عُمان
– د. سناء البلوشية: إعداد مجموعة من المدربين للمرحلة المقبلة
– هيفاء اللواتية: تقديم تطبيقات مختلفة لمعلمي التربية الخاصة
تبنت السلطنة التعليم المدمج كمنهجية للعام الدراسي المقبل 2020/2021، في ظل الوضع العالمي الراهن المتمثل في تفشي فيروس كورونا (كوفيد 19)، وهو أحد أشكال التعليم الذي يجمع بين التعليم التقليدي (المباشر) داخل المبنى المدرسي، والتعليم الإلكتروني في نظام واحد بحيث يمزج بين خصائصهما لتحقيق الأهداف التعليمية المنشودة، بحيث ينتظم الطلبة في حضور بعض الحصص بمدارسهم، إلى جانب تفعيل التعليم الإلكتروني في حصص دراسية أخرى، من خلال التزام الطلبة بالحضور الافتراضي في المنصة التعليمية الإلكترونية التي اعتمدتها وزارة التربية والتعليم لتلقي التعليم بحسب جداولهم الدراسية المخصصة، والتي يتم إعدادها من قبل الإدارة المدرسية؛ وذلك بهدف الحفاظ على صحة الطلاب من خلال تحقيق التباعد الاجتماعي وتيسير اتباع الإجراءات الاحترازية الصحية تجنبا لانتشار العدوى، ولضمان استمرارية العملية التعليمية بما لا يؤثر على المستوى الدراسي للطالب.
وتلبية لهذا التوجه الذي تبنته السلطنة، كان لزاماً على وزارة التربية والتعليم الاهتمام بتمكين الهيئة التدريسية والوظائف المرتبطة بها وتزويدها بالمعارف والمهارات اللازمة للتعامل مع أساليب التعليم عن بعد، ولذلك اعتمدت الوزارة ممثلة بالمعهد التخصصي للتدريب المهني للمعلمين، تنفيذ خطة تدريب للهيئة التدريسية والوظائف المرتبطة بها لبرنامج التعليم عن بُعد، حيث اختتم البرنامج في الأسبوع الماضي مرحلة التدريب المركزية، فيما تتواصل المراحل القادمة حتى 25 من أكتوبر المقبل وذلك على مستوى المديريات التعليمية في المحافظات.
ويسعى البرنامج التدريبي إلى رفع وعي الهيئة التدريسية والوظائف المرتبطة بها بأهمية التعليم عن بُعد، وتدريب فريق من المدربين بجميع المديريات التربوية بالمحافظات التعليمية، وتأهيلهم حول التعليم عن بعد، وإكسابهم المهارات المهنية اللازمة لتطبيق هذا النوع من التعليم؛ بما يحقق تعليمًا فاعلاً لدى الطلاب، واستمراراً لعملية التعليم والتعلم في السلطنة في ظل هذه الظروف الاستثنائية، ويستهدف البرنامج كلا من: مديري المدارس، والمشرفين التربويين، والمعلمين والمعلمات في المدارس الحكومية بما فيها مدارس التربية الخاصة.
مراحل التدريب ومحاوره
يركز التدريب على البرنامج على مرحلتين،هما: مرحلة التدريب، ومرحلة الدعم والمتابعة، وتشمل مرحلة التدريب محورين أساسيين، أولهما: التدريب على المحور التربوي ويعتمد على استراتيجية التدريب المتزامن، ويهدف بشكل أساسي إلى بناء اتجاهات إيجابية نحو التعليم عن بُعد، من خلال تمكين المتدرب من ممارسة التعليم باستخدام طرق محفزة وابداعية، مع تقديم الدعم اللازم له لنجاحه بفاعلية.
حيث يتم تدريب المدربين على مجموعة من المهارات العامة منها: المهارات الأساسية في التعليم عن بعد، كآلية إدارة الفصول الافتراضية المتزامنة، وأساليب متنوعة لتغيير الاتجاهات، وطرق وأساليب تنشيط الجسم والذهن للمعلم والطالب، ومهارات التدريس والمتابعة عن بعد، وكيفية التعامل مع وثائق التقويم التربوي، ووثائق المناهج، وآليات تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للطالب، وتعزيز القراءات الاثرائية. أما المحور الثاني وهو المحور التقني والذي يعتمد على استراتيجية التدريب غير المتزامن من خلال دخول المتدرب ذاتياً إلى المنصة الإلكترونية التي اعتمدتها الوزارة للتعليم ،وذلك عبر البوابة التعليمية لسلطنة عُمان، بحيث يتمكن المتدرب من تعلم كيفية استخدامها بشكل متسلسل وتدريجي من خلال متابعة (16) مادة تدريبية تحويها المنصة الإلكترونية.
فيما تتلخص المرحلة الثانية من التدريب في مرحلة متابعة تنفيذ البرنامج على مستوى المديريات في المديريات التعليمية وتقديم الدعم اللازم من قبل المشرفين التربويين بالمحافظات من خلال وضع آليات للمتابعة والدعم وتقييم البرنامج؛ لتحديد مدى الاستفادة منه ومقدار الحاجة إلى برامج إثرائية داعمة أخرى.
الدعم والعطاء
وعن آلية الاستعداد لتطبيق هذا البرنامج وأهميته، أوضحت الدكتورة سناء بنت سبيل البلوشية المديرة العامة للمعهد التخصصي للتدريب المهني للمعلمين بوزارة التربية والتعليم أنه في ظل انتشار جائحة كورونا (كوفيد 19) وما أحدثته من تغيرات على مختلف القطاعات، كان من الضروري البحث عن طرق بديلة لمحاولة إعداد وتحويل البرامج التدريبية التي يقدمها المعهد بما يتناسب والظروف الحالية، ومن خلال التنسيق المباشر مع المديرية العامة لتقنية المعلومات بالوزارة تم إيجاد برامج تدريبية متخصصة في التطبيقات الإلكترونية وآليات إعداد المحتوى التدريبي وتحويله ليكون متاحاً وقابلاً للتدريب عن بعد، حيث استفاد المختصون في المعهد من هذه البرامج في التزود بالمعارف والمهارات اللازمة حيال التعرف على التطبيقات والبرامج التعليمية الالكترونية، والاستعانة بها لجعل مختلف البرامج التدريبية التي يقدمها المعهد مهيئة لتلبية متطلبات هذه الظروف والتي يمر بها العالم أجمع.
ولذلك عندما أقرت الوزارة اعتماد برنامج تدريب التعليم عن بُعد كان المدربون في المعهد على استعداد تام لمواكبة هذه النقلة التكنولوجية في عملية التدريب، ومع ذلك كان الحرص كبيراً على تكثيف جهود الاستعداد لهذا البرنامج قبل موعد انطلاقه بثلاثة أسابيع، بدعم كبير ومساندة وتعاون مثمر من قبل المديرية العامة لتقنية المعلومات، والمديرية العامة للإشراف التربوي، والمديرية العامة لتطوير المناهج، ومركز التدريب الرئيسي، ومركز القياس والتقويم التربوي.
وأكملت الدكتورة سناء البلوشية حديثها قائلة: الأسبوع الأول من تطبيق البرنامج تضمن انطلاق مرحلة التدريب المركزي في المعهد، والتي تم من خلالها إعداد مجموعة من المدربين للمرحلة القادمة، وقد لمست حرصاً كبيراً واهتماماً بالغاً من قبل المدربين والمتدربين -على حد سواء- لإنجاح هذا البرنامج، ووجدت أن الكل يملك في داخله رغبة طموحة لمحاولة ترسيخ تجربة عمانية رائدة في مجال التعليم عن بعد، ولذلك لا يسعني إلا أن أتوجه لهم جميعاً بالشكر الجزيل على ما بذلوه في المرحلة السابقة، وأشد على أيديهم لبذل المزيد من العطاء في المراحل القادمة، راجية من الجميع أن يسعوا بكل طاقتهم لدعم هذه التجربة ويساهموا في تطويرها بما يخدم العملية التعليمية ومصلحة الطالب والمعلم.
مراحل البرنامج
من جهتها أشارت هيفاء بنت محسن اللواتية، مديرة دائرة تقييم العائد التدريبي، وعضو اللجنة الفنية للاستعداد لبدء العام الدراسي 2020/2021 في ضوء مستجدات فيروس كورونا (كوفيد 19) إلى محتوى التدريب الذي يشمله برنامج التعليم عن بعد، ومراحله المختلفة، قائلة: تشمل المرحلة الأولى من البرامج تدريب مديري المدارس والمشرفين والمعلمين للصفوف من (5-12) متضمناَ ذلك مدارس التربية الخاصة أيضاَ بشكل مركزي، ثم ستكون هنالك مرحلة ثانية من التدريب المركزي تشمل تدريب مديري المدارس والمشرفين والمعلمين للصفوف من (1-4)،علما بأن المادة التدريبية ستكون متشابهة نوعاً ما للمرحلتين حيث تبنت الوزارة المنصة الإلكترونية (Google Classroom) للصفوف من (5-12) إلى جانب منصة أخرى تتناسب مع الصفوف من (1-4) مع اختلاف بعض التطبيقات المستخدمة نتيجة لاختلاف احتياجات كل فئة دراسية ومتطلباتها، فيما يتم تقديم تطبيقات لمعلمي التربية الخاصة مختلفة تم إعدادها لتتناسب مع متطلبات هذه الفئة من الطلبة.
ثم سيقوم من تَدرب من مديري المدارس والمشرفين بشكل مركزي بتدريب مديري المدارس والمشرفين بالمديريات التعليمية في المحافظات،أما من تدرب من المعلمين في المرحلة المركزية فسوف يقومون بتدريب فريق آخر من المدربين من المعلمين في المديريات التعليمية، ثم في المرحلة الأخيرة سيتم تدريب باقي المعلمين في المديريات التعليمية المختلفة، بحيث يتم استكمال تدريب كافة الهيئة التدريسية والوظائف المرتبطة بها في مختلف المديريات التعليمية قبل بداية العام الدراسي الجديد.
أما ما يتعلق بالموضوعات التي يتم تركيز التدريب عليها في برنامج التعليم عن بُعد حسب كل فئة، فأشارت هيفاء اللواتية قائلة: فئة الإدارة المدرسية والإشراف التربوي جرى تدريبهم على استراتيجيات الدور القيادي لدعم التعليم عن بعد من خلال إدارة الفرق المتباعدة، وتقديم الدعم للمعلم، وتفعيل دور التقنية في المتابعة والتواصل مع ولي الأمر، وتم تدريبهم على تكوين مجتمعات التعلم المهنية لتقديم الدعم في الجانب المهني، حيث تعد هذه المرحلة من التدريب مرحلة مهمة وتتطلب تقديم الدعم المشترك بين مختلف الفئات المشاركة في التدريب بهدف التوسع بالخيارات المتعلقة بالتعليم ومساعدة الطالب للتعلم بأفضل صورة، أما في فئة المعلمين فيتم التركيز على الاستراتيجيات التي تناسب التعليم عن بعد وتطبيقاتها، بجانب شرح المفاهيم المتعلقة بالتعليم المدمج وأدوار المعلم من خلاله، هذا بالإضافة إلى التطبيق العملي من خلال تنفيذ حصة دراسية في التعليم عن بعد.
مهارات التحول الرقمي
وحول أهم المهارات التي تلقاها المدربون في مرحلة التدريب المركزي والتي عقدت طوال الأسبوع الماضي بالمعهد التخصصي للتدريب المهني للمعلمين، أوضح مجيد بن غريب الجابري، مشرف أول مادة الفنون التشكيلية بدائرة الإشراف بالمديرية العامة للإشراف التربوي قائلاً: تتلخص أهم المهارات التي اكتسبتها في التعرف على مفهوم التعليم عن بعد، بجانب أهم مهارات التحول الرقمي من التعليم التقليدي إلى التعليم الإلكتروني، وآلية استخدام منصة التعليم عن بعد التي أعدتها الوزارة لهذا الغرض، بالإضافة إلى ممارسة استراتيجيات التعليم عن بعد، وكيفية تحليل وتقويم نتائجه، وتطبيق ذلك باستخدام الأدوات والتطبيقات التي تحويها منصة (Google Classroom)، والتعرف على آلية الإشراف على الحصص، حيث من المؤمل في المرحلة القادمة من التدريب على هذا البرنامج أن يركز المشرف على تكثيف الوعي بأهمية التعليم عن بُعد، وتقديم الأساليب الإدارية والإشرافية الداعمة للمواقف التعليمية، والعمل على حل المشكلات، وتوجيه المعلم للمواقع والتطبيقات والبرامج التي تساهم في تطوير العملية التعليمية، وتشكيل مجموعات تعلم مهنية لتقديم الدعم والمساندة الدائمة للمعلم، وتوفير البيئة المناسبة والفاعلة لتطبيق التعليم عن بُعد وتذليل كافة الصعوبات التي قد تواجه المعلم في هذه التجربة.
ومن جهتها قالت بدرية بنت جمعة العريمية، مدربة بمركز التدريب والإنماء المهني بدائرة تنمية الموارد البشرية بتعليمية محافظة جنوب الشرقية: تعد تجربة التعليم عن بُعد تجربة حديثة في السلطنة، وفي ظل الظروف الراهنة المرتبطة بانتشار جائحة كورونا (كوفيد 19) كان لزاماً الخروج بآلية جديدة لاستمرار عملية التعليم دون الإضرار بصحة الطالب ومسيرته التعليمية، حيث يعد اللجوء للتعليم عن بعد هو القرار الأمثل في مثل هذه الظروف، كما وأنه يتماشى مع رؤية عُمان ٢٠٤٠، حيث سيسهم بشكل كبير في تنمية قدرات الطالب نحو الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في التعليم من خلال تواصله الافتراضي بشكل يومي أو شبه يومي في حصصه الدراسية مع معلمي المواد الدراسية من خلال المنصات التعليمية التي اعتمدتها وزارة التربية والتعليم كـوسيلة للتعليم عن بُعد.
وأوضحت بأن مرحلة التدريب ساهمت في دعمها بالمزيد من الثقة بالنفس في التعامل مع المنصات الإلكترونية،والتطوير التقني في التواصل والتدريب عن بُعد، والتعرف على مفاهيم وتطبيقات إلكترونية جديدة، واكتساب مهارات المرونة،وتنظيم وإدارة الوقت بفاعلية.
جوانب إيجابية
وأوضحت مريم بنت محمد الفيومي، معلمة مجال ثاني بتعليمية محافظة شمال الشرقية أن من أبرز الجوانب الإيجابية في هذا البرنامج والتي تجد أنها ستسهم بشكل كبير في تعزيز أداء المعلم وتنميته والرقى بأدائه التعليمي بجانب تحرير النظام التعليمي من الأساليب التقليدية،هو وضوح المادة العلمية والمحتوى التدريبي، وإمكانية التعاون والمشاركة وإدارة الحصة الدراسية بين اثنين من المعلمين، كما يضمن هذا البرنامج إيصال المعلومة للمتعلم بأقصر وقت وأقل جهد وأكبر فائدة، ويجعل الطالب أكثر اهتماماً عند استخدام تقنيات جديدة في التعليم، ويوفر برنامج التعليم عن بُعد نظام متابعة دقيقا لمستوى تقدم الطلبة وأدائه، ويساهم كذلك في تنمية مهارات الطالب على التعلم الذاتي ويكسبه مهارات تنمي من شخصيته، وتحفز من مهارات التواصل بينه وبين زملائه الطلبة.
أما إلهام الخاطرية، مدربة إدارة تربوية بتعليمية محافظة الظاهرة فقالت: من أهم المهارات التي اكتسبتها في مرحلة التدريب المركزي على برنامج التعليم عن بُعد مهارة إدارة فريق، ومهارة استخدام التطبيقات الخاصة في التعليم عن بعد، والتدريب على استراتيجيات تناسب التعليم عن بُعد، واستخدام أدوات التقويم، وتطبيقات عملية لاختيار حصة دراسية وتقديم درس عن بُعد، وتنفيذ الأنشطة بشكل تزامني وغير تزامني، والتعرف على محتويات المنصة الإلكترونية.
وأضاف صالح بن راشد بن خنفور البهلولي مساعد مدير مدرسة، بتعليمية محافظة جنوب الشرقية: لقد تم تدريبنا على إنشاء صف افتراضي على المنصة الإلكترونية، والتعرف على مميزاتها وتطبيقاتها المختلفة التي تخدم العملية التعليمية، بجانب التعرف على مفهوم التعليم الدمج ودور المعلم في عملية التعليم الإلكتروني.
تنمية المهارات
وأشار ناصر بن حمد الضاوي،معلم تقنية المعلومات، بتعليمية محافظة شمال الشرقية قائلا: من أهم الجوانب الإيجابية التي تضمنها التدريب على هذا البرنامج استخدام أحدث التطبيقات والمهارات في المنصة التعليمية (Google Classroom) وتوظيفها في الصفوف الافتراضية، وسرعة نقل المعلومة وعرضها للطالب، ومتابعة أعماله وتقييمها وتقويمها مباشرة، وتسجيل الدروس مباشرة من قبل المعلم ومشاركتها مع باقي المتدربين.
وأرى أن هذا النوع من التعليم له دور كبير في تعليم الطالب ذاتياً، والتزود بمهارات التعليم للمستقبل، والرجوع للدروس في أي وقت وزمان (تعليم غير متزامن) لرفع التحصيل الدراسي، كما يجعل الطالب أكثر اهتماماً ونشاطاً عند استخدام تقنيات جديدة في التعليم، بجانب تنمية مهارات الطالب في تنفيذ الأنشطة عن بعد، وتدعيم مهارات التواصل لدى المعلم والطلاب وولي الأمر.
وعند سؤاله عن أبرز التحديات التي واجهته في فترة التدريب أوضح ناصر الضاوي: التحدي الأكبر كان في ضعف شبكة الانترنت في بعض الأحيان، بالإضافة إلى أن بعض التطبيقات التي تحويها المنصة تعد جديدة بالنسبة لي ولم أعتد على استخدامها، وبالتالي قد يتطلب من المعلم بذل المزيد من الوقت والجهد للتعرف عليها بصورة أفضل.
FacebookTwitterWhatsAppLinkedInCopy LinkFacebook MessengerGmailGoogle BookmarksOutlook.comPrintSkypeTelegramSMSWeChatYahoo Mailنشر