د. طاهرة اللواتية – عمان
[email protected]
اكتشفنا خلال أزمة كورونا التي لم تنجل إلى الآن عن العالم بأنه من المستحيل التنمية بدون الإنسان، فقد توقفت المصانع وكل أنواع الأعمال، وخسر العالم التريليونات، وانكمشت أقوى الاقتصادات عندما جلس الإنسان في بيته. فالإنسان هو الثروة وهو الرأسمال الأكبر في أي صناعة أو زراعة أو عمل من الأعمال في ملايين الشركات ووحدات العمل.
فالإنسان هو قوة العمل حسب التعبير الاقتصادي، فإذا توفرت قوة العمل دارت عجلة الاقتصاد، وإذا جلس في بيته توقفت أو كادت. ورغم التطور في تقنيات الاتصال وعمل الملايين من الناس من بيوتهم، فلم تتوفر قوة العمل كما المأمول، وتنفس العالم الصعداء عندما سمحت الحكومات بعودة الناس إلى أعمالهم في مقار الأعمال، فاستطاعت الكثير من المشروعات إنقاذ نفسها من الإفلاس.
لذا بقوة العمل يمكن تحقيق الإنتاج الرأسمالي أو تجديد الإنتاج الرأسمالي حسب اللغة الاقتصادية.
ونلاحظ أن ما يدفع من أجور لقوة العمل يتم تصنيفها بأنها مصروفات جارية أو متكررة، فهي المصروفات التي تستنفذ لتوليد إيراد مصنع ما أو مزرعة أو شركة ما، أو توليد خدمة ما، وأن الشكوى من المصروفات الجارية أو المتكررة والتأفف منها يعني الاستهانة بالإيراد المأمول أو الخدمة المأمول تقديمها، وهي شكوى في غير محلها، فمن لا يدفع الأجور والرواتب لا يحصل على قوة العمل ولا يحقق الإيرادات المأمولة، أو الخدمات المطلوبة.
من جهة ثانية فإن الأجر الحقيقي الذي يدفع لقوة العمل (العامل) يقاس بمدى كمية ونوعية السلع والخدمات الاستهلاكية المختلفة التي يتمكن العامل من الحصول عليها عندما يقوم بعملية تحويل أجره النقدي إلى سلع وخدمات ضرورية في السوق، وأن كمية ونوعية السلع والخدمات التي يحصل عليها العامل هي التي تحدد المستوى المعيشي الحقيقي وتحدد الظروف المختلفة التي يتم فيها تجديد قوة العمل.
وهنا تدخل ٣ عوامل في الأمر، أولها كمية النقد التي يحصل عليها العامل، ثاني العوامل مستوى أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية الضرورية لتجديد قوة العمل، لأنها تحدد المستوى المعيشي للعامل وأسرته. أما العامل الثالث فهو معدل أو نسبة الضرائب والرسوم المباشرة وغير المباشرة التي تؤدي إلى تخفيض الأجر النقدي والأجر الحقيقي للعامل.
وتبقى الغاية النهائية من استخدام أجر العمل المناسب والمتكافئ هي تجديد طاقة وقوة العمل، وإلا فلا خدمة ولا إيراد كما المأمول حسب الاقتصاديين.
مرتبط