Image Not Found

بعد انكشاف البنوك.. لنحمي أموال الوطن والشعب

Views: 11

د. علي بن حبيب اللواتي – الرؤية

تفاجأ كل غيور على الوطن بالانكشاف الجديد الذي ألم بعدد من البنوك وشركات التمويل، سيناريو القروض المتعثرة الذي بات يتكرَّر ويتكرر دون رادع، وأبطاله بعض الوافدين وبتواطؤ من أشخاص باعوا ضمائرهم للشيطان.

وهنا.. أسعى لتسليط الضوء على آلية حصول الانكشافات المالية، والإجراءات الإلزامية لاتخاذها؛ لحماية جميع المؤسسات المالية والبنوك، وكذلك معالجة بعض الإفرازات السلبية.

كيف تحدُث الانكشافات المالية؟

يعمد الزبائن إلى بناء علاقات ثقة مالية متبادلة مع أقسام التمويل والمخاطر الخاصه بالبنوك والإقراض ومجالس إدارتها عبر فترات زمنية طويلة، خلالها يتم بناء علاقة الثقة المالية المتبادلة بينهما.

علاقه تتسم بالانضباط في السداد، وإبراز النمو والتوسع من قبل العميل، فينال درجة الثقة كعميل بدرجة ممتاز لديهم.

ومع تكرار التعامل المنتظم، ينتقل العميل إلى درجه ينال بها الثقة العمياء لشركات الإقراض والبنوك بأنواعها، وهي ليست درجة مالية إنما الشعور بالرضا التام عنه، فتلبَّى طلباته حتى لو كان بها تراخٍ في إتمام بعض إجراءات التعاقد الخاصة بالإقراض أو التمويل المتجدد، فتارة يتم غض النظرعلى إتمام جميع متطلبات الضمانات أو تخفيفها بكفالة وجود أعمال تجارية منتظمة، وتارة حتى بالإجراءات الورقية.

وأعرض هنا مثالا عمليا على كيفية بناء علاقة الثقة باختصار، وهناك عمليًّا عشرات من الأمثلة:

1- العميل يطلب من البنك (أ) تسهيلات وقروضا مقابل ضمانات حقيقية يقدمها.

2- تكتمل الإجراءات، ويحصل على المبلغ المطلوب، كمثال (نصف مليون ريال عماني) .

3- بعد فتره قصيرة يقدم طلبا لبنك آخر (ب) للحصول على 2 مليون ريال، ويقدم ضمانات حقيقية؛ فيتم اعتماد طلبه ويقبض المبلغ.

4- يبدأ العميل في سداد نصف مبلغ قرضه للبنك (أ) بإيداع ربع مليون، مضافا إليه الفوائد المترتبة عن فترة الزمنية التي استخدم فيها القرض.

5- لا تمضي سوى فترة قصيرة ليقوم بعدها العميل بدفع الجزء المتبقي من قرضه من البنك (أ) مع الفوائد البنكية.

6- مسؤولو البنك (أ) ينتعشون من سرعة تحقيق ربح سريع، وهذا بلا شك سيساعد على تحقيق هدف الربح المخطط لهم لتلك السنة.

7- عندها تتوثَّق علاقة العميل بالبنك (أ)، فيعمد العميل مرة أخرى لتقديم طلب قرض/تسهيلات لمبلغ أكبر، ولِيكن مثلا (3 ملايين ريال) مع مدة تسديد أطول، فيتم اعتماد طلبه، ولا يراعى زيادة الضمانات لتكون مساوية لقيمة القرض/التسهيلات؛ حيث إن عمليات الشركة وسجلاتها تفيد بأنَّها ناجحة مستقرة وفي خط تصاعدي.

8- يقوم العميل بتسديد جزء من قرضه للبنك (ب) قبل الوقت المحدَّد للسداد، فيبني بتلك الخطوة علاقة متينة مع هذا البنك.

9- تكرر هذه المعاملات مع بقية جهات الإقراض والتمويل بنفس الطريقة والأسلوب، ليصل حجم التعامل إلى أرقام كبيرة.

10- العميل يمتلك جواز سفره بيده، ولا يوجد أي موانع أو حتى ضوابط دقيقة للحد من التحويلات الخارجية؛ فالسلطنة تعتمد مبدأ السوق المفتوح للجميع.

ولا يوجد بين بلده (بعض من المديرين الأجانب) وسلطنة عمان أية اتفاقيات دوليه لتسليم المجرمين، فتأتي اللحظة المناسبة حسب تقييمه، فيغادر إلى موطنه إلى الأبد بعد إتمامه التحويلات منذ فترة.

لكن ما الإجراءات الممكن تطبيقها لمعرفة تفاصيل أسباب انكشاف البنوك وشركات التمويل في قضية إحدى الشركات المنكشفة على بنوك وشركات تمويل عمانية. وهنا.. أوضح بعض الإجراءات التي يمكن اتخاذها:

تقوم إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية بالإدارة العامة للتحريات والتحقيقات الجنائية، باستلام جميع ملفات وعقود القروض والتسهيلات من البنوك عبر البنك المركزي، وذلك للتدقيق عليها، واستدعاء جميع مديري البنوك وشركات التمويل وكذلك مديرو الشركة للتحقيقات.
يتم منع مغادرة جميع هؤلاء الموظفين التنفيذيين والمالية والمحاسبة وإدارة المخاطر للبنوك وشركات التمويل ولشركة حتى انتهاء كامل التحقيقات وصدور الأحكام القضائية ويبدأ التنفيذ الفعلي للأحكام الصادرة.
كل من البنك المركزي العماني والهيئة العامة لسوق المال يضعان سلسلة من القوانين والضوابط الدقيقة؛ من شأنها تحميل جميع أفراد مجالس الإدارة المسؤولية المباشرة لهم عند حدوث هذه الجرائم، ليكونوا على علم مُسبق بجميع العواقب الوخيمة؛ فلا يتساهلوا في أي إجراءات داخلية (محاسبية/مالية) تحمي شركاتهم من التورط بتلك الجرائم.
وبهذه الإجراءات لن تتكرر قضايا الانكشاف المالي.

استفهامات وأدوار يجب تعزيزها:

أليس من المستغرب أن هذه الشركات تتمكن من اقتراض الملايين بينما يفلت أبطالها من العقوبات بسهولة؟!

أليس هذا مدعاة للتشكيك في الإجراءات الحالية المعمول بها؛ سواء لدى جهات التمويل أو البنك المركزي العماني أو سوق المال وأنها غير كافية؟!

ألم تشهد الساحة المالية في عُمان حوادث مماثلة من عدة شهور كان بطلها المدعو “شتي” وغيره؟!

أين التحسين والتطوير وسد الثغرات بالأنظمة والقوانين والضوابط التي كان المفروض منها أن تمنع تكرار المآسي المالية في الوطن؟!

ومن الإجراءات الواجب تطبيقها، أن أيَّ جهة مالية تريد منح قروض أو تسهيلات يجب أن يتم تحويل كامل الملف بتفاصيل الضمانات للبنك المركزي العماني أولا لأخذ موافقته واعتماد الملف قبل إصدار الموافقة النهائية من جهة التمويل.

إن كان هذا الإجراء فعلا قائم ومعمول به، فالمصيبة فعلا هي أعظم وأعظم!

ويجب عدم تقديم تسهيلات وقروض مالية ضخمة في حالة كانت قيادات الشركات الطالبة للقروض والتسهيلات ينتمون لدول لم توقِّع اتفاقيات تسليم مجرمي الجرائم الإلكترونية مع سلطنة عُمان.

ويجب عدم تقديم تسهيلات وقروض مالية دون وجود ضمانات أكبر من نسبة (100%) لقيمة التسهيلات والقروض المطلوبة وتكون قابلة للتسييل في أي وقت يستدعي ذلك.

يتعيَّن صُدور قرار عام من بنك المركزي العماني يلزم أي بنك أو مؤسسة إقراض بالتالي بقوة القانون الإجبارية بما يلي:

  • يقدم مجلس الإدارة استقالته الفورية بعد تحقق أي جريمة اقتصادية يضطلع فيها.
  • عدم توزيع أي مكافآت لأفراد هذا المجلس المستقيل عن السنة التي ارتكبت بها الجريمة المالية.

هذا بدوره سيخفِّف من وجود السيولة في أيدى هؤلاء المساهمين؛ سواء كانوا أفرادا أو شركات أو مؤسسات تجاريه تملك أسهما وهي تنتظر العوائد السنوية، وحيث إنَّها قد بنت دورا أساسيا لتلك العوائد المرتقبة فإنَّ جميع أنشطتهم كأفراد وأسر أو لتنفيذ الأعمال التجارية جميعُهم سيتأثَّرون عند اتخاذ مجالس إدارات تلك المؤسسات المالية المنهوبة بعدم التوزيع.

وقد تتأثر جزئيا الأرباح السنوية لهذه المؤسسات، لكنها لن تُؤثر لدرجة أنْ تُطالب مجالس إدارات هذه الشركات بعدم التوزيع النهائي أو التقليل منه!! وذلك لأنَّ جميع المؤسسات المالية قروضها التي تقدمها لها غطائيْن للحماية؛ هما: تأمين كل القروض، وهو معمول به. وبناء مُخصَّصات مخاطر حسب توجيهات البنك المركزي العماني، وهو معمول به أيضا. وعليه تنتفي ذريعة عدم التوزيع.

وأتساءل هنا: هل مَجالس الإدارات ستوصِي بعدم توزيع مكافآت حضور الاجتماعات لأعضائها أيضا؟ أم أنه خارج الأمنيات؟!

لنحمي الوطن..