تغطية: حيدر بن عبدالرضا داوود
استضاف مجلس الخنجي المرئي هذا الاسبوع د. محمد بن صالح الفارسي للتحدث حول موضوع الابعاد الاقتصادية للبيانات الحكومية المفتوحة في السلطنة، مع شرح معنى مفهوم البيانات الحكومية وابعاده الاقتصادية، والبيئية الأساسية لها في الحياة العملية. حضر الجلسة عددا من المهتمين من رجال الحكومة والقطاع الخاص.
بدأ الضيف حديثه حول الثورة الصناعية الرابعة والتقنيات التي أدخلتها الثورة بجانب انترنت الاشياء وبلوك شين مؤكداً على أهمية البيانات في هذا الشأن، وخاصة في الشوؤن الاقتصادية وشؤون الحياة الأخرى. وقال هناك الكثير من المواضيع المهمة للمرحلة القادمة للدول تتمحور في الأبعاد الاقتصادية للبيانات المفتوحة والبيئة المؤسسية لها وكيفية استخدامها واختلافها مع الانظمة الاخرى، والجوانب المتعلقة لها من البعد الاقتصادي، مؤكداً أن البيانات أصبحت اليوم جزءاً مهماً من الحياة، وأن الحهات الحكومية هي أكبر مستضيف لها حيث تستحوذ على مجموعة كبيرة منها وتمثّل بذلك (النفط الجديد) ولها القيمة المضافة باعتبارها جزء مهم من مكونات المجتمع.
وقال أنه من المتوقع أن تزيد قيمةهذه البيانات والمعلومات ماديا ومعنويا عام 2024، مشيرا إلى أن الادارة الامريكية للرئيس أوباما أعلنت في عام 2009 مشروع Open Data، وزادت استفادتها خلال الحملة الرئاسية له من خلال العمل بـ Open Government Partnership.
وفي عام 2011 دعمت الأمم المتحدة من مجموعة دول هذا المشروع لمساعدتها في وضع الخطط التنفيذية. وتعتبر السلطنة من أوائل الدول الخليجية التي قامت بطرح مبادرة البيانات الحكومية المفتوحة من قبل هئية تقنية المعلومات انذاك، وكان لها أهدافاً رئيسية منها التسريع في تقديم الخدمات الالكترونية من خلال إيجاد التعاون ما بين المؤسسات الحكومية، وتمكينها للمشاركة في هذه البيانات، وتشجيع المواطن على المشاركة الالكترونية لزيادة كفاءة وقدرة الخدمات العامة، بالاضافة إلى زيادة فرص البيانات وبناء التطبيقات بهدف دفع عجلة التنمية الاقتصادية، وتوفير الخدمات الاجتماعية. وقال بأن الموقع الرئيسى لهذه البيانات هي داتا. اوم. كوم، والمركز الوطني للاحصاء والمعلومات، بالاضافة إلى وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، حيث هناك يقع عمان بورتل، وتتميز هذه المؤسسات بوجود توافق ومواءمة ما بين هذه المؤسسات لتعظيم الاستفادة من البيانات الحكومية في مختلف المجالات. وقد حققت عمان عدداً من الانجازات من وجود هذه المؤسسات حيث أحرزت المركز الثاني بين الدول العربية عام 2018 في هذا الجانب.
وحول البيئة المؤسسية للبيانات ذكر د. محمد ان البيانات المفتوحة معقدة، وكلما ازداد أصحاب المصلحة في هذا الجانب، كلما زاد التعقيد، لأن هناك عدة جوانب تقنية وخدمية تعمل في هذا الشأن، وانفتاج الحكومة على تلك الجوانب مهمة جدا للبيانات الحكومية المفتوحة. أما الجانب الاخر فهو الاستراتيجي حيث لا بدّ من وجود استراتيجية للبيانات الحكومية المفتوحة بشكل عام للبلد، وتوفيرها للقطاع الخاص وضرورة مراعاة الأمور الأمنية في هذه الجوانب، واستخدامها بحيث تبقى لها قيمة مضافة، لتعظيم الاستفادة منها من خلال تشجيع قطاع الأعمال ليكون لدينا مجتمع يَبني قرارته وخياراته على البيانات المتوفرة في مختلف الانشطة.
وبشأن حاضنات المؤسسات الناشئة في مجال البيانات المفتوحة، قال أن كثيراً من الدول تركز على هذا الجانب لتستفيد منها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. كما يتم من خلال ذلك وضع الخطط وخارطة الطريق للمبادرات في مختلف القطاعات، حيث أن هذه البيانات تفيد الدول والحكومات والمجتمع والافراد وقطاع الاعمال، وأن جميع دول العالم تحرص على ذلك من أجل تنمية الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وتعمل على تشجيع الاستثمار الاجنبي.
وبالنسبة للتشريعات والقوانين في هذا الجانب قال المحاضر أن الهدف الأساسي من البيانات الحكومية المفتوحة هو تشجيع التوجهات، كما أن حق الحصول عليها تأتي ضمن تلك التشريعات التي تعمل على تعزيز إتاحة البيانات واستخدامها ، ومن ثم خلق القيمة المضافة لها.
فحق الحصول على المعلومات والبيانات مهم للجميع، كما أن حماية البيانات الشخصية والمسائل الاخرى كحماية المؤلف مهم جداً. وقد أنجزت السلطنة في تلك الجوانب، ولدينا العديد من القوانين التي تعالج وتلامس الكثير من تلك الجوانب الرئيسية التي تمت الاشارة إليها. ووزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات تعمل في هذه الجوانب لأتاحة الفرصة لتعزيزالجوانب التي تهم المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، وتقوم باصدار التشريعات لإكمال المنظومة للعمل في مختلف جوانبها وكذلك للمنصات الحكومية.
وذكر أن المرسوم السلطاني رقم 55/2019 أعطي المركز الوطني للاحصاء والمعلومات مسؤولية بناء الاستراتيجة الوطنية للاحصاءات المفتوحة، وإمكانية اتاحتها للمؤسسات والمحافظة على جودتها، وكيفية الوصول إلى المصادر الرئيسية الأخرى. وتتكون المصادر من مجموعة من البيانات والمعلومات التي يتم معالجتها، وترتبط بالجوانب الاقتصادية والسكانية والاجتماعية والديموغرافية والجغرافية والتقنية والثقافية والبيئية وغيرها، بجانب دعم وتطوير البحوث العلمية والتقنية، وتوعية الأفراد والجهات الحكومية وغير الحكومية بأهمية الإحصاء والمعلومات، بالاضافة إلى العمل بآليات تبادلها وتكاملها مع الجهات الحكومية وغير الحكومية، واستخدامها وتخزينها وطرق معالجتها وحوكمتها، وتخزينها، وضمان جودتها، وتصنيف سريتها، ومدة صلاحيتها.
ثم تحدث المحاضر عن القدرات المؤسسية (تقينة وغير تقينة) مشيرا إلى أن التقنية تعمل على إنجاح البيانات المفتوحة، وتكوّن بُنية أساسية تدعّم من توجهات الدولة، كما أن توافر البيانات مهم، ويجب أن تعطى لها الاهمية خاصة من الجانب الفني، وكلما كانت البيانات ذات جودة عالية فان المخرجات ستكون ذات جودة عالية أيضا، وهذا أهم عنصر في ذلك، بجانب الحوكمة بحيث يتم تعظيم الاستفادة من هذه البيانات من مختلف الجهات الحكومية.
وفيما يتعلق بالجوانب غير التقنية، فهناك القدرات المؤسسية للمؤسسات نفسها وتتفاوت بين المؤسسات الحكومية والاخرى، مع طبيعة عملها وتدرّجها في استخدامها لتلك البيانات. وكلما كانت عملية النضج عالية في المؤسسات، كلما كانت البيانات ذات جودة عالية، الأمر الذي يتطلب وجود عمالة ماهرة للقيام بعملية التحليل وذات قدرات عالية. ويعتبر ذلك احد أهم الأساسيات لأنجاح العمل بالبيانات الحكومية المفتوحة.
ويرى المحاضر أن الثقافة أحيانا تعتبر من أكبر المعوقات التي تعمل على عدم استخدام البيانات المفتوحة، إلا أنه من المهم ان يركز المرء عليها خاصة في حوكمة المؤسسات. وكلما كانت الحوكمة مرتبطة بعمل المؤسسات، كلما كان ايصال المعلومات بشكل افضل لقطاع الاعمال والجوانب الاقتصادية والاجتماعية، لانها تساعد على النمو الاقتصادي وعلى تطوير الخدمات. كما تخلق التنافسية بين المؤسسات وبين التطبيقات، وتعمل على إيجاد نماذج جديدة في الاعمال لم تكن متوفرة في السابق، وبذلك تخلق فرصا عمل جديدة ووظائف جديدة، وتعزّز بذلك الاقتصاد المعرفي وتزيد من الكفاءة بين المؤسسات. ومن المتوقع أن تزيد هذه الوظائف في العالم من جراء ذلك، حيث هناك الملايين في الشرق والاتحاد الاوروبي استفادوا من ذلك في أعمالهم من خلال هذه البيانات ورفع مستواهم الاقتصادي والاجتماعي.
ثم أجاب الضيف على الاسئلة التي طرحت عن تلك المحاور.