فاطمة عبدالرضا اللواتية – الرؤية
اجتاحت جائحة كورونا (كوفيد19) العالم في نهاية عام (2019) والتي أثَّرت على مُختلف مناحي الحياة (الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية) في العالم، حيث تمَّ إغلاق مُعظم المؤسسات التعليمية في جميع أنحاء العالم ومن ضمنها (سلطنة عُمان) على أساس أن يكون الإغلاق مؤقتاً والعودة سريعاً إلى وضعنا الطبيعي مع زوال الجائحة؛ ولكن فيروس (كورونا) قهر البشرية وظل صامداً، ومن ذلك نتجت أضرار كثيرة على العالم منها:
توقف تلقي الطلاب للتعليم لفترة طويلة لأي مُحتوى تحصيلي، وتمَّ تقييم الطلاب في السنة الدراسية الفائتة من خلال ما تم دراسته في الفصل الدراسي الأول فقط.
وكنَّا جميعًا على ثقة بأنَّ الوباء لن يدوم طويلا وينحصر قريبا، ولكن طالت الأيام والشهور والوباء مستمر والتعليم متوقف، وظهرت آثاره على الطلاب وأولياء الأمور والكل يترقَّب العودة للتعليم والحياة الطبيعية؛ لأنَّ توقفه وعدم حصول الطلاب على التعليم أمر غير مقبول وظاهرة غير صحيَّة، لذا لابد من العودة للمدارس – ولكن بصورة آمنة – من خلال اتخاذ تدابير وحلول سليمة مع المحافظة على سلامة وصحة الطلاب عن طريق وسائل تعليمية مختلفة ومناسبة، ومن أفضل الوسائل التعليمية الآمنة للتعليم في هذه الظروف الراهنة ألا وهي (التعليم عن بعد).
فليكن عامًا دراسيًا جديداً ولتكن عودة آمنة… نعم لنتعلم ونواصل العطاء ولكن بحذر، ولنحقق العودة للدراسة لتلقي العلم من غير تعرض الطلاب والهيئة التعليمية والإدارية لأي أضرار صحية متخذين الإجراءات الاحترازية.
وسوف أتطرق في مقالي هذا لآلية تشغيل (التعليم عن بعد) وما هي الإجراءات والتدابير التي يمكن أخذها والعمل بها لتوفير تعليم متميز وسليم؟!، وكيف يمكن تحقيق توصيل المحتوى التعليمي للطلاب بسهولة مع تحقيق الأهداف التعليمية وتطبيق كافة الأنشطة التعليمية كما في الصفوف المباشرة؟
ماذا يقصد (بالتعلم عن بُعد)؟ وما مفهومه؟، فهو عملية الفصل بين المتعلم والبيئة التعليمية بمعنى وجود المتعلم في مكان يختلف عن المصدر الذي يكون فيه المعلم، وضعت اليونسكو تعريفا (للتعليم عن بعد) “عملية تربوية يتم فيها كل التعليم من شخص بعيد في المكان والزمان عن المتعلم، مع اتصالات بين المعلمين والمتعلمين تتم من خلال وسيط سواء أكان إلكترونياً أم مطبوعاً”.
فكرة التعليم عن بعد ليست حديثة، لقد بدأت في أواخر السبعينيات من قبل بعض الجامعات في أوروبا وأمريكا، كانت ترسل المادة التعليمية للمتعلمين عن طريق البريد على هيئة (كتب، شرائط التسجيل، والفيديوهات) وبنفس النمط يتعامل الطالب مع الواجبات، مع اشتراط الجامعة لحضور الطلاب للامتحانات النهائية، ومن أنماط التعلم عن بعد التي كانت سائدة هي (المراسلة، الانتساب، المنازل وغيرها…) ، ولكن مع التطور التكنولوجي والتقنيات الحديثة تطور التعليم عن بعد، وأصبحت هنالك مواقع إلكترونية متخصصة مع توفير حلقات النقاش والاتصالات المباشرة عبر المواقع.
نتيجة الظروف الحالية (كوفيدا 19) اتَّجهت معظم المؤسسات التعليمية للتعليم من خلال (التعليم عن بعد) ولكي يتم تحقيق (التعليم عن بعد) باحترافية لابد من اتخاذ تدابير وإجراءات من قبل المؤسسات التعليمية سواء أكانت (مدارس أو معاهد أو جامعات) وهي توفير منصة تعليمية فائقة الجودة والتي من خلالها يتم بث الحصص المُباشرة وكل ما يتعلق بالتعليم، ووضع هيكل تنظيمي للتعليم عن بعد من قبل الإدارة وضع لجان عدة لمتابعة سير العملية التعليمية ومن هذه اللجان:
• اللجنة المسؤولة عن المنصة التعليمية وكل ما يتعلق بالتعليم والمتابعة المستمرة بين الهيئة التدريسية والشركة التابعة للمنصة لإيجاد الحلول والتحديات والاطلاع على التحديثات المستجدة في المنصة، وتنظيم جدول أعمال بين الهيئتين التعليمية والإدارية ومسؤولية التدريب على المنصة التعليمية وتنظيم الورش التدريبية، ومن ثَمَّ المتابعة في التدريب العملي من قبل الهيئة التدريسية ما تم طرحه في ورش العمل التدريبية، ومن المهام الأخرى لمسؤول المنصة التواصل مع الطلاب وأولياء الأمور لتوضيح الخطوات الإرشادية لاستخدام المنصة من خلال توفير الكتيبات الإرشادية والفيديوهات التعليمية المسجلة ومتابعة فريق الدعم ومواجهة التحديات والتجديدات.
• لجنة الدعم والتدريب والتي تعتبر من أهم اللجان في نظام التعليم عن بعد وعليها يعتمد على تدريب الهيئة التعليمية تدريباً كاملاً على المنصة التعليمية وكل ما يتعلق من (بَثِّ الحصص المُباشرة، رفع الواجبات، عمل الامتحانات على(on line) وتحميل الكتب الإثرائية والدراسية، رفع الأنشطة التعليمية، تصميم البوربوينت لعرض المادة التعليمية باحترافية، وتقييم الطلاب في التعليم عن بعد) وهي من اللجان المهمة، ويتم تعيينها من قبل إدارة المؤسسة التعليمية لمن لديهم الكفاءة والمقدرة والإمكانات التكنولوجية.
• لجنة الخط الساخن وهي عبارة عن مجموعة لديهم هواتف تحتوي على أرقام جميع أولياء الأمور مقسمة إلى مجموعات كل مجموعة مسؤولة عن فئة معينة وهي عبارة عن حلقة الوصل بين أولياء الأمور والهيئة التعليمية وفريق الدعم لنقل التحديات والصعوبات التي تواجه جميع الأطراف أثناء بث الحصص لمعالجتها وإيجاد الحلول.
أما المسؤولية الكبرى فتقع على إدارة المؤسسة من حيث تحديد مسؤولية الهيكل التنظيمي للتعليم عن بعد من الإداريين ومسؤول المنصة وفريق الدعم والتدريب والخط ومن ضمن مسؤولية الإدارة في المدارس وهو الإشراف العام على نظام التعليم عن بعد من خلال ما يلي:
• تحديد نصاب الحصص لكل مادة حسب حجم وكثافة المحتوى التعليمي.
• المتابعة الدورية لأداء المعلم بشكل دوري أثناء بث الحصص بشكل مُباشر كما يحدث عند الإشراف والتوجيه في التعليم المُباشر.
• تحديد وتوزيع قاعات بث الحصص مع التأكد على الإجراءات الاحترازية.
• الإشراف العام على التدريب للهيئة التعليمية عن كيفية استخدام المنصة التعليمية وكل ما يتعلق في التعليم من رفع الواجبات والتحضير اليومي وإثراء المكتبة الإلكترونية وكيف عمل الامتحانات على المنصة التعليمية؟
• متابعة غياب الهيئة التعليمية واتخاذ الإجراء اللازم في التوزيع كما يحدث في التعليم المُباشر.
باستطاعة المؤسسات التعليمية المختلفة وخاصة المدارس تفعيل آلية تشغيل نظام (التعليم عن بعد)، باتخاذها التدابير والإجراءات، كما تمَّ ذكرها في المقال، نجحت آلية تشغيل نظام التعليم عن بعد إلى حد ما بحسب تجارب بعض المدارس الخاصة، نعم لم يحصل الطالب على 100% من المحتوى التحصيلي، ولكن يحصل على نسبة تتجاوز 85% وهذه نسبة مقبولة جداً في الظروف الحالية بدلاً من التوقف عن التعليم كليا.