د. علي بن حبيب اللواتي – الرؤية
تفاجأ سكان عُمان بنيَّة الحكومة رفع الدعم عن الكهرباء والماء، وإلقاء عبء دفع تكلفة إنتاجها ونقلها وإدارة توزيعها وفوترتها وتحصيلها، كل هذه التكاليف المالية تكون محصلتها أن ترتفع القيمة الفعلية للفاتورة التي يجب على المستهلكين دفعها؛ لتُمثل هذه الفاتورة عبأ جديدًا سيُضاف على كاهل المواطنين والسكان والشركات والمصانع والمستفيدين منها.
هذا سينعكِس بدوره بالتحديد على سعر جميع المنتجات المرتبط تصنيعها باستخدام الكهرباء كالمصانع وكذلك وبالعموم على جميع حركة السوق، فسترتفع بالنهاية قيم السلع الأخرى أيضا، فيتضرَّر نتيجة ذلك جميع السكان من هذا الإجراء الجديد الذي استحدثته الحكومة بعد انخفاض إيرادات الدولة؛ من خلال تقليل النفقات والدعم الذي تتكلفه، وأحدها الدعم الذي توفره حاليا لقطاع الكهرباء وكذلك الماء.
وإذا أدركنا أنَّ الأجور التي يتقاضاه كبار المسؤولين مرتفعة جدا، فإن النتيجة بلا شك ستنعكس على قيمة الفاتورة التي سيدفعها المستهلك، الذي لا يُمكن أن يستغنى عن استخدام الكهرباء؛ فهي ليست سلعة للترفيه، بل هي جزء أساسي للحياة في بيئة ساخنة طوال السنة.
فما هي الحلول لتوفير كهرباء دائمة مستمرة متنامية مع التوسُّع العمراني وازدياد المستخدمين باستمرار بكلفة منخفضة على السكان والدولة؟
يتم ذلك بإنشاء محطات لتوليد الكهرباء تعتمد على الطاقة الشمسية والبدائل الأخرى كطاقة الرياح، وهذا هو الحل الأمثل لجميع دول الخليج وبالأخص عماننا الحبيبة.
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا محطَّات توليد الكهرباء لا تستخدم الطاقة الشمسية والرياح بدلًا وقود الديزل أو الغاز؟
سأذكُر عِدَّة أسباب لمعرفة ذلك كالآتي:
- الطاقة الشمسية تعتبر طاقة نظيفة، فليس لها مخلفات تنبعث للهواء الناتجة عن حرق الديزل والغاز وبقية المواد البترولية.
- أنها متوفرة مجانا في الطبيعة فتكلفتها صفر، فهي ليست كالديزل يُستخرج من النفط ويتم تكريره وينقل ويحرق لتشغيل المولدات.
- سطُوع الشمس طوال العام على امتداد الجغرافيا العُمانية.
الجانب القانوني: يتم إصدار مرسوم سلطاني ينظم إنشاء هذه الشركات المتخصصة.
الموارد المالية اللازمة: لن يتم الاحتياج لموارد الدولة لإنشاء تلك المحطات؛ حيث يتم إنشاء شركات أهلية في كل محافظات السلطنة الإحدى عشر. والشركات الأهلية تكون صفتها شركات مساهمة عامة محصورة الاكتتاب فيها على العمانيين وصناديق التقاعد المتعددة والبنوك وشركات التمويل العمانية فقط. ويتمُّ تجميع الموارد المالية المطلوبة من خلال الاكتتاب العام. ويتمُّ تشكيل لجنة التأسيس من مهندسي كهرباء متخصصين في طرق استخدام الطاقة البديلة، وينضم إليهم قانونيون وأيضا أعضاء من كبار المساهمين من الصناديق والبنوك وشركات التمويل العمانية، وكذلك ممثلون عن الحكومة. ويتمُّ إنشاء هذه المحطات بمقاييس ومواصفات عالمية تناسب الأجواء المناخية لعُمان. كما أنَّ الطاقة الكهربائية المتولدة تُنقل للسكان والصناعات والشركات… وغيرها عبر البنية الأساسية الحالية المعتمدة لنقل الطاقة الكهربائية.
أمَّا الطاقة الفائِضة، فيتم بيعها للحكومة لتستخدم في جميع المؤسسات الحكومية المتعددة والمستشفيات والمدارس، وتُسجل هذه الشركات المساهمة العمانية في سوق مسقط للأوراق المالية، ويحصر تداولها فقط للشعب العماني والشركات العمانية المملوكة 100% للعمانيين وصناديق التقاعد والبنوك وشركات التمويل العمانية. وأرباح تلك المحطات الكهربائية توزع على المساهمين حسب أنظمة سوق مسقط للأوراق المالية.
وفي هذه الحالة، لا تحتاج الدولة إلى اللجوء للاستدانة من الخارج، لا من البنك الدولي ولا من أي بنوك أجنبية أخرى.
وفيما يتعلَّق بالتعاقد؛ فيتمُّ التعاقد مع الشركات المصنعة للأنظمة محطات توليد الكهرباء العالمية لكي تنشئ المحطات وتديرها لفترة زمنية محددة، خلالها يتمُّ تدريب القوى البشرية العمانية ويتمُّ التدرج بالإحلال المنتظم في هذه المحطات، لتدار 100% مستقبلا بأيدي وطنية.
وتعطَى المناقصات لشركات آسيوية ذات خبرات وتسجل إنجازات فعلية على الأرض، ويتم تفادي الشركات الأوروبية والامريكية لكي لا تكون كلفة الإنشاء والتشغيل باهظة لا تحقق الجدوى الاقتصادية حاليًا ولا للتوسعات المستقبلية.
وبهذه الحزمة من التشريع إلى التنظيم إلى الإدارة نكون انطلقنا بعماننا لمرحلة متقدمة في توفير الكهرباء للسكان وللمشاريع الحالية لتنمو وكذلك للمشاريع المستقبلية، ونكون قد خفَّفنا العبء لتعاظم المصاريف على السكان، ووفَّرنا حلولا عملية لمعضلة الكهرباء، وأيضا تكون الحكومة حققت خطوات ناجحة وكسبت تعاطف السكان والشعب، لم تستنزف موارد الدولة.