حيدر اللواتي – لوسيل
لا يخفى على أحد بأن ملف العمالة الوافدة في المنطقة بدأ يطفو على السطح بقوة في معظم دول الخليج مع التطورات التي تشهدها المنطقة نتيجة للأزمة العالمية الناجمة عن تراجع أسعار النفط، والإصابات والوفيات التي تخلفها جائحة كورونا.
الملف المتداول في الأوساط السياسية والاقتصادية يركز على الظروف التي أدت إلى تدفق وتكدس وإغراق الأسواق الخليجية بالعمالة الوافدة خلال السنوات الماضية، في الوقت الذي تتزايد فيه أعداد خريجي الجامعات والكليات الوطنية في المنطقة، الأمر الذي يشكّل فيه تحديا ومنافسة غير متكافئة للمواطنين، بحانب ما تحمله العمالة الوافدة من أخطار وأعباء صحية واقتصادية وأمنية، وخاصة في الظروف الحالية التي تمر بها المنطقة.
الخبراء الخليجيون أدلوا بدلوهم في هذا الشأن، مشيرين إلى أن قدوم العمالة الوافدة إلى المنطقة في العقود السابقة جاء بسبب حاجتها إلى التنمية الشاملة لترتفع أعدادها من نصف مليون عامل في السبعينيات من القرن الماضي إلى 35 مليون عامل حاليا، فيما تأتي معظمها من الدول الآسيوية، وتترك تأثيرات كبيرة على التركيبة الديموغرافية بجانب إفرازها لآثار سلبية على مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والثقافية، خاصة تلك التي تخالف القوانين والتشريعات.
اليوم فإن جميع دول المجلس تنظر بجدية إلى التخلص من الأعداد غير القانونية للأجانب في المؤسسات بشكل تدريجي، والعمل على توفير مزيد من فرص العمل للباحثين من أبناء المنطقة. فالتحديات القادمة للمنطقة كثيرة وتتزايد في ضوء التراجع الحاصل في أسعار النفط العالمية، واستمرار الإصابات اليومية بفيروس كورونا، الأمر الذي يدفع الحكومات الخليجية إلى تحمل أعباء مالية لتوفير الرعاية الصحية والأمنية لهذه العمالة التي تقوم سنويا بتحويل أكثر من 122 مليار دولار من المنطقة، منها أكثر من 30 مليار دولار إلى الهند. كما أن مشكلة هذه العمالة تكمن أيضا في أن 80% منها هي عمالة من شرائح الدنيا، وتعمل بواسطة الأيدي، وتسكن في تجمعات ضيقة تمثّل اليوم بؤراً لانتشار مرض كورونا. كما أن هذه العمالة من حيث التكلفة تتطلب توفير بنود مالية سنوية لدعم مشاريع الكهرباء والمياه والوقود التي تستخدمها في أغراضها اليومية.
ونظرا إلى أن معظم العمالة الوافدة هي من الطبقات الدنيا، فإن مساهمتها قليلة في تحريك الاقتصادات المحلية نتيجة لضعف رواتبها الشهرية، إلا أن إجمالي التحويلات المالية لها تترك تأثيرات سلبية على البنود المالية نتيجة للممارسات التجارية الخاطئة بسبب تبنيها لمشاريع التجارة المستترة التي تخالف القوانين وتتهرب من دفع الضرائب للحكومات.
ومن هنا يقترح البعض في المنطقة بتشكيل فريق عمل خليجي من الحكومات والقطاع الخاص لتقديم الحلول والتصدي لمشكلة العمالة الوافدة، والعمل من خلال خارطة لتسهيل عملية إحلال العمالة الوطنية محل هذه العمالة. فيما يرى البعض أن تحقيق ذلك يمكن من خلال التخلص من العمالة الوافدة بنسبة 10% سنويا، بحيث تبلغ نسبتها 50% خلال السنوات الخمس المقبلة، مع التفكير في إيجاد سندات مالية للعمالة الأجنبية لامتصاص جزء من تحويلاتهم الشهرية، وفتح باب الامتلاك العقاري لهم، وتعزيز مشاريع التنمية الصناعية والإنتاجية معهم، مع العمل على تجنيس البعض منهم كالأطباء والمهندسين وأصحاب الخبرات في العلوم والمعارف والتقنيات، والعمل على جلب عمالة جالبة للمعرفة والتقنيات مستقبلاً.