Image Not Found

مقالات في التنمية البشرية (21 – 30)

الشيخ هلال بن حسن اللواتي

(21)

منشأ الحركة التنموية في الإنسان
وجد أثناء عملية خِلقة الإنسان وصناعته أمران أساسيان، وكانا وجودهما فيه عبارة عن اعلان عن جهوزيته وتأهيله لبدء مرحلة السير في عالمه لتحقيق حضارته وسعادته، وما عليه سوى العمل على تحقيق متطلبات ذينك الأمرين، وما كانا سوى: الأمر الأول: حب الكمال، وكان مصدره كمال الصانع وجماله، والأمر الثاني: نشأ كان مصدره ذات العملية حيث أفرزت الاحتياج الذاتي لهذا الإنسان إلى صانعه وموجده، ولهذا يعرف الإنسان بأنه “فقير ذاتاً”، وأن هذا الفقر من المحال زواله عنه، ويقصد بالفقر هو الاحتياج المطلق لهذا الإنسان إلى هذا الخالق العظيم.

وطبعاً فإن ما جهزت به ذات الإنسان من ذينك الأمرين وبشكل تلقائي سرى إلى كل عنصر من العناصر التي ركبت عليه ذات الإنسان في تلك المرحلة الصناعية الخَلقية، فناله نصيب من ذلك الكمال، ورشحة من رشحاته.

فاستطاع من خلال ما جهز به في عالم الصنعة والخلقة أن يتفادى تحديات عالم المادة، فبدأ بحماية نفسه من أخطار عالم الطبيعة، وعمل بجهد ملحوظ وملموس في عالم المادة، إلا أن هذا العالم المادي الذي عمله عليه بجهد أصبح في خطر من أخيه الإنسان، وأصبح كل إنسان يطلب ما يطلب الإنسان الآخر، والموارد المادية في الأرض محدودة جداً، فبدأ التنافس بين البشر وسرعان ما تحول إلى صراع، وإذا به يتحول إلى فساد، ومنه بدأ الإنسان يأكل أخاه الإنسان، وينهب الخيرات، ويقتل، ويسلب، ويعتدي على الأعراض، ويتسلط، ويستبد، ويستكبر، ويظلم … إلخ من صفات الرذيلة.

فنلاحظ أن حب التنمية بالكمال نحو الكمال هو من سبب هذا الخلل في جسم عالم الإنسان وحياته الفردية والاجتماعية، وما كان الحل لهذه الأزمة البشرية سوى النظر إلى العلة التي دفعته إلى الخروج عن صراط الاستقامة، وعن صراط الفضيلة، ولهذا ينبغي العمل على هذا المصدر وهذا المنشأ.

والسبب الذي يدعونا إلى البحث بهذا العمق هو لأنه من الواضح أن هناك خللاً معرفياً وإدارياً وقع في توظيف ذلك التجهيز الذاتي، بحيث سبب انحرافه عن الطريق الصحيح بتغذيته غذاء بعيد عن طبيعته الذاتية وتجهيزه الذاتي، فأما الخلل المعرفي قد كمن في الوقوع في الجهل لمصادر الكمال الذي تبحث عنه ذات الإنسان، لأنه خلاصة وقع في خطأ واشتباه مصداقي، أي في تحدد الفرد الذي يحمل صفات الكمال المطلب ليهبه هذا الكمال على مستواه كإنسان.

وأما الخلل الإداري فإنه وقع في عدم معرفته في كيفية إدارة قواه وعناصر تكوينه، وكذا وقع في عدم معرفة كيفية توظيف ما حوله من المواد في عالم الطبيعة لما يخدمه لتحقيق متطلباته التكوينية الذاتية، وكل هذا لو تأملنا يسبب انهياراً في عالم التنمية البشرية في كل مجالاتها ومستوياتها.

(22)

مواجهة الفساد بالتنمية الصحيحة

فبما أن ذات الإنسان هي المتسبب الأساسي والرئيسي للخلل الناشئ في حياته، وللفساد الحاصل في سلوكه وفكره كفرد وكمجموع (المجتمع)؛ كان لا بد من النظر إلى الأسباب التي أدت بهذا الإنسان إلى الانحراف الفكري والأخلاقي والإداري والسياسي والاقتصادي والتربوي والعلمي وغيره مما يقع تحت يد الإنسان وإدارته وتصرفه وفعله.

فبما أن السبب كمن في ظن الإنسان بوجود ما يطلبه – من أعماق ذاته وهو الكمال المطلق – في أمور وهمية، فاعتقد النقص هو كماله، كان لا بد من معالجته من هذا الموقع الأساس، فلا بد معالجة هذا الخلل من ذات المصدر الذي نشأ منه، فتعيين الأكفاء أكاديمياً، والاعتماد على بعض الكفاءات العلمية، والعمل على استثمار الطاقة الذهنية للتنمية الشاملة، والاستعانة بخبراء دوليين كل هذا غير كاف في ضمان سلامة التنمية، وفي ضمان وقوع التنمية في محلها بالنحو الذي تحتاجه المؤسسات والأفراد أيضاً، وفي زماننا أمثلة كثيرة؛ فقد يعين شخصٌ في موقع مهم، وإذا به وبعدة مدة يُكتشف أنه كان فاسداً، وقد يُستعان بشخص دولي يملك خبرة عالية إلا أنه يقع في اشتباهات قاتلة تكلف المؤسسات الدولية كماً هائلاً من المبالغ ولربما لموارد ضخمة مهمة، وحدث أن تقدمت البشرية في بعض جوانب المدنية من بناء المدن ومد الأنابيب ورصف الطرق وبناء المطارات إلا أنه وبعد مدة تتكشف الحقيقة في أن ما صرف فيما ذكر أكثر من التكلفة الحقيقية، ويكلف هذا خزينة المؤسسات الدولية الكثير!، ومما يؤسف أن تتكرر مثل هذه الحالات، ونقول وستتكرر دائماً ما لم ندخل إلى عمق الذات، ونعالج البنى الفكرية والسلوكية في الجيل أولاً وبالذات.

فالتنمية الصحيحة لا تُنظر من خلال ما يقدم للبشرية من البرامج المتنوعة من دون النظر إلى حقيقتها، فإن ما تفرضه علينا ذواتنا بحسب ما تأسست عليه وجهزت به من تجهيز ذاتي في أولى مراحل وجودها وتصميمها من برامج تأبى أن يفرض عليها أي برنامج تنموي مهما بلغ من جودة عالمية لأن هذا البرنامج سيكون بمثابة جرثومة غير حميدة، وفايروسا قاتلا لا سمح الله، وهذا الفايروس سوف يؤدي بالإنسان لا محالة إلى الفساد، وكل الجهود التي تبذلها البشرية هي بمثابة “مسح قطرات الماء الساقطة على الأرض من حنفية تحتاج إلى تصليح”، فما لم يتم التحرك على هذه الذات من خلال ذاتها، وما لم يُتلفت إلى حقيقة ما بنيت عليه هذه الذات بالنظر إلى أولى مراحل تكوينها ومما تركبت تكويناً ووجودياً فإن إيصال الإنسان إلى بر الأمان سيكون متعذراً.

فالتنمية الصحيحة هي تلك التنمية التي تنطلق من البناء الذاتي الذي تأسست عليه ذات الإنسان أولا ًوبالذات، والذي جُهز عليه من أولى مراحل تكوينه ووجوده.

(23)

البرنامج الإسلامي الخيار الأوحد للتنمية
إن شهر رمضان المبارك من أهم البرامج التنموية التي تعنى ببناء الذات بالكيفية الصحيحة، بالكيفية التي تتطلبها ذات الإنسان، وكان من أهم ما قُدم له لأجل بدء صراط كماله هو:”التقوى”، وكأن رسالة القرآن الكريم ورسالة الإسلام هي: إن كل البرامج التي وضعت في هذا الدين وفي كتابه – القرآن الكريم – إنما وضعت بعد دراسة هذا الإنسان ودراسة كل ما يحيط به من الكائنات والموجودات، ورُعي في هذا البرنامج الوجودي كل ما من شأنه التأثير والتأثر من قبيل القانون التكويني، فعلى هذا الأساس يكون هذا البرنامج الإسلامي وهو: “التقوى” من أقوى البرامج لتنمية الإنسان، ولا نبالغ لو قلنا أن هذا البرنامج هو برنامج يتمتع بصيغة شمولية استيعابية.

إن البشرية تعجز عن إيجاد صياغة واحدة تحمل المكون الشمولي فيها، وتلبي “الاحتياج الذاتي” لكل ما يدخل ضمن هذا الاحتياج الذاتي، وبنحو عادل ومنصف وموضوعي، ولكن الإسلام يقدر على هذا الأمر وبسهولة، لأنه صادر من صانع هذا الإنسان، فهو أعلم بالصياغة التي تناسب في جعل التشريع، بل وترفع من مستواها في كونها صياغة شمولية تستوعب جميع ما يقع في حيز الفعل والانفعال للإنسان، وتلبي احتياجات الجميع وباعتدال مذهل جداً.

ومن هنا نقول بأن المشروع الإلهي بما يتضمنه من برامج تنموية في كل المجالات والمستويات مشروع غير مفروض على الناس بالنحو الذي يسلب عنهم حريتهم في القبول والرفض، فالقرآن الكريم أكد على هذه الحقيقة الكبرى في آيات عديدة، منها في قوله تعالى:” لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ” {البقرة/256}، ولكن يبقى التساؤل يلح على المرء عندما يقرأ هذه الآية المباركة في قوله تعالى:” وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ” {آل عمران/85}، فقد يقول قائل أن قد يفهم من الآية القهر ومصادرة الحرية، فالجواب هنا هو: بالجمع بين الآيات المباركة، نقول أن مطلب ترك الإنسان حراً أمر لا مجال لإنكاره لبداهته في الإسلام، وأما ما قد يفهم من بعض النصوص المصادرة والجبر فهو غير صحيح، ولكن نوجهه تفسير أولئك بأن ينظروا إلى المطلب من زاوية أخرى هي: أن الدين يبين العاقبة لمن يترك هذا الدين، لما يتمتع وبما يتميز ببرنامج وحيد بين البشرية يحمل العلاج لمشاكلها، فمن يترك سيارة في منطقة تكثر فيها السباع، ولا يوجد أي خيار آخر لسلامة النفس سواها عبارة عن ترك الخيار الوحيد لإنقاذ النفس، فإذا قيل له اركب وإلا ستخسر حياتك، وأنك سوف تمزق من قبل هذه الضباع والوحوش، وأنك سوف تتألم من مخالبها عندما تغرسها في جسمك، فكل هذا لا يمثل تهديداً أو مصادرة لحرية الاختيار وشبهه، بل هو بيان لعدم وجود خيار آخر لأجل السلامة سوى هذه السيارة فقط.

(24)

اعتماد الاحتياج الذاتي بوصلة للتنمية
إن الدين الإسلامي وما فيه من البرامج التنموية بلسان التشريع والقداسة هو البرنامج الأوحد الذي يملك الحلول لجميع المشكلات البشرية، للعلة التي سبق ذكرها وملخصها لأنه دين وضع تلبية للاحتياج الذاتي للإنسان والكائنات، ولوحظ في هذا البرنامج العناصر التكوينية في الإنسان، كما لوحظ فيه العالم التكويني فيه، والعالم المادي على حد سواء، ولا يوجد أي برنامج بهذا المستوى من القوة والاستيعاب والشمول في تاريخ البشرية على الاطلاق، ولهذا يعد البرنامج الأوحدي على الاطلاق لصلاح البشرية.

ومثل هذا البرنامج الشامل والمستوعب يحق له أن يكون لأزماننا وأمكنتنا المعاصرة، لكون العلة الموجبة لأن يكون كذلك غير منتفية، بل وتزداد وهجاً وإلحاحاً على الحاجة إليه يوماً بعد يوم، فما وصلت إليه البشرية اليوم من التطور المادي غير كاف في التنمية الذاتية للإنسان، والسبب الذي تقدم في الحلقات لسابقة كان واضحاً جداً، فإن البشرية وإلى الآن في محلك سر، وفي المربع الأول من عدم القدرة على فهم الإنسان بعناصره الأربع، ولا بعوالم تكوينه، ولا في فهم العلاقة بين الإنسان والعالم التكويني، فضلاً عن فهم العلاقة الدقيقة بينه وبين عالم الطبيعة، ولازم هذا هو عدم القدرة على الظهور على الساحة البشرية ببرنامج يتمكن من حل جميع المشكلات التي تعيشها هذه البشرية برمتها.

إننا معاشر البشر نشعر بوجداننا أن هناك خللاً كبيراً في المنظومة البشرية، ونشعر بوجداننا أن البشرية غير قادرة على الوصول إلى علاج ناجع، وإلى برنامج شامل ناجح، غاية ما في الأمر أننا كبشر لا نريد الرضوخ للحقيقة خشية فوات المصالح الذاتية الشخصية، والوقوع في خسائر اقتصادية كبيرة، وخسران رؤوس الأموال والاستثمارات ومردود الصفقات الضخمة، ولهذا يحبذ البعض أن يعيش حالة من الانكار لصوت وجدانه.

إن المنظومة الإسلامية التي تسعى إلى تنمية هذا الإنسان من خلال برامجها التي تقدمها فكراً وعملاً، تقدم إمكانية زيادة رؤوس الأموال والعيش بحالة رغيدة من خلال إمكانية التوفيق بين النشأتين المادية والمعنوية، الدنيوية والاُخروية، وهي ليست مجرد حالة طقوسية كما أسلفنا، كما أنها ليست مجرد عبادات شكلية، بل إنها بينت أن العبادات رسائل تكوينية وفي الوقت نفسه روابط تكوينية لكل حركة الإنسان وعالم الطبيعة والتكوين في وقت واحد، ومثل هذا الاندماج بين هذا الثلاثي الإنسان الطبيعة التكوين وبعمليات تفاعلية إيجابية إذا ما أقيم حق الإقامة لأعطى ثماراً طيبة جداً.

فلا بد أذن من العمل على البناء الذاتي على أصولها الموضوعية، وليت العقلاء ينتبهوا إلى أن الحاجة اليوم هي إلى برنامج يملك القدرة على تحقيق التنمية الصحيحة الشاملة ببرنامج صحيح وشامل، والعدالة رغبة الجميع، وهي لا تعرف جغرافية لا عرقية ولا مذهبية ولا ملة ونحلة ولا قوماً ولا شعباً ولا فئة ولا حزباً ولا جماعة.

(25)

البرنامج الإسلامي ومحور الوجود

من حق الجميع أن يطرح تساؤلات حول ما يمكن لهذا الدين أن يقدم من برامج تنموية على مستوى المجتمعات البشرية، وهنا ليس محل الإجابة على مثل هذا السؤال، وغاية ما في الأمر الذي نريد أن نقوله هو أن الدين الإسلامي يقدم برنامجاً شاملاً يستوعب كل المجالات التي يحتاجها البشر، وأن محور عمله وهو أساس البناء ابتداء واستدامة هو “تنمية ذات الأنسان”، وأكد أن دوام كل الحياة المدنية وما يرافقها من التقدم العلمي والتكنولوجي والتقني ومرهون بذات هذا الإنسان، فإذا كان فاسداً ضيع ما بني، وإذا كان صالحاً زاد من التنمية بنحو إيجابي نافع.

وشهر رمضان هو من أهم البرامج في هذا المجال، لأنه يعتمد في نجاح هذا البرنامج على “محور الوجود” وهو “الله” سبحانه وتعالى، مؤكداً على أن نجاح التنمية الذاتية لا يمكن أن تتحقق بالشكل المطلوب إلا إذا مشت هذه الذات مع قافلة الوجود التكوينية وانضمت إليه، وهنا نتساءل: وبما تمتاز هذه القافلة الوجودية؟!، وما هو محورها؟، وما علاقة هذا المحور الوجودي بما أضعه من البرامج لتنمية الذات؟!، وما هو التأثير المترتب على الاعتماد على برامج خاصة من صناعة البشر دون صناعة محور الوجود؟!، وما هو التأثير المترتب على الاعتماد على برامج محور الوجود على مجمل حياتي وتنميتها؟!، إن الإجابة على هذه الأسئلة جميلة ومنطقية وسوف نتعرض إليها بما تسمح لنا هذه الحلقات إن شاء الله تعالى.

أولاً وقبل كل شيء ينبغي الإجابة على شبهة مهمة وهو تعتري الكثيرين في أذهانهم، ويبني عليها المغالطات في منطقهم، ويمكننا أن نذكرها بهذه الصيغة المطروحة: أين هو المشروع الإسلامي؟، ولماذا لا نجد هناك أي برنامج تنموي في الدين الإسلامي؟، أين نظرياته لماذا لا نجد لها في الواقع أي حضور؟، إن الدين الإسلامي لا يحمل أي إمكانات لمواكبة العصور، بدليل عدم حملة أي نظرية اقتصادية بديلة لما تعانيه البشرية من النظريات الرأسمالية والاشتراكية!، هل يستطيع هذا الدين أن يقدم لنا البشر منظومة تستطيع البشرية الخلاص مما تعانية؟، هل الدين الإسلامي يملك مشروعاً لبناء المدنية والحضارة؟!، وهل لديه حلول على المستوى المنظومة المالية؟، والإدارية؟، والسياسية؟، والاقتصادية؟، والتربوية؟، هل الإسلامي يملك مشروعاً تنموياً أم لا؟!، فغاية ما نشاهده هو انحصار دوره بالمحراب، وتلاوة القرآن بلحن جميل، والامتناع عن الأكل والشرب وعن بعض ما يكون موجباً لهدم الصوم، والذهاب إلى الحج، فكل هذه المسائل أصبحت أشبه بالطقوس التي تمارسها الشعوب!!.

أجل وأسئلة كثيرة ترد في البين، وكلها نتاجات إما لشبهات مستوردة، وإما هي أسئلة ساذجة تصدر من أناس يبحثون عن الأجوبة حقاً، وباختصار أن الدين الإسلامي ينطلق في بنائه من الاحتياج الذاتي للموجودات، ولهذا مشروعه يحتاج إلى فهمه وبالخصوص فهم محور الكائنات الذي هو محور مشاريعه وبرامجه.

(26)

مصدر الكشف عما وراء المادة
انتهت نتائج العلوم التجريبية إلى أن المكونات الوجودية من أصغر جزء في الذرة إلى أعظم مجرة متشابكة بعضها ببعض، وكأنها نسيج واحد غير منفصل وغير مستقل، ففي عين استقلال المجرات فإن لها رابطة بين مكوناتها، ترابط عجيباً.

والعلم الحديث وقف على تلك الرابطة بعلم الفيزياء، وهذا الأمر جيد، إلا أنه غير كاف في فهم هذه المنظومة الكونية بحيث تمكننا من الوقوف على الحلول الصحيحة للمشكلات البشرية، وبحيث تتمكن من السير الطبيعي في هذا العالم من دون أمراض أو فايروسات أو الزحف الصحراوي ولا الأعاصير ولا العواصف، بل ولا المشكلات الاجتماعية المعنوية، فهنا ما لم تقف عليه الفيزياء، ولا أي علم من العلوم الطبيعية.

وهنا نؤكد على أن عدم الوقوف على شيء لا يعني انتفاؤه من أصل، بل الأمر يدعو إلى البحث الموضوعي للوقوف على أدوات المعرفة لتلك الأشياء، -كالجراثيم الدقيقة التي اكتشفت بأدوات متطورة-، فالإنسان بتلك الآلة وهي المجهر استطاع أن يرى أمراً كان غير معترف به في السابق، وهكذا الحال بالنسبة إلى ما هو راء عالم الطبيعة، فإن عدم وقوف التكنولوجياً والتقنية على أمر لا تستطيع الأدوات الحديثة الوقوف عليه لا يعني أنه غير موجود من أصل، نعم الأمر يدفعنا إلى البحث عن الأدوات التي تساعدنا على معرفته والوقوف عل حقيقته ليس إلا، وأما اللجوء إلى الانكار من رأس فهذا ما يخالف البداهة العقلية وقواعدها وضوابطها المنطقية.

وبما أننا نؤمن أن هناك في هذا الوجود ما لا يمكن إدراكه عبر المواد والآليات المادية، ونرى أن البشرية لم تتمكن بعد من الوصول إلى آلية كشف ما وراء المادة، فإنه من الطبيعي أن نيقن أن الآلية الكاشفة عما هو وراء هذا المادة لا بد وأن يكون من سنخ ذلك العالم، ومن طبيعته، فالبدن مثلاً والجراثيم والأحياء الدقيقة ما استكشفت إلا بآليات خاصة، ولكن الروح ليست مادية فيمكن استكشافها بالآليات المادية وأدواتها، وكذلك النفس، وكذلك العمليات العقلية، وهكذا.

ولهذا سوف يقودنا الكلام إلى البحث في النصوص الورادة في القرآن الكريم وفي الروايات الشريفة باعتبارهما يملكان مؤهلات العالمين المادي وما ورائه معرفةً دقيقةً، ومعرفتهما لجميع العوالم ليست معرفة حدسية قائمة على الاحتمالات وحساباته النظرية وتوقعاته بل هي معرفة حضورية، وهي تعني أن العالم ما وراء المادة حاضر لديهما حضوراً تاماً، وحكايتهما هي بقوة ما يلمسه الحس في هذا العالم المادي، ولهذا تكون اخبارات القرآن الكريم والرواية الشريفة إخبارات يقينية تكشف عن تلكم المسائل وتصفها بأوصاف الحقائق الوجودية التي لا مناص من انكارها لما يمكن من لمس نتائجها، ومعرفة المعلول كاف للوقوف على وجود العلة وإن لم يقف المرء على ذات العلة.

(27)

سبيل معرفة ما وراء المادة
العلم الحديث في علم الفيزياء توصل إلى وجود ما عرف بــ”الكواركات” في الذرة، وقد قالوا فيها: ” الكوارك أو الرِكِّين هو جسيم أولي وأحد المكونين الأساسيين للمادة في نظرية النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات (المكون الآخر حسب هذه النظرية هو الليبتونات) له كتلة ولكن أبعادها لا متناهية الصغر صفرية، تُرصَد عند حدوث تصادم شديد بين البروتون والإلكترون. أطلق موري جيلمان عليها الاسم كوارك ومنها ستة أنواع … تجتمع الكواركات معا لتشكل جسيمات مركبة تسمى هادرونات، الأكثر استقرارا التي هي البروتونات والنيوترونات، وهي مكونات نواة الذرة. لا يمكن أن تظهر الكواركات بشكل مفرد حر فهي دائمًا محتجزة ضمن هادرونات ثنائية (ميزونات) أو ثلاثية (باريونات) مثل البروتونات والنيوترونات، وتسمى هذه الظاهرة بالحبس اللوني (بالإنجليزية: Color confinement)، لهذا السبب فمعظم المعلومات عن الكواركات تم استخلاصها من ملاحظات الهادرونات نفسها.”، إذن فإنها استخلصت من ملاحظات الهادرونات نفسها.

وكذلك الوجود برمته فإن هناك ملاحظات توقفنا على حقيقة مهمة وهي أن هناك محركات وأنشطة فيما وراء عالم الطبيعة، والذي يدلنا عليها هو أثرها في عالم المادة، نعم نفتقر إلى الآلة الكاشفة لتلك المصادر والمناشئ.

وبوجود كتب عرفت بالكتب السماوية، وبوجود أشخاص عرفوا بـ”الرسل والأنبياء والأوصياء” وكان تعريفهم أنهم يمثلون الخالق في الأرض، كشف لنا عن بعض ما وراء المادة من الحركات والأنشطة، وبالخصوص التي لها تأثيرا واضح وملموس على المستوى المادي، والتي تحدث أحياناً كظواهر لا تتمكن العلوم الطبيعية من رصد مصادرها رغم أنها تشاهد تلكم الآثار مشاهدة حسية لا تقبل الانكار.
ومن هنا كان من الضروري جداً الاستعانة بالكتاب والرسول لمعرفة ما يدور في تلك العوالم، وما علاقتها بعالم المادة، وكيفية العمل على تفعيل الجانب الإيجابي بما يصلح حال العالم المادي، ويساعدانا كبشر على تخطي المؤثرات السلبية على عالمنا، وبالخصوص التي لها تأثير سلبي مهلك للبشرية.

ولعل هذا الذي دفع الأنبياء في بداية طور وجودهم بين أممهم إلى إثبات كونهم ينتمون إلى العالمين المادي والسماوي الغيبي، وكانوا يسقون بين أيديهم ما يؤكد على كلامهم ويطمئن على خلافتهم من قبل خالق الخلق وصانع الوجود، فكانت “المعجزة” هي المفتاح الأساس لإثبات أنهم مرسلون من قبل هذا الصانع الخالق، ولا سبيل لمعرفة هذا الانتماء إلا هذا الطريق، وقد ذكر علماء الكلام في أن طريق إثبات المعجزة هو لأجل أن يطمئن المقابل أنه حقاً أمام الممثلية الحقيقية لله تعالى في الأرض، وتلك المعجزات تمنع أي شخص مدع كذباً يدعي انتماءه إلى السماء، فإن عدم قدرته على الاثبات الاعجازي يكون دليلاً على كذبه وتدليسه، ولهذا نشكر الله تعالى على أنه حمانا من المكذبين الضالين المغضوب عليهم بوضع المعجزة طريقاً لمعرفة من هو منتم إليه ومن ليس.

(28)

وحدة الكائنات بتوحيد الله تعالى
“نُقل عن علماء في جامعة غلاسكو في الثالث عشر من يوليو عام 2019 أنهم التقطوا أول صورة من نوعها لشكل قوي من التشابك الكمي المعروف باسم تشابك بل”، و”التشابك ظاهرة في الفيزياء الكمية، تحدث عندما يتولد زوجان أو مجموعة من الجسيمات أو تتفاعل أو تتشارك الجسيمات ذات القرب المكاني بحيث لا يمكن وصف الحالة الكمية لجسيم معين بشكل مستقل عن الجسيمات الأخرى، حتى لو فصلت مسافة كبيرة بين هذه الجسيمات”، (ويكيبيديا، النت)، وبهذه الطريقة يكون الوجود متشابكاً بعضه ببعض، واكتشاف ذلك ليس بالأمر الهين عبر الأدوات المادية، وها نحن اليوم في القرن 21 وما تزال الاكتشافات العلمية توقفنا على تلكم الحقائق، وما تزال في مرحلة النمو المبكر.

ولكن اللجوء إلى مصدر الخلق وهو الخالق ألن يوفر علينا الجهد والوقت في العرف على تلك الحقائق؟!، نعم وبعد غياب الواقف على كل مفردة لكتابه العزيز ليس من السهل الوقوف على تلكم الحقائق، فإن معرفة لغة السماء وإن صيغت بلغة عربية تحتاج إلى من يفهمها جيداً، ويعرف عوالمها كي لا يضطر إلى اللجوء إلى عملية التكلف في التأويل.

إن الطبيعة الوجودية قد تشكلت بنحو مترابط ترابطاً شبكياً، وتتأثر الأجزاء بعضها ببعض، وقد أعلن القرآن الكريم في كثير من آياته هذا الترابط وبعبارات مختلفة من قبيل انتماء السماء والأرض كلها إلى الله تعالى، فهو سبحانه يشكل الرابط الأساسي بين كل شيء وفي تكوين كل شيء، وعندما تصرح الآيات القرآنية بأن كل شيء يسبح الله تعالى بحمده، فإنها تكشف لنا أن هذا التسبيح يسري في أصغر جزء في الذرة إلى أعظم مجرة، الأمر الذي يكشف لنا اللغة التي تمشي عليها هذه الكائنات، والروح التي بنيت عليه في تكوينها.

بالتأمل في تلكم اللغة السائدة في كل شيء والتي هي التسبيح بحمد الله تعالى يكشف لنا أن إذا أردنا الاستفادة من هذه الكائنات بالشكل الصحيح، ومن دون أن نقع في التأثيرات الجانبية لها (Side effects) أن تتناغم سلوكياتنا مع اللغة بل السلوك التكويني للكائنات، ولو تمعنا النظر في النصوص الشريفة سنجد أن البناء الحضاري كي يتم على أكمل وجه فإنه لا يقتصر تحقيقه على وجود نظريات متكاملة، أو مشاريع جاهزة، أو برامج دقيقة بل هناك أمراً مهماً جداً في تحقيق دائرة النجاح، وهذا الأمر هو وجود شخص وصل إلى مستوى التحقق بمحور دوائر النظريات والمشاريع الوجودية التكوينية.

فبما أن لغة الكائنات وسلوكها العلمي هو التسبيح لله تعالى بحمده فإن تفعيل الدائرة وأكتمال حلقاتها لتنشيطها بنحو إيجابي هو أن يكون العامل من البشر لتنشيط البرامج كلها أن يكون بمستوى ذلك التسبيح لله تعالى، وهذا ما يمكن تعريفه بتعبير آخر وهو: أن يكون واصلاً إلى مستوى التحقق بالتوحيد الخالص.

(29)

عنصر التناغم بين العامل والكائنات
إن التنمية الشاملة التي تنتهجها معارف التوحيد والتي تظهر ملامحها على وجه العبادات والفرائض إضافة إلى المفاهيم والمفردات الدينية تقوم اساساً على “التوحيد”، وهو التوحيد الذي ذكرته الآية المباركة في قوله تعالى:” إلا من اتى الله بقلب سليم”.

إن التنمية الشاملة التي تريد المعارف التوحيدية في تفعيلها تعتمد على أولاً: معرفة المنظومة الوجودية برمتها، وثانياً: إيجاد تناغم بين العامل ذاته وبين لغة الكائنات، وقد صرح القرآن الكريم في قوله تعالى:”وإن من شيء إلا يسبح بحمده”، وهذا التصريح القرآني كشف لنا عن مفتاح التناغم الذي ينبغي على الإنسان العامل الفاعل أن يستعمله في تفعيل جوانب التنمية وعناصرها، وكأن إيصال العبد نفسه إلى مستوى العبودية الحقة عبارة عن التزود بشفرة فتح العنصر التفعيلي بالكائنات، فعندها ترتفع حالة الوحشة بين الكائنات والإنسان، فمن أهم بنود معارف التوحيد في تحقيق الحضارة البشرية على كل المستويات والمجالات هو أن يتحقق العامل بمعارف التوحيد.

ولكن إذا ما شعرت الكائنات أن الذي جاء ليفعلها وينشطها لأجل التنمية غير واجد لشرائط التفاعل معها، وهو معاكس مع الخط الإلهي وصراطه فإنها تستوحش منه، وعندها لا يكون عطاءها بالشكل المطلوب، إذن .. التنمية الشاملة تعتمد على التناغم التام بين الكائنات التي تسبح الله وبين العبد، وأما القول أن التنمية في عالم معارف التوحيد تقوم فقط على معرفة النظرية الإسلامية والبرامج المعتمدة لذلك فهذا الأمر مستبعد تماماً بل ومتعذر، ولهذا حاول الكثيرون اعتماد نظريات إسلامية لأجل تحقيق البرنامج الإسلامي في الحيز الاجتماعي فلم يتمكنوا من ذلك، بل وكانت النتائج كما وجدناها سلبية.

وأهم عنصر تقوم عليه البرامج التنموية في الدين الإسلامي هو بناء الذات على الأسس الصحيحة، وعندما نقول بناء الذات فإن أهم عنصر تتقوم به الذات في بنائها هو “التوحيد”، وقد قدمت الشريعة المقدسة برامجها على أساس أنها شاعرة بمن يقوم بها ويفعلها، بل إن الزمان في رؤية معارف التوحيد حية شاعرة لما يحدث فيها، ولذا وردت روايات تبين حال بعض الشهور بأنها سوف تأتي يوم القيامة في حلة خاصة وشكل خاص، وتتقدم في المحضر الإلهي لتقدم تقريراً عن كل شخص وما صنع فيها من صناع، إيجابياً كان أو سلبياً.

فحياة الكائنات من أصغر جزء في الذرة إلى أكبر مجرة يدعو إلى البحث عن مفاتيح التناغم معها، ويدعو إلى البحث عن لغة التفعيل لنشاطها، ويدعو إلى البحث عن شفرة التخاطب والتنشيط لما فيها من مناشط ووظائف، وأهم مفتاح يمكن للإنسان التزود به والتلبس به هو:”التقوى”، والقرآن الكريم ذكر أن التقوى من أهم أهداف شهر رمضان المبارك لتحقيقها في الإنسان، قال تعالى:”لعلكم تتقون”.

(30)

شهر رمضان المشروع المتكامل للتنمية
إن ما يقدمه الإسلام ومعارفه هو حزمة من المسائل والمطالب والمفاهيم مجموعة في روح واحدة تشكل مشروع البناء والإنسان فيها جزء أساسي وهذا يعني أن يكون وجوده من سنخ العالم التوحيدي.

إن اغلبنا ينظر إلى التطبيق بلحاظ المفاهيم والبنود والأحكام ولكن هذا غير كاف حسبما عليه المنظومة الوجودية، فهناك حاجة إلى شخص مندك بتلك المعارف وهذا له أهمية في تفاعل كل شيء معه من أصغر جزء في الذرة إلى أعظم لكي تتحقق المنظومات المتفرعة بشكل سليم وصحيح من قبيل الاقتصاد والتربية … الخ، وهذا يعني أن هناك احتياجاً إلى المشي مع التيار الوجودي حسبما عليه تركيبته الذاتية وبتعبير السيد الصدر في اقتصادنا التجهيز الذاتي المنظومة الوجودية والذي تشكل منها الاحتياج الذاتي، فعندها سوف تتفاعل جميع عناصر التنمية وبشكل صحيح، وعندئذ سوف يحصل الإنسان على ثمار طيبة لجهوده الطيبة.

فالدين الإسلامي ليس مجرد نظريات يمكن أن يطبقها أي شخص كان، بل لابد من توفر شرائط اللغة الموحدة بينه وبينه الكائنات كي تعطى الثمار كما ينبغي، وأهم عنصر كما بينا هو عنصر “التقوى”، قال تعالى:” وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا {الطلاق/2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق/3}.

ثم قال تعالى:” وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق/4} ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا”{الطلاق/5}، وقال تعالى:” مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ” {النحل/97}، فلو نلاحظ في القرآن الكريم اقتران الإيمان بالعمل وبشكل جائم وملفت.

فتأملوا في هذه الآية الأخيرة التي تؤكد أن الله تعالى سوف يحيه حياة طيبة، وهذا الآية غير ناظرة إلى الحياة ما بعد الموت، بل إنها تؤكد على ما سوف يحصل العبد من نتائج طيبة في هذه الحياة الدنيا قبل الحياة الأخروية، قال تعالى:” قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ” {الأعراف/32}.

ونختم هذه الحلقات بقوله تعالى:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ” {الأنفال/24}، وقال تعالى:” أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ” {الأنعام/122}.