Image Not Found

مجلس الخنجي المرئي يناقش مع معالي عبدالنبي الشعلة قضية العمالة الوافدة في المنطقة

تغطية: حيدر بن عبدالرضا داود

استضاف مجلس الخنجي المرئي مساء أمس معالي الاستاذ عبدالنبي الشعلة وزير الشؤون الاجتماعية والعمل البحريني الاسبق، ومؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة الفنار للاستثمار القابضة ورئيس مجلس إدارة شركة دار البلد للصحافة والنشر والتوزيع. وقد حضر الجلسة عددا من المهتمين ورجال الاعمال والاكاديميين بجانب بعض الضيوف من البحرين والكويت. وتطرقت الجلسة إلى مناقشة موضوع جائحة كورونا وأزمة العمالة الوافدة في دول مجلس التعاون الخليجي، مع التركيز على الظروف التي أدت إلى تدفق وتكدس وإغراق الاسواق الخليجية بالعمالة الوافدة، والتحدي والمنافسة غير المتكافئة تجاه العمالة الوطنية، بالاضافة إلى مناقشة الاخطار والاعباءات الصحية والاقتصادية والأمنية على دول مجلس التعاون الخليجي، وموقف الدول المصدرة لهذه العمالة، والحلول المقترحة بهذا الشأن.

وقد أشار معاليه إلى أن العمالة الوافدة لها دور كبير في التنمية الاقتصادية للمنطقة، خاصة في الفترات السابقة نتيجة لاحتياج الدول الخليجية لهذه العمالة من أجل الدخول في إعداد وتأسيس المشروعات الضخمة التي بدأت تأسيسها في حقبة السبعينيات من القرن الماضي، أي أن كلا الطرفين كان بحاجة ماسة لما يقدمه له الآخر، الأمر الذي أدى بهم اليوم ليصل عددهم أكثر من 35 مليون عامل بجانب أفراد أسرهم، في الوقت الذي كان حجم العمالة الهندية في دول الخليج على سبيل المثال يصل إلى 250 ألف عامل في عام 1975، الأمر الذي يؤثر على التركيبة الديموغرافية لدول المنطقة، ويفرز آثارا سلبية على الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وكذلك السياسية.

وقال بأن التفكير في تقليص أعداد الوافدين بدأ منذ عدة سنوات مضت، واليوم مع هذه الجائحة فان هناك حاجة لأيجاد حل يمكن من خلاله تقليص هذه الاعداد تدريجيا، وتوفير مزيد من فرص العمل لأبناء المنطقة. ولكن هذا لا يعني بأن دول الخليج عازمة عن التخلى عن هذه العمالة في ضوء وجود أعمال ووظائف لن يقبل عليها الخليجيون. فدول المنطقة تشهد اليوم ارتفاع أصوات تطالب بموجبها العمل على إحلال العمالة الوطنية محل الوافدة نتيجة لانتشار البطالة بين صفوف أبناء البلد من جهة، وبسبب التأثيرات الديموغرافية التي يمثلها هؤلاء الوافدون، خاصة للدول قليلة السكان من جهة أخرى. اليوم فان المخاوف الكبيرة بمستقبل أسعار النفط والتعرض لجائحة مرض كورونا يتطلب من الجميع العمل على تقليص عدد الوافدين لتوفير فرص العمل لأبناء المنطقة، فيما أصبحت العمالة الوافدة تمثل معضلة وتحدياً أمام عمل المواطنيين في العديد من القطاعات الاقتصادية. واليوم نرى دول المجلس تتحمل العبء في توفير الرعاية الصحية والحماية لهم أيضا من مرض كوفيد- 19.

وذكر معاليه بأن قضية إرجاع العمالة الوافدة إلى دولها أصبحت معقدة، مشيرا إلى أن الأمر تم بحثه مع بعض المسؤولين الهنود في السنوات الماضية، إلا أن ذلك لقي اعتراضاً منهم، حيث أن هذه العمالة تقوم بتحويل أكثر من 30 مليار دولار سنويا إلى الهند. وقال أن اعتراضنا اليوم على العمالة غير القانونية (السائبة). ففي الكويت على سبيل المثال، هناك اليوم ربع مليون عامل (250 ألف شخص) من العمالة غير القانونية، الأمر الذي يعطيك صورة عن حجم المشكلة في بقية دول المجلس أيضا. وأشار معاليه إلى أن 80% من العمالة الوافدة في المنطقة هي من الشرائح الدنيا، وأكثرها يدوية، وتتكدس في مكان إقامتها. واليوم فان تجمعات هؤلاء الاشخاص تمثلّل بؤراً لانتشار مرض كورونا، مؤكداً أن هذه العمالة من حيث الارقام تكلف الحكومات الخليجية الكثير من المبالغ لدعم مشاريع الكهرباء والمياه والوقود، ونحن من جانبنا ننظر فقط إلى الراتب والأجر الذي يحصل عليه هذا العامل.

كما أن الشريحة الدنيا من العمالة الوافدة لا تساهم كثيرا في الاقتصادات المحلية، لأن العشرات منهم يعيشون في شقة واحدة، وينفقون القليل على معيشتهم، عكس ما نراه في الدول الأوروبية حيث يساهمون في برامج التأمين والتعليم والصحة والتسوق اليومي، بينما نحن هنا من ندفع إليهم الكثير من المصاريف الخدمية. فهولاء لا يدخلون المراكز التجارية من اجل الشراء ولا يقبلون على المطاعم الكبيرة والفاخرة، أي أنهم لا يحركون الاقتصاد نتيجة عدم وجود قوة مالية كبيرة بسبب تواضع رواتبهم، في الوقت الذي نرى أن بعض أربابهم يستخدمون هؤلاء الافراد مثل العبودية، حيث يحصلون على مبالغ من وراء اقامتهم في المنطقة بنظام الكفالة.
من جانب آخر أصبحت التجارة في أيدى هؤلاء الوافدين الذين يعملون من خلال التجارة المستترة، بحيث يحصلون على السجلات التجارية بتعاون بعضهم البعض من خلال اسلوب ايداع مبلغ معين في البنك لضمان وجود رأس المال، ثم يقومون لاحقا باسترجاع المبلغ للمستثمر الذي ساعدهم على ذلك. فهؤلاء اصبحوا اليوم أصحاب الشركات ويلعبون بالاقتصاد المحلي. ومنذ 20 عاما مضى أصبح لهم ثقل اقتصادي في السوق في محالات البقالة والاغذية والمراكز التجارية أي أن ثلاثة أرباع منهم يعملون في القطاعات التجارية، بينما المواطن لا يستطيع العمل معهم، وهذا وضعهم أيضا في مقاولات البناء والتشييد وغيرها من القطاعات الاخرى. لذا فان التخلص منهم يجب أن يكون تدريجيا بحيث لا ندخل في الاشكالات السياسية في هذا الأمر. كما من المهم التوقف عن إصدار السجلات التجارية لهم بكثرة، وإنما يعطى السجل لشخص يمتلك رأس المال الحقيقي ومستثمر حقيقي وليس صاحب الشنطة الخالية. واليوم ومع قلة الأعمال بسبب هذه الجائحة فانها ربما تدفع العمالة السائبة إلى الجريمة والارهاب، في الوقت الذي لا تريد هذه العمالة الرجوع إلى دولها.

وقال معاليه بأنني طرحت حلاً لهذه المعضلة من خلال تشكيل فريق عمل خليجي عالي على مستوى الدولا
الخليجية يتكون من المسؤولين والقطاع الخاص؛ لتقديم الحلول للتصدي لأزمة العمالة الوافدة، بحيث يمكن للفريق تقديم جدول زمني محكم وخطة عمل أو خارطة طريق للسياسات والإجراءات والخطوات اللازم اتخاذها لمعالجة هذه المعضلة والتصدي لها من مختلف الجوانب والمحاور، منها العمل على تسهيل عملية الإحلال وإدماج العمالة الوطنية في سوق العمل، والعمل على رفع تكلفة العمالة الوافدة حتى يتم توفير جو من المنافسة العادلة والمتكافئة بالنسبة للعمالة الوطنية. كما أرى ضرورة الوقف والمنع التام لجلب المزيد من العمالة الوافدة وخاصة من الشرائح الدنيا، لأن لدينا مخزون كبير من هذه العمالة، وضرورة إعادة النظر في بعض الممارسات والمفاهيم التي استقرت في أذهاننا حول انتاجية العمالة الوطنية.

ونظرا إلى أن الاقتصادات في تراجع، فالقطاع الخاص يريد التخلص من هذه العمالة التي لا يحتاج إليها نتيجة لتوقف المشاريع الحكومية، حيث أن دول المنطقة حققت الكثير من المشاريع التنموية الكبرى خلال العقود الماضية من الشوارع والموانئ والمطارات، وأن القادم منها سوف لا تكون بتلك الضخامة.

وعلينا أيضا أن نتخلى عن بعض الافكار كبناء أطول برج أو أكبر سوق أو أكبر مشروع، لأن تكاليف هذه المشاريع باهظة وتحتاج إلى الكثير من العمالة الوافدة للعمل في مشاريع البناء والصيانة والادارة، وكل ما يجب عمله هو امتصاص هذه العمالة الزائدة في المنطقة وترحليها تدريجيا إلى دولها، في الوقت الذي نعلم بأن البعض منهم استوطنوا هنا لعشرات السنين، وعلينا أخذ الاعتبارات الدولية وقضايا التجنيس في هذا الشأن، الأمر الذي يتطلب النظر في تجنيس الجيد منهم والتوجه نحو الاعمال التي تستخدم التكنولوجيا لمساعدتنا في الخدمات التي نحتاج إليها. وهنا علينا أن نعرف بأن حجم التحويلات السنوية لهذه العمالة من العملة الصعبة يصل إلى 122 مليار دولار، وهذا يعطينا الفرصة بأن نفكّر في طرح سندات خاصة بالعمالة الوافدة بحيث يحصلوا على عائد سنوي ويمكن من خلال ذلك استقطاب مبالغهم واستغلالها في المشاريع التنموية.

ثم تحولت الجلسة للمناقشة بدأت بطرح حل بالتخلص من العمالة الوافدة بواقع 10% سنويا بحيث تبلغ نسبتهم 50% خلال السنوات الخمس المقبلة، مع العمل على إيقاف اصحاب الشنطة والتجارة المستترة، ومراجعة طلب المؤسسات والشركات بحيث يتم استغلال العمالة الفائضة أولاً ومن ثم إعطاء العمالة المطلوبة. فالعمالة الحالية المتواجدة في المنطقة ليست رخيصة كما يعتقدها البعض، لأنها تكلف حكومات الدول الكثير من المصاريف الاجتماعية والصحية والامنية، أي إذا كان صاحب العمل يدفع 200 أو300 ريال لاستخراج المأذونية، فان الدولة تدفع أكثر من 800 ريال لدعم خدمات الكهرباء والمياه والوقود والصحة والأمن وغيرها.

وأكد معاليه بأن هذه الازمات تدفعنا بالاعتماد على أنفسنا وعلى انتاجنا من السلع والمنتجات والخدمات، وعلينا استغلال العمالة الزائدة في السوق الخليجي بالتوجه نحو الصناعات ، والاعتراف بأن لدينا مشكلة قائمة في هذا الشأن بحيث تتكاتف الحكومات والقطاع الخاص الخليجي في مواجهة تبعات هذه المشاكل. كما أن هذه العمالة متوزعة أيضا في المؤسسات الحكومية في مجالات الصحة والتعليم وغيرها، وإذا لم نستطع مواجهة أعباء مرض العمالة الوافدة من كورونا فاننا سوف نضطر إلى استئجار أسرة لهم في المراكز الصحية.

اليوم هناك العديد من رؤساء مجالس الشركات من الأجانب، وبالتالي نحرم المواطنيين مواستلام تلك المناصب، ولكننا نحتاج إلى الاحلال سواء اليوم أو غد. كما يمكن تجنيس ممن نحتاج إليهم كالاطباء والمهندسين وأصحاب الخبرات الكبيرة، في الوقت الذي علينا بناء القيادات الوطنية للوظائف المقبلة.

وأكد المشاركون من جانبهم على أهمية تحديث التشريعات العمالية لكي تكون صالحة لكل وقت، لأننا نرى اليوم ان 80% من العمالة الوافدة ليست جالبة للمعرفة، وهناك اشكالية سياسية تجاهم من قبل المنظمات الدولية وحقوق الانسان التي تدفع لكي يصبحوا جزءا من المنظومة الوطنية مثلما نرى ذلك في بريطانيا على سبيل المثال. علينا أن نرحب بالعمالة الوافدة المتعلمة. فالظروف الحالية في المنطقة شجعت الكراهية تجاه العمالة السائبة، ولكن علينا أن نعلم بأن لهذه العمالة كان لها ومازال دورا في التنمية التي شهدتها دول المجلس منذ منتصف القرن الماضي. كما علينا الاستفادة من الازمات التي تمر بها الدول الخليجية وتحقيق مزيد من الامن الغذائي والدوائي، وفتح الاسواق الخليجية بعضها على بعض لكي يتمكن المواطنون العمل بانسيابية وتنشيط الصناعات والسياحة والعمل على تنظيم سوق العمل.