تغطية: حيدر بن عبدالرضا داوود
استضاف مجلس الخنجي المرئي هذا الاسبوع الاستاذ/ جمال عبدالرحمن الزامل الرئيس التنفيذي لشركة الزامل للتجارة والصناعة والنقل للتحدث حول موضوع الشركات العائلية وأسباب سقوطها. وقد تضمنت الجلسة التطرق إلى عدة محاور منها تأثير العلاقات العائلية على هذه الشركات، وتأثير عملية احتكار المناصب وضعف المعلومة، وأهمية المدير الصغير والحلول التي يمكن لها أن تديم أعمال هذه الشركات. حضر الجلسة عددا من رجال الاعمال سواء من أصحاب الشركات العائلية أو المؤسسين للشركات المساهمة من السلطنة وبعض دول مجلس التعاون الخليجي.
بدأ الضيف حديثه بالقول بأن الشركات العائلية في المنطقة تم إنشاؤها قبل فترة استخراج النفط، وتزايد عددها بعد ذلك، مشيرا إلى تواجد 90% إلى 95% من هذه الشركات في معظم دول العالم. وقال بأن السجلات التجارية تشير إلى أن معظم الشركات العائلية مسجلة تحت اسم شخص واحد وهو المؤسس، ولكن ينضوي تحتها عدد من افراد العائلة الواحدة، وأن هذه الشركات سوف تستمر في المنطقة وانها حاضنة للعديد من الأعمال التجارية. وقال بأن الشركات العائلية التي أسسها فرد واحد يشغلها اليوم عدد من المساهمين الآخرين في الوظائف كلها أوبعضها، مشيرا إلى أن هذه الشركات يمكن انشاؤها في أي مكان وفق حاجة الناس لها لتقديم أنشطة معينة. وأوضح أن بدايات هذه الشركات لا تحتاج إلى مصروفات كبيرة لأنها تنبع من عائلة واحدة، فيما يمكن اتخاذ القرارات فيها بالسرعة المطلوبة، ويكون هناك دخل مباشر نتيجة لقربها من تأثيرات العمل والتوظيف.
وأضاف أن التحدي الحقيقي للعائلة في هذه الشركات هو الاستمرارية، والجدية والتعلم، بجانب التطبيق السريع لمبادئ العمل، موضحا أن هذه الشركات تعمل في مجالات فتح محلات البقالة، والاغذية والعقار والمطاعم، والتخزين والتسلية والنقل البسيط، وإدارة المباني والمؤسسات الصغيرة التي يحتاج إليها الناس في منطقة معينة. وقال بأن مثل هذه الشركات لا تعمل في البداية على الاقتراض ولها نظرة معينة في إدارة الأمور، مؤكداً على أهمية الجدية والمتابعة والتركيز والتعلم بجانب الوعي والعيش مع التجربة. وقال بأن هذه الشركات لا تتعامل مع أعمال كبيرة كاستخراج النفط والغاز أو في مشاريع ضخمة.
وأوضح أن التحدي مع هذه الشركات الكبيرة يبدأ عندما تنمو، الأمر الذي يتطلب اتساعها، فيما يتطلب الأمر العمل بشكل مهني ووضع الاستراتيجيات التنفيذية. كما أن دخول الجيل الثاني في هذه الشركات العائلية يتطلب الرد على الاستفسارات، الأمر الذي يؤدي أحيانا إلى وجود تحديات وينشأ الحسد والحقد والخصام. وإذا ضعف التواصل بين أعضاء الشركة، فان ذلك يؤدي أحيانا إلى فشل أعمال هذه الشركات، وإذا لم يقبل أفراد العائلية بالقرارت وتغيب العلاقات، فان ذلك يؤدي إلى الاحتكار بالقرارات ومن ثم انهيار تلك الشركات، الأمر الذي يتطلب من البداية الإدراك والوعي في مثل هذه القضايا. وقال بأن من نجح سابقا في هذه الأعمال لا يمكن له النجاح في المرة الثانية، خاصة إذا كان هناك سيطرة على الأموال والأصول.
وقال اليوم ومع زمن الجائحة كورونا، تتخذ الشركات العائلية إجراءات معينة، وتزداد حدة الاحتكاكات في مثل هذه الظروف، ولكن إذا كانت هناك استراتيجية موجودة لدى هذه الشركات، فان الاعمال سوف تستمر بصورة طبيعية، وإلا فان التحديات عديدة أمام هذه الشركات في مثل هذه الأزمات. ويرى الزامل بأن بعض الشركات العائلية تسقط في نهاية عمل وحياة المؤسس الرئيس في عدم وجود فريق لمتابعة أعمال الشركة. وهناك العديد من المخاطر في هذه الاعمال، الأمر الذي يتطلب أخذ القرار المناسب لاستمرار عمل هذه الشركات، وكلما كانت المهارات المالية والادارية كبيرة لدى الشركة، كلما كان القرار أكثر صحة. والسؤال المطروح هو: كيف يمكن منع سقوط الشركات العائلية؟؟ والجواب في عدد نقاط منها:
1) لا بد من وجود استراتيجية (خطة أعمال الشركة، بحيث تكون الرؤية واضحة والقيم مرسومة وتتميز بالرقابة والحوكمة).
2) ضرورة إضافة بعض أشخاص من خارج العائلة في عملية الحوكمة.
3) ضرورة تحليل ومعرفة معايير الانحراف في أعمال الشركة.
4) كلما زاد الوعي والقيم فان ذلك يساعد الشركة في السير وفق استراتيجيتها، حيث أن الفريق العامل سوف يقبل عليها. ولا بد من وضع معيار لحماية الشركة من أفراد العائلة واتخاذ الاجراءات السليمة والعمل مع المؤسسات القانونية للحماية.
5) ضرورة التواصل مع أفراج العائلة ونشر قيم الحب والعطاء للشركة وأعمالها.
وقال بأن بعض الشركات العائلية ترسل أولادها للعمل خارج تلك الشركات بهدف التعلم والتعرف على القيم وأساليب العمل التجاري في تلك المؤسسات، وبالتالي يحصلون على السلوك المهني ويأتون بافكار جديدة تتميز بقدرات وممارسات أخرى، أي أنهم يضيفون قيم اضافية لشركاتهم العائلية لاحقا.
وتحدث الزامل حول المدير التنفيذي في الشركات التنفيذية مؤكداً أنه لا بد له أن تتوفر لديه صفات القائد التنفيذي وقدرات معينة، وأن يهيأ نفسه لأية اختبارات في هذا الشأن قبل ان يحتل هذه المرتبة. وقال بأن استراتيجيات هذه الشركات يجب أن تتضمن الدستور ويمكن لها أن تتبع لها شركات أخرى صغيرة، موضحاً أن حصول الاختلافات في الأراء والافكار وارد بين الأجيال. وإذا كان الجيل الأول المؤسس لهذه الشركات لديه القدرة لحمايتها فانه يمكن استمراراها، وعلى الجيل الثاني ضرورة التعلم ومعرفة الاستراتيجية من خلال أخذ الدورات اللازمة لخلق لغة عمل واختيار الرئيس التنفيذي فيما بينهم وعليهم أخذ المعلومات واستنباط الحلول لتصل الشركة إلى بر الأمان مع وضع المعايير منذ البداية للمساعدة على استمرار عمل هذه الشركات.
ثم بدأت جلسة الاسئلة حول تراجع أعمال هذه الشركات، حيث يرى البعض أن دخول المرأة إلى هذه الشركات وعدم وجود شغف لدى بعض أفراد العائلة أدى إلى تراجع ونهاية بعض الشركات العائلية في المنطقة وخارجها. وفي حالة وجود مشاكل في الشركات العائلية فانه يمكن تحويل جزء من اعمالها للشركات المساهمة للمشاركة في إدارة الشركة. وقال البعض بأن أعمال الشركات العائلية في الغرب تختلف في قيمها عن الشركات في المنطقة، لأن العمل هناك يتسم بمزيد من الحرية والنقاش، ولهم حسابات معينة في إدارة تلك الشركات. ففي بعض دساتير الشركات في المنطقة يمنع أحيانا بيع أسهم الشركات العائلية إلى أشخاص آخرين، بينما في الغرب مفتوحة لكل الراغبين، حيث أن بعض أعمال الشركات في المنطقة تتعلق بالأمور الاسلامية والشرعية.
ويرى البعض أن بقاء الشركات العائلية يعزى أحيانا إلى إدخال الشركات الأخرى تعمل في نفس المجالات، الأمر الذي يساعدها في تسيير أعمالها وتجديدها وإضافتها، فيما يعتقد الزامل بأن وجود أشخاص آخرين في الشركات العائلية يمنع حصول مجاملات على حساب بعض افراد العائلة وضرورة العمل بالحوكمة والالتزام بمواد الدستور. وأكد على أهمية تربية الأبناء على حب الشركة لأن الدستور لا يمكن له أن يحمي الشركة إذا حصل تنافر بين أعضاء العائلة، مشيرا إلى أن معظم الشركات العائلية أصبحت اليوم شركات مساهة عامة.
كما ناقش الاعضاء القضايا التي تهم بعض الشركات العائلية التي تعمل في مجالات العقار من حيث امتلاك شخص معين لمعظم الاملاك بهدف التقليل من الضرائب باعتبار أن الضريبة في السلطنة على الشركات تصل إلى 15% بينما في الحالات الفردية تصل إلى 5%.
وفي الختام طالب الزامل بضرورة الاستمرار في فتح الحوار بين الشركات العائلية والجهات المعنية من أجل الرقي بأعمالها مستقبلاً.