حيدر بن عبدالرضا اللواتي – الرؤية
قبل يومين نشرت إحدى الجهات المعنية بمؤسسات وشركات القطاع الخاص بيانها بتعيين أحد مكاتب التدقيق والاستشارات غير العمانية للتدقيق على حساباتها الختامية السنوية، في الوقت الذي نجد فيه هناك عشرات المكاتب العُمانية المماثلة التي أنشأها الشباب العُماني خلال السنوات الماضية للقيام بهذه الأعمال والمهام في إطار التشجيع لهم باستغلال قدراتهم وشهاداتهم الجامعية في تلك التخصصات لتقديم الخدمات للمؤسسات.
هذه المؤسسة تدعو دائماً إلى إعطاء فرص المناقصات للشركات والمُؤسسات العمانية التي تدار بأيدٍ وإدارة عمانية، وليست من خلال التجارة المستترة والتي غالباً تزيد مصاريف خدماتها في مثل هذه الأمور، خاصة إذا كانت تتعامل مع بعض الجهات والشركات الحكومية التي تتميز بقدرات مالية كبيرة.
كما إنَّ هذه المؤسسة عضو في اللجان التي تعنى بأهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتحاول توفير فرص الحصول على المناقصات، ولكن هي أول من تتجه لشركات أخرى وتخالف قراراتها.
من هذا المنطلق فإنَّ على المؤسسات الحكومية والخاصة أن تتجه لتقديم أعمالها لمؤسسات التدقيق والاستشارات العمانية، وفي أي مجال آخر، إذا كانت لديها الكفاءات والقدرات للقيام بهذه الأعمال، وألا تغتر بأسماء بعض المؤسسات العربية والأجنبية الكبيرة التي تقوم بهذه الأعمال حيث إن بعضها تقوم لاحقاً بإسناد نفس هذه الأعمال للمؤسسات العُمانية الصغيرة من الداخل وهي بذلك تحصل على الجزء الأكبر من الكيكة.
نحن نعمل في السلطنة على جذب المزيد من العمانيين لفتح مؤسساتهم وشركاتهم للتقليل من ضغوط التوظيف في المؤسسات الحكومية التي تعاني من البطالة المقنعة. وهذه الأمور لا يمكن تحقيقها إلا إذا تمكن الشباب العُماني من الحصول على الأعمال من نفس السوق ومن المؤسسات وخاصة الحكومية وشبه الحكومية والشركات التابعة لها.
ولذا لابد للمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تدار بأيدٍ عمانية الانفتاح عليها وعدم التقليل من قدراتها وتخصصاتها إذا كان لديها من الكادر المطلوب ومن أصحاب الكفاءات والقدرات.
وكما نعلم فإنَّ الحسابات الختامية السنوية في الشركات يتم التدقيق عليها في مثل هذه الأشهر وحتى بداية العام المقبل. ونحن اليوم في الأشهر الأخيرة للعام الحالي، الأمر الذي يتطلب من الآن النظر في اختيار مؤسسات التدقيق والاستشارات العمانية التي تدار من قبل المؤسسات الوطنية، وليست تلك التي تدخل فيها الأيادي الأجنبية التي تدير هذه المؤسسات من خلال التجارة المستترة. فهذه التجارة لا تقتصر فقط على إدارة محلات البقالة وبيع الخضروات وتقديم خدمات الصيانة وغيرها من الخدمات الأخرى كالحلاقة وتغيير عجلات السيارات وإصلاح المركبات، بل هناك شركات كبيرة تعمل في العديد من المجالات الكبيرة. فالبعض يعتقد أنّ التجارة المستترة تقتصر على تلك الأعمال وأن أصحابها من مالكي درجات التسجيل التجاري الدنيا كالدرجة الرابعة، إلا أنه في الحقيقة هناك شركات كبيرة من الدرجة الممتازة والعالمية والأولى والثانية تعمل في عدة مجالات مهمة كبيع السيارات وإدارة شركات التأمين والصرافة والتمويل وإدارة الفنادق، وشركات التدقيق والاستشارات والهندسة، وبيع الذهب وتجارة وبيع وتصدير الأسماك والخضروات بجانب شركات مقاولات كبيرة وشركات بيع الإلكترونيات والكهربائيات وشركات التعدين وغيرها من القطاعات الاقتصادية الضخمة، حيث يعمل أصحابها في التجارة المستترة وفق نسب معينة مع بعض المواطنين مستغلين السجلات التجارية والاسم العائلي لذلك الشخص، بينما هو من جانبه يعمل كموظف في المؤسسات الحكومية.
وهذه المعاملات هي التي تؤدي إلى السيطرة على الأعمال التجارية في البلاد، ولا تعطي الفسحة للمواطن التاجر الصغير للدخول والاستفادة من الأعمال التجارية التي يتم طرحها عبر المناقصات التجارية. وهي التي تُؤدي إلى زيادة التحويلات المالية السنوية التي ترتفع عاماً بعد عام نتيجة تمكن أصحابها من جمع هذه الثروات وتحويلها إلى دولهم.
والبعض يرى أنه يمكن متابعة هذه الأنواع من التجارة والمعاملات والسيطرة عليها من خلال المعاملات المصرفية، حيث إن البنوك تعلم جميع تفاصيل معاملات الاستيراد والتصدير. فمن خلالها يتم فتح الاعتمادات والائتمان المصرفي للواردات من مختلف السلع. ومن خلالها ومكاتب الصرافة يتم تحويل مبالغ الأرباح وغير الأرباح الشهرية والسنوية.
اليوم أصبحت الأمور صعبة في معرفة أصحاب المؤسسات العمانية الحقيقيين، وكذلك معرفة جميع السجلات التجارية لتلك المشاريع لأنها مسجلة بأسماء عمانية لأشخاص معظمهم يتسلمون المبلغ الصافي من التاجر الأجنبي المستتر في إدارتها. والخاسر من ذلك هو التاجر العُماني البسيط والاقتصاد العماني.
فكيف يمكن معالجة هذه الأمور؟