة، نُوصي بإنشاء هيكل تنظيمي إداري مستقل، تحت مسمى “مكتب التأمين الصحي”، ونقترح أن يكون المكتب له إدارة تنفيذية ومجلس إدارة مستقلا، ونقترح أنْ يقوم مكتب التأمين الصحي بدور تكميلي وتنظيمي وتشريعي وإرشادي وتنسيقي وحل المنازعات بين المستنشفيات وشركات التأمين والأطراف ذات العلاقة، والتنسيق مع مركز عمان للتحكيم التجاري. ونقترح أن يقوم ممثل الهيئة العامة لسوق المال في مجلس إدارة مكتب التأمين الصحي بإعداد مسودة التعرفة (التسعيرة) وعرضها على مجلس إدارة المكتب الصحي للاعتماد. وأن يقوم ممثل الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بمراجعة التغطية التأمينية المتوفرة للعاملين في القطاع الخاص من قبل الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، وعرضها على مجلس إدارة مكتب التأمين الصحي، حتى لا يكون هناك تكرار وازدواجية في التغطيات التأمينية، وما يترتب عليها من تكاليف باهظة. ويقوم مكتب التأمين الصحي بإصدار تراخيص لمزاولة نشاط التأمين الصحي، مقابل رسوم يتفق عليه، وذلك بناء على شهادة ترخيص لمزاولة نشاط التأمين من قبل الهيئة العامة لسوق المال.