حيدر بن عبدالرضا اللواتي – الرؤية
يهتم رؤساء وأعضاء مجالس إدارات الشركات العالمية العاملة في السلطنة بما يجري من تطورات على المستوى الاقتصادي والمالي في البلاد، في إطار الحرص الذي تُبديه الحكومة تجاه الدين الخارجي، والعجز في الموازنة المالية السنوية، وإصلاح أحوال الشركات الحكومية التابعة لجهاز الاستثمار العماني وغيرها من القضايا الأخرى. وقد رأينا مُؤخراً قيام جهاز الاستثمار العماني في إطار عملية الإصلاح باتخاذ عدة قرارات من أجل دعم أعمال الشركات الحكومية التي شهدت تغييرات في الشخصيات المسؤولة عن مجالس الإدارة التنفيذية، مع العمل على تقليل مصروفات ومكافآت المسؤولين التي كانت واحدة من الأسباب التي أدت إلى زيادة مديونية هذه الشركات في السنوات الماضية، وبالتالي زيادة مديونية الدولة بصفة عامة.
كما رأينا مؤخرًا أنَّ جهاز الاستثمار العُماني أعلن عن إعادة تشكيل مجالس 15 شركة من الشركات التابعة للدولة في المرحلة الأولى، ناهيك عن اتخاذ قرارت جديدة في هذا الشأن لشركات حكومية أخرى. وقد تمَّ اختيار هذه الشخصيات لمجالس إدارات الشركات الحكومية- وفقاً لبيان الجهاز- من ذوي الخبرات والاختصاصات ممن عملوا في مجالات مختلفة في القطاعين الحكومي والخاص، بحيث شملت القرارات قطاع الطيران، والمعادن، والغاز، والموانئ، والسياحة، والبيئة، والبنوك الحكومية، والطاقة، والأمن الغذائي، والثروة السمكية، وغيرها.
بعض الشخصيات الأجنبية التي التقيتُ بها أبدت مُلاحظات عن الأشخاص الذين يتم تعيينهم في مثل هذه الشركات، حيث يرون أنَّ بعض هؤلاء الأعضاء يفتقدون إلى الخبرات والكفاءات المطلوبة في إدارة مثل هذه المؤسسات، وفي تقديم ما هو جديد لدعم أعمال الشركات الحكومية القائمة، وأنهم سوف يحتاجون إلى فترة طويلة لفهم تلك المسائل والتأخير في الحصول على النتائج الايجابية المطلوبة، خاصة وأن معظم أعمار هؤلاء الأشخاص ما بين ٣٠ إلى ٥٠ سنة بجانب بعض الشخصيات التي تبلغ ٦٠ عاما. كما يتوقعون حصول تأخير في الإنجاز والدخول في البيروقراطية من قبل بعض الشخصيات.
هؤلاء الخبراء الأجانب يرون أنَّه من المهم أن تكون لدى هؤلاء الأشخاص الصورة الواضحة عن إدارة هذه الشركات بصورة مغايرة عن الفترة الماضية، حيث يفضّل أن يكون أعضاء هذه الشركات ممن لديهم خبرات حقيقية سابقة في إدارة أصول وأعمال تلك الشركات، ولهم القدرة على قراءة التقارير والبيانات المالية الختامية للشركات والمعرفة اللازمة عن أعمالها، بحيث لايُمكن لأي شخص له خلفية إدارية معينة في أمور خارجة عن نطاق أعمال تلك الشركات أن يصبح عضواً في هذه الشركات، باعتبار أن بعض الأعمال تتطلب معرفة سابقة بإدارة مثل هذه الشركات.
الأجانب يرون أنَّ السلطنة لديها وفرة كبيرة في الشخصيات التي يمكن لها إدارة تلك الشركات بصورة أفضل، وأن الاختيار يكون جيداً لو تم الإعلان عن ذلك في وسائل الإعلام حول رغبة الأشخاص في العمل وإدارة هذه الشركات، بحيث يتقدم إليها أصحاب الاختصاصات ممن لديهم الكفاءة والخبرات والإمكانات في عمليات الإدارة والترويج والتسويق وغيرها من الأمور الأخرى، وممن يتصفون بالنزاهة والأمانة في حفظ أموال تلك الشركات، ويكونون على استعداد للانطلاق في تسيير أعمال الشركة منذ أول لحظة.
إنَّ عدد الشركات الحكومية في السلطنة كبير بواقع 240 شركة في مختلف القطاعات الاقتصادية، والسلطنة تمتلك فيها مابين 50% أو أكثر من ذلك. وهي مملوكة من قبل وزارة المالية وغيرها من الصناديق العمانية الأخرى. ولجميع هذه الشركات المسؤوليات والتبعات القانونية والمطالبات، بجانب العمل على تحقيق الربح التجاري والنفع العام، فيما تبلغ أصول هذه الشركات ملايين من الريالات.
وبالرغم من أنني لا اتفق مع جميع ما يُقال في هذه القضايا من قبل هؤلاء الأشخاص، إلا أنه من المهم أن يُعطى للأعضاء الجدد مهلة أو فترة معينة يتم بعدها تقييم إنتاجهم وفهمم لإدارة تلك الشركات، ومدى نجاحهم في تطوير أعمالها ونقلها من التراجع إلى الإنتاجية أو الربح. كما أنه من المهم أن ينطبق عليها توصيات برنامج “التنفيذ”، بحيث يتم مراقبة المسؤولين فيها وعزل الذين لا يستطعيون تحقيق النتائج المطلوبة كما هو معمول به في دول تم التطرق إليها في محاور برنامج التنفيذ في الفترة الماضية.
ونظرًا إلى أنَّ هناك مطالبات بتأسيس شركات أهلية في البلاد في مختلف القطاعات، فيمكن للجهات المعنية طرح بعض هذه الشركات الحكومية، وتحويلها إلى شركات مُساهمة عامة يستنفع منها المواطنون والشركات الوطنية. وبذلك تخفف الحكومة عن كاهلها المسؤولية الكبيرة التي يمكن لأصحاب الشركات الجديدة تحملها وتعزيز الجوانب الإيجابية وتحقيق النتائج الجيدة لها.