Image Not Found

التعافي الاقتصادي للمنطقة

Views: 9

حيدر اللواتي – لوسيل

ما من دولة في العالم إلا وتعاني اليوم من أزمات اقتصادية ومالية، خاصة الدول العربية، ومنها دول المنطقة، نتيجة لتراجع أسعار النفط بنسبة تزيد على 40% في السنوات الماضية، وبالتالي تراجع الإيرادات الإجمالية من جهة، والتعرض إلى العديد من السلبيات الناجمة عن استمرار فيروس كوفيد 19 من جهة أخرى. مقابل ذلك يزداد عدد الروشتات التي يصدرها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لتلك الدول بين الفينة والأخرى، وخاصة دول المنطقة بضرورة التركيز على الإصلاحات الاقتصادية التي تساعدها في تخطي الأزمات الناجمة عن غياب الإصلاحات، والعمل على بذل المزيد من الجهود في شأن التنويع الاقتصادي.

الكل يعترف بأن المنطقة تحتاج إلى سنوات لتحقيق السياسات التي تبنتها لهياكلها الاقتصادية منذ سنوات مضت لتحقيق التنويع والتكامل مع المشاريع النفطية والغاز، والتوجه نحو تنمية القطاعات الاقتصادية في المجالات الصناعية والسياحية والسمكية، وقطاع التقنيات والمعرفة، وهذا ما تقوم به دول المنطقة منذ سنوات مضت. ولكن هناك عوامل خارجية تعمل على بطء السرعة المطلوبة لتحقيق التوجهات المستقبلية المطلوبة.

صندوق النقد الدولي من جانبه يرى أن عودة دول الشرق الأوسط إلى مستويات النمو الاقتصادي السابقة تحتاج إلى فترة سنوات، وربما لعقد تقريبا لتتمكن من تحقيق خططها ودعم السياسات التي تبنتها بسبب استمرار الوباء، وما يترك من إصابات ووفيات يومية، ويقلل من فرص عمل المؤسسات والشركات بسبب الإغلاقات المتكررة، الأمر الذي يعمل على خفض وتراجع أعمال القطاع الخاص ويخلق ضغوطات لتحقيق التعافي الاقتصادي بالسرعة المطلوبة. ونتائج ذلك تنعكس بصورة مباشرة على تراجع النمو الاقتصادي لتلك الدول، في الوقت الذي يتوقع فيه الصندوق أن تنكمش اقتصادات المنطقة بنسبة 4.1% خلال العام الحالي، إلا في حالة حصول انتعاش اقتصادي خلال الفترة المقبلة من العام المقبل بعد أن يتم توفير اللقاحات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المشاريع القائمة في المنطقة.

اليوم تعاني معظم دول العالم من تراجعات اقتصادية ومالية، ولكن التأثير السلبي الكبير واضح على الاقتصادات الخليجية التي لم تتمكن من التنويع اللازم لقطاعاتها الاقتصادية غير النفطية بالصورة المطلوبة خلال العقود الثلاثة الماضية بالرغم من التحذيرات التي تلقتها من المؤسسات الدولية بضرورة تبني سياسات التنويع، وضرورة تأهيل الكوادر الوطنية للدخول في المشاريع الخاصة، وعدم الاعتماد على التوظيف في المؤسسات الحكومية التي تعاني اليوم من تخمة في التوظيف ومن البطالة المقنعة.

اليوم ينتقد بعض وزراء النفط للدول العربية سياسات دولهم نتيجة للاعتماد المطلق على الإيرادات النفطية في مواجهة جميع الأعباء المالية للمؤسسات الحكومية وكذلك المؤسسات والشركات الخاصة التي تعتمد على المناقصات الحكومية في تنشيط أعمالها التجارية، بينما الضائقة المالية أصبحت اليوم تؤثر على القطاعين نتيجة لعدم تمكن المؤسسات من بناء سياسات مالية واقتصادية جيدة للمرحلة المقبلة. ومن هنا أصبح الكل يعاني من هذه الضائقات التي زادت حدتها بسبب الوباء العالمي. وهذه الإخفاقات زادت حصيلتها بسبب تفشي الفساد وسوء الإدارة وغياب الإصلاحات الاقتصادية بجانب الاعتماد الكبير على الإيرادات النفطية والغاز التي تشكل بنودها المالية أكثر من 80% من إجمالي الإيرادات لبعض الدول، الأمر الذي يتطلب تحقيق إصلاحات جذرية في السياسات المالية والاقتصادية لتكون عونا لخطط طويلة الأمد.