Image Not Found

التعزيز الصحي ومسؤولية الأفراد

Views: 13

هدى بنت أنور بن خميس – شرق غرب

بحدوث جائحة كوفيد-19 التي أصابت سكان العالم جميعا بالذعر وسجلت إصابات بين مختلف شعوب العالم وقتلت الآلاف في عشرات الدول، ظهر مفهوم “التعزيز الصحي” بمثابة طوق نجاة للمجتمع من خطر الإصابة بالفيروس والحد من انتشاره في نفس الوقت. وتُعرِّف منظمة الصحة العالمية مفهوم “التعزيز الصحي” بأنه: عملية تمكين النَّاس من زيادة السيطرة على صحتهم وتحسينها لغرض الحفاظ على صحة الأفراد وحمايتهم عن طريق معالجة الأسباب الجذرية لاعتلال الصحة والوقاية منها، وليس التركيز حصراً على علاجها وشفائها.

وبينما ينتظر العالم بشدة لقاح لكوفيد-19، تستمر الجائحة بالانتشار السريع وتتسبب في خسائر غير مسبوقة حيث تتخذ بلدان العالم إجراءات صارمة لاحتواء الفيروس وإنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح. وباتت الوقاية من الإصابةِ بالفيروس هي الحلّ الوحيد أمام الجميع لاحتوائه والحدّ من انتشاره المرعِب، وذلك من خلال تطبيق آليات التعزيز الصحي الخاصة بالوقاية من كوفيد-19 والتي لخصتها منظمة الصحة العالمية في العناصر الأساسية الآتية:

غسل اليدين بانتظام
الحرص على الممارسة الصحية السليمة اثناء الكحة او العطس
التباعد الجسدي وتجنب الاقتراب كثيرا من الناس
تجنب لمس العين والأنف والفم
متابعة المستجدات واتباع نصائح مقدمي الرعاية الصحية
هذه الآليات لم تعد خافية على أحد، فهي من الوضوح والجلاء بحيث أصبحت حديث الناس يتكرر بشكل يومي. فالعبرة ليست في ذلك، وانما في مدى تطبيقنا الفعلي لها وبشكل يومي.

ان أكبر تحدي نواجه اليوم هو ان علينا أن نقوم بأشياء لم نعتد على القيام بها في السابق. إلا أن الظروف الصحية الطارئة تحتّم علينا أن نتكيّف مع المتغيرات التي طرأت على نمط الحياة بسبب جائحة كورونا. والتكيف هنا هو بمعنى أن نمتلك القدرة على التغيير الإيجابي لنمط الحياة بتبني عادات وسلوكيات وممارسات صحية تعود بالنفع المحتم على الفرد والمجتمع.

إن أحد أهم عناصر التعزيز الصحي هو نشر الوعي الصحي وتعزيز الممارسات الصحية وذلك بالمتابعة والتقويم المستمر لتحقيق الأهداف المرجوة، سواء في اطار الأسرة والمدرسة والسوق أو في اطار العمل. فالوعي الصحي له تأثير فعال على اتجاهات الناس وتعديل وتطوير سلوكهم الصحي.

على سبيل المثال، كنت في احدى اجتماعات العمل في بداية انتشار الوباء فقمت خلاله بملاحظة مدى التزام الحاضرين بالاجراءات الاحترازية المفترض تطبيقها للوقاية من انتشار فيروس كورونا. وخلال فترة الاستراحة، اعطيت النتيجة للحاضرين، وابديت بملاحظاتي عن الإجراءات التي يجب اتخاذها، والممارسات التي يجب الحذر منها، كتجنب السلوكيات الخاطئة مثل لمس العينين والأنف والفم. وبعد الاستراحة، واثناء الاجتماع، قمت بمتابعة نفس الممارسات من نفس الحاضرين فلاحظت أن هذه الممارسات الخاطئة قد انخفضت في الجزء الثاني من الاجتماع إلي ما يقارب 70% . وهذا بالطبع كان بفعل التوعية الصحية وتعزيز الممارسات الصحية، حيث يتطلب منا جميعا تكثيف مثل هذه الجهود، حتى يدرك الجميع ان الوقاية من الامراض متاحة وهي سهلة وأقل كلفة واكثر أمانا في الحاضر والمستقبل.

لقد أولت وزارة الصحة اهتماما بالغا للحد من انتشار فيروس كورونا والتقليل من تأثيره وإنقاذ الأرواح، وذلك ابتداء من وضع الاستراتيجيات الاحترازية قبل تفشي المرض في السلطنة، مروراً بتأسيس وتنفيذ برامج تعزيز الصحة والتوعية الصحية الخاصة بالوقاية من فيروس كورونا، ورصد وتشخيص المصابين بالفيروس، وتقديم العلاج المناسب لجميع المواطنين والمقيمين المصابين بهذا الوباء دون ابطاء.

وعلى مستوى الرعاية الصحية الأولية، فقد تم تقليص الترددات على المراكز الصحية والغاء بعض العيادات بهدف تحقيق شعار (خليك بالبيت) وذلك حرصا على الصحة العامة وسلامة المراجعين وسلامة عوائلهم وكافة أفراد المجتمع. فكان لا بد من ايجاد البدائل للخدمات الصحية، وكانت فكرة هاتف برقم خاص لكل مركز صحي من أنجع الوسائل التي حققت التواصل والابتعاد الجسدي. وكان الهدف من ذلك بأن نشعر المريض اننا في خدمتك، ولكن عليك ايضا بالتطبب الذاتي بناء على الاستشارات الصحية التي تقدمها لك الجهات المتخصصة. فكان التأكيد في الوضع الراهن لكوفيد-19 بأن نعزز الاستشارة الطبية بطريقة مستندة على آليات التواصل عبر الهاتف في الاستشارة الطبية الصحية والتي تتطلب: الاعداد والاستعداد، اليات التواصل الطبي و تحديد درجة الخطورة الصحية، معرفة المستجدات الخاصة بالحالة الصحية للمريض، العلاج الطبي والأدوية المستخدمة، الاجراءات الطبية المتخذة والتي ايضا تعتمد على الحنكة الطبية لدى الطبيب، بالإضافة إلي النصائح الصحية المقدمة والتي تتمثل في الغذاء الصحي والحركة الجسدية، بجانب النصائح والاحترازات الصحية التي تخص كوفيد-19.

وبسبب كوفيد-19 قلت الزيارات للمراكز الصحية بنسبة ملحوظة جدا، ولكن لم يتم فقد التواصل مع المريض في ظل ظروف كوفيد-19 التي اشغلت العالم.

إن خطرا كالذي يمثله كوفيد-19 لا يمكن حصر مسؤولية التصدي له والعمل على احتواء انتشاره، في الجهود التي تقوم بها مختلف أجهزة الدولة، أو في الجهود التي تقوم بها وزارة الصحة، وإنما هي مسؤولية تقع بالدرجة الأولى على عاتق كل فرد من أفراد المجتمع (المواطن والمقيم) من أجل الوقاية من هذا الوباء القاتل وذلك من خلال تطبيق آليات “التعزيز الصحي” الخاصة بالوقاية من كوفيد-19. فكل انجاز جماعي يحققه المجتمع خلفه ارادة افراد وجهود ومبادرات فردية.