محمد بن علي اللواتي – الرؤية
عصفت أزمة كورونا بالعديد من القطاعات الحيوية في العالم، وأخرجت معظمها من الخدمة، وجعلتها عاجزة أمام أزمة لم يشهد العالم مثيلاً لها، بل إنَّ الأزمة أرجعت الكثير منها إلى الوراء، وستحتاج هذه القطاعات إلى سنوات عِدة لكي تتشافى منها واإيجاد السبل الناجعة مستقبلاً في إدارة الازمات التي نحن بصددها.. التعليم أحد هذه القطاعات المتأثرة؛ حيث بات أكثر من 1.5 مليار طالب وطالبة خارج المقاعد الدراسية، وتوجهوا إلى التعليم عن بُعد؛ حفاظاً على سلامة الأرواح من هذا الفيروس.
في السلطنة ومنذ إعلان وزارة التربية والتعليم إيقاف التعليم في منتصف مارس من العام الحالي والرؤية غير واضحة لقطاع التعليم لأولياء الأمور والطلاب والمدارس الخاصة، وقد أثير اللغط على قضية حساسة ظلت إلى يومنا هذا بدون حسم! وهي الرسوم المتبقية للفصل الدراسي الماضي ورسوم السنة الدراسية الحالية علما بأن النظام التعليمي المتبع لهذه السنة سيعتمد على التعليم المدمج والذي يعرف باختصار :
“يعرّف التّعلّم المدمج: بأنه التّعلّم الذي يمزج بين خصائص كل من التّعليم الصفي التقليدي والتّعلّم عبر الإنترنت في نموذج متكامل، يستفيد من أقصى التقنيات المتاحة لكل منهما ” (2006 Miheim).
مع الأسف وكوليِّ أمر، لا أجد أن الوزارة الموقرة قد تمكنت من إنشاء منصة تعليمية إلكترونية بشكل مدروس وعلى مراحل على مدار السنوات الماضية، وأيضا، لم تكن موفقة في تحديد العلاقة ما بين ولي الأمر والمدارس الخاصة بما يتعلق برسوم الفصل الدراسي الماضي والسنة الدراسية الجديدة وإيجاد الحلول الجذرية لأولياء الأمور، وتركت الحبل على الغارب للمدارس الخاصة وأعطتها كامل الصلاحية والتصرف بما تراه مناسباً للفصل الماضي والسنة الحالية ولم تترك بهذا التصرف لولي الأمر إلا أن يرضى بأحد الأمرين إما الرضوخ بدفع بجميع الرسوم الماضية والحالية بدون نقصان وتخفيض، أو أن ينقل أبناؤه إلى مدرسة أخرى وكلا الحلين أشد مرارة على ولي الأمر والأبناء!
علماً بأن التعليم الإلكتروني يعتبر الأقل بالتكلفة التتشغيلية، وذلك لعدم استخدام المرافق المدرسية بكامل طاقتها كالمبنى والكهرباء والماء ووسائل النقل وتقليل عدد الموظفين وفي استهلاك المعدات والأثاث… وغيرها، وكذلك فإنَّ البرامج التي تتحجَّج بعض المدارس باستخدامها في التعليم الإلكتروني لن تزيد تكلفتها عن القسط السنوي للعدد عشرة طلاب في أسوأ الاحتمالات، أما الأجهزة الإلكترونية فمشمولة في القسط السنوي ويتم احتسابها من جيوب أولياء الأمور.
في دولة الكويت تمَّ إلغاء جزئي لرسوم الفصل الدراسي الثاني، وتقليل ما قيمته 25% من رسوم السنة الدراسية المقبلة، وفي الإمارات طلبت دائرة التعليم والمعرفة من المدراس مراعاة أولياء الأمور بإعادة رسوم الحافلات وتخفيض الرسوم الدراسية؛ لذا فقد حددت المدارس الخاصة نسبة 15% تخفيضاً لأولياء الأمور الذين اختاروا التعليم الإلكتروني لأبنائهم للسنة الدراسية الجديدة، إضافة إلى أنَّ وزارة التعليم السعودية قد رفعت مسودة تدرس فيه تخفيض الرسوم للفصل الثاني من السنة الدراسية الماضية ما بين 25% الى 50% وبهذا الصدد فقد سارعت المدارس الخاصة بالمملكة وبخطوة استباقية في تخفيض رسومها؛ وعلى سبيل المثال: مدينة تبوك؛ حيث أعلنت أكثر من 180 مدرسة عن تخفيض 50% من رسومها الدراسية، هذه بعض النماذج والأمثلة مع اختلاف الدول، ولكن تظل المعاناة هي نفسها لأولياء الأمور وإن اختلفت بعض تفاصيلها البسيطة.
لعلنا من البلدان القليلة التي فضلت وزارة التربية السكوت، تاركة الموضوع بلا حل من جانبها، والسؤال هنا هو: لماذا؟
أدعو وزارة التربية إلى أن تصدر بياناً واضحاً تحدد فيه آلية التعامل ما بين أولياء الأمور والمدراس الخاصة في ظل خسران العديد من أولياء الأمور رواتبهم إما كاملة وإما بمقدار النصف. لم يتعلم أبناؤنا الطلاب شيئا يذكر عندما تم تعليق الدراسة في الفصل الدراسي الماضي لعدم وجود الإمكانية والدراية والخبرة لدى المدارس الخاصة لتقديم التعليم في ظل الجائحة، ومع هذا، فقد تم إجبار أولياء الأمور على دفع المستحقات كاملة!